الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشرة أيام على «الحركة التصحيح»:ملاحظات سريعة

محسن عامر

2021 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لا غرابة كون الأحداث التي لحقت حركة 25 جويلية في تونس ميزتها الحركية الإقليمية و الدولية بزخم أكبر بما لا يقاس بما يحدث في الداخل. حركة النهضة المسؤل الأول عن أسباب الأزمة وتبعاتها الحالية خففت كثيرًا من خطابها العدائي مع أنها حافضت باحتشام على توصيف ما حدث كونه «إنقلاب». في مقابل حركة إعلامية وديبلوماسية نشيطة عن طريق حلفائها الإقليميين والدوليين في الخارج من أجل إستجلاب ضغوط أمريكية و فرنسية لإجبار الرئيس على عدم المرور نحو إجراءات جذرية في ملفي محاسبة حركة النهضة و رؤوس الأموال المتورطة في الفساد حسب مقال مجلة jeune Afrique البارحة.

الإسلاميون هنا يبدون الكثير من البرغماتية والليونة في التعامل مع حركة التصحيح الرئاسية. مع انكشاف سقوط ورقة القوة الشعبية وكون إستنساخ مثال تركي «مناهض للإنقلاب» ضرب من الرومنطيقية السياسية، و جسد حزبي متصدع يُنبء بانفجار قريب متوقع ضد زعيم الحركة راشد الغنوشي. حركة النهضة التي تمارس تكتيكيا سياسيا تقليديّا استعملت أواخر الثمانين أت ضد بن علي ألا وهو «الإستعصاء» تبثل كل الجهود من أجل تلافي أي إمكانية محاسبة سياسية وشعبية وقضائية حول ملفات الجهاز السري والفساد. الرسائل التي يبعث بها قيادات الحركة والفاعلون الدوليون الكبار كون خروج الحركة بهدوء من الحكم نحو والمعارضة مسألة ممكنة ولكنها مرتبطة بإغلاق ملفي الفساد الجهاز السري.

في المقابل، فكرة «جبهة داعمة للرئيس» فكرة لا تستقيم من الناحية الواقعية..لأن حركة الرئيس في النهاية لا تحتاج إلى دعم سياسي لاعتبار سقوط الخصم سريعًا من ناحية امتلاك الرئيس لوسائل التأثير (الجيش والأمن) وحصوله على تفويض شعبي عام مساند لإسقاط الخوانجية وتحالفها الفاسد. ثانيا، الرئيس حريص على إشاعة جو من الإطمئنان ولا يُبدي إلى الآن ميولاً تسلطية أبدًا وإلا لكان استعمل خزانه الشعبي الهادر والقابل للإنفلات كوسيلة إستقواء في كسر خصومه بطريقة عنيفة حتى بدون استعمال الجيش.في حين أن الرجل يبدى تعففا عن الخطاب التعبوي غير العقلاني ويكتفي في إطلالاته الإعلامية على صفحة فايسبوك. ثالثا، مبادرة سياسية مواطنية ذات لون سياسي واحد بدون التوسع نحو كل الطيف السياسي التونسي (الوسط) وبغياب الفاعل الأكبر إتحاد الشغل (المنهمك وحيدا في طرحه لمبادرته) وعدم قدرتها على تعبئة وتوجيه الرأي العام السياسي المصطف وراء الرئيس لن يُعطي وزنا وقوة مبادرة لها وسيظهرها في قلب مجموعة مناشدة.

ما تحاجه تونس إذًا في هذه الفترة الإستثنائية؟

فترة تصفية تركة الخوانجية تستوجب وقتا قد يصل إلى ستة أشهر على أقل تقدير من أجل ترتيب البيت الداخلي للدولة والإستعداد لإنهاء الظروف الإستثنائية. حدود موقف الرئيس كونه في حالة عزلة إرادية عن النخبة السياسية والإجتماعية.ولا يبدى نية في القريب المنظور على إشراكها في رسم ملامح القادم السياسي في البلاد (هذا يمكن إرجاعه لموقفه القوى والمريح). في حين تحتاج البلاد إلى أقصى سبل الحوار السياسي الجماعي لرسم تصور القادم في شكل الحكم وطبيعة النظام السياسي و الإنتخابات. قد يكون هذا سابقا لأوانه نظرا لارتفاع منسوب الحماسة الشعبية خلف إتجاه الرئيس لتصفية تركة برلمان فاسد وفتح ملف المحاسبة. ولكننا سنكون قريبا في مواجهة إمتحان رسم القادم السياسي للبلاد بما لا يتهدد مسار الديمقراطية..

من حدود تحركات الرئيس عدى بطئ تحركاته في ملف الفساد الذي صنع حالة توجس قد تتوسع، فقيس سعيد لا يخفي إزدراءً لكل المشهد الحزبي القائم. هذا قد يكون بداية لحالة شعبويّة كبيرة محيطة به تجدّف بكل النخبة السياسية وهي التي قد تكون القاعدة لصناعة «الزعيم» بطريقة قد تتهدد كل الإنتقال الديمقراطي.في تقديري البسيط ومع أن منح شيك سياسي على بياض، والمساندات المطلقة لنظم الحكم حتى التي تُبدي نوايا حسنة لا يُمكن إلا أن تكون مساهمة في صناعة الإستبداد، وهو أمر لا خلاف فيه إطلاقًا.. وأي تجربة حكم لها حدود كثيرة وفيها ممكنات الإنزلاق نحو المجهول أو التراجع نحو الخلف. ولكن التروي ضروري جدا خاصة إذا غابت أي أضواء برتقالية إلى حدود اللحظة.. الإستعجال الثوري أو حتى الذي يُنشر من قبيل المزايدة يجعل المواقف تختلط مع الأعداء الذين أطلقوا حملات التخوين والتشكيك والدعاية الكاذبة لقبر مشروع إصلاحي قد يكون بداية تجذير ديمقراطي لتونس..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية