الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امرأة صامتة و رجل ثرثار

ملهم جديد

2021 / 8 / 7
الادب والفن


وقعت منذ سنة في حب امرأة عربية ، و لا يحتاج المرء إلى أكثر من تأمل فعل "وقع" في جملة " وقع في الحب " ليضع يده على المعنى العميق لواحدة من أجمل الحماقات التي تبدأ بالشرود الذهني و تطول كلما طال ! و لأن الحماقة ولاّدة، و ما من حماقة إلا وتقود إلى حماقة أخرى، فقلما يمر أسبوع من دون أن ألقي على مسامع حبيبتي قصيدة حب قصيرة . صحيح أن قصائدي لا ترقى لأن تكون شعرا ، و ليس فيها من الشعر سوى العاطفة ، لكنها على الأقل صادقة ، و ما جدوى الحب إن لم يعد العاشق طفلا ، فيرمي بعبء البلوغ و أثقال الحكمة خلف ظهره ، و يستعيد خفته الضائعة ! و مع أني شبه متأكد أن حبيبتي تطرب لسماع ما ألقيه عليها ، غير أنها لم تُبدٍ ، و خاصة في الفراش ، و لو لمرة واحدة، إطراء ما ، أو تتلفظ بكلمة غزل تجاهي ، عداك عن الكلمات الماجنة التي أحب سماعها ! طبعا ، لا أشك في حبها لي ، غير أنها من ذلك النوع من النساء اللواتي يتصرفن بحب أكثر مم يعبّرن عن الحب ، أي أنها من ذلك النوع من النساء اللواتي يمكن تسميتهن ب " العاشقات الصامتات "، و مع أنها تهمهم و تتمتم كثيرا في الفراش ، لكن من أين لي أن أفكفك معاني ما تهمهم و تتمتم به و أنا في حالة عقلية ليست في ،أفضل أحوالها ، أفضل من الحالة العقلية لتيس منفردا بعنزة ! و يحدث أن يوشوش لي حدسي بأنها في غاية السعادة ، غير أني ما أن أستعيد جزءا يسيرا من ملكاتي العقلية ، حتى أفكر في أن همهماتها و تمتماتها ، ربما ، لا تعدو كونها مجرد عادة سيئة أحاول تفسيرها بما أرغب فيه لأرضي تصوري عن نفسي ! و لذا أحاول ، و إن كنت لا أنجح غالبا ، التخلص من عادة ذكورية حمقاء ، متينة ، و متوارثة ، حيث يفترض الرجل أن شريكته في الفراش في قمة الإنتشاء ، متجاهلا ، عن غباء أو اعتداد بالنفس و هما نفس الشيء تقريبا ، علامات كثيرة قد تشير إلى العكس أو ، ربما ، تشير إلى أن الشريكة ليست بالسعادة التي قد يتوهمها . في البداية تجاهلتُ موضوع صمتها ، غير أني في الآونة الأخير أبديت بعض الإنزعاج ، وشرحت لها أنه إذا كان الحب وردة فإن ماءه الكلام العذب ، و إذا كان الجنس نارا فإن وقوده الكلام الماجن . و اخترعت لها قصة المعجبات الكثيرات اللواتي ينتظرن الفرصة السانحة للإنقضاض علي ! و أنه بسبب حبي الشديد لها ، فإني أتجاهل توددهن لي ، و أحذف رسائلهن ، و لا ألقي لهن بالا ، و لأني من ذلك النوع من الرجال الذين إذا بدأوا بالكذب فإنهم لا يستطيعون التوقف ، و شخصيا ، أرتبك عند قول الحقيقة أكثر مما أرتبك عندما أكذب . فتابعت ، و ذكرت لها أنه قلما يمر يوم من دون أن أوضّح لأصدقائي بأنه لا علاقة تربطني بأي منهن ، و ذلك ردا على إشاعة بعضهن أخبارا كاذبة عن علاقات موهومة معي . و لأنها تحفظ الكثير من الأمثال التي سمعتها من جدتها ، وتحب تطعيم الأحاديث بها ، فقد قلت لها : مثلما أن" الحياة أخذ و عطى " كذلك الحب . ابتسمت تلك الإبتسامة العصية على التفسير مثل همهماتها و تمتماتها في الفراش ، قبلتني ، و أبدت أسفها ، و تعللت بكثرة المشاغل و الهموم . و لأنها تستيقظ مبكرا و تذهب إلى عملها ، و أنا أستيقظ متأخرا و ليس لدي عمل أذهب إليه ، لدرجة أني أحيانا لا أعرف لماذا أستيقظ ! فقد استيقظت كالعادة حوالي الثانية عشرة ظهرا ، و ذهبت حيث آلة الإسبرسو في المطبخ لأجد قصاصة من الورق عليها هذه الأبيات المسروقة من قصيدة قيس بن الملوح مع تغيير كلمة واحدة فقط ، و صورة ملّونة لتيس جميل ! تقول الأبيات :
وكل يدعي وصلاً بتيسي
و تيسي لا يقر لهم بذاكا
إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍ
تبين من بكى ممن تباكى
فأما من بكى فيذوب وجداً
وينطق بالهوى من قد تباكى
ولو أني استطعت كففت طرفي
فلم أبصر به .. حتى أراكا
فرحت بقصاصة الورق هذه ، و اعتبرتها بداية جيدة ، ثم حدست أني ، ربما ، نجحتُ أخيرا في إيقاظ " العكروتة " التي في داخلها ! و ما الحب في معناه العميق سوى إيقاظ "للعكاريت" النائمة ! و ها أنا مستلقيا أنتظرها عاريا في الفراش ، و كلي أمل في أن يصدق حدسي ، فتتوقف عن الهمهمة و التمتمة التي لا أفهمها ، و تبدأ بالثغاء لغتي الأم !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي