الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظريةُ العِرْق النّقدية

بوناب كمال

2021 / 8 / 22
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


العنوان الأصلي:
Critical Race Theory : A Brief History
By : Jacey Fortin
The New York Times – 27/07/2021
إلى غاية الفترة التي طغت فيها الاحتجاجات ضد العنصرية على المشهد السياسي الأمريكي، لم يكن الكثير من الأمريكيين يعرفون عبارة نظرية العرق النقدية ، ولكن ،فجأةً، أصبح المصطلح موجودًا في كل مكان؛ يتصدّرُ عناوين الصّحف الوطنية والدولية، وحَوّلَ المدارس والجامعات إلى ساحات حروبٍ ثقافية، و وَصفهُ أعضاءٌ من مجلس الشيوخ على أنه "تلقينٌ عقائديٌ ناشط".
يُنسبُ الفضل ،على نطاقٍ واسع، في صياغة هذه النظرية إلى كيمبرلي وليامز كرينشاو (Kimberlé Williams Crenshaw) أستاذة القانون في جامعة كاليفورنيا بـ لوس أنجلوس؛ والتي حين سُئلت عن تعريف النظرية أجابت: "لماذا يأتي هذا السؤال الآن؟"، وعقّبتْ قائلةً بأنّ "هذه النظرية أثارت الاهتمام بعد أنِ ادّعى اليمين المحافظ أنها مجموعة من الأفكار التخريبية".
يرفض المدافعون عن هذه النظرية الاتهامات التي تصف المناقشات حول العنصرية بأنها مُخزية ومثيرةٌ للانقسام، ويؤكّدون على أنّ اهتمامهُم ينصبُّ بشكلٍ أساسي على المؤسسات والأنظمة وليس الأفراد؛ تقول ماري ماتسودا (Mari Matsuda) ـ أستاذة القانون في جامعة هاواي ـ أنّ "المشكلة ليست في الأشخاص الأشرار، ولكن في نظامٍ يُعيد إنتاجَ مُخرجاتٍ سيئة، إنه أمرٌ إنساني وشاملٌ أنِ نُقرّ بأنّنا فعلنا أشياء أضرّتْ بنا جميعًا، وأنّنا في حاجةٍ إلى إيجاد مَخرج".
لا يتقبّلُ منظّرو العرق النّقديين فلسفة عَمَى الألوان ويعترفون باستمرار الفوارق العرقية الصارخة في الولايات المتحدة على الرغم من عقودٍ من إصلاحات الحقوق المدنية، ويُثيرون أُحجياتٍ بنيوية حول كيفية تنفيذ التسلسل الهرمي العنصري، حتى بين أولئك الأشخاص الّذين لديهم نوايا حسنة؛ وبحسب كرينشاو "هذه النظرية طريقةٌ للرؤية والمحاسبة وتتبّعٍ طُرق إنتاج العِرق، وكذا السُّبُل التي يتمّ وفقها تسهيل عدم المساواة العِرقية، وتحليل الآليات التي صَنعَ بها تاريخنا هذه التفاوتات"؛ ووصفتها ماتسودا على أنها "خارطةٌ للتغيير، تأخذُ التجربة الحية للعنصرية على محمل الجدّ، وتوظّفُ التاريخ والواقع الاجتماعي لمعرفة كيفية عمل العنصرية في القانون والثقافة الأمريكية، وتهدفُ إلى القضاء على الآثار الضارة للعنصرية وتحقيق عالم عادل وصحّي للجميع".
على غرارِ العديد من الأطر الأكاديمية الأخرى؛ واجهت نظرية العرق النّقدية حججًا مضادّة، واقترح بعضهم أنّ هذا الحقل المعرفي قد ضحّى بالصرامة والموضوعية الأكاديمية لصالح الروايات الشخصية، وتساءل آخرون عمّا إذا كان التّركيز على المشكلات النّظامية سيقلّل من هامش قدرة الأفراد على التّصرف؛ وعقبَ الاحتجاجات التي اندلعت بسبب قتل الشرطة لـ جورج فلويد وما تبِعها من محادثات جديدة عن العنصرية البنيوية في الولايات المتحدة، أصدرَ الرئيس دونالد ترامب مذكّرةً للولايات الفدرالية يُحذّرهم من نظرية العرق النقدية (C.R.T) واصفًا إياها بأنها "مثيرةٌ للانقسام"، وتلى ذلك أمرٌ تنفيذي يحظرُ أيّ توجيهٍ و نشاط يُشير إلى أنّ الولايات المتحدة عنصرية في جوهرها؛ ويبدو أنّ رأي ترامب قد نشأ أساسًا من مشاهدته الباحث المحافظ في معهد مانهاتن كريستوفر روفو (Christopher F. Rufo) على قناة فوكس نيوز، أين وصفَ هذه النظرية بأنها تلقينٌ عقائدي طائفي؛ وقال حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس (Ron DeSantis) لمجلس التعليم بالولاية أنّ "هذه النظرية تبْتغي أن يُكنّ الأطفال الكُره لبعضهم"، واصفًا إياها بأنها "عنصريةٌ تُقرها الدولة"؛ وبحسب كرينشاو فإنّ معارضي C.R.T يستخدمونَ تكتيكًا قديمًا مفاده: الإصرار على أنّ الاعتراف بالعنصرية هو في حدّ ذاته سلوكٌ عنصري، وأردفتْ أنّ "هذا الخطاب يصوّر قوانين و مطالب وحركات المساواة العِرقية على أنّها تمييزٌ ضدّ البِيض"؛ وقد قامت إدارة بايدن بإلغاء أمر ترامب السابق.
تَركَ ديريك بيل (Derrrick Bell) كلية الحقوق بجامعة هارفارد سنة 1980؛ ويُوصَفُ الباحث القانوني بيل على أنّه الأب الرّوحي لنظرية العِرق النّقدية؛ تقول ماتسودا أنّ بيل "جلبَ الوعي الأسود إلى ساحات المعارك الفكرية"؛ فقد حاول استكشاف ما الذي يَعنيه فهمُ العنصرية كميزةٍ دائمة للحياة الأمريكية، وما إذا كان من الأسهل للمُلوّنين تمرير تشريعات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، لأنّ هذه القوانين ستخدمُ في النهاية مصالح الأشخاص البِيض؛ وبعد أن تركَ بيل جامعة هارفارد بدأتْ مجموعةٌ من الطلبة في الاحتجاج على افتقار كلية القانون للتّنوّع، وقد ذكرت صحيفة نيو يورك تايمز سنة 1983 أنّ الكلية كانت تحتوي على 60 أستاذًا في القانون، كلّهم رجال و واحدٌ بينهم فقط كان أسودًا؛ وقد انزعجَ المحتجّون ،بما فيهم كرانشاو وماتسودا اللتان كانتا طالبتيْ دراسات عليا، من القيود المفروضة على مناهج الدراسات القانونية، وهو ما يدفع إلى الشك في حيادية النظام القانوني الأمريكي، ويعزّزُ لديهم حافز استكشاف كيفية حفاظ هذه القوانين على التسلسلات الهَرمية العِرقية؛ تقول كرينشاو " كانت مهمّتنا إعادة التّفكير في ما كانت تُعلّمنا إياه هذه المؤسسات، والمساعدة في تحويلها إلى مساحات مساواةٍ فعلية"؛ ومن ثمّ ساهمت ورشة العمل التي نظّمتْها كرينشاو سنة 1989 في تجميع هذه الأفكار وبلورتِها ضمن إطارٍ أكاديمي جديد عُرفَ بنظرية العِرق النّقدية.
يعتقدُ أويان بون (OiYan Poon) ،الأستاذ المشارك في جامعة كولورادو، أنّ مُؤسسي C.R.T انتقدُوا الأيديولوجيات الليبرالية، ووَجهُوا دعوةً للباحثين لفهم جذور سبب استمرار التّباينات العِرْقية، وتفكيك العنصرية بشكلٍ منهجي، ويرى بعض الباحثين في هذه النظرية أنها تساعد الولايات المتحدة على الارتقاء إلى مستوى مُثُلها العليا، فهي بمثابة نموذجِ تفكيرٍ في المُشكلات الكبيرة والمُخيفة التي تُهدّد الجميع على هذا الكوكب؛ وفي ذلك تقول ماتسودا أن هذه النظرية "مثل الاحتباس الحراري"؛ "لدينا مشكلة خطيرة تتطلّبُ تغييرات هيكلية كبيرة، وإلا فإننا نحكمُ على الأجيال القادمة بالكارثة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -