الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق: قلب الشرق الاوسط 1925 .. ح 11

عباس موسى الكعبي

2021 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


تأليف: ريتشارد كوك
ترجمة: عباس موسى

علينا ان لا ننسى الحديث عن النفط - ذلك السائل السحري الذي حول أكثر أحياء ولاية تكساس عزلة إلى حياة محمومة بالنشاط. في هذا السياق، سيجري تهذيب القبائل البربرية في البلاد وقيادتها تدريجياً نحو سبل التقدم والتحضر. وسيوفر البريطانيون فرصًا كبيرة للتطور العمراني والتكنولوجي، وفرص عمل رائعة. اما ذلك الصبي العاري اليوم، الذي يجري إلى ضفة النهر ممسكا بوعاء بدائي لجلب الماء لوالدته، من المرجح أن يكون رجل أعمال رائد أو محامي متميز في الغد. وأخيرًا، ستستعيد بلاد ما بين النهرين مكانتها الصحيحة بين دول العالم، المكانة الحقيقية بحكم تاريخها الطويل وتربتها ومناخها. وانطلاقا من عام 1919، سيبزغ فجر يوم بلاد ما بين النهرين ليكون أكثر عدلاً وانصافا مما كانت عليه منذ زمن هارون الرشيد.

من المؤسف ان تكون هذه الآمال بعيدة المنال!. فلا أحد يستطيع أن يتنبأ بالفوضى العميقة التي سيقاد لها الشرق الأدنى بأسره قريباً جراء حماقة الساسة الأوروبيين. ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بأن سجل القوى المنتصرة، الذي لا يمكن تعويضه على ما يبدو بعد هزيمة أعدائها، كان قائمًا في الواقع على مثل هذه الأسس غير الآمنة. ولا أحد يستطيع أن يتنبأ أن الشعب البريطاني، بعد أن أنفق قدرًا هائلاً من المال والوقت والطاقة في تأمين بلاد ما بين النهرين كـ "مجال نفوذ"، سيكون قلقًا خلال السنوات الخمس المقبلة ويرغب بالتخلص من تبعاتها. فعلا أساليب الأوروبيين غريبة و "الله وحده العالم بها".

واجه البريطانيون في عام 1919 النتيجة العملية لسياساتهم العامة على مدار الثلاثمائة عام الماضية. فقد تحققت نبوءات ابناء بلاد ما بين النهرين المهتمين بالسياسة. كانوا يقولون دائمًا إنه في الحرب العالمية العظمى، كان من المحتم أن تصبح بلاد ما بين النهرين بريطانية، والأمر بات كذلك. فقد اكتشف البريطانيون أنه من المستحيل على المدى الطويل ضمان سيطرتهم على الخليج الفارسي وحقول النفط الفارسية دون وجود موطئ قدم في بلاد ما بين النهرين. فبلاد ما بين النهرين الآن في يدها مفاتيح الشرق الأوسط برمته.

يتعين ان تحدث التطورات ذات الصلة بـ "مجال النفوذ" بصورة حتمية اثناء الغزو. بيد ان الاستيلاء على بلد ما، سواء كان حسب رغبات سكانه أو ضد رغباتهم، ينذر على الفور بمشكلة أكثر خطورة؛ وهي الإدارة المستقبلية لهذا البلد. ففي عام 1919، كان الوقت قد فات بالفعل على البريطانيين لمناقشة صواب أو خطأ غزو بلاد ما بين النهرين، فها هم قد احتلوها بالفعل، وهي الآن تحت سيطرتهم، عاجزة، مشرذمة ومنقسمة على نفسها. وبسبب الانهيار المفاجئ للإمبراطورية التركية، ها هي محرومة حتى من وجود بقايا آليات حكومية. اذن، ماذا سيفعل البريطانيون لاجلها؟.

امامهم مساران.. الاول، بوسعهم التعامل معها على أنها أراض تم غزوها خلال الحرب ومن ثم السعي لضمها مباشرة إلى الإمبراطورية البريطانية.. كان ذلك هو المسار الذي كان يتوقعه العالم، وبشكل عام ما اراده بصدق سكان بلاد ما بين النهرين. الثاني، بوسعهم ترتيب انسحاب مباشر من البلاد، بعد تشكيل نوع من الحكومات المحلية تكون مقبولة من الشعب.. وهو المسار الذي تم التلميح إليه بوضوح في خطاب الجنرال مود عند دخول بغداد قبل ثمانية عشر شهرًا، وهو ما يتوافق تمامًا مع مشاعر عالم ما بعد الحرب.

يتبع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه