الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كُرّاسة عُمر الخيام...

لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)

2021 / 8 / 9
الادب والفن


‎لا شيء كان يسعدني في باديتي تلك منذ أن حدث أبغض الحلال بين أمّى و أبي.. عندما وصلتُ سن الدراسة و سجّلني أبي ـ مشكورا ـ للتمدرس فيها أصبحت تلك المدرسة التي تبعد عن دارنا بحوالي كيلومتر أو فوق ذلك ، المسافة كانت تبدو لي أميالا مشيا على الأقدام للوصول إلى حرمها.
‎كان أبي حفظه الله و أطال من عمره ربّ بيت « ضارّ ـ نافع »؛ لأنه وهبني فضاءً أفرّ منه إليه و أُسعدُ به و فيه صحبة كل الأطفال بمختلف الأعمار القادمين من البوادي المجاورة صبيانا و بناتا في مختلف الأعمار. و لأنّ تلك المدرسة لا تفصلها إلا أمتارا قليلة عن بيت « زينب بنت أحمد بن زينب » رضي الله عنهم جميعا .
‎ لقد ترعرت زينب و كبرت حتى صارت فتاة يانعة ببشرة سمراء مُغَمَّسة ببياض حليبي تشدّ الأنظار بفتاوتها و شبابها و حبها للحياة . فما كان على جدّي « أحمد » إلا أن يقبل خطبة « الحارث » ، أيّ والدي لها و إتمام الزيجة.
‎سُمّيته بالحارث كونه في شبابه كان يحب حرث النساء بشكل عجيب ليس بأمر إلهي أو وفاءً لسنة نبيه و إنما خلقه الله هكذا ، تثور شرارات هرموناته الذكورية من أعلى رأسه إلى أخمص قدمه فيؤتي محراثه في حروثه أنى شاء .
*
‎لم أر أسعد أيامي كيوم دخولي المدرسي و اختلاطي بهؤلاء الأطفال من قبائل و بوادٍ شتى ، رغم تخوفاتي و هلعي من المجهول في الساعات الصباحية الأولى إلا أنني كنت مثارا بشكل عجيب أنه صار لي مقعدا دراسيا و طاولة مزودة بمحبرة (دواة) مملوءة بالحبر .
‎كانت المدرسة مزودة بقسمين كبيرين ـ إذا لم تخني الذاكرة ـ و بدورة للمياه و بمكتب إدارة و مسكن خاص بالمعلمين المتعاقدين القادمين من المدينة و بحجرة أو حجرتين مخصصة للعتاد و التخزين لأغراض المؤسسة.
‎وقتها كان يعتمد ـ للخصوصية البدوية ـ توجيها تربويا منافيا للتوجيه المعتمد في المناطق الحضرية أو المدنية حيث تعدّ الأقسام حسب الطور و السن . في مدرستنا تختلط و تتداخل الأقسام في قسم واحد موزعين على القسمين .
‎« أبو الأقداح » و « الأخضر » كانا من بين المربيين و المعلّمين في هذه المدرسة . أبو الأقداح على غرار منصبه كمعلّم لغة فرنسية يقوم بمسؤولية إدارة النظام و الإدارة في مدرستنا هذه.
‎يشهد له بالكفاءة و الجدية و النجاعة في السهر على تنفيذ المقررات الدراسية في سبعينيات القرن الماضي و معرفته الجيدة لإحتياجات أطفال البدو مثلي.
‎منذ بداياتي الأولى كنت أحب « قدحي » المثبت في ثقب الطاولة الخشبية المخصص المملوء بحبري و ريشتي التي تغرف من أعماقها الرغبة في تشكيل أولى حروفي .. كنت أتهجأ هذا التفصيل الجديد من حياتي و في ذات الوقت أشد إنتباه « بوقداّح » بذكائي و سرعة استيعابي للدروس رغم تداخل الأقسام و الفصول في قسم واحد!
‎كنت أتمنى ألا ينتهي يومي الدراسي و ألا أعود إلى بيتنا .. كان كل يوم عند إنتهاء الدوام و اجتيازنا باب المدرسة أقف للحظات أنظر بتأمل و ترقب شديد بيت دار جدي « أحمد » .. أنظر ثم أسرح بنظري و أسرح حتى ينبهني أحدهم: « ما لك واقفا هكذا متسمرا دون حركة صوب دار جدّك ، هل رأيت جانا أو شبحا؟.
‎ألتفت ضاحكا ـ بتصنّع شديد ـ و أنصرف ؛ لا يعلمون سبب وقوفي هذا و انتظاري العقيم. كنت أتمنى في كل مرة أن ألمح صورة والدتي و أنا أعرف أنها بعيدة جدا و تقطن مع زوجها الجديد في أحضان جبل « شيليا » من أعلى قمم جبال الأوراس. كان وقوفي هو الطمع المستمرّ في النظر إلى أمي عندما تحضر لزيارة جدي في الأعياد خاصة.
‎كان ممنوع عليّ من قبل « الحارث » من الإتصال بها أو الإقتراب منها أو الحديث إليها كانت عندما تأتي و تشرق من بيت جدّي و تقترب أكثر فأكثر من الحدود التي وضعها أبي و هي على علم بالمنع و ما يترتب عنه من عقوبة إذا تمّ خرقه وبالرغم من كل هذا الحيف إلا أنّي كنت أسعد الناس.. كلمآ يأتي العيد انتظر في اليوم الموالي قدوم أمي حتى تشرق من ساحة البيوت الترابية لجدي .. كنا نتبادل « الإيماءات » و الإشارات .. لكني كنت أرى دمعها ينهمر رغم مقاوتها لمحظورات والدي لأن في بعضه « ربّ ضارّ » كفّر صلة الرحم .. كنت لا أقو على تحمّل بكاءها أو ربما كنت لا أقو على ردع دمعي .. كان العيد عندي هو حضور أمّي و انتصابها ببضعة أمتار و تقدمها من محيط المدرسة و إن كنت لاهيا أو كان قدومها غير متوقع ترسل إلي طفلا يخبرني حتى أتقدم أكثر من خط وقف صلة الرحم بمسافة « الأمان » المسموح بها و استرق النظر إلى وجه أمّي .. بالمختصر اللامفيد ؛ العيد عندي هو اليوم الذي كنت فيه أراها .. كان لا يعنيني « لا فطر » و لا « أضحى » و لا « عاشوراء » و لا « إسراء و معراج » و « لا مولد » يغيب العالم من حولي و في عيني و يختفي عندما تغيب أمّي و تنقطع زياراتها لبيت جدّي لظروف قاهرة مانعة تُمحى معاني هذه المناسبات في قاموسي الصغير!
‎كانت و هي تهمّ بإطلالاتها عليّ في كل مرة تمسكُ « كيسا » فيه مختاراتها و هداياها من الحلوى و الفواكه و « خبز الدار » و تمرّ .. تنسى عقاب « الحارث » فتطلب مني أن أتقدم لأخذها فأعتذر مذكرها بما لن أنساه و هو « العقاب » .. تبكي .. تتفهم .. ثم أشير إلى أحد الزملاء في الدراسة كي ينوب عني في اختراق المسافة التي لغّمها أبي بـ « وشاته في هذا المكان» و هم كثر أيضا ، فيحضر لي هدايا أمي و هي تذكِّرني مستوصية و قلبها منشطر لأجلي و لأجل أخي الأصغر مني و تطلب مني أن اعتني بنفسي و به و أشدّ عضده و أقاسمه ما أحضرته لنا .
‎أختفي عن أنظارها و دون أن ألتفت.. لكن قفاي كان يراها فيبلغ قلبي عنقي و يخنقني دمعي .يصبح أمامي ورائى و ورائى أمامي .. فأتقدّم راجعا إلى المدرسة بقفاي و لا أقع ! . لا أحبّ الوداع و لا أحب أن أراها تضمحل من أمامي كما الشبح و لا أحب أن اصطدم بالواقع و الحقيقة ؛ .. « الأعياد » لديّ هي أعياد كاذبة واهمة!
‎أعود إلى ساحة المدرسة و أعين زملائي و أحيانا المعلّمين تقذفني بالتهاني و الشفقة معا .. كنت و أخي الوحيدين في المدرسة من يلقّب جزافا باليتامين .
‎حقيقة كنت لا أدري موضعي و لا صفتي .. اليتامى هم الذين فقدوا أباءهم و العَجّي هو الذي غيّبَ الموت أمه و أمّى لا تحضر إلا نادرا ، حاضرة عن بعد و غائبة بالبعد و المنع .. عن نفسي كنت أشعر أني لطيم بامتياز و كنت انتظر بفارغ الصبر اليوم الذي أعيد فيه مبادئ الكتابة و أقلب رأسها على فرجها و أكسّر كل « أقداح » الحبر و ألطم الورق بريشتي نكاية في المأساة التي سبقت ميلادي.
****
‎كانت الحياة في البادية تنذر ببوادر حركة إنمائية إيجابية ريفية و لو كانت بطيئة .. ثورة « هواري بومدين » الزراعية تزامنت بشهر قبل ميلادي عام 1971. كأن ثورة " بوشلغومة" زرعتني عمدا في باديتي لتستمدّ خضرتها من إسمي .. هذه الثورة أنعشت الآمال في الريف الجزائري .. في سرعة زمنية قياسية لم تعد مدرستنا منعزلة في ـ عرقوب ـ « الثلث الخالي » كما أسميه من امتدادات البادية و نظيراتها من البوادي الأخرى .. سكنات جد حضرية مقارنة مع الدير الطينية الترابية شيّدت بجوار المدرسة و سميت بالقرية الفلاحية في إطار المشروع الكبير التنموي الذي راهن عليه الزعيم في ذلك الوقت الذي أقرّ إعادة توزيع الأراضي إلى من « يخدمها » .. في الجهة الخلفية للمدرسة تم إنجاز في وقت وجيز مخازن عملاقة متعددة الأغراض لجمع المحاصيل و ركن المعدات الفلاحية. و كانت مدرستنا أيضا المكان المفضل و الأوحد لكل المناسبات الرسمية كالإنتخابات و التقاء جمعية أولياء التلاميذ و مناسبات أخرى متعلقة في تدبر الحال العام لبدو باديتنا.
‎ المسالك الوعرة التي تربط "مسكيانة" البلدة و "دوّار المشطاب" تعرقل بشكل محسوس حضور المعلّمين المرسلين في فصل الأمطار و الثلوج . عندما يأتي الربيع تنتعش باديتنا و ينتعش سكانها و تستوي رزنامة المدرسة و الكل يحاول استدراك التأخير. و كانت مكانة المعلّمين لدى الأهالي مكانة أكثر من مقدسة.. كانوا كلهم تقريبا شبابا .. يعمل معظم سكان البادية على إرضائهم .. فيهم من يوصلهم في سيارته إلى المدينة عند إنهاء الدوام ممن لا يفضلون المكوث في السكن الوظيفي و هناك من يقوم بإكرامهم بإرسال هدايا كالدواجن و بيوضها و الأرانب و خضر و فواكه ، فأهل المدينة يحبون الأكل من منتوجات الرّيف الطبيعية دون أي تدخل سمادي سام يحرّف من صحة المنتوج.. هذه المبادرات الودية بعضهم (من الأولياء أو المقربين) من التلاميذ كان يتخذها زلفى و كوسيلة لشد إنتباه المعلّمين كي يكونوا أقل غلظة و يعتنوا أكثر بأبنائهم !
****
‎تبجيل المُعلّم واجب لأنه كاد أن يكون رسولا … لكنه ليس كذلك في كثير من الأحيان فتحدث حكايات و حكايات بين معلّمين شباب و فتيات الرّيف المتفجرات أنوثة .. قصص الغرام بين المعلّم المتمدن في مهام ريفية و العاشقة البدوية كثيرة الحدوث .. كم كنا نغار و نحن صغارا و نشتهي النكاح فتلك القصص المتكررة تشوقنا كثيرا .. كنا نريد وطء الإناث قبل الأوان اقتداء ببعض المعلمين فنقول في ساحة المدرسة عند فترة الغداء : يا ليت كان لَنا أو تأتَّى لنا ما أُوتيَ المُعلّم فلان .. إنه لذو حظ عظيم!
‎كنت خارج أوقات الدراسة تسألني بعض فتيات البادية البالغات عن تفاصيل يومنا الدراسي و عن أسماء المعلّمين …
‎و كنت كغيري و كمعظم التلاميذ وسيلة من وسائل توصيل هدايا مخصصة إلى هؤلاء المعلمين. و قد يحدث أن تُدسّ رسائل غرام و طلب إبرام علاقة مع المعلّم المختار دون علم الرّسل.
‎كانت حليمة تفوقتي وقتها بحوالي عشر سنوات أو يزيد .. كانت من بين أجمل فتيات البادية و هي تشارف السن الـ 18
‎سنة .. كانت تتفجّر أنوثة و يبدو أن هرموناتها في ثورة مستمرة ليت « ثورة بومدين الزراعية » كانت تسير بوتيرة ثورة حليمة .. كانت الفتاة معجبة بالتطور الحاصل و المستمر في جسدها … لدرجة أنها لا تتحرج أو تستحي إذا وقعت عيني عليها و هي تتبوّل في حوشهم عند خلوّ المكان من حضور البالغين من المحارم أو الزائرين .. أباغتها و هي تجلس القرفصاء و فخذيها على مصراعيهما بدلا من الارتباك من حضوري تأمرني بغنج مبطن أن أدير وجهي حال انتهائها؛ كأنها كانت تحب أن أراها و أواصل لتلتمس من موقفي أو تنتزع من خلاله ردة فعلي و شهادتي الصامتة من تفاصيل وجهي أن لها فرج « جميل ».. كانت تضحك لما تراني و قد أصبت بالشلل و الإنبهار الكبير و أنا أحدق في تفاصيل « الفرج » و هو يعزف عزفا منفردا و يطلق ماءً متدفقا ينساب تحت مجرى ليس ببعيد عن سقيفتهم ..
‎كان « صفير فرجها » و هو بتدفق حاد سلسا و كأنه مزود بكاتم للصوت، وقعه أثيريا على الأذن . بينما كنت أنا أتدبّر في خلق الله و حليمة تضحك عليّ حضرتني قصة استرقتها بسمعي ذات يوم من حلقة رجال اجتمعوا بمناسبة عرس و أخذوا ليلتها يتطرقون إلى جميع المواضيع و الطابوهات حتى وصلوا موضوع الفرج و البكارة . حيث سأل أحدهم ساخرا كيف سيعرف العريس ما إن كانت عروسه بكرا أو لا ؟ أجابه آخر.. « بسيطة قبل أن يباشرها عليه أن يدعوها إلى مبولة و يأمرها بالتبول أمامه.. و عليه فور شروعها بذلك أن يركّز جيدا في الإصغاء لعزف الفرج و مخرج الأصوات من مهبلها إثر خروج البول ، فإذا كان صريرا منتظما غير متقطع و حادا فهي بكر ، و عليه أن يباشرها و يغيّر من « نوطات فرجها » و إن كان الصّرير يشبه الخرير ، متذبذبا غليظا مسموعا بشكل واضح فهي ليست بكر، و قد سبقه بعل تصَرّف حصريا في النوطات الأصلية … ما إن انهى الرجل مزحته حتى انفجر جميعهم ضحكا.. نسيت نفسي فضحكت بكل صوتي و فضحت نفسي و لو لا هربي لعُنيت بتأديب أحدهم .. كنت أقول في نفسي و أنا أتأمّل فرج حليمة الفتي.. و أقارن تبوّلها و تبوّل زوجة « سي عثمان » السمينة جدا جدا.. البالغة من العمر الأربعين و أم لـ 6 أطفال أكيد عندما تتبوّل « فطّوم » سيعطينا إنطباعا أننا نستمع إلى مياه شلال عظيم أو لعناصر « أوركسترا » غير متناسقين أو لإنهيار سد مائي .
‎لا أخفي على أحد أن جينات أبي قوية معي و كلما حاولت التنصّل من « الضار منها » كلما اشتدّ عليّ عناء الصّراع مع نفسي .. هل حبّه و ولعه بالنساء و الجنس لما كان شابا من الأمور النافعة الإيجابية؟ لا أعتقد أنه رأي إجماعي لكل النساء اللائي حرثها في حياته دون التحدّث عن مطلقاته. اكتسبت حبّ اشتهاء النساء و رياضة الإنتصاب و أنا في سنّ متقدمة جدا..
‎كنت أقضي وقتي في مطاردة « أرانب » البادية و ضواحيها و لما أصطحب بعض من نسوة أهلي إلى زيارات عند عوائل ديارهم تبعد عنا في مناسبات الأعياد و حفلات الزواج.
أغلب إناث و الأطفال الذكور في البادية كانوا غير معنيين بوضع "كمامات" على فروجهم ، الكيلوطات أو الكالصونات كانت مخصصة للبالغين من الرجال.
لهذا قضيت كل تلك الطفولة في اتصال حسي مباشر مع أيري الصغير و خصيتين بحجم حبتين من العنب.. فكلما أتحرك أو أجري أشعر بحركية الجرس الفرجي بين فخدي الذي يثير انتصابي المستمر في كل يوم تقريبا عندما يرتطم ذكري يمنة و شمالا دون رادع بصاحبتيه الملازمتين.
‎كنتُ أسمّي البنات من سني أو أقل أو أكثر من ذلك بـ « أرنوباتي »، ربما السلوك التكاثري الجنسي لدى أرانبنا في البادية هو الذي ألهمني بتلقيب إناثي البدوية بهذا اللقب.
‎كنت أحيانا ألعن في نفسي « حليمة » تلك التي تترك العنان في كل مرة لفرجها في الظهور و العزف المنفرد بالتشمير على جلبابها القصير الفضفاض دُبرا و قُبلا و ترفعه إلى ما بعد ركبتيها باتجاه أعلى الفخذين و هي تجلس القرفصاء و تفرج على فرجها باتساع تباعد الفخذين قليلا .. نعم .. كنت ألعنها لما اصطدم بهكذا مشهد و لم تدعني في كذا محاولة جريئة من لمس و تحسّس الفرج .. فمنذ ميلادي و ذهاب أمّي لم أر فرجا يُغنِّي و يطرب بهذا الشكل! كان حينها إنطباعا طفوليا..
‎كان تردني بعنف و تضحك ضحكا لا يتوقف و تطردني في عجالة بعد ترتيب نفسها و تقطير ما تبقى من نوطات فرجها و إسدال أسفل الجلباب إلى موضعه : إذهب يا خبيث « ولد الخبيث »!
‎ـ لا زلت أذكر تلك الحادثة أو الغريبة التي كنت فيها بطلا مهزوما مذؤوما بالمفهوم الساخر… بعدما تمّ حفل زواج أحد أقارب جيراننا كنت مثل المجنون أترقّب كل التفاصيل التي تدور حول ليلة الزفاف و ما تبعها و ما جمعته ذاكرتي و قواميسي الجنسية…
‎أرسلتُ مرة من قبل أهلي إلى بيت هذه العروس لتسليم غرض خاض بعد أسبوعين أو أكثر من ـ الدخول عليها ـ و تغيير نوطات فرجها من قبل سليمان ولد الطاهر… كان الوقت ضُحىً .. و ليس ضحى الصيف كضحى الشتاء ..دخلت البيت و بدأت أبحث عن المرأة حتى وجدتها .. كأن كل أهل البيت ماتوا أو أصابهم سكر أو شيء .. حتى الكلب كان يلهث مغمض العينين في الظل تحت سقيفتهم باسط ذراعيه بالوصيد …
‎دخلت غرفتها و ناديتها : خـ……. لكني توقفت فجأة و قطعتُ أنفاسي و لم أكمل « ….التي »! كانت المرأة مستلقية استلقاء مهولا على فرش غارقة في النوم و في وضع جعل مني رجلا في ثوان و أنا لا أتجاوز السادسة من العمر و أعتقد أقل من ذلك …
‎وضعية تلك العروس لم تجعلني رجلا فحسب بل جعل كلي متتصبا قبل أيري الذي كان يشبه نواة حبة التمر.. كانت تشخر و غارقة و أطرافها مبعثرة في ثياب زاد من تهييجي …
‎لم أرد الذهاب إلى « روما » من مسالك متفرقة، بل اتخذت المسلك الرئيس و توكلت على « خبثي الطفولي » و رفعت التحدّي و قمت بالمغامرة و أخذتها بغتة و هي لا تشعر كما اللّص و ركبتها؛ أي افترشتها و بقيت ألعب عليها و أدلكها بجسدي صعودا و هبوطا .. تمّ لا إراديا ارتفعت « خيمتي » سريعا و أنا أشعر بنواة التمر التي بين فخذي كوتد رئيس داخل سروالي ـ (المُخيّم بين رجلي) يشتد صلابة و طولا، كنت كما ذكر الأرنب عند ممارسته للجنس .. كنت أعتقد أنها سوف تستيقظ بين الحين و الأخر و سيكون موقفي حرجا.. لكن طيلة تموّجي زحفي كدودة الارض و لم تفتح حتى عينيها هذه المرأة كأنه تم تخديرها .. لا أسمع منها عدا شخيرها و أرى اللعاب الذي يسيل منها كلما استادرت بوجهها..
‎لم أشعر بنفسي حتى وجدت نفسي فجأة مرفوعا في فضاء الغرفة باتجاه السقف .. لم يرفعني الله إليه بل "ثلجة" أخت زوج العروس هي التي خطفتني بسرعة البرق من ثيبابي و ذراعي و فصلتني عن تلك المرأة .. و هي تصرخ و تحرك بعنف العروس النائمة حتى استيقظت مهلوعة : « ما في الأمر ؟! ماذا حدث ؟ أخفتيني يا مرا! » .. أجابتها مالك نائمة هكذا .. هل متِّ و لم تشعري بهذا « المسخوط الخبيث » لما كان يحكُّ نفسه عليك! .
‎ـ لا .. لم أشعر بذلك لما كان يلعب معي و أنا غارقة في النوم .. ردت عليها..
‎فأجبابتها الحمد لله كان هذا الطفل اللاعب اللعوب بفضوله .. لو كان غير ذلك لكان لعب فيك! ثم ضحكا معا .
‎اعتقدت أني نجوتُ من العقاب و التوبيخ بعدما فسرت سبب قدومي و تسليمي « الغرض » الذي جئت لأجله.. لكن حذاء العروس الذي كان ليس بعيدا عن عتبة الغرفة ينتقل في ومضة إلى قبضة أخت العريس الغائب و انهالت على دبري "ثلجة" بكل غلظتها ضربا و لم تتركني حتى أكملت تأديبي بفضل لطف تلك العروس الرّحيمة التي ترجتها في التوقف عن ضربي لولاها لكانت شوت لحم دبري ضربا. تركتُ ذلك المكان بدموعي و الندم الشديد لتبعات « حب الإستكشاف » على فعلتي و جرأتي و جنوني و على ما اقترفته من ذنب .. كان الخوف يقطّع قلبي على أن يصل الأمر إلى أبي!
***
‎العرقوب أو عرقوب الطّين، هو المكان الذي يجمع بين مدرستي و بيت « جدى أحمد بن زينب » .. على الجهة الشمالية شرقا بحوالي مئتين متر مقبرة باديتنا و فيها قبر أخي « خالد » الذي فقدته أمي و هو في مرحلة الحبو .. و في الجهة الشمالية غربا على بعد أمتار مدرستنا و بيوت القرية الفلاحية و السكن الوظيفي لحارس المدرسة و مخازن « الثورة الزراعية ».
‎أما الأراضي الفلاحية فهي تحيط و تمتد إنطلاقا من هذه المرافق و البويت في كل الاتجاهات .
‎موقف أمي كان صعبا كلما زارت بيت أهلها لأنها مجبرة على أن يصطدم بصرها بالمقبرة و يذكرها بأخينا خالد و بالمدرسة التي ندرس فيها. و لا يحق لنا الإقتراب من مجال بيت جدي كون الخوف من عقاب والدنا.. هكذا هي « العَراقيب لما تجتمع بالطين » لا ينتظر منها أن تكون لينة و سهلة !
‎ـ تترونق قفار باديتنا و المحيط القريب من المدرسة و المقبرة و بيت أهل والدتي عند قدوم الربيع و في مواسم الرعي ..
‎علاوة على حفلات الزواج و الختان فإن شباب و كهول البادية معظمهم يحبون السهر و الطرب و الفلكلور فتقام من حين لآخر « سهراتا » كبيرة و في كل مرة يقع الإختيار على متطوع من سكان البدو المستعدين لذلك كي يتم تحضير ـ بالمشاركة ـ هذه الأجواء من استقدام الجوق و الراقصات و التكفّل بإطعام المدعويين و غير المدعويين .. « السهريات » و مرادفها عند ناس المدن و المناطق الحضرية الكبرى يكمن في « العلب الليلية » أو « الديسكوهات » .. ما يشد هواة السهر على الهواء الطلق هو الجوق الموسيقي و العزف على الناي البربري « القصبة » و البارود و المطربين المشهورين بالمنطقة و الراقصات اللائي يتعتمدن لإثارة هيستيريا مزاد الأوراق المالية لصالح الجوق و تابعيه..
‎فلا تهمل المشروبات الكحولية في هذه السهرات بالرغم من التحفظ و العقيدة إلا أن بعض المجموعات لا تستطيع تفويت فرصة مصاحبة هذه الأجواء بتناول الكحول و ترصّد أي فرصة قد تفضي بإبرام اتفاق مع راقصة أسالت كم من لعاب لقضاء بعض الوقت مع الوطر في خيمة من الخيمات المنصبة لاستقبال الجوق و فريقه العامل.
‎ليس السهرات وحدها التي تبدّد نوعا ما من رتابة باديتنا المزعجة ، بل هجرة القبائل الرّحّل إلينا بمتاعهم و مالهم و أنعامهم و إبلهم حتى تعطي بعدا آخرا جميلا للمشهد العام لباديتي خصوصا بعد وضع الرّحال و تنصيب الخيام الوبرية الكبيرة فتزاداد الحركة نشاطا. الذهاب إلى المدرسة و الإقتراب من تلك الخيام التي تشبه الأهرامات تجعلني في منتهي السعادة …
‎عندما يمنُّ القدر علينا و يقدم إلينا هؤلاء الرُحّل و يوافق على استقراهم و تقام خيامهم أشعر أن الرَّب أرسل إلينا بركته .. كانت تسحرني "بيوت الشعر" تلك على مختلف أحجامها و ألوانها .. معروف عن نساء « النوايل » وقتها حبهن للألوان خصوصا الأحمر و الأخضر و الأصفر .. عندما يرتدين فساتينهن يبدين كأنهن رياض من ورد و زهر متنقلة .. أهرامات النوايل الشعرية المنتصبة في باديتنا كانت تفتح لدي شهية الولوج إليها دون استئذان.. كلما بايعتني فتاة بالغة بلطف و بقت تحدق في عن بعد و أنا عابر سبيل المدرسة أشعر أنه غزل و دعوة حب و قرب منها .. كنت أتوهّم أني بعلا مكتملا يصلح للوطء فأتخيّل أني أتخذت واحدة منهن كما تتخذ الأخدان.. علهن ينسينني أن في تلك المقبرة التي تشبه قبورها بالخيام عديمة الأوتاد أو حالها أثناء شد الرحال .. تتراءى لي تلك المقبرة رأي العين أين يرقد فيها أخ لي مات نتيجة الإهمال بعدم أخذه إلى الطبيب في الوقت المناسب و علهن ينسينني شبح أمي الجميل الذي يركب قمة « العرقوب » و لا يقوَ على الإمساك بي و لا أقو على الإقتراب منه ! و علهن ينسينني كل الألقاب اللصيقة المجتمعة بي كلها كاليتيم و اللطيم و العجي و المسكين و الخبيث و المسخوط و المجنون و الحنون و النبي و صاحب المعارج .. فبحكم أني بكر أبي كنت أظن أن البكر رجل بالولادة يحرق كل المراحل .. أراني دائما كبيرا .. « هذا الإبن الأكبر لأبيه .. إنه أكبر إخوته .. » هي جملة من التوصيفات المتكررة كنت أسمعها في شأني حتى ظننت أني وليّ أمر أخي بعد موت قلب أبي في الجاهلية الأولى و محاولته لقبر أمنا في قلوبنا ـ بالمنع المبين لرؤيتها و هي حية ـ .. يا لخيمة سروالي إثر كل شقاواتي من "الخبث الطفولي" و هي لا تمثل سوى قطرة ماء في بحر .. يلزمني وقتا طويلا كي تصبح نواة التمر هذه نخلة كبيرة لا يخطؤها كل ناظر و تستظل بها نسائي في منتصف عبور السبيل لتأكل من رطبها و أكون تحتها سريّا هكذا كنت أحدث نفسي بلغتي الخاصة كلما مررت بتلك الخيام متجها إلى مدرستي . كانت تنبعث منها رائحة الأصالة و التمّيز و الاختلاف عن ثقافتنا البربرية السائدة . مجيء " النوايلْ" في مهمتهم الرعوية لمدة زمنية محددة لا يمكنه أن يخطئه أحد ، فمجرد إبرام اتفاق مكوثهم و اختيار مكان إقامة الخيام ، حتى يبدأ المخيال "الشاوي " أو " البربري » يسترجع و يجترّ الحكاوي و القصص . " النوايل « سمّيوا كذلك نسبة إلى "أولاد نايل " و هو تجمّع قبلي كبير موجود في الجزائر موزع على عدد من المناطق منذ أكثر من ألف عام .. قبائل ذات نسب عربي قديم جدا . بعض الروايات تسند أصولها إلى قبيلة " بني هلال ".. لا يمكن أن نذكر " النوايل " دون تغييب الحديث عن " النايلية " و هي مؤنث " النايلي "... هذه الأنثى الضاربة أصولها في التاريخ العربي القديم نُسِجت حولها ألف حكاية و حكاية لسحرها الحوري و ارتطام حسّ و شغف كل ذكور القبائل بالرغبة في القرب منهار بكل المآرب .. فكأن ألف هلال و هلال عند اجتماعهم عند كل خسوف فُصّلت و قطّعت منه عيون و رموش بنات هلال « النايلية » .. " النايليات " المقصورات في الخيام عند خروجهن و ظهورهن يجعل بعض رجال باديتنا في حالة استنفار هرموني قصوى و كل حسب ما تمليه عليه نيته و شهوته متزوجون و عزابا مما يستفز غيرة النساء البربريات فيقمن بحملة مضادة تشويهية لسيرة النايلية ، يحاول رجال البربر في باديتنا كالمراهقين التسابق عليهن على أمل الظفر بابتسامة أو غمزة... أو بموعد ليلي عند ضوء القمر في شعبة من شعاب البادية ...
‎-لا يطأ شعبة نايلية في هكذا شعاب إلا جدير ، كان يجادل صاحبيه في شأن مجيء " النوايل " .. أجابه أحدهم كيف ذلك يا محمود ـ المتعوس ـ ؟ ماذا تقصد بالجدير !؟
‎ـ النايلات يا صاحبي يا "ولد السبسي" شيء آخر مختلف عن حريمنا و إناثنا الثائرات سواء في السلم أو الحرب و لا تعرف كيف السبيل لإرضائها ..
‎ - و ما هو الشيء الذي تتفرّد به نايلاتك ؟
‎ - إنهن أعذب أفواها و أنطق فروجا .. - أراك على ما أظن تذكر حديثا شريفا ! ما هذا الهبل يا جاهل و محرف السنة ! رد ساخرا " برهان ". - معظمهن أعذب أفواها يحببن العناق و التقبيل الطويل و أنطق فروجا لشدة حبهن للوطء بكل غنج و تجاوب بشرط أن تكون لديك القدرة و طول النفس و مواكبتها إلى آخر مشوار رغباتها .
‎- يا كذاب .. أيها الأشر ! القدرة و طول النفس و و .. يا رجل أي قدرة تتحدث عنها و كأنك نكحت إحداهن و بثقة كبيرة ..
‎نحن نعرفك معرفة أكثر من معرفة أمك لك التي خلّفتك و ولدتك .. كف عن ضراطك و بهتانك .. زن أولا جسدك كي ترى قوتك بنفسك ، أنا متأكد أنه لا يتعدى خمسين كيلو ، و أنظر إلى رئتيك و استمع إلى صفيرهما عندما تطيل الجهد أو الهرولة فقد خرّبهما تبغ ( العرعار ) الذي تنتجه من الحقول المجاورة التابعة لمشروع التعاضدية الفلاحية الخاص ببرنامج الثورة الزراعية .. و أنظر إلى فمك المسوس النتن و عد لنا الآن كم سن و كم ضرس تبقى لك ..!
‎- انفجر " الحسين ولد عثمان " ضحكا لدقائق و هو يتمرّغ أرضا لشدة الضحك ممسكا ببطنه بعد مواجهة صديقه برهان ...و كاد يتحول الأمر من سهر و دردشة حميمية بين أصدقاء إلى عراك لو لا تدخله.. ارتاعوا و تملّكهم الخوف الشديد فجأة بعد سماعهم حركة فجائية مصدرة صوت يشبه تحطّم قطعة خشبية جافة قديمة متبوعا بظل قاتم نحيف متحرك وامض في كبد ذلك الظلام يجتاز ركن البيت الخارجي المجاور من الجهة القريبة من « نادر التبن » !
‎- نطق جميعهم بهلع: ما هذا .. يا لطيف ! أعوذ بالله !- هاذا جدّ النوايل خرج مغاضباً لنا و نحن نغتب في سلالته !
‎ يا ستّار! .. و أخذ برهان يقرأ المعوذتين .. و بعد هدوء روعهم و عاد السكون إلى خلوتهم التي انقطعت و استعدادهم للانصراف الفوري، بدءوا يطمئنون بعضهم البعض بأنه لا " أرواح شريرة " و لا " جنّ" مرّ بمجلسهم ، و أن أغلب الظن هو مرور قط من قطط الدير . لم يدروا أن الجنّ و الأرواح الشريرة أعفيتهم أنا من الخدمة في بداية تلك السهرة ؛ لقد دفعني الفضول إلى استراق السمع مرة أخرى لما وقع اسم النايليات في أذني ..
‎أحزن كثيرا عندما استيقظ صباحا و لا أجد « خيامي » بعد رحيل النوايل و نايلياتهم و انتهاء أجل مكوثهم.. عمرُ استقرار خيام القبائل الرّحل شبيه بعُمر خيام الرغبة و الإشتهاء لدى الرّجال المنتصبة بين أفخاذهم عند الإثارة قصير جدا لا يدوم ؛ كونه مرتبط بظروف و عوامل طبيعية بشرية مناخية بيئية موسمية متعددة .. محكوم على الخيمة مهما كان تكوينها في بنطال الرجل أو من وبر الإبل و شعر الأنعام أن تتبع أوتادها المحكوم عليها بالترحال المستمر!
****
‎« صويلح ولد هبيلة » رجل طيّب جدا.. جدا .. مكلّف بحراسة و تنطيف المدرسة و السهر على كثير من الأمور .. يسكن سكنا وظيفيا ملتصقا بمدرستنا … « الهبيلة » هي عجوز ليست سهلة المزاج لكنها تتمتع بأصلح شيء في الإنسان و هو قلبها الحليم الطيب .. أما « صويلح » فهو رجل درويش على قد عقله، بارا مطيعا لـ « هبيلة » .. قلب هذا الرجل يجعلك تراه بأحكم الحاكمين . لم يتزوج باكرا الرّجل كون النساء حتى في ذلك الوقت من القرن الماضي لهن شروط و مواصفات في فتى أحلامهن .. الدروشة مهما كانت ايجابية مع بساطة الحال
‎قد تجلب سوء الطالع في إتمام نصف الدين.. إلا « هبيلة أم صويلح » لم تستسلم و استطاعت إقناع إمرأة لا يحصل عليها حتى أحكم الحكماء في ربوع كل تلك البوادي .. لقد رزق الله « صويلح » بزوجة لم يكن يتخيّل العثور عليها حتى في أحلامه.. و تمّ العرس بحضور معظم سكان البادية و نظيراتها في المناطق الأخرى القريبة و البعيدة ، فحارس المدرسة يستحق أن يحتفل بزواجه و مباركة هذه المرحلة الجديدة من حياته.
‎لقد أثبتت « هبيلة أم صويلح » قمّة قدرتها في الإقناع و تدبير الأمور .. بل فاجأت الجميع من أهل العروس و المدعويين بمدى دهاء و ذكاء و غرابة تفكيرها سويعات قبل ليلة « الدخلة ».. حيث قامت باختبار بكارة العروس عن طريق بيضة لدجاجة
‎ حديثة العهد بالتبييض حيث يكون حجم البيضة متوسطا مقارنة مع بيض الدجاجات المسنة.. لم تتحرّج « هبيلة » في فرض إختبارها على العروس قبل مجيء موعد الدخلة يسويعات قلائل و قامت بتجريب بيضتها على فرج « العروس » التي لم يكن في وسعها الرفض خصوصا في هكذا حالات متعلقة بـ « الشرف » و « العار » و كل مسلسلات الدراما الإجتماعية و هوس الشرف المرضي في المجتمع القروي البدوي ..
‎بيضة متوسطة واحدة لدجاجة حديثة العهد بالتبييض إذا عبرت مهبل العروس بسلاسة كفيلة بردم سيرة إمرأة و تشويهها و فضحها على الملأ.. لحسن حظ عروس « صويلح » أن البيضة بقت في انسداد عند مشارف الفرج فتمت الدخلة بسلام و أصبح لـ « هبيلة » كنة حسناء الوجه ممشوقة الجسد بيضاء البشرة ..
***
‎لكثرة حبي للمدرسة كنت أنتقل إليها حتى في أوقات العطل
‎.. كان صالحا يحبني كثيرا كمعظم المعلمين و كان في ذات الوقت يشفق عليّ رغم مقتي للشفقة منذ صغري … قصتي وقتها لم تكن ملفا سريا خاص بأمن الدولة فكل البادية تعرف حذافرها .. فكان في بعض الأحيان عندما يطلب مني معلما ما مساعدته في ترتيب غرفة الأرشيف و الوثائق و العتاد يتكرّم عليّ في منحي كراريسا و أقلاما .. في تلك الغرفة التي كانت مزودة بموقد لا يستعمل مُلئَ بكراريس كثيرة لا حصر لها تجمعت مع مرور الزمن و هي معدة للحرق و التخلص منها.. معظم صفحات تلك الكراريس غير مستعملة بيضاء بالإضافة أنها مغلفة بأغلفة مختلفة الألوان.
‎لكثرة ترددي على تلك الغرفة المخصصة لتخزين أغراض المدرسة
‎أصبت برغبة قوية في استرجاع تلك الكراريس بأغلفتها مادامت كانت تنتظر الحرق و الإتلاف ..
‎كل يوم أعود إلى البيت بحزمة من الكراريس و أغلفتها .. أنزع بذكاء الصفحات التي كتبت فيها الدروس أو التمارينات و أتحصّل في االنهاية على كراريس صالحة للإستخدام.
‎كلما جمعت الكراريس كلما شعرت بالغنى و السعادة .. صارت مداخل و مخارج المدرسة بالنسبة لي بمثابة اللعبة آتي كلما شئت و أتسلّق السياج و أتخطاه بحذر و أتوغّل داخل المدرسة و أمرّ إلى تلك الغرفة و أختار ما أردته من كراريس ثم أعود مقتفيا أثر العودة إلى دارنا دون أن يشعر بي أحد … لم أكن أعلم أن عيونا كانت ترقب كل تحركاتي .. و ذات مرة و أنا بصدد إنقاذ بعض الكراريس من « محرقة صويلح » بأمر من « الإدارة »
‎سمعت قعقعة خطى تقترب من المكان .. كاد قلبي أن يتوقف عن النبض و الخفقان و أنا أعلم علم اليقين بأن أمري سيكتشف
‎في عمر لحظات قليلة ضاقت عليّ تلك الغرفة بما رحبت و لم أجد مخبأ يخفيني عن أنظار القادم المجهول المتجه نحوي …
‎لم أجد إلا ذلك الموقد في ركن الغرفة المحشو بالكراريس كملاذ أخير ، حاولت أن أدكّ جسمي النحيف إلى جانب الكراريس المكدسة لكن ضيق المكان رغم نحافتي و صغر جسدي ـ خانني ـ الحظ و بقيت ساقي ظاهرة للعيان .. فإذ بي أرى إمرأة طويلة ممشوقة القامة تتجه نحوي و تأمرني بالخروج سريعا و هي موبخة على فعلتي و اقتحامي لحرمة المدرسة خارج ساعات الدوام ثم طردتني و توعدتني بإخبار « صويلح »..
‎كنت حزينا بنتيجة آخر محاولاتي لتوغل مدرستي خارج أوقات الدوام لا لفعلتي و انما لفشلي في إنقاذ باقي الكراريس و هي في بداية المشوار تنتظر الحرق و معظم صفحاتها بيضاء لم يكتبها أحد!
‎مرتّ الأيام و كان كل يوم يمر أتوقع فيه استدعائي من قبل « صويلح » أو تبليغ « أبو الأقداح » بالأمر إلا أنه لم يحدث حتى جاءتني ذات يوم « هبيلة أم صويلح » عند باب المدرسة بعد انتهاء الفترة الصباحية في فترة الغداء و هي تطلب مني بإلحاح إصطحابها إلى بيتها فورا .. احترت للأمر، لكني تبعتها .. الدقائق القليلة التي استغرقت للوصول إلى بيتها بدت لي شهرا بسبب تخوفي من المفاجآت الغير السارة…
‎عند دخولي الساحة الداخلية للمنزل ألمح أبي « الحارث » منتصبا داخل البيت المخصص كمطبخ و بجانبه « الزهراء » واقفة إلى جانبه و كلاهما يبتسمان و كأنهما وفد جيء به لاستقبالي استقبالا رسميا و زيارتي شرّفت الحضور ! حتى العجوز « هبيلة » كانت جد مرحة و مرحّبة و كريمة و اللطف ينساب منها و كنتها .. أدخلتني كنّتها مستقبلة مقبلة قائلة تعال: « يا السبع ولد السّبع .. تفضل ، أجلس يا ولدي مرحبا بك في دارك .. و أمرتني بالجلوس بعدما هيأت لي متكأ و مائدة الطعام .. فهمت أن حضور والدي ليس حضورا عقابيا ، لكني لم أفهم ما سبب هذه الفرحة و الإستقبال الحار من قبل « هبيلة » و كنتها الحسناء « الزهراء » التي قيل عتها أنها عاقر كانت تطير من الفرح و تحضنني أمام « الحارث » والدي.
‎لما لاحظ والدي تعجبي و حيرتي و مفاجأتي بهكذا موقف ، لم ينتظر طويلا لكي يفهمني بأنه تحدث مع « هبيلة » و كنتها « الزهراء » كي يعتنيا بي بعد انتهاء الفترة الصباحية من الدراسة و ما عليّ سوى المرور كل يوم و تناول وجبتي عندهم .
‎لم أهظم هذا السيناريو و لحدّ الساعة لم أجد تفسيرا لهذا التفصيل .. أعرف أن والدي كان جدّ محترم و مهاب في باديتي و ضواحيها أو في المدينة كذلك و لا أحد يرد له طلب و لا أحد يستطيع أو يجرؤ في الدخول معه في نزاع .. لكن أن أجده في حرم بيت « صويلح » مبسوطا و وبشوشا يبث الفرح و السعادة و البهجة في أعين « هبيلة » و « الزهراء » فذلك الإنبساط الذي كان يبدو عليه و تلك الأريحية التامة جعلته موقفا طيّر نفوخي .. لأني جهلت أو غاب عني تفصيلا
‎من تفاصيل « الحارث بن محمد بن الشائب »!
——-
*8 أوت 2021 - باريس الكبرى جنوبا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم