الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افغانستان و تغيّر الستراتيجية الاميركية .1.

مهند البراك

2021 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لعب تغيّر القطبية العالمية من الثنائية الى تعددية القطبية، اضافة الى الثورة التكنولوجية المعلوماتية العاصفة دوراً هاماً في تغيّر العالم . . حيث انتقل العالم من عالم القطبين السائر في طريق يلجمه مدى صراع و تفاهم القطبين و اتفاقياتهما العالمية، الى عالم تعدد الاقطاب الذي لاتقيّد اقطابه عملياً اتفاقات و لا نفوذ او قوة قطب ما لوحده، حيث ضاعت القوة التقليدية الاكبر و صارت قطباً من الاقطاب التي تتحرك وفق مصالحها، و تبعاً لذلك تغيّر تأثير و قوة منظمة الأمم المتحدة و قوانينها و امكانيات فرضها كالسابق، بعد ان فقدت الدعم من توازن القطبين السابقين . .
و ادىّ النمو السريع لبلدان صناعية و غنية متعددة، الذي احدثته الثورة التكنولوجية و ادىّ الى تكوينها اقطاباً و اتحادات مالية ـ اقتصادية كبرى كمنظمة شنغهاي التي تضم الصين و روسيا و الهند و البرازيل و غيرها كمراقبين، امام انف الولايات المتحدة و بلا اي اذن منها كما كان يجري في السابق، اضافة الى افول التأثير النفطي العالمي المسعّر بالدولار مقارنة بصعود تأثير الغاز و المعادن النادرة في العالم، و انتشار البدائل النظيفة للطاقة في الاتحاد الاوروبي . .
اضافة الى سرعة صعود التأثير التكنولوجي المتفوق على العلاقات الدولية، و تداخل مصالح الشركات المتعددة الجنسية لعدد متزايد من الدول العظمى و الكبرى و الصاعدة حديثاً بامكاناتها التكنولوجية الهائلة الكثيرة التنوع و حاجة بعضها للآخر لتحقيق اعلى الارباح لذاتها، و ليس لبلدانها ان كانت مسجّلة في بلد ما . . تلك السرعة هي التي جعلت عالم الالفية الثالثة لا يشبه عالم الالفية الثانية و تفسيراته !
من جهة اخرى تسببت تلك التغييرات و التطورات الهائلة بتطور صاعق بعالم الاسلحة و انواع الرقابات الالكترونية و التدخلات و فعاليات الحرب السيبرانية . . التي صار الجو و الفضاء مزدحمين بها، حتى صارت الاهداف العسكرية و العدوانية و الدفاعية تتحقق بسرع غير مسبوقة، الأمر الذي سرّع التنافس للحصول على اعلى الارباح ليس بتحسين البضائع و توفيرها باسعار مقبولة فقط، و انما بتحطيم الخصوم و المنافسين بطرق لاعدّ لها و لا رقيب يمنعها او يحذّر من وقوعها بالطرق المعهودة و القانونية المعروفة.
و امام تزاحم الاسواق بالبضائع المتنوعة، ازدادت روح التنافس اللامتوازن، و تصاعدت الروح العدوانية و الانانية لتحقيق اعلى الارباح، حتى وصلت الى ان لامبدأ و لا فكرة تنويرية او انسانية تستطيع الحد منها . . بل صارت حتى الديانات التي أستنجدت بها قوى كبرى حاكمة لاتقف بوجهها، بقدر استخدامها كشعارات و واجهات لاقسى و ابشع الطرق لتحقيق اعلى الارباح.
لقد تغيّر خطاب و سلوك الادارة الاميركية الذي كان يتبرقع بالدمقراطية و حقوق الانسان، و صار متذبذباً رغم تشكيل كتلة (المحافظون الجدد) العليا التي تقود المسيرة الحاكمة الاميركية المؤلفة من (الجمهوريين) و (الديمقراطيين) لتدقيق و تصويب السلوك الاميركي و نتائجه على المراحل الزمنية القادمة، في عدة محاور . . عسكرياً او اقتصادياً او سياسياً، بيئياً و تقنياً و صحياً خاصة بعد وباء كورونا الذي تسبب بخسائر هائلة بالارواح و الاعمال .
التذبذب الذي عبّر عنه الرئيس الاميركي السابق ترامب بفضاضة او جفاف و بشكل مباشر كتاجر في سوق الخردوات يعلن عن اسعار البيع و الشراء و صار و كأنه صيحة (صحو) لعمالقة المشاريع الاميركية، للحصول على الاموال سواء من حلفائها او من دول العالم التي تحميها هي، و الى التخلي عن سياساتها و (شعورها بالمسؤولية) و ادعاءاتها ببناء مجتمعات و ديمقراطيات و حريّة في دول العالم، الذي كان يغلّب اكثر خطاباتها في السابق . .
و بذلك تسير السياسة الاميركية بشكل متذبذب و متناقض وفق المصالح الانانية الآنية في كسب الاموال بلا مبالاة بما يحمل ذلك التذبذب من مصائب و آلام للشعوب، جارّة لها دول العالم في نهجها ذلك، لأنها لاتزال الفاعل الاكبر في صناعة الازمات . . تلك المصالح الأنانية التي انتجت الحصار و الحرب و الاحتلال و الانسحاب الاميركي الفوضوي من العراق عام 2014 الذي تسبب بهجوم داعش و احتلالها ثلث البلاد و كما يحدث الآن من انسحابها الفوضوي من افغانستان الذي لاتُعرف بعد بنوده السرية و لا حدود ماسيحصل اثره بعد، الاّ انه انعش الحركات الاسلاموية الارهابية و الاصولية في المنطقة، بعد انفاقها تريليون دولار على بناء القوات المسلحة الافغانية. (يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل