الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم أكن شيطانا أخرس أو شاهد زور

محمد بن زكري

2021 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


** وثيقةُ شهادةٍ على التاريخ
مقدمة لابد منها : هذه الوثيقة ، هي نص مبادرة ، كنت قد أعددتها بتاريخ 25 مارس 2011 (بعد تدخل حلف الناتو في الحرب) ، كخطوط عريضة لمبادرة تسوية وطنية ، من أجل احتواء الكارثة قبل خروجها عن السيطرة ، و ذلك في محاولة لإيقاف الاقتتال بين الليبيين ؛ بقصد عرضها على قيادة النظام السابق (العقيد القذافي تحديدا) للحصول على موافقته المبدئية ، ليُصار من ثم إلى طرحها على مستوى وطني عام ، من خلال بيان تُجمع له تواقيع أكبر عدد من المثقفين الوطنيين ، لاستقطاب أوسع تأييد وطني شعبي لإيقاف الاقتتال ، حفاظا على وحدة الشعب وسيادة الدولة و سلامة الوطن .
و قد نشأت الفكرة ، في لقاءات عِدة - بعمارة الصحافة - جمعت بيني و بين كل من : الكاتب الصحفي محمود البوسيفي ، أمين المؤسسة العامة للصحافة ، و الكاتب علي الرحيبي ؛ على أن يتولى علي الرحيبي عرض المبادرة على بوزيد دوردة رئيس جهاز الأمن الخارجي (بحكم علاقة القرابة بينهما) ، ليقوم بوزيد - من جانبه - بعرض الفكرة على العقيد القذافي ، طلبا لموافقته .
قمت بإعداد نص المبادرة (وفقا لقناعاتي الشخصية) و سلمتها للزميلين محمود البوسيفي و علي الرحيبي (حيث رحب الزميلان بالصيغة و اعتبراها تمثل موقفيهما) ؛ لمتابعة الموضوع مع السيد بوزيد دوردة . و لست أدري بعدها ما الذي حصل .
انتظرت حتى أغسطس (قبل سقوط - أو تحرير - طرابلس) ، و عندما يئست من استجابة النظام للمبادرة ، قمت بإرسال نسخة معدلة منها (فالنسخة الأصلية ضاعت مني إلكترونيّا) إلى كل من : موقع (ليبيا المستقبل) ، و موقع (ليبيا جيل) ، و موقع (ؤسان) .. للنشر . و لكن المواقع الثلاثة امتنعت عن نشرها . (فليراجعوا أراشيف بريدهم الالكتروني) .
و الخلاصة - كما استنتجها - هي أن النظام رفض قبول فكرة إيقاف الحرب ، في مارس 2011 ، ظنا منه أنه منتصر لا محالة ، و أن أصحاب المواقع الالكترونية الليبية المهاجرة (كعَتاد إعلامي لانتفاضة فبراير) ، هم أيضا رفضوا قبول الفكرة ، في أغسطس 2011 ، ظنا منهم أن ما يحدث كان فعلا ثورة ، و أن تلك (الثورة) ستحقق للشعب الليبي مطالب الديمقراطية و العيش الكريم و مجتمع الرخاء و العدالة الاجتماعية و المساواة .
و لإزالة أي لبس ، ألحقتُ وثيقةَ المبادرة بتوضيحٍ لموقفي من الأمر كله .
و فيما يلي نص الوثيقة :

** نـداء من أجل الوطن
* لأنه لم يعد ثمة من فائض وقت لتقاذف كرة النار ؛ فرصيد الوقت قد نفذ منذ زمن بعيد .
* لأن وطننا يضيع من بين أيدينا ، ليقع في براثن الغزاة و فخاخ الطامعين المتربصين بمقدراته .
* لأن مستقبل أجيالنا يضيع من بين أيدينا - و بأيدينا - لعقود قادمة و ربما إلى الأبد .
* لأن التاريخ سيديننا جميعا و بلا استثناء ، كجناة و شهود زور ، فيما لو لم نتحامل على أنفسنا و تلتقي إراداتنا للخروج من دوامة الفتنة الدامية .
* لان الأشخاص زائلون في نهاية المطاف ، بما لهم و بما عليهم ، و الوطن و الشعب باقيان شهودا علينا في محكمة التاريخ.
* لأن كل شي هو نسبي و الحقيقة المطلقة ليست ملكا لأحد
* و لأننا جميعا في هذه الفتنة الدامية ، أمام مصير واحد . و ليس ثمة لأحد من حد فاصل بين الوجود و العدم
نطلق هذا النداء من أجل الوطن
إنـــــــه
- ارتفاعا إلى مستوى المسؤولية التاريخية في إعلاء مصلحة الوطن الليبي فوق كل ما عداها من مصالح ، و حرصا على مستقبل هذا الوطن و استقراره ، و صونا و ضمانا لسلامة أهله و وحدة أراضيه .
- و حقنا لدماء الليبيين كافة من جميع الأطراف دونما أيّ تفرقة أو تمييز بينهم .. جماعات و أفرادا ، و درءً لمزيد من التداعيات الكارثية للفتنة الواقعة ، التي يهدد استمرارها بإزهاق مزيد من أرواح أبناء و بنات الشعب الليبي ، سواء من أولائك الذين تدفع بهم الفتنة إلى أتون الاقتتال أم أولائك الأبرياء الذين تطالهم الفتنة في بيوتهم على حين غرة . بنفس قَدْر التهديد بدمار الوطن و ضياعه .
- و تفهما و استيعابا للأسباب الحقيقية و الواقعية الكامنة في خلفية التفجر الفجائي و المُحِقّ - العشوائي و غير المنضبط للأسف الشديد - للغضب العارم في صفوف الشباب ، تنفيسا عن الاحتقان المتراكم جرّاء الانعكاسات السالبة للسياسات الرسمية في إدارة الأزمات بدلا من حلها .
- و حفاظا على استقلال الوطن الليبي سياسيا و اقتصاديا ، و نأيا به عن كل إمكانات و احتمالات الوقوع رهنا لإرادات القوى الكبرى لتفرض عليه أجندات مصالحها الستراتيجية ، و الوقوع بالتالي فريسة سهلة لأطماع شركاتها متعددة الجنسيات و احتكاراتها المتربصة بثروات البلاد .
- و مراعاة لروابط العيش المشترك للشعب الليبي ، مهما اختلف الليبيون فيما بينهم و مهما كانت درجة الخلاف و الاختلاف ، و انه ليس من إشكال إلا و يتوجب حتميا أن يكون له حل مناسب على قاعدة القواسم الوطنية المشتركة ، فيما لو صفت نوايا الولاء للوطن وعاد الجميع إلى تحكيم العقل و تقديم المصلحة العامة كأولوية مطلقة .
- و تداركا لإنقاذ ما تبقى من الإمكانات البشرية و المادية و البنى الأساسية الليبية على جانبي صراع مدمر بكل المقاييس .
- و ظنا بالأرواح الغالية لأبناء الشعب الليبي ، على امتداد التراب الليبي ، عن الضياع هدرا و في غير الاتجاه الصحيح .
- و أخذا في الاعتبار أن الوطن و الشعب هما أكبر من الجميع ، و أنه ليس ثمة من أحد " كائنا من كان " هو أكبر من وطنه أو أكبر من شعبه ، و أن خدمة الوطن و الشعب واجب و ليس مِنّة .
- و تعبيرا عما نعتقد أنه رأي الأغلبية الصامتة (عن غير رضى) من الملايين الليبية الستة .
نناديكم إلى :
أولا : قبول و التزام الأطراف المعنية كافة بإيقاف فوريّ متزامن (قابل للمراقبة و التحقق) لجميع العمليات العسكرية على جميع الأراضي و فوق جميع الأجواء الليبية .
ثانيا : إخلاء المدن و المواقع المدنية كافة من أي تواجد مسلح ، مهما كان شكله أو نوعه أو حجمه . مع الانسحاب الفوري - المنظم و المجدول و المنضبط - لجميع القوات و الوحدات و التشكيلات العسكرية و شبه العسكرية إلى تكناتها و المواقع التي انطلقت منها .
ثالثا : حصر حمل السلاح في الوحدات العسكرية النظامية ، و سحبه من المدنيين كافة مهما كانت صفاتهم و انتماءاتهم ؛ منعا لفوضى استخدام السلاح ، و تجنبا لآثارها الكارثية على السلم الاجتماعي ، و درءً لاحتمالات الانفلات الأمني و تداعياته بالغة الخطورة على حيوات و كرامات و حرمات الناس و سلامة الممتلكات و الأموال العامة و الخاصة .
رابعا : الشروع بإجراء حوار تشاوري جامع للأطياف الليبية كافة ، دون أية شروط مسبقة ، تحت سقف الولاء المطلق للوطن و الإخلاص للشعب و تغليب الصالح العام ، بمرجعية (ليبيا أولا و ليبيا أخيرا) ، وصولا إلى حل - وطني مُلزم - لأزمة الفتنة الدامية التي وقعت فيها بلادنا (بصرف النظر حاليا عن ظروف وقوعها) ، و التي تتهدد الجميع - وطنا و شعبا و جماعات و أفرادا - بشرّ مستطير ليس له من آخر ؛ فيما لو ظل كل من المعنيين متمترسا داخل أناه ، متحصنا وراء دعاواه ، متخندقا في عماه .
خامسا : تجاوز المحنة بروح و إرادة التسامح (و هو غير علاقة التعايش بين سذاجة الضحايا و تذاكي الجناة) ، و تغليب خيار السلام ، و الارتفاع فوق الجراح ؛ نزولا عند المصلحة العليا للوطن ، دون إسقاط للمسؤوليات أو إغفال للحقوق .
سادسا : إعادة الأمانة إلى أصحابها الأصليين الشرعيين ؛ فيُترك لليبيين بكل أطيافهم أمر التوافق على رؤية مشتركة لمستقبلهم ، بكل الحرية و الديمقراطية ، و دون أي شكل من أشكال الإقصاء و التهميش و أحادية الرأي .
سابعا : قد يكون من المفيد في تلمس سبيل الخلاص من الغرق الانتحاري جماعيا في دوامة الفتنة الدامية ، أن يتم التوافق للاستئناس - أو الاستعانة أو القبول - بروحية (لا بحرفية) نص مشروع الميثاق الوطني لليبيا الغد ، الذي كان قد شارك بعض قادة 17 فبراير في صياغة مواده ، و نص الإعلان الدستوري المؤقت . (و أسجل تحفظي الشخصي بشدة على كليهما) .
والوطن الليبي فوق الجميع
و الأمة الليبية من وراء القصد
ولا غالب إلا الله . انتهى نص الوثيقة

** توضيحات
* أولا : لقد أسمعت لو ناديت حيّا
منذ سبع سنوات ، كتبت - في حدود المتاح على حافة الجحيم - مقالتين ، حملت إحداهما عنوان : " دعوة إلى ثورة في الثورة " ، و حملت الأخرى عنوان : " في مواجهة التيار واستباقا للطوفان " .
و لقد حذرت في المقالتين من المآل الكارثي الذي آلت إليه الأوضاع كافة في البلاد هذه الأيام ؛ غير أن الصحافة الليبية (الجماهيرية) رفضت نشر أيٍّ من المقالتين ، إما تجنبا للمتاعب مع سلطة الحرس القديم (و لا ألوم أحدا) ، و إما انسجاما مع تيار النيوليبرالية الغدويّة (و لا أعذر أحدا) .
ومع أن المقالتين قد نُشرتا بعدئذ في الصحافة الإلكترونية (ليبيا وطننا و ليبيا جيل) ، فإنه لم يكن لأيٍّ منهما أيُّ صدى لدى متخذي القرار في ليبيا ؛ فاللامبالاة والاستهانة كانتا هما الفعل ورد الفعل ؛ فمَن عساك تظن نفسك أيها المواطن الآبق ؟!
و.. " ربَّ وامعتصماه انطلقت .. لم تلامس نخوةَ المعتصمِ "
* ثانيا : ألا لا يجهلن أحد علينا
دفعاً استباقيا لما قد يقذفني به الموتورون و باعة الهتاف و حَمَلة المباخر و حمّالات الحطب - على الجانبين - من طوب المزايدات المجانية :
فأنا لست من المحسوبين على نظام الفاتح من سبتمبر ، بل إنه أحالني على التقاعد (التصفوي) و أنا في بداية العشرينات من العمر ، و أدخلني المعتقل و زنزانة الحبس الانفرادي شهورا ، تحت نير البوليس الحربي .
و أنا لم أكن يوما عضوا في تنظيم (حزب) اللجان الثورية ، بل إن منهم من حرّض عليّ جهارا نهارا في الإعلام (مصطفى الزايدي و امحمد الغول القائدي وآخرون) ، و منهم من ذهب أبعد من التحريض الإعلامي (ميلاد دامان و امحمد الغول القائدي و محمد خويلد) فوضعوني مباشرة وجها لوجه - باسم التنظيم - أمام خيارين : الصمت أو التصفية الجسدية .
و أنا لم أكن لحظة واحدة معجبا بمشروع ليبيا الغد أو متعاطفا مع طروحاته النيوليبرالية المستنسخة من النموذج الأميركي (البوشي) .
و أنا لست من المستفيدين على أي نحو من الإنعامات و الامتيازات الثوروية - ولو بمثقال ذرة - على مدى الأربعة عقود الماضية ، بل على العكس من ذلك فإن الدولة الليبية صادرت ما يربو عن عشر هكتارات من الأرض الزراعية (هي ملكية لعائلتي بالميراث الشرعي عن الأجداد) لتقام عليها مستوطنة جادو الجديدة .
و أنا لا أملك بيتا على أرض (الجماهيرية العظمى !) بطول البلاد و عرضها ، فتلك غاية لا تُدرك في العظمى إلا بواحدة من وسائل ثلاث هي : الواسطة أو الرشوة أو الذِّلّة .
و أنا مواطن استنزفت خدمةُ الدولةِ الليبيةِ عمرَه ليخرج من الوظيفة الحكومية بمعاش تقاعدي هزيل ، أخجل من ذكر قيمته ، هو أدنى قدرة شرائية من أول راتب تقاضيته في مستهل حياتي الوظيفية (قامت وقعدت حكومة أثرياء الفساد لترفعه - عَرَضيّاً - إلى مستوى الحد الأدنى للأجور) .
و أولادي هم بين عاطل عن العمل و فاقد للأمل ، نتيجة للسياسات الاقتصادية و الاجتماعية التي اعتمدتها الدولة الليبية (الجماهيرية العظمى !) لإدارة الدولة ، و خصوصا في العشرية الأخيرة للنظام ؛ عملا بروشتة البنك و صندوق النقد الدوليين ، و استرشادا بتنظيرات الليبرالية الجديدة .
و من ثم فإنه ليس لكائن من كان أن يأخذني بشبهة أو بتهمة ممالأة نظام الفاتح من سبتمبر حفاظا على مكاسب شخصية أو دفاعا عن امتيازات خاصة توفرت لي من النظام لأخشى عليها من الفقدان . وبالطبع فإنه من غير الوارد أن أحصل منه في ربع الساعة الأخير على حق لم أحصل عليه خلال أربعين عاما خلت .
و بالمقابل فإنني لست بمتطلع إلى نيل رضا فريق متصدري انتفاضة 17 فبراير ، المكون في غالبيته من المحسوبين على مشروع ليبيا الغد الإصلاحوي (ناقصا سيف القذافي فقط) ، بسياسييه و اقتصادييه و منظريه و إعلامييه و أنصارييه و مستفيديه . و لست بمنتظر منهم خيرا كثيرا لبلادي قبل أن أنتظره لشخصي ؛ و هُم من نقلوا البندقية من كتف إلى الكتف الأخرى ، قافزين بسرعة بهلوانية ملفتة ، من سفينة النظام (التي سبق لهم القفز إليها و اختطافها في غفلة من الشعب الليبي المغيب) ، إلى ظهر حاملة طائرات حلف الناتو ، ليعودوا من ثم - هم وأولادهم - إلى ركوب ظهورنا و تولي أمورنا و الجثوم فوق صدورنا .. مُجددا ، و ليكونوا بذلك قد اخترقوا و اختطفوا ثورتين و لدغونا من نفس الجحر مرتين .
و في كل الأحوال فأنا من تلك الفئة المتصالحة مع نفسها و المنذورة للخسارة الشخصية في كل الأزمنة و العهود ، نظير و جرّاء المجاهرة بكلمة (لا) .
* ثالثا : الناتو ليس هو الأم تيريزا
لخطأ في قراءة معطيات الواقع ، أو لسوء تقدير متغيراته ، أو لكليهما معا ؛ تبدو الأطراف كافة و قد وقعت في ورطة رمال متحركة لا يدري أحد متى و كيف و كم هو ثمن الخروج منها . فلا الحل الأمني أغنى شيئا عن الحلول السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، في احتواء الأزمة . و لا ركوب موجة التسونامي الشعبوية ، أوصل راكبي الأمواج إلى سفينة نوح . و لا قراصنة حلف الناتو ، حصلوا على الجائزة الكبرى بالسهولة التي توقعوها .
على أن الحقيقة العارية الآن ، هي أن الناتو - شاء من شاء و أبى من أبى - هو صاحب اليد العليا و الكلمة الفصل في إملاء كتابة التاريخ و صياغة الواقع و رسم ملامح المستقبل فوق الأرض الليبية ، استثمارا في دماء الليبيين على جانبي صراع الإخوة الأعداء ، عبر ستراتيجية الاحتواء المزدوج ؛ فالناتو ليس هو الأم تيريزا .
و لا ينخدعن أحد منكم ، فيتوهم أو يوهم غيره ، بأن في إمكانه الإمساك بخيط من خيوط لعبة الأمم ؛ فاللعبة اكبر منكم جميعا ، و الكعكة الليبية هي أشد إغراء لأباطرة القوة الناعمة و القوة الغاشمة من أن يتركوا أمرها للصغار . وما انتم بنظرهم - إن كنتم لا تدرون - إلا نوع من تلك الكائنات التي لا تكُفُّ عن الطنين حول الكعكة و (تدرّه الكبد بس ما تقتلش) . فلا لعبة الأمم هي مباراة ودية في الشطرنج (صبلي نشرب) ، أو مساجلة متلفزة في الشعر الشعبي (خمسة قعمز طاولة كسّر) ، و لا السادة أوباما و ساركوزي و كامرون هم من حواريي السيد المسيح .
و هاهم الروس و الصينيون يناورون بوسائل القوة الناعمة ، و يساومون - تحت الطاولة و فوقها - على حجم نصيبهم من الكعكة ، قبل أن يخط الناتو بأدوات القوة الغاشمة كلمة الختام في التراجيديا المخطوطة بالدم الليبي ، و قبل أن يأذن المستر أوباما بوضع نقطة النهاية على السطر الأخير من التراجيديا الليبية الدامية ؛ فواقع الحال هو أن : فبراير يريد ، و سبتمبر يريد ، و الناتو يفعل ما يريد .
* رابعا : لا لحرب البسوس
إن وطنا يُدمر ، و إن شعبا يُباد ، و إن مستقبل أجيال يضيع ، في مهب إعصار فتنة كبرى مفتوحة على المجهول .
فمهلا أيها السادة ، توقفوا قليلا لتواجهوا أنفسكم أمام التاريخ ، و استجمعوا شتات ما تبقى من عقولكم و ضمائركم لإيقاف حرب داحس و الغبراء ؛ التي التهمت أرواح آلاف مؤلفة من زهور الوطن ، لا أحد منهم فائض عن الحاجة . و التي استطالت حتى طالت بويلاتها عشرات الآلاف من الأيتام و الأرامل و الثكالى و المغتصبات و المعوقين و المكلومين و المشردين .
مهلا أيها السادة ، توقفوا قليلا لتراجعوا أنفسكم أمام التاريخ ، فالتاريخ لا يغفر سفك الدماء على مذبح الأهواء . و أوقفوا حرب البسوس ، حتى يوقف الناتو وصلات العزف الصاروخي المنفرد في احتفالية التدمير الشامل ، المتواصلة من الجو ، لرفع قيمة فاتورة إعادة البناء و الإعمار على الأرض الليبية الخراب ، لصالح إنعاش الاقتصادات الراسمالية المنهارة في أوربا و أميركا .
مهلا أيها السادة ، تواضعوا لنا قليلا ، و اسمحوا بالصراخ في وجوهكم مرة واحدة لمواطن من عامة الشعب ، مواطن عادي (هرواك / كما تقولون عنّا) و مثقف مهموم و مسكون بالوطن (طوباوي/ أو مغفل في قاموسكم) ، يعرفُ جيداً أن المعرفة سلطة ، لكنه عفَّ عن استثمار رصيده منها في سوقكم الموازية .
اسمحوا لنا أن نقول لكم : ارفعوا أيديكم عنّا ، و كُفوا عن القعقعة ، فلم يعد وطننا المنهوك يحتمل عنترياتكم إن كنتم لا تعلمون . أوقفوا ضجيج إعلامكم الغرائزي ، و كُفوا عن قصف وعينا المنتهك ، فلم نعد نطيق غوبلزياتكم إن كنتم لا تدرون .
إنها قد غدت حرب البسوس ، فتذكروا فقط أننا في عصر الكونية و المعلوماتية و النانو تكنولوجي . تذكروا فقط أن ليبيا وطن للبشر الليبيين ، و ليست مزرعة حيوان أورويليّة .
و تذكروا فقط أن : " كل من عليها فان " .
طرابلس في 20 أغسطس 2011
محمد إبراهيم زكري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي