الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الاضاءة البديلة للدكتور عماد هادي وفقا لمقتضيات الاخراج المسرحي-

علي رحيم البكري

2021 / 8 / 11
الادب والفن


عندما نتصفح قليلا في اوراق التاريخ نجد ان الاضاءة المسرحية قد تطورت عبر العصور وحتى يومنا هذا فالمصباح الغازي كان بديلاً عن النار, كما ان النار كانت بديلة عن الاضاءة الطبيعية , والتي جاءت المصابيح الكهربائية بديلةً عنها جميعاً , حيث نستنتج من ذلك ,ان الفن المسرحي فن يتطور وفقا لمقتضيات الحاجة الانسانية , التي تحتم على صانعيه والعاملين فيه ان يغيروا من اساليب الاشتغال لكي لا يصبه النكوص امام الفنون الاخرى التي توازيه في التطور خصوصاً السينما , التي تعتبر من وجهة نظرنا الشخصية اقوى المنافسين لفننا الذي اذا ما تدهور , تدهورنا جميعاً , واذا ما فقد هيمنته وحب الجماهير له فقدنا ذلك ايضاً لكونه هويتنا ونافذتنا التي نطل من خلالها على العالم , والتي يطل علينا العلم من خلالها . لان الفضاءات المسرحية ما هي الا عوالم جمالية تحاكي عالمنا الذي نعيش فيه ,أو تحاكي احلام العقل البشري . كما تفعل الفنون السينمائية بالضبط , ولنا ان نتوقف قليلا مع السينما ومؤثراتها البصرية التي ظهرت بسيطةً في بداية الامر وسرعان ما تطورت لتظهر واقعا افتراضياً اقرب الى الحقيقة عبر استخدام البرمجيات واجهزة الحاسوب التي تخلق لنا عوالم افتراضية مقاربة للتصديق, والتي توازيها السينوغرافيا الرقمية في الفنون المسرحية , ومن هنا نجد مصطلح الاضاءة البديلة الذي يصيبنا بعض التوجس اذا ما سمعنا به للوهلة الاولى ويثير بعض التساؤلات فينا حول فاعليته او مدى تأثيره في المشاهد , ولكن من وجهة نظر اخراجية تؤمن بأن فضاء العرض هو فضاء المخرج بكونه إلهً بكل ما تحمله هذه الكلمة من صفات (اله العرض وخالقه) الذي يسعى لتجسيد تصوراته بأي وسيلة يمكنها ان تبث روح الجمال في تشكيلات الصورة المسرحية , حيث يمكننا من خلال استخدام الاضاءة البديلة ان نبث عنصري الدهشة والابهار في نفوس المشاهدين, لكونها تكسر المألوف وتأتي لنا بنمط اشتغالي يعطي للمخرج حرية كبيرة في التصميم حيث تبيح التقنية الرقمية للمخرج المسرحي امكانية (التصميم) بنفسه عبر استخدام جهاز الحاسوب . ولكون الاضاءة من ضمن العوامل التي تقع تحت سلطته نجد ان البديل الرقمي هو احدى الخيارات التي تسهل عليه عملية الاشتغال وتوفر له الوقت والجهد والمادة .
واذا ما وجدنا مخرجا يمتلك خيالا ابداعيا خصباً ستكون الاضاءة الرقمية فاعله ومؤثرة في الحدث , ولكونه رب التجربة فهي ضمن سلطته وهو الوحيد الذي يحق له التحكم في مسقط الضوء المنبعث من جهاز (الداتا شو), كما ان محاولة المزاوجة بينها وبين الاجهزة القديمة ستفقدها خاصية (البديل) وتجعلها (مساعد) ولا ضير من ذلك حيث يكون هذا المساعد بديلا جماليا واكثر فاعليه من الاجهزة القديمة اذا ما تم استخدامه اوفقا لمقتضيات الحاجة التي تحتمها الرؤية الاخراجية , وليس التعكز عليه لإخفاء عيوب الاخراج , ولكن تبقى الدعوى لتكثيف الجهود التجريبية حول استخدام اكثر من جهاز (داتا شو) بديلا ضوئياً وبمساقط مختلفة تمنحنه الخصوصية التي تجعله (البديل) الفعلي الذي يسهل علينا (مغادرة الاجهزة القديمة )والتي تحتم علينا الظروف مغادرتها لعدم توفرها في الكثير من الاحيان , لذا يمكننا القول بانها وسيلة تسهل عملية الاشتغال على المبدعين الذين لا يمتلكون صالات ثرية بتقنياتها , لذلك نجدها عنصرا فعالا في التجربة المسرحية التي تغادر مكان العلبة , بكل اشتراطاته وقوانينه , حيث تصبح وفقاً لمقتضيات التجريب في العمل المسرحي, الذي يوجب علينا ان نجد بديلا كلياً للعلبة والبحث عن امكنه تظهر من خلالها فاعليه الاضاءة البديلة التي تيسر عملية نقل العرض المسرحي لأكثر من مكان , وبالعودة قليلا الى التاريخ , نعتقد انها لو وجدت في زمن (انطوان ارتو) لكانت واحدة من خياراته الجمالية في تشكيل الصور الحلمية التي كانت شاغلاً كبيرا له, حيث يمكن بواسطة الاجهزة الصغيرة بالحجم والسهلة في الاخفاء , ان نخلق فضاء يحيط بالمتلقي بـ360 درجة كما ان مساقط الضوء يمكنها ان تتخذ اكثر من زاوية في فضاء العرض , وجل ما يمكننا قوله بان الاضاءة البديلة يجب ان تكون احدى سمات الاماكن البديلة عن العلبة , حيث تصبح ضمن اشتراطات الانشاء المكاني التي تتمتع بخصوصية خلق فضاءات جمالية جديدة على المتلقي ومغايرة عن كل ما هو مألوف في العرض المسرحي و هذا لا ينفي فاعليتها في عروض مسرح العلبة , فهي بديل فعلي وبديل مساعد في آن واحد . ومن خلال التجربة الشخصية نجد ان الاضاءة البديلة يمكن ان يتم تصميمها بكل برامج التصميم ولا تقصر على (البور بوينت) ولكنه بمثابة الوسيلة المؤقتة لتنفيذ الاضاءة , حيث يستوجب علينا السعي الى تصميم برنامج تنفيذ خاص بها في المستقبل, يوازي البرمجيات التي يستعان بها في تصميم الخدع البصرية في السينما .
(كلمات مفتاحية: مسرح / اضاءة مسرحية / الاخراج المسرحي)
علي رحيم البكري
11/8/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال