الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


«النانو تياترو »إستنبات لقالب مسرحي عربي جديد

حسام الدين مسعد
كاتب وقاص ومخرج وممثل مسرحي ويري نفسه أحد صوفية المسرح

(Hossam Mossaad)

2021 / 8 / 15
الادب والفن


#النانوتياترو) إستنبات عربي لقالب مسرحي جديد
قراءة في مجموعة نصيه مسرحيه قصيره جدا للكاتب /حيدر عبدالله الشطري
»»»»»»»»»»»»»»»»»»»»»»»»»
«النانو» هي كلمة يونانية تعني "قزم" ويقصد بها كل شئ صغير او الشرائح الصغيره
.والنانو هو جزء من مليار جزء من الوحده و يستخدم مصطلح نانو حالياً من أجل الدلالة على اختصاصات التقنية التي تعمل ضمن هذا المجال وقد أدي تطور تقنية النانو الي ثورة تقنيه في جميع المجالات التي انتجت إختراعات مذهله يعود الفضل فيها الي الشرائح الصغيره وبرز مصطلح جديد ألقي بثقله علي العالم وأصبح محط إهتمام كبير هذا المصطلح هو «تقنية النانو »
ولأن المسرح علم تطبيقي فإن استخدامه تقنية النانو يكون من خلال نهج رئيسي هو القاعده التي هي مواد وأدوات البناء النصي التي تعتمد علي حوار مكثف جدا ينطلق من قمة الحدث وذروة الصراع في لحظة إنسانيه عابره لا يتعدي زمن عرضها علي المسرح دقيقتين
فحين يتم دمج مصطلح (نانو)بالمسرح فهو دلالة علي مسرحية قصيره جدا (شريحة صغيره جدا ) لا تتعدي المده الزمنيه لعرضها دقيقتين علي الأكثر او بمعني دقيق هي لحظة مسرحيه مكثفة الحوار ينجلي الصراع فيها من الحوار الديالكتيكي المبتدأ من ذروة العقده لتقدم خطاب اشبه (برسائل sms) قصيره جدا وسريعه ومكثفة بحيث يتمكن القارئ او المتلقي من فك شفرات تلك الرسالة القصيره جدا من خلال حوارها المكثف والسميولوجي.
*وحتي لا يختلط النانو تياترو بمصطلح الميكرو تياترو الذي ولد عام 2009م في مدريد على يد المخرج المسرحي والتليفزيوني Miguel ALCanTUd ميجيل ألكنتود، حيث جمع أكثر من خمسون فنانا بما فيهم الممثلون والكتاب والمخرجون ولمدة أسبوعين أعمالهم المسرحية داخل بيت دعارة سابق قبل هدمه في إطار التوعية المجتمعية يحتوى على 13 غرفة، حيث قامت الفرق المستقلة بتقديم عروض لا تزيد مدتها عن 10 دقائق لجمهور لا يزيد عن 10 أفراد وعمل الجميع حول موضوع واحد وهو الدعارة تحت مسمى "من أجل المال".
"الميكروتياترو" Micro Teatro هو شكل مسرحي مصغر، حيث تقل مده العرض عن 15 دقيقة، ويقدم في فراغ في حدود 15 مترًا لعدد من الجمهور لا يزيد عن 15 فردًا،يجلسون في صفين متقابلين اًما عن الممثلين فمن المعتاد أن يكونوا من واحد إلى ثلاثة على الأكثر، ويتم تقديم مجموعة من العروض تعمل على مناقشة محتوي موحد وبمسمى موحد وبالتالي كانت مجموعة العروض تناقش هذه الفكرة حيث تم تناولها من وجهات نظر متنوعة بأساليب فنية مختلفة وعلى الجمهور أن يختار ما يناسبه وبعد ذلك كان يتم تحديد المسمى الذي يجمع مجموعة العروض التي ستقدم حيث يتم عرض نفس المسرحية 6 مرات متتالية في نفس اليوم، وبعد ذلك أصبح عدد ساعات اليوم يقدم فيه أنواع مختلفة من المسرح موجهة لأعمارمختلفة فمثلا منذ الصباح وحتى الثانية ظهرا تقدم حفلات الاطفال تليها حفلات للطلائع والشباب ثم أخرى لكل الأسرة أما في الساعات المتأخرة من الليل . تقدم عروض ذات خصوصية جنسية أو توعوية.
*ومما لاشك فيه أن لدينا تجارب نصيه تحت مسمي المسرحيه القصيره لكتاب عرب كانت سابقه علي التجربه الأسبانيه ففي العراق وقبل العام 1992 تجربة مهدي السماوي« رجل رهن نفسه »ثلاث شخصيات ومده لا تزيد عن 15 دقيقه لكنه كتبها لمخرج يتقن تقنية المسرح الأسود فضاع سبق الفضاء غير التقليدي وضاعت حميمية التلقي واصبح السبق للغرب الذي بات نستورد منه أشكال وقوالب مفرغة من جوهرنا العربي
أما نصوص« النانو تياترو » والذي إستعرت فيها كلمة« نانو »لأدمجها بالمسرح ولست الفريد في ذلك فقد سبقني الي هذا المسمي شركة هنديه تحمل ذات المسمي وتصنع قاعات العرض المنزلي وتستخدم تقنية النانو وتقدم عروضها الشرائيه لكل راغب في خلق قاعة عرض داخل منزله تحت مسمي ال( هوم تياتر) .
*لكن لكي نستعرض الإستنبات العربي (للنانو تياترو) والذي ينطلق من تجربة عربيه سعي كاتبها الي إستعارة شكل وتقنية القصه القصيره جدا في الكتابة النصيه للمسرح فأدعوكم للغوص معي في قراءة المجموعه النصيه للكاتب العراقي «حيدر عبدالله الشطري» والتي حملت عنوان (م.ق.ج) مسرحيات قصيره جدا وتحتوي علي خمسين نص مسرحي قصير جدا (نانوتياترو).
فالنص القصير جدا عند« الشطري»له خصائص تقنية( النانو )
فهو يبتني علي العناصر الأساسيه للمسرحيه (فكره رئيسيه،شخصيه،حبكه،حوار،صراع،إيقاع)بناء تصاعديا يعتمد علي التكثيف الزمني او تقليل او ضغط المسافات بين عناصر المسرحيه .
*فالفكرة لدي« الشطري» واضحة ومحددة الأبعاد يعبر عنها من خلال شخوص المسرحيه التي يحملها الرسالة التي يود توجيهها الي الجمهور بشكل غير مباشر ومن خلال قالب فني محدد ومكثف وأيا كان نوع الفكره ف(الشطري) ملم بجميع أبعادها في نصه ويعبر عن رؤيته تجاهها بما يتيح الجمهور إستيعابها من خلال النص القصير جدا .
*الشخصيه تعد في نصه القصير بمثابة الوسيط او القائم بالإتصال الذي يحمل المضمون الفكري المعبر عن رؤية (الشطري) في القضية التي يتناولها من خلال نصه المسرحي القصير جدا ومن خلال كيفية طرح الشخصيه والتي تنحصر غالبا في نصوصه الي نوع واحد هو الشخصيه الرئيسيه التي تتجلي ابعادها الفيسيولوجيه والسيسيولوجيه والسيكولوجيه محددة المعايير الأخلاقيه للشخصيه واهدافها في الحياة وقدرتها علي الإبتكار والخلق والتجديد وبشكل مكثف يتيح للقارئ ان يبلغ الغايات الدلاليه من نمطها السلوكي في النص القصير جدا.
*الحبكة في نصوص (الشطري)هي الإطار الرئيسي للفعل وهي خطة للفعل المكثفه والتي تمكن الشخصيات وغير ذلك من عناصر النص المكونه للدراما أن تكشف عن نفسها ف(الشطري)في صنعه للحبكه يعتمد علي التنظيم العام والدقيق في عملية هندسيه وبنائيه تربط عناصر المسرحيه التي اعتمد فيها علي (الشرائح الصغيره)ببعضها بهدف الوصول الي تحقيق قيمه فنيه وإنفعاليه من خلال رسالة قصيره جدا وسريعه فهو يعتمد علي الحبكة البسيطه التي تتكون من حدث درامي واحد من بداية النص القصير جدا الي نهايته ممزوج بالمنظور الفكري له كمؤلف فهو غالبا لا يقدم دراميا لنصه القصير بل ينطلق من نقطة هي اللحظه التي تفجر فيها القوة المحركة الحدث المتأزم فالعامل المثير يحرك الحدث الصاعدالي أعلي كي يصدمه بقوي التصارع فنراه في نصه «حيله» والذي يستهله بإشارة [( يٌدخل الطفل حدٌيقة الحيٌوان و كانت خرجت كل الحٌيوانات من صنادٌيقها ... ٌيطارده التمساح )]
حدث متأزم تفجر في لحظة ولوج الطفل علي خشبة المسرح ليكتشف المتلقي صراع البقاء الذي تولد من تأزم الحدث وكيف لطفل أن ينجح في صراع حيوانات مفترسه تطارده وهو أعزل إلا بالحيله .
ف(الشطري) يعتمد في إشارته النصيه السابقه الي (الكشف، التنبؤ والتلميح،التعقيد ،التشويق ، التأزم، والإنتقال الي الذروه) في جملة إشاريه واحده مكثفه كما هو الحال في تقنية النانو التي يتم فيها تقليل المساحات بين العناصر المختلفه لينتج عنصر دقيق متناهي الصغر كفاءاته أعلي من العناصر التقليديه القديمه .
ويعمد (الشطري) في نصوصه النانونيه المسرحيه الي دمج الحدث الهابط مع الحل ليهبط الفعل بعد وصوله ذروة التأزم في محصلة منطقيه ونهائيه للحدث المتوتر في لحظة اخيره تفشي الي القارئ او المتلقي بحل القضية التي كانت معقده .فيعود الي ذلك في نصه (حيله)[الثعلب / ٌينسحب خائفا من حيٌلة قديقوم بها الطفل )
الطفل / ) يٌركض...وٌيصل الى باب الخروج ٌيتسلقه ويٌهرب ]أنه الحدث الهابط والحل في آن واحد وفي جملة إشاريه مكثفة ينتهي بها النص الي أن الطفل او الأمل كيف يصير له العيش في هذا الواقع الحيواني إلا بالحيله والتي لن تفلح في كل الأوقات فالهرب من هذا الواقع المشوه هو السبيل في حياة جديده للأمل والمستقبل .
ويعود الشطري الي تبني الحوار الديالكتيكي بين شخصيات نصوصه بعضها البعض وبين القارئ او المتلقي فهو يعرض من خلال حواره حججه وبراهينه في مناقشة قضية النص «النانوني » ولعرض آراء فلسفيه او تعليميه او إنطلاق من فرضية تجريبيه تولد في القارئ او المشاهد إحساس مشابه للواقع الذي يراه الكاتب في ذهنيته كما يوحي حواره بأنه ليس مجرد ملاحظات لغوية بل نتيجة حتميه للأخذ والرد بين الشخصيات المتحاوره فهو حوار جيد تدل كل كلمة فيه علي معني يكشف عن حقيقة معينه ويعبر عن تلك الحقيقه تعبيرا دقيقا لا إسهاب فيه او مبالغة او إفتعال ف«الشطري» حواره يتسم بإشاعة الحياة والجاذبيه في النص المسرحي القصير جدا ويخضع لطبيعة المتلقي وطبيعة العرض المسرحي الذي يسعي لتحقيق أفق التوقع الخاص المتلقي فيسير الحوار بعقدة المسرحيه كاشف عن الشخصيات وابعادها ومعبراعن افكارها وصراعهافالحوار هو المادة الخام الذي يبني «الشطري» من خلال تكثيفه القريب الشبه من القصة القصيره نصه المسرحي «النانوني» ولذا فالصراع لديه ليس تناطح افكار بل صراع بين إرادات إنسانيه تتجادل مع نفسها او مع بعضها (الأنا/الأنا العليا)او (الأنا/الآخر) من أجل البقاء او تقديم حجج وبراهين لرجاحة فرضية او قضية ما .
إنك إن قررت الغوص في نصوص «الشطري»النانونيه ستشعر بأن النص يسير في سياق متناغم ومتسلسل بشكل منطقي يعطيك طابع عام للإيقاع المتدفق والجاذب والشيق في نصوصه القصيره جدا
*ولكن يظل السؤال الحائر يطرح نفسه علي بساط البحث .ما الدافع لتبني الشطري هذا التكنيك في الكتابه النصيه للمسرح ؟
إنني أري أن الفرضيه التي أنطلق منها الشطري هي ذاتها الإشكالية التي تواجه صناع للمسرح في عالمنا العربي آلا وهي تحقيق أفق التوقع الخاص للمتلقي العربي الملول الذي يسأم من طول النص او العرض المسرحي والذي يضجر من جلوسه لساعات طويله علي مقعد ثابت لا يتيح له حرية المشاهده سوي من منظور واحد أمام فتحة البروسينيوم .ومن هنا قرر الشطري إستخدام تقنية النص القصير جدا الذي يقدم في خلال دقيقتين ويحمل رسالة للمتلقي تمكنه من تلقيها في اي فضاء مادي طارئ او تقليدي دون أن يستطيع المتلقي أن يطبق جفنيه لا ان يصاب بالملل المصاحب لبعض العروض الطويله
إننا أمام تجربة عربيه خالصه إنطلقت من فرضية وهوية عربيه خاصه وتقدم رؤيه جديده للعالم المتطور والسريع الذي نحن جزء لا يتجزأ منه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب