الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعي هو السبيل الى الحرية والاستقلال!

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2021 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


حين اختلي بنفسي من الضجيج الاجتماعي، واجلس على كرسي وفير الوسائد في البلكون الصغير المطل على محطة المترو، وأتأمل الناس المغادرة واخرين وصلوا، بهدوء وفي محيط ساكن مع قهوتي وسيكاري، واحاول ان أكتب شيئاً عن مشاكل البشر في بلداننا، وحين أقرب الصورة بالكامرة متمعناً الوجوه، قلما أجد وجها ضاحكا بين البالغين، الناس مهمومة، يدور في افلاكهم الكثير من المشاكل، تلك المشاكل التي أصبحت قاسما مشتركا للشعوب، حروب، فقر، مشاكل حرائق البيئة، الفساد، الاستغلال، الاستبداد، ومشاكل العائلة ومعاناة افرادها النفسية، حين تتعمق في مصدر هذه المشاكل، لا ترى الا نقص الوعي الذي هو مصدر جميع مشاكلنا الرئيسية. فيما عدا امراض الشيخوخة والموت والكوارث غير المتوقعة. بالإمكان معالجة جميع العوامل التي تؤجج هذه المشاكل بالإدراك والوعي الثاقب. ماذا يعني ذلك!
عندما تنظر الى نهر، تعلم إنك خارج النهر، تراه كيف يجري، وترى لونه وشكله وابعاده ومساره، وهذا يعني الادراك، ولكنك إذا رميت نفسك في النهر، يصعب ادراكه كما انت خارجه، ولكن سوف تشعر بالنهر كما لم تكن تشعر به وانت خارجه، تعي برودته وشدة جريانه اي تعطيك الشعور او إدراك الاحاسيس.
عندما ترى الالم لدى الاخرين، ليس كما تدركه وانت واقع فيه، عندما لا تريد ان تفكر بشيء معين، فأنك لن تفكر بغير ذلك الشيء! تأمل، فالتأمل اشارة للإدراك والوعي.. ان كل ما يجري حولنا من كوارث، التغير المناخي، الفيضانات، الحرائق، لا يتأثر بها الفضاء خارج كوكب الأرض. الادراك موجود دائما، كالفضاء موجود على الدوام.. ولكننا لا نعرف ما هو داخل الفضاء! اذن كيف نكون مع الفضاء؟ بالتأمل، ادامة تمييز الادراك هو احدى وسائل التأمل. ان نتائج التأمل هو تحرر العقل، الحرية الكاملة، عقل متحرر قابل للعمل، وكل ذلك يأتي من التأمل التمييزي الى ان تكتشف اشياء جديدة داخلك. عندما تكون مدركا لنفسك يزيد وعيك، وكل فكر او علاقة ترابط، يتواجد بها وعي (الحب، الالم، الذعر، البهجة ...).
إن مشاكلنا ناتجة عن حقيقة استمرار الأشياء الديناميكية في حياتنا، مثل الحرب والقمع والإبادة البيئية والاستغلال، مستمرة بالضرورة طالما أن عالمنا يسيطر عليه نظام تكون لهذه الأشياء فيها قيمة مربحة، والسلوك البشري مدفوع الثمن!! ان أساس كل جزء من الديناميكيات التي ذكرتها للتو هو نقص أساسي في الوعي البشري.
لماذا يُسمح للمرضى النفسيين بالتلاعب للوصول إلى السلطة والتأثير في حياتنا؟ لأن الناس ليسوا على إدراك ودراية كافية لحدوث ذلك التلاعب. التلاعب يأتي حين لا ندرك هدفه، سواء كنت تتحدث عن التلاعب الفردي أو التلاعب الجماعي عبر الدعاية الاعلامية. إذا كان البشر قادراً على إدراك ديناميكيات السلطة المسيئة بوضوح، فإن وعيهم بما يحدث سيحد من التلاعب ويجعله غير فعالاً، وسوف يستخدمون قوة أعدادهم لإلغاء ديناميكيات السلطة التعسفية.
إذا كان الناس على علمٍ ودراية كافية بما تفعله حكومتهم، وما تفعله الأحزاب، وما تفعله البنوك، وما يفعله الجيش والمليشيات، سينتفضون لإيقاف هياكل السلطة من العمل بالطريقة التي تعمل بها.
هذا هو السبب وراء بذل الكثير من الجهد لحماية سرية الحكومة، ونشر الدعاية الإعلامية، وتعزيز الرقابة على الإنترنت، وسجن بعض الصحفيين الاحرار اللذين يكشفون الكثير، باختصار، إنهم في الواقع يمنعون انتشار الوعي، حتى يتمكنوا من الاستمرار بالعمل في الظلام. إذا كان الناس على دراية كافية بمدى تعرضهم للسرقة من قبل الطبقة الحاكمة بشكل عدواني سافر وظالم، فسوف يستخدمون قوة أعدادهم لاستعادة ما سُرق منهم وإنشاء نظام أكثر إنصافًا. إذا كان الناس على دراية كافية بما نفعله لبيئتنا وما سيحدث لنا على المدى القريب إذا لم نتوقف، فإن الإبادة البيئية من أجل الربح لن تكون خيارا منطقيا!
لو أدرك الناس كمية الثروة والمعلومات والحرية التي يتم سلبها منهم كل يوم، دون سبب سوى إفادة الأقوياء، فلن يُسمح لهياكل السلطة القائمة بالوجود بعد الآن. لو يعلم الناس بمدى تصنع نظام المال والاقتصاد لدينا فعلياً، فسيغيرونه إلى نظام لا يسمح للبشر بالجوع والموت بسبب عدم وجود أرقام خيالية كافية في حساباتهم المصرفية! لو أدرك الناس مدى التمييز العنصري عند التعيينات، والتمييز الجنسي، والتحيز المذهبي، خارج اطر الشعور الإنساني والعدالة، فإن جميع أشكال الظلم وعدم المساواة التي تسببها تلك التحيزات ستتبدد. لو أدرك الناس صدمات التعليم منذ الطفولة الى التخرج، والتكييف الفكري التي زرعت فيهم، فسوف يعالجون تلك الصدمة ويبدأون في التحرك بانسجام للتغيير.
جميع مشاكلنا الرئيسية ناتجة عن نقص الوعي ويمكن حلها فقط عن طريق زيادة الوعي. هذا هو السبب في الدعوة الى محاربة الدعاية، ومعارضة الرقابة والملاحقة، وحماية حريات الصحافة المستقلة، وكشف حقيقة ما يحدث بالفعل في عالمنا، أمر في غاية الأهمية. إذا كان لدينا مثل هذا الوعي بشكل جماعي، فسيكون من السهل معالجة مشاكلنا المتبقية، بدون نظام يتم فيه امتصاص جميع الموارد من الأكثر احتياجاً لصالح الأقوى، ونتمكن من رعاية المرضى بشكل أكثر فعالية، والاستجابة للكوارث الطبيعية بشكل أكثر فعالية. لو وعينا لكل ذلك، لجعلنا ارضنا فردوساً ومنعنا فيه صيد البشر!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بمشاركة نائب فرنسي.. مظاهرة حاشدة في مرسيليا الفرنسية نصرة ل


.. الدكتور خليل العناني: بايدن يعاني وما يحركه هي الحسابات الان




.. كيف يقلب الجهاز الأمني الإسرائيلي الا?علام الداخلي لصالحه؟


.. أوامر جديدة للاستخبارات البريطانية بشأن روسيا والصين وإيران




.. بن غفير: الصفقة الحالية متهور وتعني التخلي عن تدمير حماس.. و