الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة في حياة المبدع

عصام عبد العزيز المعموري

2021 / 8 / 8
الادب والفن


في يوم ما سئل الأديب الروسي تشيخوف : لماذا تألقت في الأدب ولم تتألق في الطب الذي تخصصت فيه ؟ فقال :( تألقت في الأدب لأنني أتعامل معه تعامل العاشق مع معشوقته ، ولم أتألق في الطب لأنني أتعامل معه تعامل الزوج مع زوجته ، وشتان بين الزوج والعاشق )!!
هل أن وراء كل رجل عظيم امرأة حقاً أم أن وراء كل مبدع مبدعة قد ظلمت ؟ أم أن الرجل الشرقي أياً كان مبدعاً أم غير ذلك هو ( حجي عليوي في البيت وجوزيف في الشارع ) كما قال د. علي الوردي ؟
ماهي مكانة المرأة في حياة المبدع أماً كانت أم زوجةً أو معشوقة ؟
كانت زوجة سقراط سليطة اللسان وقوية وجبارة جعلت زوجها كل يوم يخرج من الفجر ويعود بعد مغيب الشمس ومع ذلك يقول عنها سقراط : أنا مدين لهذه المرأة لولاها ما تعلمت أن الحكمة في الصمت والسعادة في النوم ، كان صوتها يعلو وهو يجلس مع تلاميذه لتشتمه وتسبه كعادتها أمام تلاميذه ولكن هذه المرة تفاجأ بأن انهمر فوقه الماء وهو يجلس مع تلاميذه فمسح الماء من على وجهه بدهشة وقال : كان يجب أن نتوقع أنها ستمطر بعد كل هذه الرعود .
أسلوب سقراط الهادئ وسكوته أدى الى وفاة زوجته بسكتة قلبية ، التزم زوجها الصمت والسكون وراحة البال ، أما هي فكانت كالبركان مما أدى الى ألم شديد في القلب والكتف وتوفيت في تلك الليلة .
أما توفيق الحكيم الذي لقب بعدو المرأة فانه تزوج في عمر الثامنة والأربعين ويقول الحكيم عن سبب اتهامه بأنه عدو المرأة يرجع الى السيدة ( هدى شعراوي ) التي هاجمها بسبب الأفكار التي زرعتها في عقول النساء والبنات حيث كانت ترى أن النساء يجب عليهن عدم الاستمرار في حياة الجواري التي تتمثل في خدمة الرجال والأزواج في البيت اذ أنهن مساويات للرجال في كل شيء ، وقد تأثر قطاع كبير من النساء بدعوات شعراوي فبدأن الاهتمام بأنفسهن أكثر وتركن الاهتمام بالرجل والأعمال المنزلية فشرع الرجال يتذمرون من شعراوي وجاءوا الى الحكيم بالشكوى منها.
وقال الحكيم رداً على شعراوي : ( الزوجة الصالحة باختصار هي التي تجيد تهيئة الطعام لزوجها وأسهل صنف يمكن أن تطبخه هو صينية البطاطس في الفرن ).
يقول الحكيم بأنه أخفى عن الناس أمر زواجه ثم اعترف لهم بأنه تزوج من سيدة مطلقة لها ابنتان ، وأن الزواج برأيه عقلي الغرض منه تأسيس بيت يصلح لحياة فنان ، الكتب فيه أهم من الفراش ، والموسيقى فيه أكثر من الطعام .
وضع الحكيم أمام المرأة التي تقدم للزواج منها خمسة عشر شرطاً قد تبدو غريبة وليس من السهولة أن تقبل بها امرأة والغريب أن زوجته وافقت عليها جميعاً وهذه الشروط تمثلت بما يأتي :
1-ألا يعرف أحد بزواجهما سوى أسرة الزوجة فقط 2- ألا ينشر الزواج في الصحف لا تلميحاً ولا تصريحاً 3- ألا يحرج معها خارج البيت ( كل واحد يخرج لوحده ) 4- في حال سفر الحكيم الى الخارج سيسافر لوحده ولن تسافر معه 5- ألا يستقبل ضيوفاً في بيته لا من الرجال ولا من النساء 6- ألا يصحبها الى نزهة أو رحلة ولو كانت حتى الى مدينة الاسكندرية وعلى كل منهما أن يسافر على حده 7- سوف يعطيها كل شهر مئتي جنيه وعلى زوجته أن تدفع منها ايجار البيت ومصاريف الطعام والكهرباء ومرتبات الخدم وألا تتجاوز هذا المبلغ بمليم واحد 8- الحكيم ليس مسؤولاً عن مشاكل البيت والخدم وأن هذه المسائل من صميم اختصاص الزوجة فقط 9- مشاكل الأولاد من اختصاص زوجته لوحدها 10- من مهمات الزوجة أن تمنع عنه الشحاذين والمتسولين والنصابين الذين يطلبون منه النقود ( كان الحكيم شهيراً بالحرص على المال ) 11- ألا تطلب منه زوجته شراء سيارة لأنه اعتاد على المشي وأن بإمكان زوجته استخدام الترام في تنقلاتها ان شاءت ، شرط الجلوس في عربة الحريم 12- يجب أن تعامله زوجته كطفل صغير لأن الفنان طفل صغير يحتاج دائماً الى الرعاية والاهتمام على حد قوله 13- يريد الحكيم بيته هادئاً لا ضجة فيه ولا خناقات ولا أصوات تزعجه حتى يتفرغ للإبداع والكتابة 14- أن ينام هو في غرفة لوحده وأن تنام الزوجة في غرفة نوم أخرى 15- ألا تتدخل الزوجة في عمله ولا في مواعيد ذهابه أو رجوعه من والى البيت اطلاقاً .
الروائي المغربي ( محمد شكري ) الذي اشتهر بروايته ( الخبز الحافي ) لم يتزوج طوال حياته خوفاً من أن يمارس التسلط والقهر اللذين تعرض لهما خلال طفولته على أبنائه .
كثير من المبدعات ظلمن بسبب ابداع أزواجهن ، فهاهي ( سنية صالح ) زوجة ( محمد الماغوط ) يتحدث عنها الكثيرون ولكن قلة تتحدث عن شعرها حيث ظلمت نقدياً بسبب شهرة زوجها ، فلقد كانت ضحية زوجها شخصاً وشاعراً وضحية شهرته ومزاجاته المتقلبة وطباعه الحادة .
كذلك ( خالدة سعيد ) زوجة ( أدونيس ) غطتها شهرة زوجها فبالكاد تظهر في المناسبات الأكاديمية علماً أنها اشتهرت بمقالاتها النقدية في مجلة (شعر ) التي أسسها ( يوسف الخال) بالتعاون مع أدونيس وكانت تكتب باسم مستعار .
أما الرسائل المتبادلة أو التي كانت من طرف واحد بين الأدباء والأديبات فكانت فناً أدبياً راقياً يسطر فيه الأديب أو الأديبة ما يختلج في النفس وبتجرد تام وكأنه يعترف للحقيقة لا غيرها بدون رقيب وسميت في الأدب عامة بأنها فن الاعتراف .
ومن أمثلة تلك الرسائل كانت رسائل جبران خليل جبران الى مي زيادة التي مثلت أرقى أنواع الحب العذري دون أن يراها أو يلتقي بها وحين مات حزنت عليه ردحاً من السنين حتى توفيت .
ونشرت غادة السمان كذلك كتاباً يضم رسائل حب ربما من طرف واحد كانت قد تلقتها من الراحل ( أنسي الحاج ) وكذلك رسائل الأديب والمناضل الفلسطيني ( غسان كنفاني ) التي تلقتها منه حيث نشرتها بمناسبة مرور أكثر من عشرين عاماً على استشهاده والتي تعرضت بسبب نشرها الى هجمة شرسة من قبل البعض والى استحسان وقبول من البعض الآخر ، وتساءل العديد من المثقفين اللبنانيين والعرب : لماذا لم تنشر السمان رسائلها لأنسي الحاج وغسان كنفاني وهل يعقل أن تكون الرسائل من طرف واحد ؟
الروائية ( ميسلون هادي ) زوجة الناقد والأكاديمي المرحوم أ.د نجم عبدالله كاظم تصف علاقتها بزوجها ودوره في الارتقاء بها ثقافياً بالقول : ( لأنني متزوجة من أستاذ جامعي وناقد وضليع باللغة العربية فقد دخلت معه دورة في اللغة العربية أمدها أكثر من أربعين عاماً ، فاذا أحوجني لفظ معين الى التأكد من اعرابه التفت اليه وسألته فكان يورد لي الاعراب مع القاعدة النحوية بطريقة لا يمكن نسيانها بحيث لا أضطر لسؤاله مرة أخرى ، وكان هو المحرر الذي يقرأ جميع أعمالي قبل نشرها وابداء ملاحظاته عليها وقد آخذ بها أو أتركها وفقاً لقناعتي ، وفي مرة من المرات حذفت فصلاً كاملاً من ( العيون السود ) آخذة باقتراحه ليس لأنني اقتنعت به ولكن لأني اعتبر الحذف أهم من الكتابة وكنت لا أستصعبه أبداً، وساهم د.نجم في اثراء لغتي الانكليزية التي كانت أساساً جيدة منذ أيام الدراسة ولكن عندما سافرنا الى بريطانيا من أجل دراسته للدكتوراه كان يجلب للبيت بعض الروايات الانكليزية لهمنغواي وفيتزجيرالد وفولكنر لأنها من ضمن الأعمال التي درس تأثيرها على الرواية العراقية بالإضافة الى أنطولوجيات ومجاميع القصة القصيرة ، ومن هنا بدأت القراءة الأدبية باللغة الانكليزية وبعدها بدأت أترجم بعض المقالات للمجلات العراقية حينذاك حيث كانوا يعطون مكافأة جيدة وراتب الطالب العراقي حينذاك مائة وثمانين جنيها تذهب منها مائة وعشرون جنيهاً لإيجار البيت ) .
أما قصة الحب بين الأميرة الشاعرة الأندلسية ( الولادة بنت المستكفي ) التي كانت أول امرأة عربية رفعت الحجاب في تاريخ الأندلس ، وشاعر الأندلس الكبير (ابن زيدون ) اللذين أحبا بعضهما في قصة حب رومانسية شهيرة في بلاد الأندلس فلم تنته نهاية سعيدة بسبب دسائس القصر التي أدت الى القطيعة بين الحبيبين وابتعادهما عن بعضهما ودخول ابن زيدون السجن وهروبه منه وما تلاه من أحداث ، ولكن الجميل في هذه الوقائع ورغم مرارة الأحداث هو الشعر الرائع الذي كتبه بطلا القصة ما بين الشوق واللوعة والندم .
أما زيارة والدة (محمود درويش) له في السجن وعلاقته بها فأصبح أغنية يغنيها ملايين الأطفال حول العالم حيث يقول : ( عندما كنت في السجن زارتني أمي وهي تحمل الفواكه والقهوة ، ولم أنس عندما صادر السجان ابريق القهوة وسكبه أمامها على الأرض ، ولا أنسى دموعها ، لذلك كتبت لها اعترافاً شخصياً في زنزانتي على علبة السجائر أقول فيها :
(أحن الى خبز أمي ..وقهوة أمي ..ولمسة أمي ..وتكبر فيّ الطفولة يوماً على صدر يومي ..وأعشق عمري لأني اذا مت أخجل من دمع أمي )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??