الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى ننتشل السُّودان من اختطاف المُجنَّسين ؟!

فيصل عوض حسن

2021 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


بلطفٍ ورحمةٍ إلهيَّة بالسُّودان وأهله، انتشر مقطع فيديو يُثبت الأخطار الاستراتِيجيَّة/السيادِيَّة التي ظللنا نُنَبِّه إليها ونُحذِّر منها، على نحو مقالتي (السُّودانُ ومَهَازِل الإريتريين المُجنَّسين) بتاريخ 11 يوليو 2021 وغيرها. الفيديو يُظْهِر والي (حمدوك/القحتيين) على القضارف، وهو يُقدِّم فقرات احتفال تنصيب عمدة ما يُسمَّى (قبيلة الاساورتا)، وتقديم ما وصفوه بـ(البيعة) للعصابة الإسْلَامَوِيَّة. ورغم (كثافة) انتشار المقطع لكن (جوهر/مضامين) ردود الأفعال قاصِرة وصادمة، لأنَّها انحصرت في انتماء ذلك الكائن للمُتأسلمين، وهي حقيقة ومن الثوابت المفروغٌ منها لكنَّها جُزئِيَّة ضيقة ومُحدَّدة، مُقارنةً بالخطر الأعظم الذي يغفل عنه مُعظم السُّودانيين، وينساقون خلف (إلهاءات) حُكَّامنا العُملاء وقحتييهم.
حرصاً على الموضوعيَّة، سنستعرض تسلسل الأحداث زمنياً ثم شرحها وتحليلها. وفي هذا الخصوص، وبمُجرَّد انتشار الفيديو، سَارَعَ ما يُسمَّى المجلس المركزي للحريَّة والتغيير بالقضارف، لسحب الثقة من ذلك الوالي، ووصفوا ظهوره في مقطع الفيديو بـ(الخديعة)، ونفوا علمهم بـ(مبايعته) للمُتأسلمين، وأقرُّوا بـ(تقصيرهم) في التحرِّي حول شخصيَّته، ووعدوا بخطواتٍ تصعيديَّةٍ مُستقبليَّة! في ما صَرَّح الوالي لصحيفة السُّوداني في 13 أغسطس 2021، بأنَّه تحدَّث بأمر (عُمدة) قبيلته، وليس بصفته عضواً في العصابة الإسْلَامَوِيَّة، حيث طَلَبَ (العُمدة) منه الترحيب بالحضور في منشط (اجتماعي)، واتَّهمَ ما وصفهم بـ(الفلول) بنشر الفيديو لـ(إقالته)، عقب قيامه بمُلاحقاتهم (حسب زعمه)! مُبدياً أسفه على البيانات الصادرة من الكيانات الثوريَّة بالقضارف، بما فيها بيان قحت الذي سحب الثقة منه، وقال إنّ مركزيَّة الحريَّة والتغيير لم تلتق به وعقدت اجتماعاً وأصدرت قرارها.
تبرير القحتيين بأنَّهم (قَصَّروا) في (التحرِّي) عن ذلك الكائن يُدينهم أكثر، ويعكس (استهتارهم) بمصير البلاد والعِباد، ويُؤكِّد رعاية القحتيين للانتهازيين والخَوَنة والعُملاء، وتواطئهم مع الكيزان وسادتهم بالخارج. وهنا نتساءل: كم من أمثال هذا الوالي تغلغلوا في مفاصل الدولة عبر القحتيين، وخَرَّبوا ودَمَّروا ومارسوا العمالة خصماً على السُّودان وأهله؟ وهل تذكَّر القحتيُّون الأرواح والدماء والأعراض السُّودانِيَّة الطاهرة التي شكَّلت هذا الحراك الذي قفزوا فوقه وتلاعبوا به و(حَوَّروا) أهدافه السَّامية والنبيلة، تبعاً لمصالحهم وشهواتهم المالِيَّة والسُلطَوِيَّة؟ والأهم من ذلك هل سيتركون هذا الكائن هو ومن رَشَّحه لهذا المنصب الحَسَّاس بلا حسابٍ أو عقاب؟! وهل تمَّ تقييم ومُراجعة جميع مُمارساته خلال توليه لهذا المنصب، وتكلفة وانعكاسات تلك المُمارسات على سيادة وسلامة السُّودان عموماً والولاية خصوصاً؟! أمَّا (والي الغَفْلَة)، فقد فَضَحَ ذاته بـ(تَناقُضاته) الصَّارخة، حينما وصف المُناسبة بـ(الاجتماعِيَّة) وهو وأهله (يُبايعون) العصابة الإسْلَامَوِيَّة، ولا داعي للاسترسال في بَقِيَّة أكاذيبه المفضوحة.
المُصيبة الأعظم في هذا الحدث، أنَّ السُّودان بكامله لا توجد به مجرَّد محطَّة بصات باسم (الأساورتا)، دعك قبيلة أو منطقة بهذا الاسم، حتَّى يُبايِعون و(يُبَايَعُون)، و(يُؤتَمَرُ) بأمرهم ويُمنحون الألقاب والمناصب (الرسميَّة/الشعبِيَّة). ولمن لم يسمع من قبل بقبيلة الاساورتا، فهي من القبائل (الإريتريَّة)، وليسوا جُزءاً من البجا ببطونهم وأعراقهم المُختلفة، ولا علاقة لهم بالسُّودان من أساسه. وفي إريتريا نفسها، فإنَّ (الاساورتا) هذه تندرج ضمن قومِيَّة تُسمَّى (الساهو)، ويتحدَّثون لُغة قريبة من لَغة (العَفَر الصوماليَّة)، ويتواجدون في مُرتفعات إريتريا، بمناطق عدي قيح ومندفرا وحماسين، بما يدحض (فِرْيَة) القبائل الحدودِيَّة التي يتدثَّرون بها، لابتعاد مناطقهم عن الحدود السُّودانِيَّة وقُربها النسبي من جيبوتي، ويُثبت أكاذيبهم وتدليسهم وتحويرهم للثوابت التاريخيَّة، بدعم ومُساعدة المُتأسلمين و(أزلامهم) حُكَّأم السُّودان الحاليين (عَسْكَر/مدنيين)، وللمزيد من التأكُّد يُمكن الإطلاع على الخريطة المُرفقة ومرجعها الرَّابط التالي، وهي توضح التوزيع الجُغرافي للقوميات الإريتريَّة ومن خلالها تكتشفون (أكذوبة) القبائل الحدوديَّة، سواء في ما يخص هذا الوالي (المُجنَّس) أو غيره:
http://www.eritrea.be/old/eritrea-people.htm
المُعطيات (المُوثَّقة) أعلاه، تقودنا لحقيقة يغفل عنها الكثيرون، أو فلنقل أمر تمَّ تضليل غالِبيَّة الشعب السُّوداني بشأنه. فجميع المُجنَّسين الإريتريين يَدَّعون بأنَّهم بني عامر أو حباب رغم أنَّهم ينتمون لقبائل إريتريَّة مُختلفة وبعيدة تماماً عن السُّودان (جُغرافياً/ثقافياً)، وبالتالي يفتقد تحالُفهم الحالي تحت اسم (نظارة قبائل) للمنطق، لأنَّ الاسم يمنح الصفة الحدوديَّة لمُكوِّنات لا تجمعها حدود مع السُّودان، فكيف ولماذا تتقاسم قبائل من مُختلف أنحاء إريتريا (الصفة الحدوديَّة)، ثُمَّ يفرضون علينا مُعاملتهم جميعا بذات الفهم (المُختل) ويطالبون بحقوق المواطنة الكاملة؟
يُمكن القول بأنَّ الفيديو أثبت أمرين خطيرين، الأوَّل أنَّ السودان يحيا تبعات فوضى تجنيس اللاجئين الاريتريين، التي صنعها المُتأسلمون بتجنيس قبائل اريترية كاملة ومنحها نظارات وعموديات. وهذا بدوره يُثبت (تَوَرُّط/تنسيق) نُظَّار/قادة البني عامر مع المتأسلمين، في جريمة/خيانة (تجنيس) اللاجئين الإريتريين، ويُؤكِّد (مسئولِيَّة) حُكَّام السُّودان الحاليين في استمرار هذه (الخيانة)، بل تعظيمها وترسيخها بمُمارساتهم المُتلاحقة ومن ضمنها تعيين هذا (المُجنَّس) كوالي! الأمر الخطير الثاني، أنَّ حُكَّام السُّودان الحاليين (لم يُدقِّقوا) في المرشحين للمناصب الهامة، أو يتأكَّدوا من انتمائهم الحقيقي للسُّودان من عدمه، بل ساهمت في صناعة هذا الواقع المُختل، حينما احتوت العناصر الإسْلَامَوِيَّة و(مَكَّنتهم) أكثر من مفاصل الدولة. وهنا نتسائل: كيف غاب عن حمدوك وقحتيُّوه التدقيق في خلفيَّة والي القضارف الإثنِيَّة والسياسية؟ وهل تعاملت قحت بذات اللامسئولية تجاه الولاة/الوُزراء الآخرين وغيرهم من المسئولين؟ وكيف تُختَطَف ثورة جاءت بمهرٍ غالٍ، دفعه الشباب بأرواحهم وتضحياتهم، ليواصل الكيزان في الحكم عبر كوادرهم/مُجنَّسيهم من الصفوف الثانية والثالثة والخ؟ كيف غابت (خُصُوصِيَّة) ولاية القضارف عن حمدوك وقحتيُّوه؟! وأين هم من الفشل الإداري الكبير الذي صاحب أداء الوالي؟! بخلاف مُمارساته (المُريبة) في عِدَّة ملفَّات، مثل اهتمامه اللَّافت بـ(اللاجئين الإثيوبيين)، و(إهماله المُتعمَّد) لقضايا المياه واحتجاجات المُزارعين واحتجاجات الطالبات (السُّودانيين/أصحاب البلد)!
المُتأسلمون لم يمنحونا خياراً سِوَى (احتقارهم)، والحرص على محاسبتهم ومُحاكمتهم على جرائمهم المُتراكمة، وهذا أمرٌ واجبٌ لا جدال فيه، ولكنَّ هذا (الاحتقار) جعلنا لا نرى (أعداءنا الآخرين)، وهذا أمرٌ خطيرٌ جداً يجب الانتباه إليه والتحذير منه. ففي غمرة كُرهِنا للمُتأسلمين، لم نُدرك بعد حجم وخطورة التَرِكَة الثقيلة التي أورثوها لنا، خاصَّةً بُؤَر الصِّراعِ في شرق وغرب البلاد، بتنسيقٍ عالٍ مع دول الجِوَار، بلا استثناء، وبعض الدول الموصوفة بـ(شقيقة)، مع رعايةٍ دوليَّةٍ (مفضوحة)! ويعمل الجميع على (ابتلاع) ما تَبقَّى من بلادنا، وتذويب أهلها وإبادتهم بتأجيج الصراعات، التي صنعها حُكَّام السُّودان الحاليين سواء عسكر أو مدنيين (بلا استثناءٍ أيضاً)، بما يُحتِّم (انتباهنا) جميعاً لهذا الخطر، والتركيز عليه والانصراف عَمَّا دونه، وحَسْم (الخَونةِ والعُملاءِ) الدَّاخليين والخارجيين في آنٍ واحد..!
إنَّ أخطر ما يُواجهه السُّودانُ الآن، هو فتنتيِّ الشرقِ والغرب، وكلتاهما (فِتَنٌ مصنوعة)، بتنفيذٍ من حُكَّامنا الحاليين ورعاية المحاور الخارجيَّة، ما لم نُسارع نحن السُّودانيُّون (أصحاب الوَجْعَة) للاتحاد الحقيقي، والتعاطي مع هاتين الفتنتين بجدِيَّةٍ ودون مُجاملةٍ أو مُحاباةٍ (ساذجة)، فذلك يعني ضياع ما تَبقَّى مِنَّا ومن بلادنا لا محالة. وتعيين والي أو وزير أو أي مسئول (مُجنَّس)، في السُّودان عموماً أو الشرق خصوصاً ليست حصراً فقط على القضارف، فقد فعلها حمدوك وقحتيُّوه قبل ذلك في كسلا، وصنعوا فتنة من العدم بتلك الولاية المُشتعلة و(المُتخَمَة) بالمُتجنسين والخونة، ولولا لطف الله، ثم صلابة وصدق أهلنا البجا وبقيَّة المُكوِّنات السُّودانِيَّة (الأصيلة)، لحدث ما لا يُحمَد عُقباه! وما يزال حمدوك وقحتيُّوه يتعمَّدون تفجير الشرق وإشعاله، رغم قدرتهم على حمايته وضمان سلامة أهله.
لا مجال أبداً للرمادِيَّة وأنصاف الحلول، والبدايةً الصحيحة للإصلاح تكون بتسمية الأشياء بأسمائها (الحقيقيَّة)، وفي حالتنا الماثلة نقول (الوالي المُجنَّس) باعتبارها الخطر الجوهري الذي يفوق بكثير حصر الموضوع في (الكَوْزَنة)، وبالتوازي مع هذا علينا الاتحاد لاستعادة بلادنا (المُختَطَفة)، وهذا يبدأ باقتلاع حُكَّامنا الحاليين بأسرع وقت، لأنَّهم (المَدخَل) الأساسي للطَّامعين الخارجيين، و(أداة) تنفيذ مُخطَّطاتهم الاستعمارِيَّة لبلادنا.. وللحديث بقيَّة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة