الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تفشل التنمية الاقتصادية للاوطان ؟ غيب الامن مثلا

محمد رضا عباس

2021 / 8 / 14
الادارة و الاقتصاد


يكون الامن مستتبا في العراق عندما يستطع العامل الذهاب الى بيته مطمئنا بعد منتصف الليل غير خائفا من الاعتداء عليه , وعندما تستطع فتاة السير في شوارع المدن دون خوف من التحرش والاعتداءات , وعندما يستطع الموظف الاجنبي زيارة مطاعم العاصمة بدون خوف من الخطف , وعندما يستطع القاضي (الحاكم ) العيش بين جيران وليس في ثكنة عسكرية , وعندما يستطع السياسي التبضع من اسواق المدن بدون الخوف من الاغتيال , وعندما يسلم ابناء العشائر اسلحتهم المتوسطة والثقيلة الى الدولة . لقد تحسن الامن في العراق كثيرا منذ ان استطاع الجيش العراقي البطل وبدعم من قوات الحشد الشعبي الاماجد القضاء على داعش عسكريا , ولكن مع هذا ما زال هناك انفلات امني لا يمر يوما واحدا دون السماع عنه واخره مقتل مدير بلدية كربلاء على يد احد المتجاوزين على ممتلكات الدولة.
هنا لا نتحدث عن الجرائم الجنائية فهي موجودة في جميع الدول المتقدمة وغير متقدمة , الزراعية او الصناعية , عربية او غير عربية , وانما نتحدث عن جرائم تؤثر سلبا على التنمية الاقتصادية و توتر الجو العام في البلاد مثل الخطف من اجل الفدية , الاعتداء على موظفي الدولة المدنيين والامنيين , التهريب من اجل تخريب الاقتصاد , سرقة المحلات التجارية , الحرائق المفتعلة , النزاعات العشائرية لأتفه الاسباب , و الهجمات المسلحة لتنظيم داعش ما بين الحين والاخر .
مثل هذه الجرائم , بعضها لم يعرفها العراق من قبل , تؤثر سلبا على التنمية الاقتصادية . ان استفحال النزاعات العشائرية في اغلب المناطق العراقية , وبالأخص في الجنوب العراقي , البعض من هذه النزاعات يستخدم فيها السلاح الخفيف والمتوسط وحتى الثقيل , واصبحت الطرق الرابطة بين المحافظات تغلق بكل سهولة ويسر من قبلهم . العشيرة اصبحت مأوى لعصابات المتاجرة بالمخدرات , الاعتداءات على ممتلكات الافراد والدولة , السيطرة على المنافذ الحدودية , ومن يدري غدا ماذا سيحدث. لان من يتحدى الدولة و يحتل ممتلكاتها سوف يجد من السهولة عليه الاستيلاء على شركة اجنبية وطرد منتسبيها بحجة عدم توفير العمل لأعضاء العشيرة . في هذا المعنى يقول رئيس مجلس عشائر البصرة الشيخ رائد المفرجي ل " انديبندنت عربي" , ان " هذه العشائر تمتلك السلاح المتوسط والثقيل وتتنازع فيما بينها على مصالح مختلفة , احيانا في شان عقارات وارض تعود للدولة , او من شان صفقات مخدرات , او نزاعات تقليدية بشان الفصل (الدية العشائرية) ". عضو مجلس محافظة البصرة السيد احمد السليطي يقول , ان , " مهمة انهاء النزاعات العشائرية في العراق مستحيلة , والاسباب كثيرة منها ان افراد هذه العشائر هم قادة اجهزة امنية وبعضهم في مناصب سياسية رفيعة وحتى عنصر الامن يرفض تنفيذ الاوامر ضد اي عشيرة خشية ان يتسبب ذلك في نزاع مسلح مع عشيرته" . ويضيف السليطي بالقول , ان " بعض القبائل المتهمة بأثارة النزاعات ستدخل بقوة الى الانتخابات المحلية المقبلة في 2021 , وهو ما يمنحها مزيدا من الحصانة ويحول البصرة ومدن الجنوب الى اقطاعيات كبيرة".
السلاح يجب ان يكون بيد الدولة , وهذا ما تعودنا عليه في العراق , ولكن بعد التغيير وازدهار الارهاب , انتعش سوق السلاح واصبح بيعه بكل انواعه على المكشوف , واصبح هناك من المجاميع المسلحة التي تدعي شرعية حمله , وهو مخالف للقوانين العراقية ويرعب الشارع العام ويهدر هيبة الدولة . اني لا اتحدث عن قوات الحشد الشعبي الباسلة المنضبطة والتي حمت البلاد والعباد من بطش داعش وانما احث قادة الحشد الشعبي الكشف عن جميع من يملك السلاح ويدعي انه منهم .
حتى التظاهرات والتي تحمل مطالب مشروعة اصبحت خطر تهدد وحدة البلاد وتطوره الاقتصادي . القانون العراقي سمح بالتظاهر , ولكن عندما تقوم مجموعة من الشباب تمثل المتظاهرين بغلق الطرق الرئيسية ودوائر الدولة , بل حتى الهجوم على المراكز التعليمية , فان هذه التظاهرات تتحول من سلمية الى حربية , من تظاهرة تطالب بالحقوق الى مجموعة ترهب الاخرين . على كل حال , ان خروج تظاهرة شعبية من المفروض ان تكون سلمية , وخروجها عن خطها السلمي يصبح مؤشر الى رقة الوضع الامني في العراق وراية حمراء لكل من يريد المشاركة في العملية الانتاجية . لا يوجد مستثمر عاقل ان يستثمر امواله في بلد حتى مظاهرة قد تتحول الى قنابل موقوته في اي وقت.
يجب على الدولة فرض هيبتها والضرب بيد من حديد على كل من يتطاول على النظام العام حماية للمواطن وللاقتصاد الوطني ومستقبل البلاد . شاب يرمي قناني المولوتوف على بيوت المواطنين من اجل المتعة , يجب ان يطبق عليه اقصى العقوبات . مواطن يرمي قنبلة على بيت مواطن اخر في بغداد بسبب شجار عشائري في محافظة اخرى يعد ممارسة تؤدي الى انهيار الامن . تملك جهات طائرات مسيرة تحمل قنابل معدة لاستخدامها ضد منافسيها ظاهرة خطرة تزعزع الامن الوطني وتفتح الباب واسعا للتدخل الدولي بحجة حماية مواطنيها وممتلكاتها . واعتداءات على الاجهزة الامنية وموظفي الدولة ظاهرة تسقط هيبة الدولة ويشجع هروب الكفاءات خارج البلاد . لقد لخص السيد عبد الباسط تركي , رئيس ديوان الرقابة المالية الاسبق تأثير الانهيار الامني على الاقتصاد الوطني بالقول , ان " فرص الاستثمار في العراق مفتوحه بشكل استثنائي , الا ان هناك مثلث يضع العراقيل امام نهوضه وتطوره الا وهو الفساد والمحاصصة والعنف" , مؤكدا ان " توفر الارادة السياسية لكسر اضلاع هذا المثلث بات ضروريا للنجاح خلال المرحلة المقبلة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمين عام -الناتو- يتهم الصين بـ”دعم اقتصاد الحرب الروسي”


.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو




.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج


.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 بالصاغة