الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جنود مجرمون

محمد مزيد

2021 / 8 / 11
الادب والفن


‏قصة قصيرة
نقلني آمر اللواء الى الحجابات ، على نهر الحويزة ، مقابل العدو الأيراني بمسافة 400 – 500 مترا فقط .. صعدتُ الى الدوبة ، مكان تموضعي ، فتعرفت الى أشخاص لم أجد مثلهم في حياتي أبدا ، وقفت في منتصفها ، في ظلام الدوبة الحالك ، ، الظلام ضروري لأن المسافة قريبة بيننا والعدو ، ويمكن أن تُرصد اي حركة فوق الدوبة وسط أحراش القصب والبردي بمجرد أن يشعل أحدنا سيجارة ، عندئذ لن تتوقف نيران القنص لجهة السيجارة ، قلت لهم نقلني آمر اللواء الى هنا ، فقال أحدهم وقد تبين لي منذ اللحظة الاولى إنه الأكثر رشدا ، " لا ينقلون الى هنا الا من كانوا مجرمين وسفلة من وجهة نظر آمر اللواء" ، ثم أطلق ضحكة هادئة ، بعدها سحبني برفق من ذراعي ، " لا يجوز أن تبقى واقفاً ، يجب أن تسير على الاربعة أو زحفاً ولا تنهض أبداً . أخبرنا الآن ، ما هي جريمتك ؟ قلت لهم نقلني الآمر لإنني قلت له إنني في حياتي المدنية أعمل صحفيا . أحدهم أخذ حقيبتي العسكرية " اليطغ " والآخر أستل بطانيتين ، جعل الأولى فراشاً والآخرى أتغطى بها والثالث بدأ يحضر الطعام والرابع جلس عند قدمي يفك خيوط البسطال . سألت نازع خيوط البسطال عن جريمته ، فقال آني مو بعثي وما اصير بعثي لو تشلع عيونهم ، خوات الكحبة . وسألت الطباخ عن جريمته فقال أبن أختي عبر من هنا بين الهور وسلم نفسه للإيرانيين ، ضاحكاً ، وسافعلها مثله طبعاً . فارش بطانيتي وهو الأكثر دندنة بصوته الجميل ، وياما غنى لنا مواويل تقطر عذوبة ، قال بدون أن أوجه له السؤال : أما جريمتي فهي بسبب أمتناعي عن العمل قوادا ، وضحك ، أنا سائق آمر الفوج (..) ، نزلنا ذات ليلة الى البصرة ، أنا والرائد الآمر ، ليبتاع بطل عرق ، شاهد فتاة سمراء تتمشى ، فقال ترجل ، أوقفت سيارة الواز وقلت له ترجلت سيدي ، ماذا هناك ؟ ناولني ورقة صغيرة وقال " أعطيها رقم تلفوني المدني " فرفضتُ ، وين كاعدين احنه ، يريدوننا نصبح كلنا كواويد مثلهم" .
ذات نهار ، تم استدعائي من قبل آمر السرية ، ملازم صغير السن ، لطيف محبوب ، قال أريدك أن تكتب لي رسالة غرامية ، فجلست أكتب .. عند تلك اللحظات الرومانسية بالغة الجمال ، كان يروي قصة حبه المتعثرة ، وانا أنتزع الكلمات من ذاكرتي المعطوبة بصعوبة ، في ذلك الوقت ، أشتد القصف المدفعي ، هناك أمطار من القذائف تساقطت على فوجنا الثاني والفوج الاول .لحد الآن لا أستطيع إيجاد إي تفسير ، لفقدان قذيفة طريقها فوقعت على أحدى الدوبات في الحجابات . بعد ساعة توقف القصف ، تركت رسالة الغرام ، واتجهت راكضا الى دوبتي .. تعثرت كثيرا في الطريق ، ولما وصلتُ ، كان آثار إنفجارها في الوسط تماما .
١٣








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل