الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيها العراقيون ...ماذا يعني 23 آب 2021 لكم

غدير رشيد

2021 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


هذا إسترحام..وليس طلبا..وبالتأكيد ليس أمرا....فمن يجرؤ على توجيه الأوامر لأحفاد سومر وبابل وآشور!!!!
إسترحام لكي تخصصوا وقتا للتأمل...وياريت تنتقلوا بعدها للفعل....
إسترحام موجه لحكومة الكاظمي المشغولة بأنشطة فيسبوكية ومؤتمر لدول الجوار العراقي تدعو فيها الجارتين!!!! قطر والإمارات لحاجتنا الماسة لخبراتهما السياسية.
وهو موجه للقوى السياسية الشيعية التي نقدر إنشغالها بفصائلها الستين ومقاتليها المئات الإلوف بمقاومة 2500 جندي أمريكي وتهيئة راجمات الصواريخ ضدهم وراجمات التهديد والشتائم نحونا.........
وللقوى السنية المتصارعة على المقاولات والكاولية...........
وللقوى الكردية البارزانية والطالبانية والأربيلية والسليمانية والسورانية والبادينانية المتنافرة والمشغولة ببناء دولة كردستان الكبرى!!! ومقاتلة الشعب الكردي في تركيا لما يفعله من مشاكل مع الشقيقة تركيا شريكتهم في المقاولات......
وللقوى المدنية المنكفئة على نفسها والمنشغلة بمن يكون الأول في قائمة الترشيح للإنتخابات....
وللعراقيين جميعا..كهولا ..شبابا وشابات ، رجال ونساء.....
أسألكم ....هل تتذكرون 23 آب 1921 ، وهل تتهيأون لـ 23 آب 2021 ، أم إن إنشغالاتكم المهمة والمذكورة أعلاه أنستكم المناسبة.
الفرق بين التاريخين مائة عام هو تاريخ دولتكم العتيدة وأسمها العراق...حضرتم وشاركتم أنتم وأجدادكم بكثير من قصص البطولة والشجاعة والخيانة والغدر والقتل لتصعدوا !!! كما هو المنطق لمصاف الدول المتقدمة والمتحضرة، وليكن مستقبلكم أزهى من ماضيكم، أم إنكم وصلتم لما قاله وسأله الزهاوي قبل مائة عام :
إذا كان حاضرنا شقيا نسود لكون ماضينا سعيدا
لنقارن حالة دولتكم بين التاريخيين:
• كنتم ثلاث ولايات ( بغداد / البصرة / الموصل) فوحدتكم بريطانيا بإسم دولة العراق لمصالحها وطلبت منكم ترشيح ملكا منكم ففشلتم فأستوردت لكم ملكا حجازيا( فيصل بن الحسين) فرضيتم به وبايعتموه في 23 آب 1921 ووالمصادف 18 ذي الحجة ( يوم الغدير) تنبئا لما حدث بعد ذلك أم مجرد صدفة ، والآن إرتقيتم لدول طوائف( وليست ولايات)، خمس منها شيعية وإثنتان كرديتان وثلاث سنية وتخططون لأكثر.
• بدأتم بعلم ونشيد عراقي ولازلتم تبحثون عن علم ونشيد، ولكثرة إنشغالاتكم بهموم الوطن نسيتم إن نشيدكم الوطني ليس عراقيا، والغريب إنكم لاتستحون من ذلك فرحين بتفردكم في ذلك بين جميع الدول.وإذا كان الكتاب يعرف من عنوانه فتكفي هذه الحالة لمعرفة ماكان وما سيكون.
• كنتم متخلفين بسبب العثمانيين فإضطرت بريطانيا لتنصيب رجل دين معمم رئيسا للوزراء( عبد الرحمن النقيب) ثم أطاحت به لتتمدن الدولة خاصة وإن العراقيين كانوا يرددون دون خوف شعر الملا عبود الكرخي:

يا نقيب ويا نقيب......ليش ماعندك صحيب
من عفت جدك محمد ......صارلك (كوكس) حبيب

وإنتهيتم بعشرات العماممات الحاكمة المدرعة ( الصدرية والحكيمية والخزعلية والصيغيرية والضارية والسعدية والخامنئية وأخيرا الرئيسية) تفعلون ذلك مهتدين!!!!! بالتجربة الأوربية التي أوصلتهم للتحضر بعد أن قطعوا ألسنة الكهنة.
• بدأتم بدولة تحت الإنتداب البريطاني وقاتلتم لتستقلوا عنها وفي منتصف الطريق أضفتم لبريطانيا أميركا ومصر وسوريا وأنتهيتم بنقاشات وطنية عن أيهما أفضل الإحتلال الأميركي أم الإيراني،وأضفتم قواعد عسكرية تركية وأوربية ومع ذلك فأنتم أكثر شعب وقادة يرفعون شعار السيادة.
• نجحت بريطانيا بدهائها المعروف في تحجيم دور العشائر ولم تبق لهم إلا سلاح بسيط يستخدم لمصلحتها، ولبناء دولة متحضرة بعد مائة عام أصبحت العشائر تملك سلاحا متوسطا بل طيارات مسيرة ودبابات وأصبح شيخ العشيرة أهم من وزير الداخلية والعدل المسؤولان عن إشاعة العدل ومع ذلك أنتم الدولة الوحيدة التي ترفع شعار العدالة الإجتماعية.
• بدأتم بأحزاب علمانية إستمرت لعشرات السنين كانت فيها سمة العراقيين الإلتزام الأخلاقي وأنتهيتم بعشرات الأحزاب الإسلامية وزادت أفواج المصلين بالجوامع والحسينيات بل وصل (المشاية) من أنصار الحسين الى عشرات الملايين وتضاعف عدد علماء الدين وقنواتهم الفضائية ومع ذلك تفشت الدعارة والعهر والملاهي والمخدرات والفساد المالي، ونسيتم ماقاله الرصافي قبل مائة عام:

وأقبح جهل في بني الشرق إنهم........................يسمون أهل الجهل بالعلماء

• بدأتم وعملتم على تمدين الريف فوصلتم لترييف المدن حتى وصلتم لترييف بغداد التي أصبحت قرية صغيرة.وأصبح البغدادي يتحدث بلهجة ريفية أو بدوية تزلفا للحاكمين، بل إن البغدادي الذي لم يكن يعرف من أجداده أكثر من الجد الثاني، اصبح يبحث عن عشيرته وإن لم يجدها ينسب نفسه لأية عشيرة قوية تنفعه وقت الشدة ولي صديق بغدادي أستاذ في الجامعة ومازال يدرس فيها ومع ذلك أصبح رئيس فخذ ويحضر الفصل العشائري لدرجه إنه إستعان بعشيرته لإيقاف أمر نقله ونجح في ذلك بل يتباهى بها.
• كان الطالب العراقي الذي يدرس في الخارج ولو على حسابه الخاص في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات يستعجل التخرج ليعود للوطن فأوصلتم الشباب المتخرجين من الجامعات العراقية والذين صرفتم عليهم الملايين لتعليمهم، أوصلتموهم لإستعجال الهروب من الوطن للعمل في دول أخرى تحصد ما زرعه الوطن.
• كنتم تصدرون منتجات زراعية ومواد أولية وكانت لديكم صناعة وزراعة وطنية وبعد مائة عام أصبحتم تستوردون كل ماتأكلونه حتى التمر من دول الصحاري، بل كنتم تفكرون بإيصال الماء العذب للكويت فأصبحتم تسوردون منها مياه الشرب المعبأة.كنتم أرض السواد لكثافة زراعتكم فأصبحتم أهل السواد لكثرة قتلاكم وحجاب نساؤكم.
• كان قادة الأحزاب فقراء والغني منهم يصرف أمواله على الحزب كما فعل ( جعفر أبو التمن) الشخصية الوطنية التي ظلمت في حياتها وبعد مماتها،وأعرف شيوعيا غنيا وزع مايملكه من أراضي على الفلاحين بعد أن أصبح شيوعيا، وكان الكادر الحزبي يعمل بمهن بسيطة وهو كادر متقدم كي لا يكلف حزبه أموالا فأستبدلتموهم بمقاولين وسماسرة كقادة أحزاب تتوقعون منهم أن يوصلوا دولتكم لبر الأمان.
• كان العراقي يستصعب الهجرة من محافظته لمحافظة أخرى، بل كان الكرخي في بغداد يفكر ألف مرة قبل أن ينتقل للرصافة، لإعتزازه بمنطقته، فأوصلتم شعبكم للمنافي فاصبح الأب في أميركا والأم في السويد والإبن في إستراليا والإبنة في النرويج، بل أوصلتم العراقي للقطب الشمالي.
• قاتل مفكروكم لتحرير المرأة وعانوا الكثير ونجحوا حتى أصبحتم أول دولة تستوزر إمراة في 1959( نزيهة الدليمي) ولم تنجحو في إيصال نساء للبرلمان لعقود،الآن أوصلتم أكثر من ثمانين إمرأة للبرلمان أغلبهن يدعون النساء للحجاب بل أنشئتم وزارة للمراة تقليدا للغرب وجئتم بوزيرة تدعو النساء المتزوجات للمشاركة في خطبة زوجة أخرى لأزواجهن إن رغبوا بذلك.
• الحمد لله تحجبت نساؤكم بحجاب من ثلاث طبقات وأطال رجالكم وشبابكم لحاهم تمسكا بالفرائض ولكن تضاعفت عدة مرات نسب الطلاق وحوادث القتل لغسل العار والخيانات الزوجية.
• المقارنة تطول فقد خربتم السياسة والعلم والثقافة والرياضة والفن والصحة وكلكم تتباكون على الزمن الجميل مثلكم مثل القطة التي تأكل أبنائها عندما يولدون وتظل تبكي وتأن وهي تدور من بيت لبيت الى أن تلد مرة أخرى فتأكلهم أيضا وتعود للبكاء، بل أنتم أحفاد من سرق مصوغات بنت الحسين في معركة الطف وهو يبكي، فلما سألته: لم تبك، أجابها: كيف أسرق بنت بنت رسول الله، فقالت له: لاتفعل إذن، فأجابها : إن لم أفعل سيسرقها غيري وأنا أحق بها.

المقارنة تطول وأتمنى على كل من يقرا هذا المقال أن يشغل نفسه ليعد مقارنة في كل المجالات السياسية والثقافية والإنسانية، فقد بدأتم بدولة وأصبحتم تناقشون بعد مائة عام حالة اللادولة، وكإنكم تبدأون من الصفر،هنا لابد أن تتوقفوا للتأمل مع قرب الذكرى المئوية لتأسيس دولة العراق(23 آب 2021) وهي مناسبة تستعد الدول والأمم للإحتفال بها من سنوات وقد كتبت شخصيا للسيد الكاظمي منذ سنة للإستعداد لذلك ولم يعر ذلك أية أهمية بل دعوت المثقفين العراقيين ولم يجب أحد وكإنها ليست دولتهم وكنت أتمنى أن تعد البحوث والدراسات وتنظم الإجتماعات والندوات لإستخلاص العبر وإستعادة الوعي ولكن دون جدوى.

أكرر دعوتي( التي لن تجد إهتماما) للقوى المدنية العراقية فهم قوى الدولة الحقيقية، وللمثقفين العراقيين ضحايا اللادولة، للإستعداد للإحتفال بطريقة متحضرة بهذه الذكرى العظيمة من خلال إستعادة القيم العراقية الأصيلة والتذكير بقادة نهضة العراق وفق قراءة تاريخية جديد،إنها فرصة لتذكير العراقيين وخاصة الشابات والشباب بدورهم في إستعادة الدولة العراقية المدنية والمتحضرة، مسترشدين بقول المتنبي:

نعيب زماننا ....والعيب فينا
وما لزماننا.......عيب سوانا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صدقت يا استاذ غدير
منير كريم ( 2021 / 8 / 11 - 14:39 )
شكرا ...... مقال جميل ومعبر ومؤثر
تحياتي

اخر الافلام

.. شبكات | كنتاكي تتكبد خسائر فادحة.. إغلاق 100 فرع KFC في مالي


.. شبكات | إعادة طلاء بيت وسط الدمار في غزة




.. مُسن يشارك بمسيرة لدعم غزة في أيرلندا بعكازته


.. قراءة عسكرية.. استهداف جرافة عسكرية في منطقة بيت حانون شمال




.. دبابة إسرائيلية تثير الجدل في جولة للسيسي في الأكاديمية العس