الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا الى اين ... ؟

آدم الحسن

2021 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


قبل أكثر من عشر سنوات , منذ انطلاق صرخة الشعب السوري الأولى ( نريد حرية ) و لحد الآن لم يتبلور حل سياسي واضح يُنقذْ سوريا و شعبها من حالة الاقتتال و الدمار و الفتنة , و ليس من السهل معرفة ما ستؤول اليه الأمور في سوريا أو الى اين يسير هذه البلد الذي مزقته التدخلات العربية و الإقليمية و الدولية و الإرهاب الأسلاموي الوافد من خارج سوريا و الإرهاب المحلي الذي تغذيه الطائفية المقيتة و العنصرية البغيضة بالإضافة الى إرهاب النظام البعثي المستبد .
لكن , بالرغم من الفوضى و الغموض المسيطر على الساحة السورية يمكن التأشير على بعض معطيات هذه الساحة و ما مرت به من ويلات و دمار مع مراجعة سريعة و مختصرة للظروف التي رافقتها و كالآتي :
قبلَ كل شيء لا يمكن نكران أن الانتفاضة في سوريا كانت سلمية في بدايتها , انتفاضة أشترك فيها نسبة كبيرة من الشعب السوري ضد نظام الاستبداد البعثي و رئيسه بشار الأسد من أجل إحداث تغيير سلمي .
و منذ البداية كان نهج النظام السوري يمتاز بالقسوة الشديدة تجاه المنتفضين السلميين لجعل التغيير السلمي لهذا النظام ليس صعبا فحسب و انما أمرا مستحيلا .
و كنتيجة لقسوة النظام السوري بدأ يتلاشى تدريجيا الأمل في احداث تغيير بطريقة سلمية على غرار التغيير الذي حدث في تونس حين رحل الرئيس التونسي بن علي و نظامه بطريقة سلسة و دون إراقة دماء , لهذا السبب و لأسباب أخرى بعضها له امتدادات خارج الوطن السوري تَشَكَلَ للحراك الشعبي المنتفض جناحين , جناح يصر على الحفاظ على سلمية الحراك الشعبي و جناح متشدد يمهد لعسكرة الانتفاضة و كان غالبية الجناح المتشدد هم من الأسلامويين و أبرزهم حركة الإخوان المسلمين السورية المدعومة من قبل تركيا .
مع تصاعد عسكرة الانتفاضة أخذت الأصوات التي تنادي حرية .... حرية تتلاشى ليحل محلها صوت الرصاص و المتفجرات و الحرائق .
لذا يمكن القول أن الذي ساهم في عسكرة الانتفاضة السورية هم طرفان شريكان في هذا التحول الدموي , الجناح المتشدد من المنتفضين و النظام السوري , هذان الشريكان مسؤولان عن دفع الانتفاضة نحو العسكرة التي أدت الى ما نشهده اليوم في سوريا من موت و دمار و خراب و تهجير .
لقد نجح النظام السوري و ساعده في ذلك جناح المنتفضين المتشددين من نقل الانتفاضة من تظاهرات سلمية الى الاصطفاف في فصائل مسلحة متنوعة الاتجاهات , و هذا ما اراده نظام البعث في سوريا كي يضمن بقاء سلطته حتى لو كان على انقاض دولة .

و في بداية الانتفاضة ايضا لم يكن هنالك أي تنافس بين القوى العربية و الإقليمية و حتى القوى الدولية على تكييف الانتفاضة السورية بما يتناسب و أجنداتها .
مع تطور الأوضاع و تنامي عسكرة الانتفاضة صار واضحا أن هنالك أطراف عربية و إقليمية تدعم جزء من المعارضة المسلحة المتمثل بالجيش السوري الحر الذي غالبيته من السوريين الذين يسعون الى إقامة حكومة سورية علمانية بعيدة عن تسيس الدين .... و أطراف أخرى ابرزها تركيا تقدم الدعم الواسع و المتنوع لجزء آخر من المعارضة المسلحة المتمثل بالقوى الإسلاموية و منها حركة الإخوان المسلمين السورية .

مع تصاعد عملية عسكرة الانتفاضة السورية و زيادة التدخلات الخارجية الداعمة للفصائل المسلحة على اختلاف أنواعها و تزايد احتمالات انهيار سلطة البعث على سوريا برز في المشهد السوري قوة مسلحة جديدة هدفها إنقاذ النظام السوري من السقوط و هذه القوة تتألف من ميليشيات عراقية موالية الى نظام الملالي في إيران و قوات أخرى تابعة لحزب الله اللبناني المعروف بأن من يحرك نشاطه هو الولي الفقيه في ايران حصرا , و بدخول ايران للساحة السورية اصبحت هذه الساحة اكثر سخونة و تعقيدا .

أما روسيا التي تربطها علاقات جيدة مع تركيا و ايران و إسرائيل و النظام السوري فقد بدأت تتوغل في الساحة السورية خطوة بعد خطوة و لم تمضي فترة طويلة حتى صار لها دورا مهما و حاسما في الملف السوري بعكس الموقف الأمريكي الذي أخذ يتخبط في خيارات الواحدة منها مناقضة للأخرى و لم يعد يهم الإدارة الأمريكية في هذه المعادلة السورية الصعبة سوى العمل على عدم تحول سوريا الى دولة فاشلة تكون مرتكزا للإرهاب و للقوة الجهادية و لإيران و ما يشكله ذلك من خطر حقيقي على أمن دولة اسرائيل .

رافق كل هذه التداعيات في الساحة السورية تأرجح دور أمريكا الذي اصبح الآن اكثر قلقا خصوصا بعد خروج القوات الأمريكية من الساحة الأفغانية و اتفاقها مع الحكومة العراقية على إنهاء بقايا وجودها العسكري القتالي في العراق , لذا فبمجرد ضمانها لأمن دائم و مستقر لإسرائيل قد تنهي امريكا وجودها في الساحة السورية ايضا و تترك خلفها قوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) لرحمة النظام السوري المسيطر عليه من قبل روسيا , و هذا سيساعدها في التخلص من مشكلتها مع تركيا بسبب دعمها العسكري لقوات قسد حيث إن غالبية قادة قسد هم من اكراد سوريا المواليين لحزب العمال الكوردستاني التركي الذي هو العدو رقم واحد للنظام التركي .

لا شك أن اسرائيل منذ بدأ الانتفاضة السورية و لغاية هذا اليوم تخشى على نظام بشار الأسد من السقوط اكثر من خشية بشار الأسد على نظامه من السقوط , فإسرائيل تدرك جيدا أن أمنها يتحقق من خلال تثبيت نظام البعث السوري برئاسة بشار الأسد من جديد و هذا لن يتم إلا بإعادة منح الشرعية العربية لهذا النظام و اعادته للجامعة العربية بمضلة و سند من دول التطبيع مع اسرائيل و بالأخص دولة الأمارات العربية المتحدة .
و بذلك تقودنا هذه المعادلة السورية المعقدة الى أن حصول النظام السوري على الدعم العربي لا يتم إلا بعد حصوله على الدعم الإسرائيلي الذي يؤدي بالتأكيد الى الدعم الأمريكي و هذا لن يتم إلا بعد قيام النظام السوري بخطوات عملية لتحجيم الوجود و النفوذ الإيراني في سوريا , لا شك أن مثل هذه التسوية ستحظى بمباركة و تأييد روسيا ايضا , و لكي تنجح هذه التسوية المعقدة تتطلب أمر اساسيا هو قبول جميع الأطراق بدور قيادي لروسيا يتوافق مع مصالح اسرائيل و تركيا و يضمن لنظام البعث السوري الاستمرار في البقاء مع إعطاء هذا النظام حرية الممانعة الكلامية فقط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القصف الإسرائيلي يجبر سكان أحياء شرق رفح على النزوح نحو وسط


.. عرض عسكري في العاصمة الروسية موسكو بمناسبة يوم النصر على ألم




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بعد عودة وفد التفاوض الإسرائ


.. مستوطنون يغلقون طريقا بالحجارة لمنع مرور شاحنات المساعدات إل




.. مراسل الجزيرة: جيش الاحتلال يواصل السيطرة على معبر رفح لليوم