الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-هل سيتكرر السيناريو الافغاني في العراق؟-

سامي عبدالقادر ريكاني

2021 / 8 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرا ما يوجه الية هذا السؤال من قبل القنوات الاعلامية هذه الايام حتى بات هو السؤال الذي اتلقاه يوميا من قبل الناس وبمختلف مستوياتهم بعد احداث افغانستان الاخيرة.
وللجواب بصورة اوضح من وجهة نظري على هذا الموضوع رايت بانه لابد من تقسيمها على النحو الاتي:
اولا: التشابه الذي يوحي باحتمالية تكرار السيناريو الافغاني في العراق هي:
- كلاهما احتلتهما امريكا واسقطت حكوماتها
- الدولتين غنيتان بالموارد الطبيعية
- في كلا الدولتين الامريكيين نصبوا حكومات جاءة بها على دبابتها
- الدولتين تقريبا تتشابه من حيث التنوع العرقي والطائفي
- في كلا الدولتين حكوماتها كانت توافقية بين احزاب تكونت على اساس عرقي وطائفي
- في كلا الدولتين كان الفساد والمليشيات الحزبية هي المتحكمة في القرار والواقع الاداري للدولة
- الحكومات المتعاقبة في كلا الدولتين فشلتا في ادارة الدولة وبناء الجيش الوطني حتى تحمي دولتها
- في كلا الدولتين وبعد الاحتلال كانت امريكا دائما تتفاوض من اجل الخروج منها
- في كلا الدولتين فشلت امريكا بعد كل المحاولات والمصاريف الهائلة في ان تبني سلطة وطنية قادرة على تسليم السلطة قبل ان تنسحب منها.

ثانيا: الاختلاف الذي يعيق تكرار السيناريو الافغاني في العراق
- عدم وجود بديل موثوق به داخليا من قبل الشعب وخارجيا من قبل امريكا ودول الجوار بحيث تحل مكان الفوضى الاداري الموجود في العراق ، بخلاف افغانستان التي رات في طالبان البديل الاكثر شعبية وقدرة على مسك زمام الامور في افغانستان خاصة بعد ابداء رغبتها في الانفتاح على دول الجوار الاقليمي والدولي والقبول بالشروط التي فرضت عليها بعد المفاوضات الطويلة مع الجميع، وان كانت هذه الاتفاقات غير ضامنة في المستقبل.
- وبخلاف ما يروج لها الاعلام العالمي بان الانسحاب الامريكي كان مفاجئا في افغانستان بل بالعكس تماما فان المفاوضات بين امريكا وطالبان لم تتوقف منذ 2004 ولحد الان في محاولة منها لجرها الى المشاركة في السلطة حتى وصل الامر في النهاية في 2020 لاتفاق حقيقي بين امريكا وطالبان وان الانسحاب كان وفق التفاهمات والشروط بين الطرفين الا ان هذه السرعة في السيطرة واستسلام الحكومة لها لم تكن في متوقع المجتمع الدولي.
- اما في العراق فلم يحدث ان فاوضت امريكا مع اي طرف عراقي محتمل بان يكون البديل عن الحكومات الفاشلة التي اتت بها لحكم العراق بل ان كل مفاوضاتها كانت مع نفس الاحزاب الفاسدة كلما ارادة تحسين الوضع في العراق مرة بعد اخرى.
- العراق بخلاف افغانستان جرى انسحاب امريكي منها سابقا في 2011 ومن ثم دخلت مرة اخرى اليها باتفاق اخر في 2014 لمحاربة داعش، وهذا مالم يحدث في افغانستان منذ عشرون سنة من احتلالها لها.
- ان الانسحاب الامريكي من افغانستان يروج لها الاعلام الامريكي وادارة بايدن في نظرها انها سلمتها لاهلها ليديروا دولتهم وان نتائجها ستكون ايجابية بالنسبة للاستقرار الداخلي بسبب المفاوضات المستمرة الجارية بين قيادات طالبان وامريكا وقيادات دول الجوار وكل هذا له مردود ايجابي لسمعة الادارة الامريكية وشعبيتها في الداخل الامريكي وخارجها على المستوى العالمي.
بخلاف ما سيروج لها الاعلام العالمي وما سيكون لها من عواقب وخيمة للادارة الجديدة وسمعتها الداخلية اذا ما فعلت نفس الشيء في العراق لانها ستحل الفوضى في المنطقة.

فما ان تنسحب امريكا من العراق فلن يحكمها سوى ايران ومليشياتها الولائية، وان كانت امريكا لايهمها من سيحكم العراق بعدها كما ان لها تجربة سابقة مع هكذا حالة عندما سلمت العراق لايران في 2011.

الا ان الصورة مختلفة اليوم لانه في السابق كان كل شيء يجري بالتفاهم وعبر المفاوضات بين ايران وامريكا اما اليوم فالمفاوضات متعثرة بين الدولتين حول عدة ملفات اقليمية ودولية والتوصل الى اتفاق يرضي الطرفين ليس بتلك السهولة ويحتاج الى وقت اكثر، كما ان المليشيات بدون غطاء ودعم امريكي حتى لو دعمتها ايران فلايمكن لها ان تصمد خارج المناطق الشيعية .
- وبالنتيجة فان اي انسحاب امريكي قبل ترتيب الاوضاع مع دول جوار العراق وعلى راسها ايران وتركيا فلن يؤدي الا الى فوضى وعدم استقرار في المنطقة برمتها.
بل من عواقبها على العراق انها ستتحول الى سوريا ثانية و بؤرة للتدخلات الاقليمية وعودة داعش مرة اخرى في المناطق السنية كما ستقوي من قبضة ايران في المنطقة وستصل تاثيراتها الى دول الخليج العربي، وهذا ما يتجنبه ادارة بايدن بكل الوسائل كما يحذرالدول العربية وتركيا وبقية دول العالم من عواقب هذه الخطوة وتاثيراتها على الاستقرار الامني في المنطقة.
- هناك مؤشرات قوية حتى من قبل ايران والاحزاب الشيعية العراقية ايضا بانها تتخوف من اي انسحاب امريكي مفاجيء من العراق وذلك للاسباب التالية :
--ان اي انسحاب امريكي دون اتفاق سيجبر ايران والاحزاب الشيعية لتتحمل مسؤلية الاستقرار في العراق وستكون تكلفتها باهضة الثمن ولن تستطيع ايران الاستمرار في دعم الشيعة والاعتماد عليهم في ضبط الواقع العراقي
-- ايران تتخوف من ان تفرض امريكا عقوبات اقتصادية على العراق اسوة بايران في حال خرجت من العراق وحلت ايران ونفوذها مكان التحالف الدولي،لانها في هذه الحالة ستخسر اكبر بوابة اقتصادية احتمت بها ايران طوال سنوات الحصار الاقتصادي التي فرضت عليها من قبل امريكا
-- لايران مخاوف من ان تقع في المستنقع العراقي وتدمر اقتصاديا وبشريا لان العراق ستصبح ساحة لتدخل المليشيات المسلحة بصورها الداعشية وغيرها وبدعم اقليمي ودولي.

ثالثا: اذا ماهو السيناريو المتوقع ؟ يمكن تلخيص الجواب حسب النقاط التالية:
- الانسحاب الامريكي من العراق امر مفروغ منه من قبل ادارة بايدن بانها مصممة على ذلك الانسحاب اجلا ام عاجلا.
- حسب" اتفاق بايدن والكاظمي" يظهر بان الانسحاب من العراق لن يكون كالانسحاب من افغانستان
- بايدن يريد انسحابا يبقي لادارته ماء الوجه ويبقي على شعبيته في الداخل الامريكي لذلك لاتقبل بان يخلف انسحابها فوضى في العراق
- امريكا ستعول على نجاح الانتخابات لتتخذ منها ذريعة لانسحابها بحجة ان امريكا دعمت الشعب العراقي لياخذ قراره بنفسه عبر صناديق الاقتراع والانتخابات وعلى امريكا احترام ارادتها وتركها لتتخذ مصيرها بايديها
- امريكا ستدخل المجتمع الدولي ودول جوار العراق عبر المفاوضات وعقد المؤتمرات لتحملهم مسؤلية حماية الاستقرار في العراق قبل وبعد الانتخابات
- امريكا لن تدخل قواتها القتالية لاعادة الاستقرار في العراق في حال حاولت المليشيات او داعش السيطرة على زمام الامور فيها بل انها ستلجا الى الدعم الجوي وعبر المجتمع الدولي او قوات التحالف لمواجهة الامر ان لزم الامر.
- اذا ما حل الفوضى في العراق على يد ايران والمليشيات الولائية بعد الانسحاب الامريكي منها وتمادت في فرض نفسها على القرار العراقي بدون موافقة امريكية ورضى اقليمي فان امريكا ستضاعف من حصارها الاقتصادي على ايران وانها هذه المرة ستشمل العراق بهذا الحصار ايضا، كما انها ستفسح المجال لتركيا وبقية الدول العربية لتزيد من تدخلاتها في المناطق السنية والكوردية لمواجهة المد الايراني.
- مع كل هذا لانستبعد ان يكون احلال الفوضى في الدولتين هي الوسيلة الوحيدة التي تريد امريكا من خلالها معاقبة الدول والاحزاب الداخلية التي عاقة سابقا اي تحول نحو الاستقرار في هذه الدول ووقفت في وجه امريكا واستغلت وجودها لتمرر اجنداتها في الدولتين ، بحيث دفعت امريكا للعمل على وتر الاسلام السياسي لتعيد ترتيب اوراقها في المنطقة عبر العمل على وتر الخلافات الطائفية في المنطقة والاستفادة من صراع الايدولوجيات الاسلام-قومية، كما كان لعبتها في ايام الحروب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -