الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمق، و السّطحيّة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 8 / 23
الادب والفن


لا أحبّ أن أكون عميقة ، ولا أن أملك ثقافة واسعة ، فربما كانت السّذاجة هي عنواني على مدى دهر . الأفكار السطحية هي التي تبقى. لماذا نتعمق كثيراً ، نعطي تفسيرات متنوعة لأمر بسيط؟
خلال اختلاطي بمجتمع مثقفين بلا حدود، بحكم أنني كنت أعمل في السياسة ، دون أن أعمل في السياسة حقيقة، فقد كانت السياسة هي النافذة التي عرّفتني على النساء ، وعلى الرّجال ، ومن حيث المبدأ ، فإن المرأة مستمعة لا يفسح لها المثقف المجال للحوار.
في مرّة التقيت بمثقف بينما كنت أمشي في الحديقة العامة ، بعد أن سلم عليّ . قال لي : هل يمكن أن نتحدث قليلاً
- بالطبع ، هل يعني أنك سوف تدعوني إلى مقهى؟
-أصبحتَ برجوازية ، أو شيوعية ليبرالية، يمكنك أن تدعيني أنتِ . ألا تؤمنين بالمساواة .
-لا. لا أؤمن بها إن كانت مكلفة.
كانت يده ترتجف ، وبين إصبعيه سيجارة . جلسنا على مقعد ، تحدّث لي عن الإمبريالية ، و الصهيونية، و الماسونية، وكان يفيض في الشرح ، ويشهق بين الشرح و الشّرح لأنه لا يستطيع تكثيف معلوماته ، أما أنا فقد ضعت ، كنت فقط سوف أسأله عن الماسونية التي لا أعرف" من هي" ، لكنّني كلما فتحت فمي أرغب بالسّؤال، وقبل أن ألفظ كلمة واحدة يقول لي : من فضلك لم أنه كلامي بعد. لقد ضعت بين جمله فرحل ذهني بعيداً ولم أعد أستمع له بعد الساعة الأولى أصابني التّشويش، عدّت إلى المنزل ، بكيت: كيف سمحت لذلك المهووس بالكلام أن يأخذ وقتي . أصبحت أراه أحياناً ، أغير طريقي. أن تحاصر شخصاً برأيك هو تنمّر بحد ذاته .
لا زلت غير مقتنعة بالأحاديث العميقة، فمثلاً يمكن لوزير عمل ضمن النظام السّوري لعدة سنوات، ثم ثار بعد أن أبعد عن الوزارة، أو معد برنامج على مدى سنوات يتحدث عن فضائح النظام. أشعر أن هؤلاء يعتدون عليّ عندما يجرون المقابلات، ويعطون النصيحة، ويحللون الوضع السياسي، أصبحت لا أسمح لهم بأخذ وقتي ، فأنا لا أقرأ ما يكتبون، ولا أستمع لمقابلاتهم المعادة. هم يعرفون كيف أصبحوا وزراء ومعدي برامج، وخريجي كلية الفنون، ومخرجين. . . إلخ .الحقيقة لا أصرف وقتي في معرفة ما يقولون .
عدت كما ولدتني أمّي أتعلّم من الحياة. فإن رأيت حماراً أقول أنه حمار . هل هناك داع لشرح المزيد عنه؟ على فكرة :أفتقد الحمار ، ففي قريتنا البعيدة كان لنا بيت واسع فيه زريبة ، أجمل ما فيها كانت الحمارة، و ابنها الكرّ . لا أذكر أين كانت تذهب الحمارة ، ربما يأخذونها إلى العمل، لكنني أذكر أنني تربيت مع الكرّ كالأخوين ، كنا نركض معاً، نأكل من نفس الرغيف ، بقي في ذاكرتي، كان هو الأخ الذي لم تلده أمي . أجمل ماعند الكرّ هو أنه يسمح لك بالحديث .
أبحث عن أخ لم تلده أمّي . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأصدقاء الأوفياء
عبد الفادي ( 2021 / 8 / 23 - 18:30 )
عبارة جميلة ( الحمار هو الأخ الذي لم تلده أمي) ، وياما هناك كلاب اوفياء وأصدقاء لم تلدهم امهاتنا ، انا افكر بتأليف دعاء رحمة لهؤلاء الأصدقاء الأوفياء من الحمير والكلاب وغيرهم عندما يموتون فهم يخدموننا بلا اجر او منفعة فهم اولى بالرحمة من الإنسان المكاّر والأناني الذي يحب نفسة ، إذن لنقرأ معا الفاتحة على روح امواتنا من الحمير والكلاب وكل القردة الميتين الذين هم اشرف من السياسيين الذين يحكموننا ، تحياتي استاذة نادية


2 - تحية لك
نادية خلوف ( 2021 / 8 / 24 - 06:10 )
تحية لك لأنك تقرأ . كل الحب

اخر الافلام

.. حلقة خاصة مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وأسرار وكواليس لأ


.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7




.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح


.. عرض يضم الفنون الأدائية في قطر من الرقص بالسيف إلى المسرح ال




.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل