الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يجوز الطعن بالأوامر القضائية أمام محكمة القضاء الإداري؟

سالم روضان الموسوي

2021 / 8 / 15
دراسات وابحاث قانونية


قبل أيام تم عقد لقاء ضم مجموعة من المختصين لمناقشة دور مجلس الدولة وكيفية النهوض بواقعه ومساندته من اجل تقديم خدماته القضائية للمواطن والافتائية لسائر الوزارات ، وكذلك في مجال الصياغة التشريعية ، وعلى هامش ذلك اللقاء حصل حوار بين بعض ممن حضر حول الأمر القضائي الصادر عن السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى العدد 170/مكتب/2021 في 12/8/2021 الذي تضمن تشكيل لجنة من عدة تشكيلات قضائية وحكومية ونقابية (مجلس القضاء الأعلى، وزارة الداخلية، جهاز الأمن الوطني ، خلية الإعلام الأمني ، هيئة الإعلام والاتصالات، نقابة الصحفيين ، نقابة الفنانين) ، وكان النقاش العلمي والفقهي يدور عن مدى إمكانية الطعن في هذا الأمر القضائي ومن هي الجهة التي تنظر في الطعن، وحيث ان ذلك الأمر القضائي قد أثار جدل في الأوساط الحقوقية والقانونية والإعلامية والاجتماعية، وانقسم الجدل حوله إلى قسمين الأول يناصر مضمون الأمر القضائي لان في ديباجته وضح أسباب تشكيل تلك اللجنة في مكافحة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في تشويه الذوق العام والتسقيط الانتخابي وتشكيله خطراً على الأخلاق العامة والترويج للأفكار الهدامة، وهذه الأسباب لا يختلف عليها احد من إنها تشكل خطراً على البنية الاجتماعية، لكن من يعارض صدور الأمر ليس لأسباب تشكيله وإنما بعضهم بسبب إجرائي يتعلق بمدى صلاحية السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى في إصدار امر قضائي يتضمن تشكيلات حكومية ونقابية من خارج تشكيلاته التي تنضوي تحت لوائه، وكذلك بعض الاعتراضات اتجهت نحو الجانب الحقوقي ومدى تأثير ذلك على ممارسة الحقوق والحريات والخشية من تقييدها او تعطيلها، وحيث ان النقاش يدور حول كيفية التصدي لهذا الأمر القضائي لمن يرغب في الغائه ومن هي الجهة المختصة للطعن فيه، لذلك اقتضى عرض الموضوع لبيان تلك الجهة التي لها الاختصاص والتي أرى إنها محكمة القضاء الإداري التابعة إلى مجلس الدولة (مجلس الشورى سابقاً) وسيكون العرض على وفق الاتي:
1. طبيعة الأمر القضائي هل هي قضائية ام إدارية: ان مجلس القضاء الأعلى له مهام وصلاحيات حددتها المادة (3) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم 45 لسنة 2017 التي حصرتها بالاتي (إدارة شؤون الهيئات، ترشيح رئيس محكمة التمييز الاتحادية وقضاتها و رئيس هيئة الإشراف القضائي وإرسال الترشيحات الى مجلس النواب للموافقة عليها، ترشيح المؤهلين للتعيين قضاة وأرسال الترشيحات إلى رئاسة الجمهورية لإصدار مرسوم جمهوري بذلك، ترقية القضاة في المحاكم الاتحادية ونقلهم وانتدابهم وإعادة خدمتهم وإدارة شؤونهم الوظيفية وفقا للقانون، تمديد خدمة القضاة وإحالتهم إلى التقاعد وفقا للقانون، تشكيل الهيئات واللجان القضائية في المحاكم الاتحادية، اقتراح مشاريع القوانين المتعلقة في شؤون السلطة القضائية الاتحادية، عقد الاتفاقيات القضائية ومتابعة تنفيذها بالتنسيق مع وزارة العدل، تأليف لجنة شؤون القضاة وفقا للقانون) وهذه المهام لم يرد فيها أي اختصاص أو صلاحية لتشكيل لجان من خارج تشكيلات مجلس القضاء الأعلى، كذلك ليس له صلاحية تشكيل لجان غير تلك التي تتعلق بعمل المحاكم الاتحادية وعلى وفق ما ورد في الفقرة (رابعا) من المادة (3) أعلاه، وكذلك ما ورد في الفقرة (ثاني عشر) حول تشكيل لجنة شؤون القضاة، لذلك فان مجلس القضاء الأعلى له ان يصدر أوامر قضائية يتولى من خلالها إدارة شؤون المرفق القضائي ، فالأوامر القضائية التي تصدر هي قرارات إدارية بطبيعتها، ولا تعتبر من قبيل الاجتهاد القضائي، لان تنظيم عمل المرفق القضائي هو نشاط إداري بحد ذاته، ولا يتعلق بعمل المحاكم عند النظر في الدعاوى والمنازعات بين الخصوم المعروضة أمامها ولا يتعلق بفرض العقوبات على مرتكبي الجرائم، وهذا ما استقر عليه القضاء الإداري في فرنسا وكذلك في لبنان واصبح من مسلمات ألامور التي لا خلاف عليها وهذا ما أشار اليها أستاذ القانون العام اللبناني الدكتور محمد رفعت عبدالوهاب في كتابه الموسوم ( القضاء الإداري ـ منشورات الحلبي الحقوقية ـ ج1ـ ص 285 ـ طبعة بيروت عام 2005) ، لذلك فان خلاصة القول بان هذا الأمر القضائي العدد 170/مكتب/2021 في 12/8/2021 هو قرار وامر إداري أصدره السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى بصفته الإدارية، وليس لأنه يتعلق باجتهاد قضائي، ويكون مركزه القانوني (امر إداري) وكما عرفه القضاء والفقه الإداري بان (القرار الإداري هو ذلك القرار الذي تفصح الجهة الإدارية عن إدارتها الملزمة في الشكل الذي يتطلبه القانون بما لها من سلطة مستمدة من القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني يكون ممكناً وجائزاً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة).
2. جهة الطعن بالأمر القضائي: وعلى وفق ما تم عرضه، فان السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى له صلاحية إصدار الأوامر القضائية التي تنظم عمل المرفق القضائي سواء بتشكيل المحاكم والهيئات القضائية وإدارتها وإدارة شؤون الموظفين أو تلك المتعلقة بنقل وانتداب وترقية ومعاقبة ومحاسبة القضاة وما يتعلق بهم والواردة في المادة (3) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم 45 لسنة 2017، وهذه الأوامر تكون على نوعين وعلى وفق الاتي:
‌أ. الأوامر المتعلقة بالقضاة وتنظيم شؤونهم في الترقية والنقل والانتداب والعقوبة فان قانون التنظيم القضائي قد اعتبر الهيئة الموسعة في محكمة التمييز الاتحادية هي المختصة في نظر تلك الطعون وعلى وفق ما جاء في المادة (43) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل .
‌ب. الأوامر المتعلقة بالموظفين المنتسبين إلى مجلس القضاء الأعلى، وهؤلاء يخضعون لقواعد الخدمة المدنية المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 المعدل والى قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل والطعن في هذه الأوامر يكون أمام محكمة قضاء الموظفين (مجلس الانضباط العام سابقاً) وعلى وفق أحكام المواد (12و15) من قانون انضباط موظفي الدولة .
3. الأوامر التي ليس لها جهة طعن محددة في القانون والاختصاص النظر في الطعن الوارد عليها يكون أمام محكمة القضاء الإداري وعلى وفق أحكام المادة (7/رابعاً) من قانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل التي جاء فيها الاتي (تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في صحة الأوامر والقرارات الإدارية الفردية والتنظيمية التي تصدر عن الموظفين والهيئات في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والقطاع العام التي لم يعين مرجع للطعن فيها بناءً على طلب من ذي مصلحة معلومة وحالة ممكنة ، ومع ذلك فالمصلحة المحتملة تكفي ان كان هناك ما يدعو إلى التخوف من الحاق الضرر بذوي الشأن)، وبما ان الأمر القضائي الصادر عن رئيس مجلس القضاء الأعلى العدد 170/مكتب/2021 في 12/8/2021 لم تحدد له أي جهة تكون مرجعاً للطعن فيه، لان قانون مجلس القضاء الأعلى وسائر القوانين المتعلقة بالعمل القضائي مثل قانون التنظيم القضائي وغيره لم يرد فيها أي إشارة إلى تلك الجهة، فيكون بمثابة قراراً أو أمراً إدارياً ليس له جهة محددة للطعن ومن ثم يخضع للطعن أمام محكمة القضاء الإداري على وفق المادة (7/رابعاً) من قانون مجلس شورى الدولة المشار اليها في أعلاه.
وفي خاتمة القول فان الأمر القضائي الصادر عن السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى العدد 170/مكتب/2021 في 12/8/2021 هو امر إداري حاله حال الأوامر الإدارية التي تصدر من الرئيس الأعلى لأي تشكيل وزاري ويخضع للطعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري، وبإمكان أي جهة ترى ان الأمر يمسها أو فيه ضرر أو تظن بانه صدر على خلاف الاختصاص الإداري وخارج الصلاحية ان تتقدم بالطعن فيه على ان تراعى الشكلية القانونية من خلال التظلم أولا أمام السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى بصفته الوظيفية وعلى وفق المادة (7/سابعاً/آ) من قانون مجلس شورى الدولة التي جاء فيها الاتي ( يشترط قبل تقديم الطعن إلى محكمة القضاء الإداري ان يتم التظلم منه لدى الجهة الإدارية المختصة خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ تبلغه بالأمر أو القرار الإداري المطعون فيه او اعتباره مبلغا ، وعلى هذه الجهة ان تبت في التظلم خلال (30) يوما من تاريخ تسجيل التظلم لديها( فاذا تم رفض التظلم أو لم يبت فيه خلال المدة أعلاه، فيكون للمتظلم الحق في إقامة الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري ويكون المدعى عليه في الدعوى هو السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى إضافة لوظيفته وعلى وفق المادة (7/اولا/ب) التي جاء فيها الاتي (عند عدم البت في التظلم أو رفضه من الجهة الإدارية المختصة على المتظلم ان يقدم طعنه الى المحكمة خلال (60) ستين يوما من تاريخ رفض التظلم حقيقة او حكما وعلى المحكمة تسجيل الطعن لديها بعد استيفاء الرسم القانوني ولاي منع سقوط الحق في الطعن أمامها من مراجعة القضاء العادي للمطالبة بحقوقه في التعويض عن الأضرار الناشئة عن المخالفة او الخرق للقانون( واذا ردت المحكمة دعوى المدعي له ان يطعن في القرار تمييزاً أمام المحكمة الإدارية العليا المشكلة في مجلس الدولة بموجب المادة (2/رابعاً) من قانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل.
قاضٍ متقاعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم الليلة | قصف إسرائيلي على شمال غزة.. وترمب يتعهد بطرد


.. ترمب يواصل تصريحاته الصادمة بشأن المهاجرين غير الشرعيين




.. تصريحات ترمب السلبية ضد المهاجرين غير الشرعيين تجذب أصواتا ا


.. شبكات| هل تصبح فلسطين عضوا في الأمم المتحدة بعد التصويت السا




.. -أين المفر؟-.. تفاقم معاناة النازحين في رفح