الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدخل الإيراني في العراق ... هل حقا هو التدخل الأكبر ...؟ ( 3 )

آدم الحسن

2021 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


في ظل الظروف و التعقيدات التي تسبب بها الاحتلال الأمريكي للعراق توسع نطاق التدخلات الأجنبية في الشأن العراقي و أصبح للعديد من دول العالم الفرصة لمد نفوذها للداخل العراقي و ايران هي من الدول التي لها تدخل واضح و بارز في الشأن العراقي فحصتها من هذه التدخلات تشهد صعودا و هبوطا و قد أرتبط حجم التدخل الإيراني بحجم التهديد و الخطر الذي تُشَكِله الجماعات الإرهابية على عرب جنوب العراق , و من هذه التنظيمات الإرهابية تنظيم القاعدة – فرع العراق المسمى قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين و تنظيم الدولة الإسلامية في العراق و بعدها أتت داعش , فكلما زاد التهديد الإرهابي لعرب جنوب العراق زادت حاجة هؤلاء العرب لإيران و الذي تكون نتيجته الطبيعية هي زيادة في التدخل الإيراني في الشأن العراقي , علاقة طردية واضحة .
و لتشخيص أركان التدخل الإيراني في العراق و قوته بطريقة حيادية و معقولة لابد من معرفة مصدر و اسباب تلك القوة و هي اسباب متراكمة بعضها له جذور تاريخية و يمكن تلحيصها بالنقاط التالية :
اولا : عدم ثقة عرب جنوب العراق بالحاضنة العربية التي لم تكن يوما حاضنه لهم , و هذا بلا شك يصب في مصلحة إيران .
ثانيا : قبل الاحتلال الأمريكي للعراق , في زمن الحصار الظالم على الشعب العراقي و في فترات تصاعد القمع الصدامي الوحشي للشعب العراقي اغلقت الدول العربية ابوابها بوجه العراقيين فكان اسهل على العراقي اللجوء و الحصول على الإقامة الدائمة و الرعاية الشاملة في احدى الدول الأوربية من حصوله على الإقامة المؤقتة و دون أي رعاية في اية دولة عربية ...!
ثالثا : لم يحرك المثقفون العرب ساكنا باستثناء القلة منهم للتنديد بجرائم نظام صدام حسين بحق الشعب العراقي و خصوصا بحق عرب جنوب العراق و أكراد العراق التي وصِفَتْ من قبل الرأي العام العالمي بالجرائم ضد الإنسانية .
رابعا : من المؤسف أن البعض من العربان أعتبر أن الإبادة التي تعرض لها عرب جنوب العراق و أكراد العراق على يد النظام الصدامي هي خطوات على الطريق الصحيح المؤدي الى نهضة الأمة العروبية من جديد ...!
خامسا : عرب جنوب العراق لم و لن ينسوا ابدا كيف اعطت الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر لصدام حسين لسحق انتفاضتهم في سنة 1991 بوحشية لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراق الحديث .
سادسا : الكثير من العراقيين و خصوصا عرب جنوب العراق يعتبرون أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت شريكة صدام حسين بكل جرائمه التي ارتكبها بحق الشعب العراقي لكونها هي التي قادت المؤامرة التي اسقطت حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم و أتت بحزب البعث للسلطة في العراق ... فكيف تكون هي نفسها التي تحرر الشعب العراقي من صدام حسين و حزب البعث و إن الهدف من احتلالها للعراق هو لاستكمال تدمير العراق خدمة لإسرائيل .
سابعا : عدم ثقة عرب جنوب العراق بالسياسة الأمريكية و مؤامراتهم و الخوف من تكرار المجازر بحقهم هو الذي يجعلهم يتقربون و يعتمدون على إيران , و أيران لم تفعل أكثر من تزويدهم بالسلاح و الخبرة القتالية و ليس هنالك من الناحية الفعلية قوة قتالية إيرانية داخل العراق بعكس تواجد قوات لأمريكا و حلفائها في العراق أو تواجد قوات تركية على الأراضي العراقية أو من المقاتلين و الانتحاريين من المجاهدين الأجانب الذي كان لهم وجود مكثف في العراق و خصوصا بعد 2004 و لغاية تحرير الموصل و مدن و مناطق غرب العراق من قبضة هذه الجماعات الإرهابية الدموية .
ثامنا : الخوف من لجوء امريكا مرة أخرى لسلاحها الفتاك داعش أو الى صنع نسخ جديدة لداعش فقد تشكلت لدى الكثير من العراقيين و خصوصا لدى عرب جنوب العراق القناعة بأن داعش هي صناعة أمريكية .... لذا صار اعتمادهم على إيران أمرا في غاية الأهمية و الضرورة .
إن الذي أكد أن داعش هي صنيعة أمريكا هم الأمريكان أنفسهم , فمرشحة الرئاسة الأمريكية السابقة هالري كلنتن هي التي أكدت ذلك و قد استفاد الرئيس الأمريكي السابق ترامب من هذه الحقيقية لإضعاف منافسه من الحزب الديمقراطي في حملته الانتخابية .
تاسعا : الكثير من العراقيين لازالوا لا يتقبلون فكرة التقرب من إسرائيل و يرفضون المشروع الأمريكي الداعي لذلك و لأن نقيض اسرائيل في نظر عرب جنوب العراق هي ايران ... صار هذا سببا إضافيا لتقرب عرب جنوب العراق من إيران و خصوصا من قبل احزاب الإسلام السياسي العراقية .

أما الحديث عن التوغل الاقتصادي الإيراني في العراق ففيه شيء من المبالغة , فالأرقام تشير بكل وضوح بأن ايران تأتي بالمرتبة الثالثة بعد الصين و تركيا بحجم صادراتها الى العراق و يمكن تناول حجم التبادل التجاري للعراق مع هذه الدول الثلاث لأغراض المقارنة و كالآتي :
أولا : حجم التبادل التجاري بين العراق و الصين لسنة 2020 حوالي 30 مليار دولار و بلغ حجم السلع التي استوردها العراق من الصين حوالي 19 مليار دولار .
ثانيا : حجم التبادل التجاري بين العراق و تركيا لنفس السنة 2020 حوالي 20 مليار دولار و بلغ حجم السلع التي استوردها العراق من تركيا حوالي 11 مليار دولار .
ثالثا : حجم التبادل التجاري بين العراق و أيران لسنة 2020 حوالي 9 مليار دولار و معظم هذا التبادل التجاري هو لغرض استيراد العراق للسلع من ايران و يتضمن هذا المبلغ ايضا استيراد العراق للكهرباء من ايران و كذلك الغاز الإيراني لتشغيل محطات انتاج الطاقة الكهربائية .
هذه الأرقام نؤكد أن ليس هنالك هيمنة إيرانية على السوق العراقية و المشكلة تكمن في كون الصناعة و الزراعة في العراق متخلفة و متهالكة و لأسباب لا تعود فقط الى الأحداث بعد 2003 من التخريب الهائل الذي قامت به الجماعات الإرهابية و على الأخص تنظيم القاعدة و داعش و فلول البعث الفاشي بل تمتد هذه الأسباب الى ما قبل 2003 من حروب عبثية خاضها نظام صدام حسين و الى الحصار الظالم على الشعب العراقي الذي استمر من 1991 و لغاية 2003 و الى القصف الأمريكي التدميري للبنى التحتية للعراق في حرب الخليج الثانية حيث كانت امريكا تفتخر بأنها أرجعت العراق للعصر الحجري ... و إضافة الى كل هذه الأسباب هنالك الفساد المالي و سوء الإدارة الذي تعاني منه اجهزة الدولة العراقية .

و خلاصة القول هي أن أمريكا تعرف جيدا أن مبرر وجودها في العراق هو لمواجهة خطر الجماعات الإرهابية كداعش و أخواتها على العراق و كذلك التدخل الإيراني في الشأن العراقي لذا فهي بحاجة لبقاء هذا التهديد الإرهابي و للتدخل الإيراني لتكون هنالك حاجة مستمرة لوجود قواتها و نفوذها في العراق بحجة إحداث شيء من التوازن , هذه المعادلة القذرة التي يدفع ثمنها الشعب العراقي دما و ارواحا و مالا تصب في مصلحة امريكا و ايران ...!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟