الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة التجريديّة

كريم عبدالله

2021 / 8 / 14
الادب والفن


نحن نستخدم اللغة من اجل إيصال معنى معين وواضح ومفهوم الى المتلقي , فهي تعتبر ( اللغة ) أداة توصيلية , ولكننا في القصيدة التجريديّة نقوم بتجريدها من هذه الخاصية , لنقوم بشحنها بزخم شعوري عنيف وإحساس عميق وبطاقات تعبيريّة وعمق فكري والنفوذ في الوعي , ففيها لا نرى الشخوص والأشكال , فنحن لا نرى سوى المشاعر والأحاسيس المنقولة لنا عبر هذه اللغة , أنّها تبتعد كثيرا عن خاصيتها التوصيلية ومنطقيتها , أنّ اللغة هنا تكون أشبه ما يكون بالألوان التي تزيّن وتلوّن اللوحة , المقاطع النصّية هنا عبارة عن كتل شعورية حسّية , فكلما يزداد تجريد اللغة كلّما قلّت التوصيلية فيها , مما يؤدي الى حدوث التجريد التامّ , فتكون المفردة عبارة عن وحدة جمالية شعوريّة حسّية تتخلّى عن خاصية التوصيل المعرفي . التجريديّة هي الشعور العميق والنفوذ الى جوهر الأشياء .
يقول ( كاندنسكي ) : من بين جميع الفنون فأنّ التجريدية أصعبها , أنّها تتطلب أن تكون رساماً وعالي الحساسية والأدراك بالألوان والتراكيب وان تكون شاعراً حقيقياً , والشرط الأخير اساسي .
وكما قلنا أنّ ما يميّز الكتابة التجريدية هو تقليلها الاعتماد على توصيلية الكلمات ومنطقيتها , أنّها تعتمد على ثقل الكلمات الشعوري وزخمها الإحساسي وطاقتها التعبيرية , أنّ اللغة التجريدية تصل الى المتلقي قبل ان تصل اليه المعاني , فيدرك المتلقي النظام الشعوري والإحساسي قبل التوصيلة .
أنّ اللغة تعتمد على نقل الإحساس والشعور , فتتجلّى هذه المشاعر والأحاسيس دون خاصيتها التوصيلية والمحاكاة والمعنى . أنّ المفردات في اللغة التجريدية لا تحكي عن معان , وإنما تحكي عن ثقل شعوري وعاطفي واحساسي , أنّها مفردات ملوّنة بالشعور وليس بالتوصيل , يجب على الشاعر التجريدي أن يدرك الأدراك القوي بالبُعد الإحساسي والشعوري للكلمات والمعاني , وان يقتنص اللحظة الشعورية العميقة والقويّة . لا يمكننا ان نتصور المفردات دون قصد او تعبير عن شيء ما , لذا اعتقد الكثير بأنّ الكتابة باللغة التجريدية هي كتابة هذيانية ورمزية مغلقة ودون معنى واضح , ربما هذا المعتقد صحيح الا أنّها ليست كذلك , كونها لغة تنطلق من العوالم العميقة والشعور العميق وهذا مهم جداً أن يظهر أثر ذلك في اللغة وتؤثّر في نفس المتلقي .
الكتابة التجريدية لا تكون الاّ بلحظة شعورية عميقة وقوية وبأدراك إحساسي كبير للمعاني وبتجلّي تلك اللحظة الشعورية وذلك الثقل الإحساسي في الكتابة , حيث يتجلّى الثقل الإحساسي للكلمات وإيصال اللحظة الشعورية العميقة والقوية , ففي التجريدية تصبح الكلمات الواناً والعبارات لوحات والنصوص مهرجانات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??