الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة في فهم مجريات ومآلات الحدث الافغاني

صلاح بدرالدين

2021 / 8 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


لاشك ان تطورات أفغانستان المتسارعة ، وعودة حركة طالبان الي واجهة الحكم من جديد ، بعد نحو نصف قرن من الحروب والمواجهات ، والاحتلالات ، والتدخلات العسكرية تعتبر من ابرز أحداث الربع الأول من القرن والواحد والعشرين ، وماحصل يتجاوز الحدود الوطنية لهذا البلد الاسيوي المنكوب المحروم من السلم ، والاستقرار منذ نحو قرن ، باتجاه أعماق الابعاد الإقليمية ، والدولية ، ولهذا نشهد هذا الاهتمام المتزايد من جانب وسائل الاعلام ، وصناع القرار في العالم من الغرب ،الى الشرق ، ومن الشمال ، الي الجنوب ، ومازالت توقعات ، واستنتاجات المتابعين للحدث الافغاني في بداياتها ، وقد تطول بحسب كل المؤشرات .
أفغانستان ذات الثلاثة والثلاثين مليون نسمة ، كانت هدفا في القرون الغابرة للفتوحات الاغريقية ، والإسلامية، وحكم المغول ، شعوبها من الارومة الهندو – الاوربية الارية ، مثل الفرس ، والكرد ، والطاجيك ، ومجموعة من الشعوب الأخرى ،نالت استقلالها عام 1919 ، وتعرضت بالعصر الحديث الى موجتين من الغزو الخارجي ، السوفييتي عام 1979 ، والامريكي عام 2001 ، والحرب الاهلية تشتعل فيها منذ بداية الغزو الأول .
أفغانستان تجاور خمسة بلدان ، ولها حدود مشتركة 900 كم مع ايران ، و137 كم مع طاجاكستان ، و90 كم مع باكستان ، و20 كم مع أوزبكستان ، و80 كم مع تركمانستان ، ومع الصين 76 كم ، وهي بلاد – حبيسة – لاتتشاطؤ مع البحار .
هذه البلاد متعددة الشعوب والاقوام ، أكبرها قومية – الباشتون – 40 – 50٪ ، والطاجيك 37٪ ، وهزارة 9٪ ، والتركمان 2٪ ، والاوزبك 9٪ ، وهناك البلوش أيضا ،وأثنيات أخرى ، والاغلبية الساحقة من الشعوب الأفغانية تعتنق المذهب السني مع قسم قليل على المذهب الشيعي .
ان الواقع التاريخي ، والظروف التي مرت بها أفغانستان ، وواقع جيرتها مع بلدان وشعوب تتناقض من حيث الواقع الاجتماعي ، والمنبت التاريخي ، والتنوع القومي ، والمذهبي ، والديني ، بينها دول كبرى لها مطامع اقتصادية ، وأخرى لديها مشاريع توسعية ومنطلقة من الآيديولوجيا السياسية ، والدينية ، والمذهبية بالإضافة الى التداخل القومي ، ومع توفر معطيات على غنى البلد بالموارد ، والمعادن الثمينة ، هذا مع تأخر حل المسائل الاقتصادية ، والاجتماعية ، وانعدام تجربة وتقاليد في حل قضايا القوميات ، وإرساء مبدأ العيش المشترك ، والشراكة في السلطة والثروة والقرار ، بالطرق الديموقراطية ، وعدم أهلية حركة طالبان في تقديم البديل الأفضل ، أقول ان كل ذلك يشكل تحديات خطيرة أمام مستقبل الاستقرار ، والتقدم ، والبناء في المديين المنظور ، والابعد .
لقد دفعت أفغانستان ثمنا باهظا على حساب الدماء ، والدمار ، ووقف التطور الطبيعي ، في حقبتي الحرب الباردة ومابعدها ، وتحولت الى حقل تجارب ، ليس بين أحدث التكنولوجييا الحديثة ، والأسلحة المدمرة الشرقية والغربية فحسب ، بل ميدانا لتصفية الحسابات الأيديولوجية أيضا ، بعيدا عن مراكز القوى المتخاصمة في أوروبا ، وامريكا ، آلاف الكيلومترات ، ففيها تمت مواجهة الجيش الأحمر مفخرة قوى الثورة العالمية والذي قرر الانسحاب ، كما غادر جيش الناتو المدافع عن قيم الديموقراطية الغربية ، وهنا امتنع عن استخدام تعبير ( الهزيمة ) العسكرية للجيشين لانهما كانا أقوى عددا وعدة ، ومن الجدير بالذكر ان النظام الشيوعي مابعد مغادرة الجيش السوفييتي صمد ثلاثة أعوام ، اما النظام الذي بناه الغرب فصمد ثلاثة أسابيع ، وفي الحالتين ترك الطرفان بانسحابهما الاشكالي القابل للاخذ والرد أفغانستان تحت رحمة مجموعات قبلية تقودها قيادات ميدانية من خريجي كتاتيب الجوامع ، بينها وبين المدنية عشرات الأعوام الضوئية ، أوليس ذلك مدعاة الى التأمل ؟ .
توقعات ، احتمالات ،سيناريوهات
1 – إمكانية ان يساهم الحدث الافغاني في إعادة تموضع نواة لنظام عالمي جديد متعدد القطبية ، وتغيير قواعد الصراع بين الأقطاب ( أمريكا – الصين ، روسيا – أوروبا ) حول النفوذ ، والمصالح الاقتصادية ، والمواقع الاستراتيجية ، وصولا الى إعادة انشاء هيئة الأمم المتحدة على أسس جديدة تعكس موازين القوى الدولية ، والإقليمية الراهنة .
2 – قد يدفع الحدث الافغاني الى إعادة النظر من جانب المجتمع الدولي ، والهيئات العالمية ذات الصلة ، في مفهوم وتعريف الإرهاب ، ووسائل معالجته .
3 – بعد النكسات التي واجهت حلف الناتو ، والتفتت الداخلي في صفوفه ، والاستفراد الأمريكي في توجيهه ، وآخره الارتباك الحاصل حول الملف الافغاني ، وقبل ذلك تجاه روسيا ، والموقف التركي المتمرد على مؤسساته ، قد نسمع أصواتا مؤثرة من ضمن هذالحلف تطالب بحله اسوة بماحصل لحلف وارسو .
4 – ستؤدي تطورات الحدث الافغاني التي لم تتوقف بعد الى إعادة رسم السياسات بشأن ظاهرة الإسلام السياسي بجناحيه السني ، والشيعي ، وكذلك احتمالية التفاعل السلبي أو والايجابي بين الأنظمة في المنطقة من الجانبين ، ورجحان تقديرات إرساء نوع من المهادنة بين جمهورية ايران الإسلامية الشيعية من جهة وبين المراكز السنية في دول الخليج ، وأفغانستان ، وباكستان .
5 – ايران ماضية في استثمار اللحظة الأفغانية الراهنة ، وترى تشجيعا لها من جانب إدارة – بايدن – على مبدأ – أوباما – وسيكون لذلك آثارا سلبية على مصالح شعوب المنطقة ،خصوصا بالعراق ، وسوريا ، ولبنان ، واليمن ، والخليج .
6 صعود ايران المتوقع سيكون له تاثيرات سلبية على الحركة الكردية عموما ، وعلى إنجازات إقليم كردستان العراق على وجه الخصوص ، وقد يتاثر الامن والاستقرار هناك .
7 – ستنشط السياسة الإيرانية في سوريا ، وبدعم ميداني مباشر من قوى نظام الأسد ، وحزب الله اللبناني ، باتجاه اختراقات في صفوف المعارضين والمناطق التابعة لها ، او الرمادية ، وكذلك في تحريك مجموعات جديدة لتنشط ، وتعقد المؤتمرات ، وتطرح نفسها بديلا لكيانات المعارضة ، والامر هذا يمكن ان يسري على الساحة الكردية أيضا ، بإعادة احياء ودفع المجموعات التابعة لمركز قنديل مباشرة من جماعات ب ك ك ومسمياتها الأخرى .
8 – من المتوقع ان تعيد الشعوب حساباتها من جديد ، خاصة التي كانت تراهن على دعم الغرب عموما وامريكا على وجه الخصوص ، بعد التصريح الواضح والصريح للرئيس الأمريكي – بايدن - : " أمريكا غير معنية ببناء الأمم ، وتغيير الأنظمة " ، كما على أنظمة الدول وكذلك المجاميع المسلحة ( مثل قسد ) التي كانت معتمدة من أمريكا للانطلاق منها لمحاربة الإرهاب ان تعلم تضاؤل الأهمية الاستراتيجية لها وانعدامها لاحقا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام