الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذطرات أمل المبعثرة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 8 / 24
الادب والفن


يبدو أن أمل مصرّة أن تقدم لنا مذكراتها مبعثرة ، غير مرتبة .
في الخمسين:
" كنت أبدو كشابة ، الخمسين هو منتصف العمر، ولا تشعر خلاله بالشيحوخة، لذلك تبقى تحلم بالكنز الذي سوف يفكّ ضائقتك المالية، بل أحياناً تشعر أنّك وجدته ، وتوزعه فترى أنّه ينقصك بعض المال أيضاً ، تكتشف أن الكنز يحتوي على أغلب أمنياتك، يحلّ الصباح، تهيم على وجهك و أنت تنظر إلى الأرض باحثاً عن الكنز بين زبالة الشارع ، تعود إلى المنزل بلا كنز ، ولا زال الزعيم نائم ، وقد فرّ الأولاد إلى الجامعات ، عليك أن تؤمّن حاجاتهم.
الزعيم في الستين، وهو يشعر بالشيخوخة . قال لي: اعتبريني ميّتاً!
ميت ! لكنّه لا زال قوياً ، يترنح فقط عندما يثمل من أين يجلب ثمن الكحول ذلك الميت؟ قال أنني حقيرة لأنني أتّهمه بأشياء غريبة ، قذف بصحن كان في يده في وجهي ، أمسكت به ، وضربته بالمكنسة. قلت له: لم تربيك أمك . سوف أربيك أنا.
يغط الآن في نوم عميق ، لا أفكر به . بل أفكر أن أصنع البيتزا كي يأكل منها الأولاد عندما يعودون في المساء . لا يوجد لحم ولا جبن ، ولا مادة سوى الطحين . سخرت من نفسي كيف عليّ أن أفتش عن طعام العائلة ، ليس من الضروري أن يدرس الأولاد في الجامعة إن كانوا ينتمون إلى عائلة مفككة يدمرها العنف. ثم ضحكت ، قلت لنفسي سوف أعمل بيتزا بنكهة الباذنجان . سوف أحتمل الحياة علّ أحد الأولاد ينقذ عيشنا .
خلطت مكونات مع الباذنجان المفروم ناعماً ، عندما استيقظ الزعيم تناول قطعة كبيرة ، التهمها. قال أنها لذيذة جداً، أما الآولاد فقالوا أنني في هذه المرة سخيت في اللحم فكانت البيتزا لذيذة . تصور أنّ أحداً لم يميّز بين الباذنجان و اللحم!
في المساء تشاجر أولادي معي لآنني لست أماً صالحة ، فالمصروف لا يكفيهم، كان الزعيم يبتسم. لقد انتصر، فالأولاد لا يتوجهون له بأي طلب ، وبعد أن بكيت صنع لهم الشاي، و أصبح يلقي عليهم النكت، ويضحكون . أردت أن أجره من قميصه، لكنني فكرّت بعقلية " الدكتور فيل" ، أن الأولاد خط أحمر . لكن أنا على أي خط أقف؟
بحثت عن الدكتور فيل في جوجل، ليس طبيباً ، لكنه يقدم برنامجاً يعد الناس فيه بالأمل ثم يخذلهم. قرأت مقالة كتبتها امرأة تقول فيها : " عندما يكون الرجل عنيفاً ضد زوجته تفقد احترامها من قبل أولادها لأنهم يتعودون على الدّرس، ويؤمنون في عقلهم الباطن أنها تستحق الإهانة، يتعاملون معها كما يتعامل الزوج معها."
اقتنعت بما قالته الكاتبة . هذا فعلاً ماجرى معي ، ووضعت إشارة ضرب على اسم الدكتور فيل ، وعلى اسم غاندي، و غيفارا، ولينين . . . إلخ .
أذن خسرت حياتي ما دامت الكاتبة تقول أن الأولاد سوف يتعاملون معي مثل والدهم. لا زلت قادرة على العمل ، لكن لا أستطيع أن أجده. لو لبست لباس رجل، وذهبت إلى الكراجات لأتسول قد أستطيع أن أحفظ كرامتي، لكن هل سوف يكتشف زوجي ذلك، ويطلّقني؟ هل هذا كل ما تفكرين به يا أمل؟ زوجك قال لك أنه ميت ، و أنت قدمت نفسك كفدائي ، عليك أن تكملي المشوار. إذن أتسوّل لأربي أولادي. نمت في تلك الليلة ، و أنا أحلم بطاسة التسول، و أنها مملوءة بالليرات . لم أعد أحلم بالكنز".
انتهت مذكرات أمل لليوم ، ولا نعرف متى تعود لنا بمذكراتها. لكن السؤال الذي يخطر لنا : هل تتحدث أمل بمذكراتها عن الواقع؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7


.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح




.. عرض يضم الفنون الأدائية في قطر من الرقص بالسيف إلى المسرح ال


.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل




.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع