الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصل المقال في تقرير ما بين العلم والعوام من انفصال

زكرياء مزواري

2021 / 8 / 12
كتابات ساخرة


بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين.
قال الفقيه الإمام العلامة وحيد القرن أبو أحمد بن سعيد بن زكريا بن نشيد رضي الله تعالى عنه وأرضاه:

أمّا بعدَ حمدِ واجبِ الوجودِ، وأصل الجودِ، صاحب العزّة والجبروتِ، ومالك الملك والملكوتِ، والصّلاة والسّلام على محمد المصطفى عدد ما تعاقبت الآحاد والسّبوتُ، فإنّ الغرض من هذا القول أن نفحص على جهة النّظر العُمراني، هل النّظر في المعرفة شأنٌ متوقّفٌ على الخاصة وخاصة الخاصة أم الأمر مُباحٌ أيضاً للعامّة من النّاس، وهل دمقرطة المعرفة أمرٌ مأمورٌ به على جهة النّدبِ أم على جهة الوجوب؟
إعلم، أيّها الولد المتوحّد، أدام اللّه حُسنك، وأنسأ في عُمرك، وأوقد فطنتك، وحفظ فطرتك، أن فعل المعرفة ليس شيئاً أكثر من النّظر في الموجودات طبيعية كانت أم إنسية، واعتبارها من جهة دلالتها على السُّنن التي تحكمها، وكلما كانت المعرفة بالصناعة أتمّ كانت المعرفة بالتغيير أتمّ أيضاً.
وكان الشّرع نَدبَ إلى هذا النوع من الاعتبار، وذلك بيّنٌ في غير ما آيةٍ من آي الذّكر الحكيم. وإذا تقرر شرعاً وجوب النّظر، وكان هذا الأخير استنباط المجهول من المعلوم، اعتماداً على آلية القياس العقلي، فإن الذي نؤكد عليه أن هذا العقل البُرهاني ليس ملكاً إلاّ للخاصة وخاصة الخاصة، وبيان ذلك من الأوجه الآتية:
*أولاً، إنّ العلم عزيزٌ، وإنْ وهبته كلّك أعطاك بعضه، وإن منحته بعضك، لن تظفرَ منه شيئاً؛
*ثانيا، إنّ مقتضى تحصيل المعرفة يستلزم ضرورة استفراغ الوسع، وهذا أمر لا يقدر عليه إلاّ من نذر حياته للإبحار في العلم، فهبْ أن شخصاً يريد أن يكون سبّاحاً ماهراً، وهو لا يبرح الشاطئ، ولا يغوص إلاّ مع العجائز، حيث يختلط عليه الزّبد بمياه بول الصبية!!؛
*ثالثاً، إن الانقطاع لتحصيل العلم، لا يتنهي بانتهاء التّرقي في مسالك التعليم، ولا يقف عند حفظ الملخصات وإجازة الشيخ، ذلك أنه -أي العلم- لا ينال إلا بتقويص الظّهر، وثني الرّكب، وإقامة محراب له للتعبد فيه آناء الليل وأطراف النهار؛
*رابعاً، إنّ اجتماع العلم بالأخلاق شرطٌ أساسٌ لقيام أي معرفة، ذلك أن طالب العزيز -أي العلم- ينبغي أن يكون عزيز النفس أيضاً، فلا يرضى لها الهوان، ولا يقبل لها الانبطاح، ولا يُمرّغها في أوحال التملّق وصلصال الدونية؛
*خامساً، إنّ تحصيل العلم لا يكون إلا بالتمهّر في أدواته، وعلى رأسها العقل واللغة، ذلك أن الإنسان المحروم من أبسط قواعد المنطق، ولا يملك شيئاً من اللغات الحية التي تنتج بها المعرفة كونياً، لا خلاقُ له في هذا الميدان العزيز؛
*سادساً، إن هذه الشروط التي سبق الإلماع إليها، وإن على سبيل التنبيه والإشارة، ليست في مُكنة الجميع، وما دام الأمر كذلك، ينبغي للعوام الانصراف عنه وتحصيل ما ينفعهم في صلاح الحال وحُسن المآل فقط، طمعاً في خير الدارين، وأن دمقرطة المعرفة جنت على العلم كل الويلات، وأصابته في مقتلٍ، وأن إلجام العوام عن الكلام في المعرفة واجبٌ نقلاً وعقلاً، حتّى ينقشع نور التّبر وتضمحل كيمياء التبن، ويظهر الحق ويزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً.
والله تعالى أعلى وأعلم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث