الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البشر عالم بسيط

رشيد اغويان

2021 / 8 / 11
الادب والفن


في آخر أيام الخريف ، حيث تحتضر الأوراق الصفراء الأخيرة و ترتعد بردا .
حيث تبرك الكآبة بثقلها على المدينة كلها .
و تتلوث الأرصفة و تتذبذب مشاعر الطرقات بين ريح و مطر .
حيث رائحة الزكام و الخبز المحمص .
حيث السعادة المختبئة في أعين المجانين و المعتزل من البشر .
حيث أظن أنا مثلا أن تشرين يطلق علينا مشاعره تزامنا مع ما أشعر به.
يمطر حين حاجتي للمطر و يعصف حين غضبي و يصحو حين أخطط للخروج .
حيث تذمّر النساء من اهتراء معاطف الكشمير و أحذية الجلد الفاخرة .
حيث يقتطع الموظفون سويعات نوم إضافية و يهرع كل منهم إلى عمله متأخرا سعيدا بتمرده الصغير ذاك .
حيث يبكي الأطفال الباعة لأن الليل حل سريعا.
حيث نلتهم الكثير من الكتب و الشوكولا الساخنة .
و نترقب لحظات الندى كي نصور زجاج النوافذ.
حيث تبحث الكثيرات عن حبيب يليق بفصل الشتاء و العناقات الدافئة .

حيث يجري الناس كثيرا في الشوارع الكبيرة .
يسارعون الخطى نحو كسب خبز لا يعرفون عنه سوى رائحته .. المال .

حيث تتحلّق العائلة على مائدة واحدة و إن تألفت من زوجين .
و رغم ثقل اليوم ، تسابق ضحكاتهم الزمن الراحل مع الشمس.

حيث تفيض المشاعر كلما اشتد لون السماء عتمة .
حيث تبكي العيون سرا و تعشق القلوب حاجة للحب لا أكثر .

البشر ..
عالم بسيط ، عقدته القواعد .
أترى كيف يميل الكل مع الخريف ؟
هكذا هو الإنسان .
لديه أربع أرواح في السنة .
يخلع الواحدة ليلبس الأخرى .
يدّعي أنه رمى كل منها مع الرقم الجديد ، لكنه لا يفعل .
هو فقط يأخذ وقتا مستقطعا عن العالم ، ليمحص في داخله باحثا عن آلهة أخرى تحركه .
دون تدخل الطبيعة و يبحث عن أشياء جديدة ليصلحها و أشياء أخرى ليلقي عليها ملامة كل عثراته التي كانت دائما منه .
يدخل هذه الحرب بلا خطة ولا عتاد .
فيعود حالا باحثا عن سكينة الذات .

يعود فتحتضنه الشمس في الصباح .
و السماء وسط النهار و الألوان في نهاية اليوم و بطانيته في الليل .

الإنسان كائن هش جدا ، مع ذلك يدّعي الصلابة و يواجه بصدر عارٍ الهلاك .
لكنه و بطريقة ما ينجو .
ك طفل شارف على السقوط من أعلى السلم .
يلتقطه الله و يعيد توجيهه لمكان أكثر أمانا .
قبل أن يرفضه هو من جديد و يبحث عن سلالم أخرى ليقفز منها .
و لو أنه بصِر مليا لعلِم كيف تلعب الفصول به تماما كما يفعل الخريف مثلا .
و كيف تلعب به الأرقام تماما كما تفعل أعياد الميلاد و السنوات الجديدة .
و كيف يفعل به الغرور تماما ك قفزة السلالم تلك .
و لَعَلِم أنه كائن أخرق و هش و متمرد .
أيا أيها الإنسان الجازع .
إن الله كان دائما نجاتك و اطمئنان ذاتك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب


.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز




.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم