الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة بينيت - لابيد وإصلاح العلاقات الأوروبية الإسرائيلية (1)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2021 / 8 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


نهاد أبو غوش

بعد حقبة طويلة من القطيعة وشبه القطيعة، والتوترات السياسية الأوروبية الإسرائيلية التي ميّزت فترات رئاسة بنيامين نتنياهو للحكومة، دبّت الحياة من جديد في أوصال مؤسسات العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، من خلال انعقاد مجلس الشراكة، وهو المنتدى السياسي الرفيع بين إسرائيل ومؤسسات الاتحاد الأوروبي لأول مرة منذ عشر سنوات، ودعوة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى الاجتماع الشهري لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 12 تموز يوليو الماضي.
ويصف تقرير أعده كل من شمعون شطاين وعوديد عيران، ونشره معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ( INSS ) في 21 تموز الماضي الاجتماع المشار إليه بأنه "حدث غير عادي" في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، بعد عقد من الجفاء اتسمت فيه العلاقات بين الجانبين ب"النقد المتبادل وانعدام الحوار" بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورؤساء مؤسسات الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي ركز نتنياهو جهوده واتصالاته لتنمية علاقات إسرائيل بالقادة الشعبويين من أعضاء الاتحاد الأوروبي مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان(1).
أوروبا تتمسك بحل الدولتين
يربط هذا التقرير فرص تحسين العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل بالسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وفرص استمرار الجهود لتجسيد حل الدولتين الذي تتبناه أوروبا، ولكن بشكل أكثر تدقيقا ب" معاملة إسرائيل للفلسطينيين" أي ليس بمبدأ إنهاء الاحتلال، بل في القيام بتغيير جوهري في نهج إسرائيل تجاه المشاكل اليومية للسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعلى وجه الخصوص تجنب الإجراءات التي من شأنها إحباط تجسيد حل الدولتين، إن لم يكن الآن ففي المستقبل.
وبالتالي قد يشكل مجرد غياب نتنياهو، وأي تحريك محدود للعملية السياسية فرصة جدية لاستئناف العلاقات الطيبة، من دون الرهان على إمكانيات تحقيق اختراق سياسي ملموس، طالما أن الدور الأوروبي تجاه التسوية محدود أصلا، مع التسليم الأوروبي بالدور الأميركي المركزي في هذا الملف والاكتفاء بالدعم المالي والاقتصادي.
ترحيب بإزاحة نتنياهو
كثيرة هي الدول والكيانات والقوى الدولية والإقليمية التي سرّها غياب بنيامين نتنياهو عن سدة الحكم في إسرائيل، فرحبت، كل على طريقته، بمجيء حكومة بينيت – لابيد على الرغم من علم جميع هذه الأطراف بأن الحكومة الجديدة في إسرائيل ضعيفة وهشة، وعرضة للانهيار عند أول اختبار جدّي فضلا عن أنها لا تحمل اي جديد جذري في سياساتها تجاه الفلسطينيين والاحتلال. وإذا كانت إدارة الرئيس جو بايدن الديمقراطية الأميركية من أكثر المحتفين علانية بهزيمة نتنياهو ورحيله، جراء انحياز الأخير السافر للرئيس الأميركي السابق ومرشح الحزب الجمهوري للانتخابات دونالد ترامب، وكثرة تدخلات رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق في السياسات الداخلية الاميركية. فإن دول الاتحاد الأوروبي وخاصة الدول الكبرى والمركزية مثل المانيا وفرنسا وإيطاليا واسبانيا، ليست أقل اغتباطا من القيادة الأميركية، فكانت من أشد المرحبين برحيل نتنياهو ومجيء حكومة "التغيير" برئاسة بينيت.
سجل العلاقات السياسية بين إسرائيل- نتنياهو والاتحاد الأوروبي حافل بالتوترات التي تبدأ من رفض تل ابيب أي دور مؤثر وجدّي للاتحاد الأوروبي في موضوع التسوية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتشمل ممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والموقف الأوروبي الرسمي لوسم منتجات المستوطنات كتعبير عن تمسك أوروبا بحل الدولتين ورفض الاحتلال، وصولا إلى التدخلات الإسرائيلية الثقيلة والمزعجة في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي من خلال التحالف مع القوى الشعبوية اليمينية، وبعض الدول التي شكلت أداة فعالة بيد إسرائيل لإحباط اي قرار يتصل بموقف الاتحاد الاوروبي تجاه قضايا الشرق الأوسط.
مدّ وجزر
وإذا كان من الصعب العثور على نتائج سلبية ملموسة لأثر السياسات التي انتهجها نتنياهو على العلاقات الفعلية الأوروبية الإسرائيلية، وخاصة في مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري واتفاقية الشراكة الإسرائيلية الأوروبية، فإن الأكثر صعوبة هو توقع تغييرات جدية في سياسات حكومة بينيت- لابيد تجاه العناوين التي كدّرت صفو العلاقات الأوروبية الإسرائيلية، كما أن علاقات أوروبا وإسرائيل خلال ولايات نتنياهو لم تكن كلها في اتجاه واحد سلبي، فقد نجحت إسرائيل في تحقيق اختراقات متعددة أبرزها استمالة دول وحكومات كانت تاريخيا إلى جانب الفلسطينيين والعرب مثل قبرص واليونان ودول البلقان، كما نجحت في عدد من أهداف حملاتها لتجريم حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، وانتزعت سلسلة من القرارات الأوروبية التي تتبنى الموقف الإسرائيلي من "معاداة السامية" أو تقترب منه لا سيما مع الحساسية المفرطة القائمة تجاه هذا الموضوع في أوروبا بسبب ما عانته دولها وشعوبها خلال الحقبة النازية ومع انتعاش قوى اليمين الشعبوي القريب من النازية في عديد الدول الأوروبية، يشار هنا إلى حملة إسرائيلية مكثفة ومدعومة من قبل أطراف سياسية ومؤسسات أوروبية عديدة خيضت وما زالت تخاض بتعمد المطابقة بين انتقاد إسرائيل ورفض الاحتلال وممارسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، وبين انتقاد الحركة الصهيونية وبين معادة السامية.
لا يتوقع أنطوان شلحت الكثير من استئناف الود الظاهري بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي في عهد الحكومة الجديدة، وهو إذ يشير إلى أن علاقات الجانبين انكفأت بسبب تركيز نتينياهو على دول لا "تبهظها" أو لا تشقّ عليها سياسات إسرائيل، وتحديدا دول مثل هنغاريا واليونان وقبرص وبولندا ورومانيا، لكن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد قطع الشك باليقين، وأعلن خلال لقائه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل في تموز الماضي أنه "لا توجد في الوقت الحالي إمكانية لحل الدولتين على الرغم من تأييده ( أي لابيد) الشخصي له. ولم يفت لابيد أن يلقي باللائمة على الفلسطينيين حين قال في اللقاء عينه "ثمّة أمر يجب أن نتذكره كلنا، في حال قيام دولة فلسطينية يجب أن تكون دولة ديمقراطية ومناصرة للسلام. لا يمكن أن نبني بأيدينا تهديدًا إضافيًا لحياتنا" (2). وأضاف أن إسرائيل ينبغي ألا تكون في عجلةٍ من أمرها لتسوية هذه القضية، فالأولوية في رأي لابيد كما كانت لدى نتنياهو هي في إنجاز التطبيع مع العرب، وفي نهاية المطاف يمكن أن تشمل دائرة السلام الفلسطينيين.
أوروبا الرسمية، أو الاتحاد الأوروبي بدوله الرئيسة الكبرى اذا استثنينا الدول الهامشية المحكومة من اليمين الشعبوي، ما زال متمسكا بحل الدولتين، أعلن ذلك في كل مناسبة ممكنة، وخاصة في الأزمات والمنعطفات مثلما جرى عند إعلان صفقة القرن ومخطط الضم، وقد كرر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي الحالي جوزيف بوريل هذا الموقف لدى استقباله يائير لابيد الذي أعلن الموقف السلبي الآنف الذكر، وجدد بوريل تأكيده على أهمية حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقال"لا يمكن تحقيق أمن إسرائيل سوى عبر حل الدولتين". وأضاف أن الأوروبيين ينتظرون من إسرائيل تقديم وجهة نظر سياسية من أجل إنهاء الصراع القائم، مشيرا إلى أن التوصل إلى حل مع الفلسطينيين، سيساهم إيجابا في تحقيق الأمن لإسرائيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا