الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالمختصر المفيد

علي البعزاوي

2021 / 8 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي



أسال موقف حزب العمال مما حصل يوم 25 جويلية الكثير من الحبر والتعاليق والهجمات من كل الجهات تقريبا، من أنصار قيس سعيد الذين انطلقوا في حملة تشويه وقذف تنمّ عن هبوط أخلاقي غير مسبوق ومن أطراف يسارية حاولت الإقناع بأنّ حزب العمال يدافع عن الشرعية ويصطفّ وراء النهضة. وهناك من ذهب به خياله المريض إلى أنّ حزب العمال يسعى لإحياء تجربة 18 أكتوبر، وأنّ أمينه العام انتهى ولم يعد مقنعا. وأكثر من هذا تعرض إلى وابل من السب والشتم والقدح في شخصه.

لماذا هذه الهجمة الشرسة؟
مما لاشك فيه أنّ أنصار قيس سعيد معنيون مباشرة بما يقال عن الإجراءات التي أقدم عليها زعيمهم يوم 25 جويلية ويدافعون على طريقتهم على ما اعتبروه انتصارا ساحقا على حركة النهضة وهم بالمرصاد لكل من يعارض هذه الإجراءات أو حتى ينقدها مجرد النقد. ويتصرفون على شبكة التواصل الاجتماعي كجيش منظم يسارع بالهجوم والقصف ومحاولة الإرباك مستعملا من أجل ذلك جملا وشعارات وردودا بذيئة وتافهة في أغلب الأحيان لا تليق برئيس دولة يسعى حسب زعمهم إلى إنقاذ البلاد من براثن حركة النهضة وإرساء “مشروع جديد”.

إنّ الشكل له علاقة جدلية بالمضمون ومن يتوخى مثل هذه الأساليب المشبوهة لا يمكن تصنيفه في خانة المنقذ والمصلح والساعي إلى التغيير مهما علا صوته ضد حركة النهضة المسؤولة بطبيعة الحال أكثر من باقي أطراف الحكم على الأزمة الشاملة والعميقة التي تنخر البلاد.

إنّ حالة الانتظار والتردد التي تطبع سلوك الرئيس بعد عشرة أيام من الانقلاب الذي أقدم عليه وغياب الإجراءات الاجتماعية الملموسة لصالح الشعب المنهك تؤكد لكل ذي عقل أنه لا يملك الحلول ولا القدرة على الذهاب بعيدا، وأنّ هدفه الحقيقي ليس تغيير منظومة الحكم المهترئة لأنه جزء لا يتجزّء منها. بل وضع اليد على السلطة التنفيذية وإنقاذ منظومة الحكم من الوهن الذي أصابها حتى تواصل في تنفيذ المشروع الليبرالي المتوحش الذي انخرطت فيه بدعم من القوى الاستعمارية ومؤسساتها المالية النهابة منذ 2012 إلى اليوم.

ّ الأطراف والشخصيات اليسارية والديمقراطية التي صبّت جام غضبها على حزب العمال وانتقدته إلى حد التخوين أحيانا فإنّها بهذا السلوك إنما تدافع عن نفسها وتحاول التغطية على حقيقة مواقفها المصطفة بهذا القدر أو ذاك إلى جانب الانقلاب، إضافة إلى الوهم الذي تعلقه على قيس سعيد ليريح البلاد من غطرسة حركة النهضة ويفتح ملف الاغتيالات ويواجه الفساد ويعيد الأمور إلى نصابها. لكنه في الحقيقة موقف الغريق الذي يتعلق بقشة. لأنّ مشروع قيس سعيد الذي تحدث عنه منذ دخوله حلبة السياسة وسلوكه ومجمل أقواله وشعاراته لا يمكن أن تشكل حلولا لقضايا الشعب والبلاد. فالرجل ليست له خيارات اقتصادية واجتماعية بديلة من شأنها تضييق الخناق على البورجوازية الكمبرادورية وخدمة مصالح الأغلبية الشعبية، ولا مشكل له مع الهيمنة الاستعمارية الجديدة على تونس التي لعبت دورا في تدمير اقتصادها ونهب ثرواتها وتعطيل مسارها التنموي المستقل وكرست نوعا من الوصاية الدائمة عليها. يقول المثل الشعبي “من نفقتو باين عشاه “.

عود على بدء
إنّ حزب العمال لا يحسب حسابات الربح والخسارة في تحديد مواقفه، بل يحددها وفقا لخطه السياسي وبما ينسجم مع مشروعه المباشر والاستراتيجي ويخدمه ومن زاوية مصالح الشعب المباشرة والبعيدة.

والموقف من الإجراءات الاستثنائية التي أقدم عليها قيس سعيد إضافة إلى الاعتبارات سابقة الذكرالتي بني عليها، حددته أيضا طبيعة الرجل وجوهر مشروعه الشعبوي الذي لا علاقة له في نظر حزب العمال بمصالح الشعب والبلاد. فالشعبوية تعتمد الشعارات التي تنتصر بالقول للشعب لكنها لا تقدم حلولا ملموسة لصالح الشعب لأنها غير قابلة لأن تترجم إلى إجراءات وسياسات وحلول لقضايا السيادة الوطنية المنتهكة منذ 1956 والعدالة الاجتماعية الغائبة تماما عن مختلف الميزانيات والبرامج التي أتتها حكومات ما بعد 14 جانفي والديمقراطية التي نخرها المال الفاسد وأصبحت عبئا على الشعب التونسي والحال أنّه محمول على هذه الديمقراطية أن تفتح آفاقا أمام التنمية والتشغيل وتوفير الخدمات الأساسية الراقية ودفع المواطن إلى الانخراط أكثر في الشأن العام.

حزب العمال راهن ويراهن دائما على وعي الشعب التونسي وحسن استيعاب النخب للمواقف التي يعبّر عنها. لهذا لم ينخرط في حملات السب والشتم بل اعتمد أسلوب الصراع الفكري والسياسي كسلاح لمواجهة الخصوم السياسيين وهو يراهن أكثر على الواقع الذي برهن في أكثر من مناسبة على أنه كان صائبا في مجمل اختياراته ومواقفه التي لم يتردد في الإعلان عنها بكامل الوضوح ودون حسابات الربح السريع بقطع النظر عن حجم تأثيره المباشر في الجماهير الذي يعود إلى أسباب أخرى ليس هنا مجال تناولها.

البعض يعتبر هذا السلوك غرورا ومكابرة. لكنه في حقيقة الأمر لا هذا ولا ذاك. المسألة تتعلق بوضوح الرؤية والبوصلة وقراءة الواقع قراءة مادية جدلية وتقديم الحلول المناسبة من زاوية مصالح الطبقة العاملة والشعب بقطع النظر عن ردود الأفعال من هذا الطرف أو ذاك داخل الحكم أو خارجه. هكذا تصرف ويتصرف حزب العمال وعلى هذا النهج تربى مناضلوه وفهموا السياسة وتعاطوا مع واقع بلادهم وهم مواصلون في نضالهم ضد كل البدائل المغشوشة وفي التعريف بمواقفهم وبدائلهم في مختلف المجالات.

السلطة للشعب من أجل السيادة الوطنية والديمقراطية الشعبية والعدالة الاجتماعية.
عاشت الثورة التونسية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس يقول إن إسرائيل ألحقت الهزيمة بح


.. وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد هزيمة حزب الله.. ماذا يعني ذلك؟




.. مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة: أكثر من 300 ألف إنسان يعيش


.. أسامة حمدان: جرائم القتل ضد شعبنا ستبقى وصمة عار في وجه الدا




.. حرب وفقر وبطالة.. اللبنانيون يواجهون شقاء النزوح ونقص الدواء