الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسيرة الديمقراطية على مفترق طرق: العراق انموذجاً

مظهر محمد صالح

2021 / 8 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


المسيرة الديمقراطية على مفترق طرق: العراق انموذجاً
د.مظهر محمد صالح

يُحرك التكوين الفردي والاجتماعي في بلادنا إرثًا أساسهُ جذر (ماضوي شاق) ثلاثي التركيب للحصول على السلطة والثروة ، اولهما: تنازع قومي
والاخر : تنازع عشائري قبلي وثالثهما :ديني مذهبي ، وهم بمثابة محركات ودوافع التنافس و الاستيلاء على العقد الاجتماعي الهش للمواطنة (الدستور الحالي).
ومحاولة لَيّ عنقه تبعاً لغلبة اي عامل من العوامل الموروثة الثلاث بحسب اولويات اسلحة الصراع والاشتباك على ساحة (السلطة والثروة)
اذ لايخلوا هذا الصراع في الوقت نفسه من تضامن مصالح (السلطة والطبقة) عند مراكز الصراع الثلاثة عندما تقتضي الحاجة الى تحالفات هشة او وقتية ولاسيما بين اصحاب المصالح الطبقية من مختلف المكونات ، خصوصاً اذا كان التفرد مستحيلاً بين الجذور الماضوية الموروثة الثلاث لفصيل اجتماعي دون غيره.
وهكذا ستبقى بلادنا بأمس الحاجة الى عقد اجتماعي سامي ديدَنهُ المواطن والعدالة الاجتماعية وبخلافه فان التمزق بأشكاله التناحرية او غير التناحرية هي كرات ثلج جامحة لصراعات اجتماعية تحول الجذور الماضوية الثلاث الى تشكيل اديولوجي معقد مستمر وفاعل لقوى اللادولة (فراداً )واضعاف مستمر لدولة المواطن الخالية من لواصق وارث الماضيات الثلاث.
وهو صراع جدلي آخر بين قوى الدولة يحكمها الدستور الحالي و قوى اللادولة تحكمها عقد الماضي وموروثاته وهو الصراع الاجتماعي بكلياته والذي لامحالة سيبقى يولد نسيج طبقي من الفقراء شديدي الحرمان ذلك لانغماس البلاد بصراع السلطة وتوزيع عوائد الثروة النفطية بدلا من توفير اسس الاستقرار الاجتماعي .
اذ ينظر الكثير من طرف آخر الى النظام السياسي في بلادنا على انه هجين مركب متشظي بين تجاذبات الطائفة والعشيرة و القومية وأصحاب المال والمصالح فضلاً عن تأثير الارتباطات الخارجية.
في حين لايخرج الوعي السائد افرادا او جماعات او احزاب (مهما اختلفت ايديولوجياتهم
في هذه الضوضاء الديمقراطية الملتبسة ) عن منطق يتناغم وفكرة القبيلة عند اشتداد الضرورة لها وعدها موديلاً مناسبًا لادارة الدولة الديمقراطية التعددية بسلوك اقرب الى (الدولة- القبيلة) او الدولة القبائلية بدلاً من ( الدولة - الامة ) بعد ان جرى تلوينها بالمحاصصات البائسة كأنها هي الدولة -الامة .
انه تمثيل ديمقراطي قبلي السلوك والوعي وتقريب لموديل سياسي مشوه قاصر لايساعد الا في احلال
ضعيف لفكرة الدولة الديمقراطية الفُضلى التي تكون نتاج وعي جمعي وطني متجانس الهوية .
وعند البحث عن السبب الذي ادى بالبلاد الى الهشاشة الديمقراطية وسيادة روح القبيلة بدلا من روح الامة والتلون بوعي جمعي زائف ، مبعثه فقدان تراكم ثقافة التجانس الطبقي الفكري (الطبقة الوسطى تحديدًا) ومبادؤها بكونها الممثل الاجتماعي الاكثر تجانساً في تجسيد فكرة الدولة -الامة وحملها المشروع الوطني الشامل للأمة . لذا فان التطلع لمشروع صياغة البناء الديمقراطي بحاجة الى ولادة القوى التاريخية التي تأخذ بطريق الاصلاح وبناء مكونات الدولة -الامة.
فكيف يمكن ان نفسر ولادة القوة القادرة على الاصلاح السياسي وبناء دولة المواطنة في خضم هكذا مركب معقد؟
فعلى الرغم من ذلك فانها دورة التاريخ السياسي وجدلياته النابضة في ضمير الشعب كل شعب ، والشعب العراقي في مقدمتهم شريطة ان يتحرر ابتداءً من كيمياء الهجين الاجتماعي السياسي المركب المعقد الراهن ، وبهذا فان البلاد امام مسارين متناقضين في التغيير في المرحلة المقبلة التي ستقررها صناديق الانتخابات التشريعية في ١٠ تشرين اول/اكتوبر ٢٠٢١ . فاما الانعطاف الحاد في التطور السالب وبوعي زائف وصراع هويات وذاكرة تاريخية منخورة يجري تسويقها قبيل الانتخابات وهو المسار الأول وعلى وفق نظم انتخابية شكلية (ستريوتايب) ترتدي بدلات الديمقراطيات الغربية العريقة ولكن تعمل بادوات وصناديق تمثل مظاهر الاستبداد الشرقي . واما التغيير البرامجي الايجابي وهو المسار الثاني او البديل الموضوعي لبناء غد اقتصادي واجتماعي وسياسي شديد التنوير يجد في الانسان المواطن الغاية والوسيلة دون تشطيب هوياتي للمواطنة وتلوين احمق للحياة ويسمى ذلك بالانعطاف الإيجابي في التطور السياسي للعراق وصلابة بنيانه.
وهنا سيرتبط تطوير البناء السياسي للعراق بصدقية فكرية عالية المستوى ومنهجية موضوعية مخلصة ونزيهة شديدة النقاء والتجانس الوطني .
بناء على ماتقدم ، فان اضداد الصراع الانتخابي القادم ستتم وعلى وفق اثنين من المشاهد المتناقضة :
فالمشهد الاول وهو المشهد التقليدي حيث يصبح الصراع المقبل في آجاله القصيرة في اوجه ، ذلك اذا ما نجح التيار الحزبي المحافظ او التقليدي بطرد قوى التغيير الديمقراطي واجبارها او اجبار جماهيرها على مقاطعة الانتخابات تحت ضغط اليأس وقوة القنوط ، ومن ثم الاستحواذ على صناديق الانتخابات بقوة و نفوذ التشكيلة السياسية الراهنه الممتلئة مالاً وسلاحاً وهو امر لا يجلب في النهاية سوى انحدار في عوامل بناء الدولة الحديثة وعلى وفق تراجعات سياسية مدمرة تنفذ زخمها قوة متحزبة مسيرة تلقائياً نحو صناديق الانتخابات للامساك بالسلطة وتحقيق منافع الحكم (حتى وان كانت باعداد محدودة من كوادر الاحزاب ومريديها) التي يتم تحشيدها لهذا الحدث السياسي الكبير . وبهذا ستنتهي آخر لبنة في البناء الديمقراطي الراهن الى السقوط والتحول الى دايلكتيك تاريخي فاقد الحركة (سكوني) وفارغ في الوقت نفسه .،و عند توفير هكذا آليات سياسية قامعة لابد من ان تنحدر العملية السياسية تدريجياً نحو الغموض والتلاشي عبر تراجع خطير في المشهد السياسي .
وعلى العكس ، فيأتي المشهد الثاني ذلك اذا ما استطاعت قوى التغيير من الفوز بالحد الادنى المقبول جماهيرياً من الاصوات الانتخابية فأن(توازنا داخلياً ) في الحياة الديمقراطية سيتحقق لامحالة في بلادنا ويدفع بالعملية السياسية الى افاق اصلاحية (تتفجر داخل الاحزاب التقليدية نفسها) ذلك بتبني الفلسفة الديمقراطية والاصلاح السياسي ولمصلحة التغيير الجماهيري لتمتص النفور الشعبي من تلك الانسجة الغامضة الحزبية المُمسكة بالسلطة والتي مازالت تصطف في نسق ديمقراطي فج متهتك ، تلفها المصالح والمنافع التي تتقاسمها كتل تحاصصية ظلت الاقوى نفوذاً.

إنتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقاله تحليلية عميقه لازمتنا في العراق بعلمية واقعي
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 8 / 15 - 23:41 )
بعلمية واقعية بعيدا عن الايديولوجيات والاحكام الميتة المستوردة والتي لاترى العرقية والعشائرية والدينية بصفتها السرطانات المتحكمة بالجسد العليل العراقي منذ اكثر من 100عام كاءرث عفن عن خصوصا عن اربعة قرون من الحكم والمذلة والهيمنة والاستعباد العثماني الاسلامي المتوحش والذي لم يتم ابدا التصدي له-الا لثوان او دقائق من عمر القرن الاخير-بالتنوير العملي الجذري وذالك بالتصنيع والتعليم الحديث واحلال نور العلم بدل الخرافه والجهالة والتوحش والتقتيل باسم الثورية والصراع الطبقي وبناء الاشتراكية وغيرها من الخرافات والخزعبلات تاركين مجتمعنا وعفوناته الموروثه يتلظى في العلاقات القديمهمتوسدا الفقر والجهل والمرض مستمرا ومتعمقا في تخلفه حتى اصبحت ارض الرافدين عاجزة عن اطعام اهلها بالخبز ولولا النعمة-النقمة النفط لما كان في ديارنا شعب-تحياتي للزميل العزيز العميق الهادئ الدكتور مظهر محمد صالح وندائي لكل المهتمين بالشاءن العراقي العام وخاصة منهم المتعلمين منهم تعليما حديثا -ولا اقول المثقفين-لاننا اذ نمتلك افذاذا كزميلنا الكاتب ولكننا حتى الان لانملك فئة متكامله من المثقفين لاهدارنا اياهم في محطات عدمية عدة


2 - ؟؟؟
عبدالله عطية شناوة ( 2021 / 8 / 16 - 00:41 )
أرى في المقالة محاولة لتخطئة خيار المقاطعة للأنتخابات الذي اعتمدته فصائل مدنية عراقية، وحكم قاطع بأن مواصلة المشاركة في الأنتخابات لابد أن يؤدي الى تغيير إيجابي. وهذا الحكم بحاجة الى مزيد من البحث والتدقيق.


3 - اي قانون انتخابات نحتاج
فريد عبدالله ( 2021 / 8 / 16 - 08:26 )
العراق دائرة انتخابية واحدة هو الضمان الوحيد لصعود المرشحين المدنيين لانهم متفرقين على مساحة العراق . اما صاحب اعلى الاصوات فسيجعل الصاعد للبرلمان قد لا يمثل 20% من الناخبين . يعني 80% من الشعب لم ينتخبه . انهم يخدعون البسطاء . اليك مثال . دائرة اتخابية( 100000)ناخب فيها 10 مرشحين ( ا, ب,ج,د,ه,و,ز,ح,ط,ي ) فلو فاز (ا )ب20000 صوت و(ب) ب15000 صوت (ج15000) صوت (د15000) ه15000و15000ز5000 . سيصعد المرشح (ا )للبرلمان بالرغم من انه حصل على 20% من الاصوات (اعلى الاصوات وبدوائر متعددة ) بينما لو دائرة واحدة ممكن المرشح (ز )يجمع من بقية الناخبين وعلى مستوى العراق اكثر اصواتا من المرشح (ا )ويصعد بقدر الاصوات الكلية التي سيحصل عليها من جميع العراقيين
ومن ناحية أخرى في الدوائر المتعددة قد لا اجد في دائرتي الانتخابية من لا يستحق الترشح كي انتخبه وساعود دون ترشيح احد بينما لو كان العراق دائرة واحدة عندها ستكون خيراتي تشمل جميع المرشحين وساختار مرشحي منهم

اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل