الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل العراقيون قطط؟

علي مزهر

2003 / 5 / 12
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

مبروك لنا، فلقد ظهرت أوّل بوادر الديمقراطية، عن الاحتلال المعترف به رسميّاً من قبل المحتلّين والأمم المتحدة، والمسمّى تحريراً، من قبل محبّي الحرية و الديمقراطية وأحباب رامسفيلد( على طريقة أحباب القائد). ظهرت هذه البوادر، والتي تتمثّل بسلوك واحد من موظّفي إعادة الإعمار والبناء، الاسم المخفف للإدارة العسكرية الأمريكية. الموظف اسمه سام نَكِلز، وحسب تقرير اليو بي أس ( الذي أعدّه إيان ويليمز، ليست الجزيرة أو غيرها) يبدو أن سام قد بدأ يفقد أعصابه، من جرّاء تعامله مع المواطنين العراقيين الذين يتوافدون كل صباح من أجل الحصول على عمل وهو المسؤول عن توقيع عقود تشغيلهم. بادره أحد المواطنين الذي يصفه المراسل بالشجاع، عمّا يعكّر صفو سام، ولماذا هو غاضب، ولماذا تكّدر زرقة عينيه غيوم الغضب. سأله: لماذا أنت غاضب يا مستر سام وتعاملنا بعصبية، لقد أخبرونا بالقدوم إلى هنا، فصرخ بوجهه سام المتحضّر تسألني لماذا؟ بسبب هذه الأوراق، فقال له أنا أفهم موقفك ولكنك ،قال له العراقي، لو كنت تعاني ما أعانيه، لجئت كل يوم لتسأل عن نتيجة طلب العمل الذي قدّمته، صفق سام الباب في وجه العراقي من غير أن يجيبه، وقال للمراسل، وهذه المرة بهدوء وباسترخاء بل ربما بزهو المتفوّق،إن توجيه هؤلاء السكّان العرب المحليين، أشبه برعي القطط في الخزانات (ربما تقرأ بيوت الراحة فالقطط توضع فيها غالباً)، سوى أن القطط لا تشكو كثيراً مثلهم... يريدون كل شيء بسرعة فما عليك سوى الهرب.
هذا الكلام كان متوقعّاً، فالكولنيالي، الغريب عن البلاد والمتحكم بها، يعتبر نفسه أكثر تفوّقاً من الأصلاني، صاحب البلاد، وهو قد جاء إليها ( مقدّماً شهداءه، على مذبح الحرية، حسب ما يقول أحد شعراؤنا الرومانسيين، من فرقة أحباب رامسفيلد وعضلات المارينز) ليحرره من الاحتلال (دائماً ليكون احتلاله مشروعاً بل ومرحّباً به بوصفه تحريراً) و من الجهل والتخلّف ويساعده لكي يلتحق بركب الحضارة التي يمثّلها هو وينشر ثمارها من عدالة و ديمقراطية ...الخ. وإذا أمكن، تحرير الأصلانيين من الحياة، تكفّلت القنابل بعدد منهم، وستتكفّل الأوبئة ونقص العناية الطبية بأعداد أخرى. وإذا عدنا إلى أهداف الحرب ( لنضع جانباً تهديد أسلحة الدمار الشامل وزواجها مع الإرهاب) فهي لتحرير الشعب العراقي من حكم ديكتاتوري وحشي وكنّا حفظنا مواويل البكاء على الشعب العراقي، قبل اندلاع الحرب، في الميديا الأمريكية، حتى تظنّ أن هذا الشعب الذي يتحدثّون عنه هو غير الذي كان يأكله الحصار، ويفتته بسببهم وبسبب غيرهم. زال النظام الديكتاتوري ، فزالت معه أسباب الحصار، ولقد رأينا كيف كان يعيش في القصور، وكيف يعيش العراقيون في فقر لا مثيل له. الآن يعيش الأمريكيون في القصور، بينما يطرق أبواب هذه القصور ذاتها، من يبحث الآن عن عمل شريف يقيم به أوده ويطعم أطفاله، فلا يُضطّر إلى السلب والنهب. يستجدي العراقيون العمل في عراقهم، ويستوردون البنزين من الكويت، ولا قبل لهم بالكوليرا في البصرة ولا أمن ولا أمان في معيشتهم وأيامهم ولا أعلم ماذا سيحدث في قادم الأيّام. 
ربما سيعترض عليّ أحباب رامسفيلد، لأنهم يعرفون جيّداً منزلة القطط عند الشعب الأمريكي، فهم يحبّونها ويدللونها وتوجد متاجر خاصة تبيع، طعامها وألعابها، وعيادات طبيّة ونفسيّة لعلاجها من المرض والكآبة أحياناً، وسيعتبرون هذا الكلام من باب الحب الذي يكنّه المحتلون للشعب العراقي وتدليلهم له باعتباره مجموعة من القطط التي تستحق الرعاية والعناية والتوجيه. سيقولون الأمثال تضرب ولا تقاس وربما يتحفنا ناثر مجيد اشتهر بمطولاته بعنوان مثل فضائل المواء في زمن الخواء لما فيه من قناعة واكتفاء بانتظار توفر الطعام و الماء والكهرباء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر إسرائيلية تتحدث عن مفاوضات جديدة بشأن الهدنة في غزة


.. شاهد| مسيرة في شوارع دورا جنوب الخليل ابتهاجا بخطاب أبو عبيد




.. مقتل طيار بالقوات الجوية البريطانية بعد تحطم طائرة مقاتلة


.. دمار هائل خلفه قصف روسي على متجر في خاركييف الأوكرانية




.. حكومة السلفادور تلعن نشر آلاف الجنود لملاحقة العصابات