الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( موت ُ الاسم ... موتُ الذات )

عقيل الواجدي

2021 / 8 / 19
الادب والفن


قراءة في قصة ( موت الاسم ) للقاص هيثم محسن الجاسم
الكتابة أحد أهم دلائل التفوقِ الإبداعي للفكرِ البشري عمّا سواها من مجالات الابداع التي تبقى مقيدة الى ضوابطٍ تسير بها بتقنيةٍ مؤطرةٍ اِطاراً حسابياً وفق منظومة العقل وحسب ، على النقيض مما تحتاجه الكتابة الى اِطلاق جناحي العقل في عالمٍ رَحْبٍ من الخيال بتصوراتٍ تضيق عنها الأُطرُ العقلية المحضة ، لذا كان الكاتب - بجميع توصيفاته – على مرِّ الأزمنة بخياله الخصب أداةَ ترجمةٍ للواقع بأساليبٍ من الجمال والحكمة ، وهو الرسولُ الذي يصلُ الأرواح دون عناء.
موت الاسم : مجموعة قصصية للكاتب هيثم محسن الجاسم المطبوعة في مطابع دار الشؤون الثقافية العامة 2010 ( والتي تم إعادة طباعتها ثانية 2021) ضمت مجموعة من القصص القصيرة التي استطاع الكاتب من خلالها اِبراز مقدرته في محاكاة الواقع الذي كتبت فيه قصصه والتي يعود اغلبها الى ما قبل عام 2003 حيث يتجلّى بوضوحٍ الانزياح الرمزي الذي لاغنى عنه للكتابة آنذاك .
في قصة ( موت الاسم ) – التي هي ذاتها عنوان المجموعة – تجد نفسك أمام قاصٍ لاتحتاج الى كثيرٍ حتى تكتشف قدرته الواضحة على صياغة الجمل بانسيابيةٍ وسلاسةٍ تشجِّعُ القاريء على التواصل مع النص من دون تعثّرٍ ذِهنيّ أو تشتت ، هو صائغٌ محترفٌ بانتقالاته الرصينة التي يؤصلُ من خلالها لبناء فنيٍّ مفعمٍ بالجمال .
التساؤل الذي اِفتتح به القاص نصه : ( - اراك غير مستاء لفقد اسمك ؟ ) دلالة كاشفة غير نمطية في اِن الإجاباتِ ستكون مغايرة لكل التوقعات ، فكان ولازال الاسم يمثل أوضحَ حالات الاعتداد بالنفس ، اِنحياز الانسان الى اِسمه انحيازاً عاطفيا وعنصريا ، يبلغُ به مرحلة القداسة ، لا يرتضي الاساءة له بأي شكل من الاشكال ، فالاسماء مقدسة عند أصحابها واِنْ كانت من غير اِختيارهم ، بل هي – الأسماء – الإرثُ الذي يسعون الى تخليده على مرِّ الأزمنة باختلاف الأساليب والطرق الى ذلك .
لكن ان تأتي الإجابة على غير المتوقع ، مغايراً للمألوف يضعك امام استنتاجاتٍ عدة يردف بعضها بعضاً وتخميناتٍ مُسبقة تضفي مساحة من الجمال في استدراج النتائج باتجاه موازٍ ليس بالضرورة أن يلتقي مع فهم الكاتب ، فقد اتخذ الكاتبُ منحىً بأبعادٍ تَهكُّمِيّة لا تخلو من فلفسة التأويلات التي ترك الكاتب بابها مشرعا .
واَجدني أمام رؤيةٍ خاصة في فهم النص ، فحالة عدم الاستياء التي أبداها بطل القصة تجاه فقدان اِسمه ما عادت حالة خاصة بل اتسع اُفقها حتى أصبحت ظاهرة يتسم بها المجتمع أثر حالة الفوضى التي تفتشت فأَرستْ موازين التناقضات بديلا عن موازين المباديء ، فحالة العزاء التي أبداها الاخرون تجاه ( موت الاسم ) ولم يكترثوا ( لحياة صاحبه ) دليل غَلبةِ المسميات دون الالتفات الى اية أبعاد أخرى يمكن للإنسان أن يمتلكها غير اِسمه ، وهي بحد ذاتها حالة كَشْفٍ لحقيقةٍ نتغاضى عنها كثيرا في اِنّ الانسان ليس سوى اِسمٍ ولا قيمة لِما عداه في مجتمعاتٍ تخلَّتْ عن الكثير من مبادئها وتنصَّلتْ عن جذورها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع