الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبيعة الوقت أو الزمن _ تكملة الفصل الثالث

حسين عجيب

2021 / 8 / 22
العولمة وتطورات العالم المعاصر



1
حدث خطأ في الأسوب ، كما أعتقد ، حيث كان الأنسب البدء بالمثال التوضيحي ، ولهذا السبب غيرت الترتيب ...
في النهاية القارئ _ة سيد النص ، بينما الكاتب مجرد خادم وأداة .
....
ما هي طبيعة الوقت ( أو الزمن أو الزمان ) ؟!
هذا السؤال المزمن ، مشترك بين الفلسفة والعلم والدين والتنوير الروحي والثقافة العالمية . وأعتقد أنه سوف يبقى بدون جواب علمي ، طيلة هذا القرن على الأقل .
لنتخيل العالم الحالي بعد قرنين من الزمن ، يوم 22 / 8 / 2221 ؟
يوجد احتمالين فقط :
الأول ، وهو المرجح بنشبة تفوق 99 ، 99 بالمئة ، يكون العالم ما يزال قائما مع بعض التطور في مختلف المجالات .
الثاني ، تكون الحرب العالمية الثالثة حدثت وانتهى الأمر .
2
لا يملك الانسان غير وقته ، عمره المحدد بين الولادة والموت ، مع بعض التفاصيل الإضافية كالمال والسلطة والمعرفة وغيرها ، وهي رغم أهميتها تبقى في الدرجة الثانوية لا الأولية ، حيث العمر والوقت والباقي هوامش .
بسهولة يمكن التأكد من صحة الفكرة أعلاه بشكل تجريبي ، ومباشر :
أين أسلافك _ أجدادك الحقيقيين ؟!
3
يصعب فهم درجة الذكاء المنخفض ، الذي يعيش فيه الجنس البشري .
....
السعادة معيار العيش الفردي بحكمة وذكاء ، وبسهولة يمكنك التأكد من ندرتها ، مباشرة وبلا استثناء .
السلام معيار العيش المشترك والتعاون والشراكة ، سواء بين الأفراد أو الدول والمجتمعات ....نظرة واحدة إلى وسريا وأفغانستان وكوريا الشمالية تغني عن الشرح والتفسير .
....
ما هي طبيعة الزمن ( الوقت ) ؟
لا أعرف ، ولا أحد يعرف .
( لسنا فقط أنت وانا من لا نعرف شيئا عن حقيقة الزمن وماهيته ، بل العالم كله بنفس درجة الجهل ) .
4
لنعد قليلا إلى المثال الأول ، بعد قرنين ...سنة 2221 ، وكيف ستكون .
من الأسهل العودة قبل قرنين ، ...سنة 1821 .
نحن الآن في منتصف المسافة تماما ، بين قرنين سابقين ولاحقين .
شبه مؤكد ، حتى الأكثر حماقة بيننا ، ما كانوا ليختاروا مكان الأجداد .
والعكس صحيح أيضا ، لكن بشكل احتمالي فقط .
الأسلحة المكدسة على سطح الأرض لن تتلف إلا في الحرب .
آمل وارجو أن أكون مخطئا .
من المفيد التذكير بموقف أريك فروم ، ستينات القرن الماضي ، حيث كان متأكدا أن المعركة حتمية بين الاتحاد السوفييتي وأمريكا .
دائما اذكر نفسي ، بقصور فهمنا وتفسيراتنا .
ربما يبلغ العالم درجة من الحكمة ، خلال هذا القرن ....
ويتخلص من أسلحة الدمار الشامل .
....
المفارقة أنني أكتب من سوريا الداخل ، من قلب الجحيم نفسه حيث أعيش منذ 61 سنة .
5
الزمن أحد احتمالين :
الاحتمال الأول ، طاقة كونية تشبه الكهرباء وغيرها من أنواع الطاقة .
وهو مصدر الحركة الأولية ، الأزلية بالطبع .
لكننا ما نزال نجهل طبيعته ، ومصدره وغيرها . مع ان معرفتنا الحالية تقدمت خطوة شديدة الأهمية بتصحيح اتجاه سهم الزمن ( من المستقبل والغد إلى الماضي والأمس ، عبر الحاضر ) .
الاحتمال الثاني ، الزمن أو الوقت فكرة عقلية مثل الرياضيات واللغة .
....
بصرف النظر عن طبيعة الزمن الحقيقية ، لا بد ستكتشف يوما ، يبقى من المؤكد أن اتجاه الزمن كما هو معمول به في العلم ( عكسي أو سلبي ، ويجب تغييره ) . أيضا سرعته هي التي تقيسها الساعة . بالإضافة إلى الحركة الثنائية للزمن التعاقبية والتزامنية ، وقد ناقشتها سبقا . وسوف أناقشها عبر الفصول القادمة مع الإضافة لما سبق .
....
....
( النص السابق )

1
السؤال الثالث : طبيعة الوقت أو الزمن ؟!
قبل مناقشة هذا السؤال ومحاولة الإجابة عنه ، من المناسب طرح سؤال جديد حول العلاقة بين الحياة والزمن .
هل يمكن الفصل بين الحياة والزمن ؟
بصرف النظر عن الجواب الصحيح ، العلمي ، والأقرب إلى الواقع . لقد فصل بينهما نيوتن أولا ، ومن بعده اينشتاين وغيره من الفيزيائيين . وأعتقد أنه السبب الأول لخطأ الموقف من الزمن ( أو الوقت ) والسائد إلى اليوم .
اعتبر نيوتن أن العلاقة الحقيقية للزمن مع المكان ، لا مع الحياة .
وأكمل اينشتاين نفس الخطأ ، وما يزال الموقف الثقافي العالمي يتمسك بهذا التقليد ويعتبره الحقيقة والواقع ، خاصة اتجاه سهم الزمن المعكوس .
....
متلازمة المكان والزمن والحياة ، الواقع والوجود المباشر .
مع أننا لا نعرف الزمن بمفرده أو الحياة بمفردها _ ولا المكان أيضا .
يمكن الاستنتاج أنهما منفصلان بالفعل ، طالما أن الماضي مصدر الحياة والمستقبل مصدر الزمن . بالإضافة إلى دليل آخر ، وضع الفرد قبل ولادته بقرن مثلا : حيث يكون زمنه وحياته منفصلين بالكامل .
( تكون الحياة والمورثات في الماضي ، عبر جسدي الأم _ الأب وبقية سلالات الأسلاف ، بالمقابل يكون الزمن والعمر في المستقبل ) .
....
نظريا يمكن الافتراض أن الماضي والحياة من جهة ، والمستقبل والزمن بالمقابل وجهان أساسيان للواقع الموضوعي ، والثابت ربما .
بعبارة ثانية ،
يمكن تمييز ثلاثة مراحل في العلاقة بين الحياة والزمن :
1 _ المرحلة الأولى قبل التقائهما .
نفس المثال السابق ، الفرد قبل قرن من ولادته ( أو اكثر أو اقل ) .
2 _ المرحلة الثانية ، وهي تتمثل بالخبرة المشتركة بدلالة العمر الفردي والمزدوج بطبيعته بين الحياة والزمن .
3 _ المرحلة الثالثة ، بعد الموت .
يمكن الاستنتاج بأنهما ينفصلان ، بنفس الوقت لا يمكن التأكد من ذلك .
هذا التقسيم تقريبي ولا يكفي بالطبع .
حيث المرحلة الأولى ، تطرح السؤال البديهي عن المرحلة السابقة .
من أين يصدر الماضي والحياة ، أيضا الزمن والمستقبل ؟!
نفس المناقشة بالنسبة للمرحلة الثالثة ، حيث يبرز سؤال ما بعد ؟!
وهو أيضا بلا جواب ، وما يزال في مجال غير المفكر فيه ، ليس في العربية فقط بل على مستوى الثقافة العالمية .
2
موازنة الوقت حاجة فردية ، تحولت إلى ضرورة خلال هذا القرن ، وهي تشبه ميزانية الدول والشركات والأفراد أيضا .
لا أعتقد أن أحدا يجهل قيمة وقته الشخصي ، باستثناء صغار الأطفال ، وحالات المرض العقلي والنفسي الحادة .
بالطبع توجد فروق فردية واسعة وعميقة بالتزامن .
....
علاقة الوقت والحياة تنطوي على مفارقة ، أدركها بعض الشعراء والفلاسفة ، وغيرهم من معلمي الجنس البشري منذ قرون عديدة .
أكثرها وضوحا كما أعتقد ، عبارة شكسبير بترجمة أدونيس :
أنت التقيت بما يموت
وأنا التقيت بما يولد
( الخطاب من الحفيد _ ة إلى الجد _ة )
والعبارة متناظرة وقابلة للعكس بسهولة :
أنت التقيت بما يولد
وأنا التقيت بما يموت
( الخطاب المعاكس من الجد _ة إلى الحفيد _ ة )
3
ملاحظة هامة ومتكررة
النظرية الجديدة ، تعالج بعض الأفكار ( القضايا ) الكلاسيكية ، والمشتركة مثل فكرة الله والواقع والزمن _ خاصة العلاقة بين الحياة والزمن _ على سبيل المثال لا الحصر .
المشكلة اللغوية تحظى باهتمام خاص ، بالإضافة إلى فكرة ثانية وجديدة ، تتمثل بالعلاقة بين الأمس والماضي ، والعلاقة بين الغد والمستقبل .
....
المشكلة اللغوية تتكشف بوضوح ، من خلال بعض المفاهيم ، والمصطلحات ، مثل الجديد ، أيضا الماضي ، والمستقبل ، والحاضر .
مثلا الجديد ، كلمة متعددة الأبعاد والدلالات إلى درجة التناقض .
الجديد في الزمن يناقض الجديد في الحياة بالكامل ، الجديد في الزمن مصدره الغد والمستقبل حصرا ، على العكس من الجديد في الحياة ، حيث أن مصدره يقتصر على الماضي والأمس .
وتتضاعف درجة تعقيد المشكلة ، مع غموضها المتزايد ، بعد الانتقال إلى الحاضر . الجديد في الحاضر يتضمن كلا النوعين : الجديد الزمني والجديد الحياتي بالتزامن .
كذلك الأمر ، كلمة الماضي مثلا ، بدلالة الزمن ( أو الوقت ) تمثل المرحلة الثالثة وتجسدها . حيث يبدأ الوقت من المستقبل أولا ، والحاضر ثانيا ، والماضي والأمس ثالثا وأخيرا .
وعلى النقيض بدلالة الحياة ، الماضي يمثل المرحلة الأولى في الحياة ، والثانية في الحاضر ، والثالثة والأخيرة في الغد والمستقبل .
وهذه الفكرة ( المشكلة ) ناقشتها بشكل تفصيلي وموسع في المخطوط ، وفي عدد من النصوص المنشورة على صفحتي بالحوار المتمدن .
....
والفكرة الثانية ، وهي أكثر تعقيدا ، تتمثل في العلاقة بين الماضي ويوم الأمس 24 ساعة السابقة .
العلاقة بين يوم الغد ( 24 ساعة القادمة ) والمستقبل علاقة بسيطة ، ومفهومة وواضحة بذاتها .
تشبه العلاقة بين الرقم 1 ( الموجب ) وبين اللانهاية الموجبة .
بعبارة ثانية ، يمثل الغد جزءا صغيرا جدا من المستقبل . وهذه ظاهرة تقبل الملاحظة والاختبار التعميم بلا استثناء .
لكن العلاقة المحيرة هي بين الماضي ويوم الأمس 24 ساعة السابقة .
ليس الأمس جزءا من الماضي ، بل العكس هو الصحيح .
بعبارة ثانية ،
العلاقة بين الماضي ويوم الأمس ( 24 ساعة السابقة ) ، تشبه العلاقة بين الرقم 1 ( السالب ) وبين اللانهاية السالبة .
( _1 ) يتضمن اللانهاية السالبة وأكبر منها بالطبع .
الماضي كله يوجد في الأمس ( 24 ساعة السابقة ) ، كيف ولماذا ، وغيرها من الأسئلة الجديدة والمحيرة ...سوف تبقى في عهدة الأجيال القادمة .
.....
وأختم هذه الملاحظات باعتراف ، أحاول من جديد قراءة نظام الأعداد العقدية ( او التخيلية ) . لم افهمها خلال دراستي الجامعية ، ولا اليوم .
....
....
ملحق خاص
المفكر الفرنسي من أصل بلغاري تزفتيان تودوروف ، يعتبر أن خطأ الفلسفة الكلاسيكية _ المحوري _ والذي يتمثل في اعتبار الصراع أصل العلاقات الانسانية لا التعاون والشراكة ، كان في تركيز الفلاسفة على أصل الانسان بالتزامن مع إهمال أصل الفرد .
أصل الانسان مشكلة ميتافيزيقية ، يتعذر حلها بشكل علمي ومنطقي .
بينما أصل الفرد يتكرر أمام الجميع كل لحظة ويقبل الملاحظة والاختبار ، وهو في الحد الأدنى نتيجة فترة من اللذة الجنسية لا الصراع .
هذه الفكرة ، كتبت عنها وناقشتها وفكرت فيها مرات ، وأعتقد أنها بنفس أهمية عبارة شكسبير ، من ناحية تأثيرها بفهمي الحالي للعلاقة بين الحياة والزمن ( الوقت ) :
أنت التقيت بما يموت
وأنا التقيت بما يولد .
والمفارقة ، أن الكثير من المترجمين والنقاد يعترضون على ترجمة أدونيس واعتباره غير أمين للنص الأصلي !
....
ننسى دوما أن اللغة وسيلة لا أكثر ولا أقل .
البعض يعتبر أن اللغة غاية بحد ذاتها ، ومعناها الحقيقي في الماضي ، وهذا الموقف الدغمائي مصدر ثابت للحذلقة والابتذال اللغويين .
موقف آخر وربما الأسوأ ، يعتبر أن اللغة تجسد الواقع الحقيقي ، ولا تعبر عنه فقط أو تدل عليه .
المشكلة اللغوية سبب أول ، ودائم في تعثر معرفة الواقع ، والعلاقة بين الحياة والزمن بصورة خاصة .
توجد حاجة مضاعفة اليوم للإصلاح اللغوي ، على غرار الإصلاح الديني والسياسي وغيره ، على مستوى العالم وفي العربية أكثر من سواها .
أعتقد أن العالم يحتاج إلى لغة جديدة وقد تكون متطورة عن الإنكليزية مثلا ، أما عن غيرها درجة الاحتمال ضعيفة وشبه خيالية .
أعتذر عن تكملة هذا الموضوع ، فهو خارج مجال تخصصي وخبرتي ، وهذه رسالتي إلى المعنيين بالأمر ...عالمات وعلماء اللغة ، العربية خاصة للمساهمة في فتح حوار ثقافي وعلى مستوى العالم .
مثال كلمة الجديد ( أو القديم ) ناقشته سابقا .
لكن هنا يبرز سؤال جديد أوضح ، وأصعب ، يتمحور حول المرحلة قبل الأولية في العلاقة بين الحياة والزمن . قبل ولادة الفرد يكون جسده وحياته ( مورثاته ) في الماضي عبر سلاسل الأسلاف . لكن أين يوجد الأصل ؟!
بالتزامن
السؤال المقابل ، قبل ولادة الفرد ، يكون زمنه ووقته ( عمره ) في المستقبل . والسؤال ماذا يوجد خلف المستقبل أو قبله !؟
وسأختم بسؤال ثالث ، أعتقد أنه سيكون أحد الموضوعات الرئيسية في فلسفة النصف الثاني لهذا القرن :
العلاقة بين الماضي والحياة والزمن : طبيعتها ومصدرها وحدودها ؟!
بالتزامن مع السؤال المعاكس :
العلاقة بين المستقبل والزمن والحياة : أيضا طبيعتها ومكوناتها وحدودها .
....
خلاصة هذا الفصل
( فكرة جديدة وهامة كما اعتقد )
العلاقة بين الحياة والزمن تمر بخمس مراحل :
1 _ المرحلة الأولى .
مزدوجة بطبيعتها ، حيث تتضمن الأبد والأزل بالتزامن .
ويمكن اعتبارها الأخيرة أيضا .
هذه المرحلة ، المزدوجة ، تتميز بالانفصال التام بين الحياة والزمن .
ربما تكون سوى لحظة لا متناهية في الصغر .
2 _ المرحلة الثانية .
ظهور الحياة والزمن .
المرحلتين 1 و 2 لا يمكننا أن نعرف عنهما شيئا ضمن معارفنا ووسائلنا الحالية ، سوى بشكل منطقي واستنتاجي .
3 _ المرحلة الثالثة ، مرحلة الأفراد والعمر الفردي ، وهي التي نخبرها جميعا .
4 _ المرحلة الرابعة ، بعد موت الفرد .
5 _ المرحلة الخامسة ، عكس الأولى : بعد فناء العالم والحياة .
لا نعرف عنها شيئا .
....
" النهاية والبداية " ديوان شيمبورسكا الملهم .
....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو