الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يعرقل الانسحاب الأميركي من العراق ؟

رضي السماك

2021 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


لعل كل من يقرأ بعين موضوعية مجردة من العواطف والأهواء والأحكام السياسية المسبقة في تطور مواقف الإدارة الأميركية من مستقبل وجودها العسكري منذ أحتلال جيشها العراق في 2003 حتى يومنا، سيخلص حتماً بأنها جادة لسحب جميع قواتها من أرض الرافدين، لكن لن يكون بطبيعة الحال هذا الانسحاب فورياً في وقت واحد بل على مراحل وبما بحفظ ماء وجهها كأقوى دولة عظمى ، وقد تأكدت هذه الحقيقة إثر زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الأخيرة للولايات المتحدة حيث أكّد رئيسها جو بايدن لدى أستقباله الأول " لن نكون في نهاية العام في مهمة قتالية في العراق " وأن الدور الأميركي سيقتصر على المشورة والتدريب . وإذا كان لايمكن الجزم بشكل قاطع في صدق النوايا الأميركية، لكن كل المؤشرات تقطع بأن المرحلة الأخيرة للانسحاب النهائي لن تكون بعيدة بأي حال من الأحوال لجملة من الأسباب الموضوعية والذاتية المتشابكة لسنا هنا بصدد تعدادها، لعل في مقدمتها ما يشكله الوجود العسكري عليها في العراق من أعباء باهظة سياسيا واقتصاديا، دع عنك الخسائر التي تتكبدها في الأرواح والعتاد؛ ويحدث هذا في وقت بلغت فيه الأزمات المتفاقمة داخل الولايات المتحدة مستويات غير مسبوقة تاريخياً .
ومن نافلة القول أن هذا الانسحاب لا تقدمه واشنطن كمنة على العراقيين أو من أجل سواد أعينهم؛ بل بفضل نضالات الشعب العراقي وقواه الوطنية والديمقراطية الشريفة بكل الوسائل النضالية المشروعة الملائمة غير الارهابية وما قدموه -شعباً وقوى -:من تضحيات هائلة في هذا الصدد . ومع أن تاريخ نضالات القوى الوطنية العراقية -وفي طليعتها الشيوعيون- يشهد بالدور المحوري الذي لعبته هذه القوى في تلك النضالات ضد كل أشكال الوجود الاستعماري الكولونيالي على أرض العراق وضد ربطه أيضاً بأي حلف من الأحلاف الأستعمارية، ولعل تجربتها النضالية التاريخية ضد الوجود الإنجليزي تشهد بذلك، إلا أننا نجد اليوم بين صفوف قوى الإسلام السياسي ذات الميليشيات المسلحة والمحتمية بأيران من يزايد على القوى الوطنية للظهور بمظهر الأكثر غيرة وحماساً للتعجيل بالانسحاب الأميركي الفوري ويثير ضجة وزوابع بذلك في حين أن تاريخ الإسلام السياسي منذ تأسيس جماعة الأخوان المسلمين المصرية مجلل بعار التعاون والتواطؤ مع المحتل الأجنبي ليس في العراق وحده فحسب، بل في سائر البلدان العربية، ومازالت هي كذلك حتى وقتنا المعاصر . وهذه المزايدة إنما غرضها التشويش على المطالب الآنية الشعبية المشروعة الأكثر ألحاحاً ؛ وفي مقدمتها تحقيق الأمن والأستقرار للشعب العراقي وضمان الحد الأدنى من مستلزمات حياته المعيشية الكريمة من ماء وكهرباء ورغيف وسكن وجعل أسعار السلع الأساسية الغذائية تحت متناول أيديه؛ علاوة على أنهاء مشكلة البطالة بأدنى مستوى ممكن .
وفي ظل أسوأ أزمة مالية واقتصادية تواجهها الحكومة العراقية منذ قيام الدولة قبل قرن فإن تلك المطالب لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الوقف الفوري لنزيف هدر المال العام والفساد المستشري في مفاصل الدولة وملاحقة وضبط الفاسدين وتقديمهم لمحاكمات نزيهة عادلة لاسترجاع ما نهبوه من أموال الشعب بالمليارات والكشف عن قتلة النشطاء السياسيين الأبرياء ، وهذا بالضبط ما تخشاه قوى الأسلام السياسي المعنية لأنه سيكشف وزنها وقوتها الحقيقية بين الجماهير ويجردها من حقيقة شعاراتها المرفوعة ضد الاحتلال الأميركي والتي تستظل به مؤتمرةً في ذلك بأوامر الجارة إيران التي هي الاخرى لا تريد الانسحاب أن يتم وتفقد من جرائه الساحة السياسية الداخلية العراقية التي أتخذتها ملعباً لتصفية حساباتها مع أميركا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صور أقمار اصطناعية تظهر النزوح الكبير من رفح بعد بدء الهجوم


.. الفيفا يتعهد بإجراء مشورة قانونية بشأن طلب فلسطين تجميد عضوي




.. مجلس النواب الأمريكي يبطل قرار بايدن بوقف مد إسرائيل ببعض ال


.. مصر وإسرائيل.. معضلة معبر رفح!| #الظهيرة




.. إسرائيل للعدل الدولية: رفح هي -نقطة محورية لنشاط إرهابي مستم