الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفغانستان , وفشل الغرب الفاضح.

اسكندر أمبروز

2021 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


بعد النجاح الكاسح للجيش الأمريكي إبان الحرب على طالبان وإسقاط نظامها في أفغانستان , صار مَثَلُ الوضع السياسي والعسكري للجيش الأمريكي كمَثَلِ شخص يحاول السير في حقل ضبابيّ مليء بالعثرات والحُفر , شخص لا يدري ما هدفه من السير في ذلك الحقل , ضائع متعثّر منعدم البصر والأهداف.

حيث قال بوب كراولي , الكولونيل بالجيش الذي عمل كمستشار كبير لمكافحة التمرد لقادة الجيش الأمريكي في عامي 2013 و 2014 : "تم تغيير كل نقطة بيانات لتقديم أفضل صورة ممكنة".

"والاستطلاعات , على سبيل المثال , كانت غير موثوقة على الإطلاق ولكنها عززت أن كل ما نقوم به كان صحيحاً وأصبحنا مخروطاً من الآيس كريم يلعق نفسه بنفسه."

في عام 2014 . بتوجيه من Sopko , خرجت SIGAR (المنظمة الأمريكية المسؤولة عن تحليل الوضع في أفغانستان) عن مهمتها المعتادة المتمثلة في إجراء عمليات تدقيق وأطلقت مشروعاً جانبياً.

والذي كان يهدف الى تشخيص إخفاقات السياسة في أفغانستان والذي سمّي ب"الدروس المستفادة" حتى لا تكرر الولايات المتحدة الأخطاء في المرة التالية التي تغزو فيها بلداً أو تحاول إعادة بناء دولة ممزقة.

وفي مقدمة تقارير "الدروس المستفادة" نقرأ..."وجدنا أن استراتيجية الاستقرار والبرامج المستخدمة لتحقيق ذلك لم تكن مصممة بشكل صحيح مع السياق الأفغاني ، ونادراً ما استمرت النجاحات في تحقيق الاستقرار في المقاطعات الأفغانية لفترة أطول من الوجود المادي لقوات التحالف والمدنيين".

حيث نرى من خلال هذه التقارير أن الوضع في أفغانستان لم يكن مستقرّاً في يوم من الأيام , وسيطرة طالبان اليوم على البلاد كان أمراً محتّماً بعد خروج الجيش الأمريكي , فالمسألة والمعضلة لم تكن عسكرية , بل أيديولوجيّة , والحرب لم تكن ضد قوات طالبان البهائم المختفين كالجرذان في الكهوف والجبال الأفغانية , بل ضد الأيديولوجيا الداعشية البهيمية التي تحرّكهم أصلاً , وتدفع بالشعب الأفغاني لدعمهم والوقوف معهم دون أي تفكير بالعواقب.

وقال جيمس دوبينز , دبلوماسي أمريكي كبير سابق عمل مبعوثاً خاصاً لأفغانستان في عهد بوش وأوباما ، لمقابلات الحكومة: "نحن لا نغزو الدول الفقيرة لنجعلها غنية. نحن لا نغزو البلدان الاستبدادية لجعلها ديمقراطية. نحن نغزو البلدان العنيفة لجعلها سلمية وفشلنا بشكل واضح في أفغانستان ".

وطبعاً هذا الفشل سببه غباء وحمق القيادة الأمريكيّة , فالأسلوب الوحيد الذي سيجدي أي نفع مع البهائم هؤلاء هو تجفيف المستنقع الداعشي الآسن , فمثل أمريكا كمثل من أراد محاربة الذباب والبعوض والحشرات الضارّة بشكل مباشر , تاركاً المستنقع والمنبع الأساسي والسبب الرئيسي لظهور هذه الحشرات في المقام الأوّل ! فحرب أمريكا كانت خاسرة من البداية , لأنها لم تأخذ في عين الإعتبار البعد الأيديولوجي لها , وركّزت فقط على البعد العسكري , وهو ما لم تتعلّمه الإدارة الأمريكية من تاريخها نفسه.

حيث أنها جففت المستنقع النازي , أثناء الحرب على ألمانيا , وحاربت الفكر الشيوعي بكل صلابة وحزم فكري ومادّي , ولكنها فشلت في التعامل مع الفجور الإسلامي بسبب غباء القيادة الأمريكيّة واعتبارها لدين بهائم الصحراء ديناً عاديّاً لا عقيدة إجراميّة خبيثة أسوأ بمئات المرّات من الشيوعية والنازيّة.

فالإدراة الأمريكية الحديثة , دخلت في حالة تناقض شيزوفريني مع الاسلام بشكل مضحك , فهم يريدون محاربة الاسلاميين والدواعش والارهاب الاسلامي , ولكنهم يصفون الاسلام بأحسن الأوصاف , فتخيلوا معي لو أن أمريكا فعلت الشيء ذاته مع ألمانيا مثلاً في الحرب العالمية الثانية , مدعية أن النازية عقيدة وفكر سليم وأن حربها ليست مع النازية وإنما مع هتلر وقوات الSS فقط !! تناقض مضحك أليس كذلك ؟ ولكنه مع الأسف يتم تطبيقه اليوم من قبل الغرب على ماهو أسوأ وأفظع من النازية.

والذي يحصل اليوم في أفغانستان من تشرّد لمئات الآلاف من الهاربين من الحكم الطالباني الداعشي , الى سقوط الجيش الأفغاني في أقل من أسبوع , الى هروب رئيس أفغانستان كاللص من بلاده وقصره عوضاً عن الوقوف والمواجهة...الخ , من أحداث عديدة ومتتالية لم تأتي تداعياتها الخطيرة بعد , كلها جائت دفعة واحدة بسبب سياسات أمريكية حمقاء بكل معنى الكلمة , والتي ستأتي بنتائج وخيمة على أفغانستان والشعب الأفغاني , والدول المجاورة لها , والعالم بأسره , فكما ذُكِرَ سابقاً في الأوساط التنويرية العربية , انتهاء داعش لا يعني انتهاء الإرهاب الاسلامي , وسقوط هذه الجماعات عسكرياً لا يعني انتهاء الارهاب الاسلامي.

فها هي طالبان اليوم تعود للصورة بعد فشل الادارة الأمريكية في التعامل معها , وتجفيف المستنقع الاسلامي , وحتى يعي الغرب والعالم أن حربهم هي مع دين بهائم الصحراء الملعون , لم ولن يكف الإرهاب الداعشي عن الفتك بالبشريّة والعالم , فالاعتراف بالمرض هو بداية العلاج , والغرب يرفض تماماً الاعتراف بالمرض البول بعيري , والبشريّة ستتلقّى العواقب , فمع القوّة تأتي المسؤوليّة , والولايات المتحدة خذلت أفغانستان والعالم في هذا الانسحاب المنعدم من أي مسؤولية أو تقدير للنتائج , وأتمنى شخصياً أن تَرٍث الصين سطوة أمريكا على العالم , حتى تضع حدّاً وبشكل حاسم لهذه المهزلة , فالغرب حقيقة أثبت أنّه بات تافهاً ضائع متعثّرٌ وسط الحقل الضبابي , لا يدري كيف يتعامل مع الأفكار الخبيثة , متجاهلاً لتاريخه الحافل بالإنجازات والانتصارات التي كانت على حساب عقائد فاسدة مشابهة تماماً لدين بول البعير.

المصدر لما ذُكر من اقتباسات...
https://www.washingtonpost.com/.afghanistan-war.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس سان جرمان يأمل بتخطي دورتموند ومبابي يحلم بـ-وداع- مثا


.. غزة.. حركة حماس توافق على مقترح مصري قطري لوقف إطلاق النار




.. لوموند: -الأصوات المتضامنة مع غزة مكممة في مصر- • فرانس 24 /


.. الجيش الإسرائيلي يدعو إلى إخلاء -فوري- لأحياء شرق رفح.. ما ر




.. فرنسا - الصين: ما الذي تنتظره باريس من شي جينبينغ؟