الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أباطيل العروبة

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2021 / 8 / 9
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


بغض النظر عن تلك النزعة والبنية التكوينية العنصرية والفوقية الفاشية لما تسمى بـ"العروبة" وهي، أي النزعة، مستمدة من قلب وروح الفاشيات الغربية العنصرية التي ازدهرت وانتعشت بالنصف الأول من القرن العشرين، والتي تقول وتقضي بتفوق وتفرد وتميز "العرب"، والعرق العربي، على سواهم من مكونات وشعوب المنطقة، وأزلية ذلك كله "الرسالة الخالدة"، (يعني سيبقون على رقابكم حتى فناء الكون)، وأن لهؤلاء العرب حق الريادة، والقيادة، والتسيد على بقية شعوب المنطقة، لا بل أطلقوا على الدول والجغرافيا التي احتلوها، وأعطوها صفة "العربية"، كالجمهورية العربية ..كذا، رغم اكتظاظ هذه الدولة وتلك بمكونات كثيرة غير عربية، منعوها وحرموها من حقوقها، وحاولوا طمس ثقافاتها، ودفن تراثها، وحظر ومحاربة لغتها الأم ومنع استخدامها، وقاموا بواحدة من أسوأ الجرائم الفاشية والثقافية المعروفة بالتاريخ وهي المسماة بـ"التعريب"، وهو تغيير وتحوير أسماء جغرافيا ومناطق تاريخية وإعطائها أسماء عربية، كـ"اليعربية" و"القحطانية" و"العدنانية" ووو في تحد واستخفاف بمشاعر السكان الأصليين وانتقاص من تراثهم واستهتار بكل الأعراف والمعايير الدولية والقيم الأخلاقية وحتى مواثيق ومعاهدات الاحتلال والاستعمار والانتداب التي تلزم المستعمر بالحفاظ على الإرث التاريخي والثقافي للمناطق المحتلة، وهذا ما لم تفعله إسرائيل في مناطق احتلتها فيما يعرف بالمناطق الفلسطينية وأبقتها على حالها.
وتسعى العروبة، عادة، ودعاتها، وجلـّهم من المستعربين، أي من غير العرب والذين ينسبون أنفسهم للعرب وهم من أبناء وأحفاد سكان المنطقة الذين تم تعريبهم، لتمرير جريمة العروبة وتبريرها تحت يافطات مختلفة، أهمها أزعومة الرسالة الخالدة، التي وضعها الوهم المقدس على كاهل الأعراب لتبليغها للبشرية جمعاء، واعتبار أن كل الجرائم والإبادات والفظائع والشنائع والقتل والتطهير الثقافي والاحتلال وتدمير الحضارات القديمة، وترثيث المنطقة وتحثيلها، ونشر الفوضى والتخلف والجهل والعنصرية وقيم البداوة والخراب في المنطقة والذي قام به السفاحون البدو الكبار ومجرمو الحرب "الخلفاء" الأوائل، كلها "فتوحات، وبطولات، مشروعة ولا خوف منها، ولا تثريب عليها، ويتم تدريس ذلك كله وحشوه في أذهان الناشئة والصغار، الذين يتحول معظمهم لتكفيريين حين يشتد عودهم ويصبحون قادرين على ممارسة القتل وحمل السلاح أسوة وتيمناً وتحبباً واقتفاء أثر لأولئك السفاحين البدو الغزاة الكبار.
غير أن من أحلى وأظرف أباطيل وأراجيف المستعربين تلكم الشعارات البرّاقة العريضة والطنانة الرنانة التي رفعوها، خداعاً وتضليلاً للشعوب، ودساً لسم الدجل في معسول الكلام، ومنها شعار الأمة العربية الواحدة هذه التي لم تكن موجودة يوما بالتاريخ ككيان سياسي وإداري مستقل ذي حدود ومعترف به، وألذه الكلام عن هدف المستعربين واستراتيجياتهم المهولة بـتحقيق " الوحدة، والحرية والاشتراكية"، والتي باتت عبارة عن مجرّد نكات وقفشات ومضحكات وهلوسات للتناكت والمسخرة والإضحاك.
حقيقة لم تكن تلك الشعارات مجرد خدع وأوهام ودغدغة لعقول ومشاعر وأحلام الناس وحسب، قدر ما كانت أباطيل تم تسويقها لاستعباد وقهر وإذلال الناس ومصادرة أحلامهم وتدمير مستقبلهم، والإجهاز على طموحاتهم، ففد تحولت تلك "الأوهام" والأباطيل الواعدة إلى مجرد كوابيس وكوارث ومآس حلت بتلك الشعوب والتي رفعتها أنظمة الاستعراب وأخذت تنطن بها على الطالعة والنازلة، فشعار الوحدة المزعوم انقلب لتقسيم وتفكيك وشرذمة وتفتيت تلكم الدول، فيما تحول شعار الحرية المخادع لنقيضه وأصبحت تلك الدول عبارة عن سجن كبير وزنزانة رعب وهولوكوست جماعي ومعسكر اعتقال لشعوبها، أما رافعوا شعار الاشتراكية (والتي هي في أحد معانيها التوزيع العادل للثروات والدخل الوطني)، في تلك المنظومة العربية الاستبدادية والفاشية العنصرية، فقد باتوا ينافسون مليارديرية العالم بالثراء وجمع ومراكمة واحتكار الثروات الخرافية لهم وللعائلات والأقرباء والمحاسيب والأزلام و"الخلان" و"الخليلات"، وسبقوا أثرياء العالم بأرقام فلكية لم يصلها واصل بالمنظومة الإمبريالية التي يقولون ويزعمون في أباطيلهم وشعاراتهم الأخرى ويتوعدون هذه الإمبريالية الشريرة بالقضاء عليها وتخليص البشرية من شرورها، هكذا، ومن يشكّك ولا يصدّق ذلك فـ"باب المعتقل يـُدخل الجمل"، وليضرب رأسه بجدار أقرب سفارة.
غير من أهم وأجمل وأظرف أباطيل المستعربين، أنهم يعلنون الحرب على البشرية جمعاء، ويتوعدون بتطهير المنطقة من "الصهيونية"، باعتبارهم مفوضون وأوصياء على البشرية، ويطلبون الحرية وتحرير أراضي الغير، ويتضامنون مع الشعوب الأخرة "المظلومة" و"المفترى عليها، ويا حرام، في بنغلادش، وميانمار، وفنزويلا، وكوبا، وإقليم الباسك وسبتة ومليلة وتدعم نضالها ضد الإمبريالية، وتطالب بالحقوق لكل الناس لكنها تبخل وتضن وتقتر بأبسط الحقوق والالتزامات على شعوبها، وتستكثر عليها أبسط الاحتياجات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو