الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية أكسيل وعقبة بن نافع تكشف كيف يتم تزييف ذاكرة الشعوب لتنقلب ضد ذاتها!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2021 / 8 / 22
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


يقال؛ بأن زار أحد الأجانب مدينة بسكرة الجزائرية فرأى تمثال عقبة بن نافع..سأل: من هذا؟ قالوا له: هذا نصب سيدنا عقبة! سأل: من عقبة؟ قالوا: هذا أحد الفاتحين قاد جيشََا من شبه الجزيرة العربية و أتى ليفتح شمال إفريقيا. قال: و لماذا؟ هل كانت شمال إفريقيا مقفلة؟ قالوا: لا … جاء بالإسلام دين الرّحمة و السّلام. قال: و هل دين الرّحمة و السلام يحتاج لجيش مسلّح؟ قالوا: لقد أتى بالجيش لمجابهة جيش إكسيل. قال: و من أكسيل؟ قالوا: هو أحد ملوك شمال إفريقيا. قال: يعني أن أكسيل كان يدافع عن أرضه و عرضه .. و أين تمثال أكسيل؟ قالوا: لا .. أكسيل خائن و هو من قتل عقبة. قال: هل أنتم أيضََا جئتم مع عقبة من شبه الجزيرة العربية؟ قالوا: لا .. نحن السّكان الأصليين لهذه الأرض. قال: كان يدافع عن أرضكم و عرضكم … كيف خان؟ من خان؟ أنتم الخونة لأنّكم تضعون تمثالا لمستعمر و تسمّون من دافع عن أرضكم و عرضكم خائنا … حتّى و إن كان هذا المستعمر هو الأسّلام نفسه.

هذه الحكاية -إن كانت حقيقية أو متخيلة- قرأتها عدد من المرات وعلى عدد من الصفحات وفي كل مرة كانت تستوقفني برمزيتها ودلالاتها العميقة؛ بأن كيف يمكن لمجتمع وأفرادها أن ينقلبوا إلى الضد من ذاتهم وهويتهم وكينونتهم الحقيقية وقد أشرت في أكثر من بيان ومقال لهذه الظاهرة الغريبة في الانقلاب على الهوية، بل محاربة الأصيلة لصالح الزائفة الواردة المحتلة حيث قلت؛ بأنها أسوأ من سلوكية “متلازمة استوكهولم” والتي تجعل الضحية تقع في حب الجلاد وتقلده، بل هنا القضية تتجاوز الحب والتقليد إلى الاستنساخ والتطبع الذي يحاول التغلب على الأصيلة والطبع وذلك بعكس المقولة التي تشاع بأن “الطبع يغلب التطبع” حيث نرى هنا بأن هذه المجتمعات -وضمناً المجتمعات الكردية- قد تطبعت بهوية وشخصية وثقافة الوافد الغازي لتحارب شخصيته وهويته الأصيلة، فهل عرفتم سبب انتكاساتنا وإنكساراتنا، أو على الأقل أحد أهم الأسباب -إن لم نقل الأهم وربما الأوحد- في عدم قدرة مجتمعاتنا على إنجاح أي مشروع سياسي يبلور قضايانا وذلك لكوننا مستلبين كيانياً هوياتياً لصالح الغاصب المحتل ومشاريعنا كلها تكون لتكريس هوياتهم التي غيّبت هويتنا وشخصيتنا ومصالحنا!

بإيجاز؛ إننا كيانياً وهوياتياً ومصالحاً ومشاريعاً نعمل لصالح الأعداء الغاصبين ضد هويتنا ومصالحنا ولا نملك مشروعاً وطنياً خاصاً بنا، فهل يكون الحل بالعودة للأصول وبلورة مشروع خاص بنا من شذرات ما تبقى من الهوية والخصوصية الحضارية، أم بالمضي إلى المستقبل وفق بعض المشاريع الطوباوية أو الليبرالية في مجتمعات حرة ديمقراطية تشاركية.. ربما في الجواب يكمن الكثير من الحقائق الكاشفة لذواتنا الهائمة على دروب صراع الأجندات الحزبية والإقليمية وعلى أمل أن ترسوا بنا السفن على موانئ هادئة تنقذ ما تبقى من إنسانيتنا وتنوعنا الحضاري.. نعم ربما لا نملك الحلول الجاهزة، لكن تشخيص العلة بداية العلاج لكل آفة ومرض فردي أو مجتمعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القصف الإسرائيلي يجبر سكان أحياء شرق رفح على النزوح نحو وسط


.. عرض عسكري في العاصمة الروسية موسكو بمناسبة يوم النصر على ألم




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بعد عودة وفد التفاوض الإسرائ


.. مستوطنون يغلقون طريقا بالحجارة لمنع مرور شاحنات المساعدات إل




.. مراسل الجزيرة: جيش الاحتلال يواصل السيطرة على معبر رفح لليوم