الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور ثورة الملك والشعب في استقلال المغرب وانعكاساتها على المستعمر الأجنبي

ياسين اضريغ

2021 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


اتسمت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية بجو منفتح لسنوات لدى الوطنيين الذين قدموا وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944 ، وتبلورت نظرتهم تجاه الإدارة الفرنسية ،وصاروا يتصرفون وكأن الاستقلال ليس محضرا يتم عبر قنوات المفاوضات مع الدولة الحامية ، ولكنه إعادة تأسيس لدولة ذات سيادة تمت مصادرة حقوقها بشكل لا يتم المساومة فيه ، فهذه المرحلة سجلت خروج الأحزاب من دائرتها الضيقة المتمركزة على المدن ، وامتدادها الى البوادي والقرى ، لعب فيها حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال دورا محوريا لم يعهد له مثيل من قبل .
من المعلوم أن يوم 11 يناير 1944 شكل مفاجئة لفرنسا ولا سيما الاقامة العامة ويعزى السبب في ذلك هو انتقال الحركة الوطنية من المطالبة بالإصلاحات الى المطالبة بالاستقلال ن حيث طالب الموقعون على العريضة من السلطان قيادة حركة الاصلاح والتحرر من نير الاستعمار. شهدت هذه المرحلة تعاقب ثلاث مقيمون عامون على رأس الإقامة العامة ، كان أولهم إريك لابون من مارس 1946 الى حدود ماي 1947 ، وجاء بعده الفونسو جوان تم تعيينه من مارس سنة 1947 الى غاية 1951 ، وبالتالي سيتم تنصيب اخر مقيم عام وهو اوغوستان غيوم الذي كان له اليد الطولى في خلق السلطان محمد الخامس ونفيه في 20 غشت 1953 الى جزيرة كورسيكا ثم الى مدغشقر وتنصيب صنيعة الاستعمار محمد بن عرفة ،وعلى الرغم من التحول الملموس الذي صار إليه نظام الحماية فإن الوطنيون قاموا يومها بالمطالبة بالاستقلال وانظم اليهم محمد الخامس ، مما جعل الاقامة العامة تعود الى تشديد سياستها على عهد جوان، فقد كان الجنرال يسعى الى نهج سياسة تقوم على سيادة مشتركة فرنسية مغربية أو سيادة مزدوجة التي نتج عنها الأزمة المغربية الفرنسية ،علما أن معاهد فاس 30 مارس 1912 تقر أن السيادة للسلطان فقط ، وهنا يتجلى الانتهاك الملموس لبنود هذه الوثيقة وعدم احترامها .
الجذير بالذكر أن الجنرال غيوم سيحمل تعليمات صارمة للإصلاح نظام الحماية ولم يتوانى للضغط على السلطان محمد بن يوسف لتوقيع الظهائر ، وتوعده بمؤامرة يحيكها له باشا مدينة مراكش التهامي الكلاوي.
وبالتالي سيبدأ العد العكسي لخلع السلطان ووجدت سلطات الحماية في المظاهرات العمالية التي اندلعت في دجنبر 1952 احتجاجا على قتل النقابي التونسي فرحات حشاد ذريعة لحل الأحزاب ومنع الصحافة ومنع النقابات الوطنية ، فحل حزب الاستقلال وتأكد بحله هذا المصير الذي بات ينتظر الملك محمد الخامس آنذاك وستتجدد المؤامرة التي سبق أن أحيكت سنة 1951 فأتلف سائر الاتجاهات المعادية لتحرر المملكة المغربية وعلى رأسها الادارة الفرنسية وكذلك مصالح الاقامة العامة وكبار الأعيان وكذا رؤساء الزوايا الدينية المعروفون بعدم موالاتهم للسلطان ، والتأم مجمع من الأعيان بمراكش في 14 غشت 1953 ، فقررو خلع محمد بن يوسف واستبداله بابن عمه العجوزمحمد بن عرفة مما أدى الى اندلاع مظاهرات طاحنة في كثير من المدن المغربية .
إن ثورة الملك والشعب تشكل حدثا بارزا سيظل راسخا في الذاكرة التاريخية المغربية الحية ، باعتبارها الشرارة التي ولدت شعلة المقاومة والتي تمخض عنها إجلاء المستعمر وطرده من البلاد ، ففي سنة 1953 استفاق المغاربة على نبأ نفي الملك الراحل محمد الخامس من قبل السلطات الفرنسية ، حيث انتفض الشعب المغربي انتفاضة عارمة ، وتفجر غضبه في وجه الاحتلال الأجنبي ، رافضا رفضا باثا وقاطعا المس بكرامته والنيل من رمز سيادته ، وبعد أن سبقتها بوادر التنسيق بين الحركة الوطنية والسلطان من أجل الاستقلال ، الشيء الذي أزعج السلطات الفرنسية الذي كان بمثابة ضر سافر لها ولمصالحها. وأبانت ثورة الملك والشعب مدى الترابط الوثيق بين الشعب المغربي الأبي والسلطان كمسلسل لتتويج الكفاح الذي خاضه المغاربة منذ ولوج الحماية سنة 1912.
بعد هذه الانتفاضة المجيدة ستتشكل المقاومة والخلايا الفدائية والأنظمة السرية رغبة في كبح جماح المستعمر ، راح ضحيتها العديد من الوطنيين كأمثال علال بن عبد االله ابن مدينة جرسيف في 11 شتنبر 1953 والذي برهن بجهاده وافتدائه بالروح وبالدم عن سمو الروح الوطنية وكذلك المقاصد النبيلة والاستماتة في سبيل الوطن وقد أشاد الملك به أثناء الاحتفال في السنة الموالية بذكرة ثورة الملك والشعب قائلا " لقد أبينا إلا أن نظهر اليوم عنايتنا بإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية المقامة في المكان الذي سقط فيه المغفور له علال بن عبد الله "، حيث تصدى هذا الرجل الشهم لموكب صنيعة الاستعمار وبيده سكين لطعنه فتم اردائه قتيلا من طرف رجال البوليس .كما لا ننسى الشهيد محمد الزرقطوني ورفاقه بخلايا الدار البيضاء ، وعمليات مقاومين ومجاهدين من مختلف مدن وقرى المغرب ، وبالتالي سيتلقى المغاربة أصداء هذه الملحمة العظيمة التاريخية بفرحة عارمة ألهبت الحماس الوطني وأججت روح المقاومة لتتوالى فصولها ، عبر عمليات نضالية رائدة لعمليات الفداء التي كانت تستلهم قوتها من الملك الراحل محمد الخامس.
ورغم كل المضايقات والملاحقات الاعتقالات والحملات القمعية التي شنتها سلطات الحماية تجاه الوطنيين إلا أن ذلك لم يثن الشعب المغربي الأبي عن مواصلة النضال والكفاح من أجل الاستقلال ، لم تهدأ ثائرتها إلا برضوخ الاستعمار لإرادة الشعب والعرش. وبالتالي ستنطلق شرارة جيش التحرير شمال المملكة في فاتح أكتوبر 1955 وتكاملت هذه الطلائع من خلال مقاومين وتوجت مساعي الوطنيون على عودة الملك الشرعي للبلاد من جزيرة مدغشقر يوم 16 نونبر 1955 وبعد يومين أي 18 نونبر صادف هذا التاريخ يوم الجمعة فصلى الملك محمد الخامس صلاة الجمعة وأعلن فيها عن الاستقلال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة