الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيم سارة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 8 / 25
الادب والفن


لم أكن أعرف معنى الحريّة لولا سارة!
من هي سارة ؟
في الحقيقة كانت سارة هي جنية تعيش في جوار بيتنا في القرية ، لم يبق في ذاكرتي من القرية ، سوى بضع لقطات ، فقد غادرتها في الثالثة من عمري، ثم تم محوّ ذاكرتي من قبل مجهول ، حيث لا أتذكر تفاصيل حياتي، كل ما أتذكره أنني لم أكن راضية ، بل ربما غاضبة ، وليس من وقت طويل عرفت أنّ اإنسان الغاضب هو مريض نفسي. . .
في المدينة التي عاشت فيها عائلتي ، و التي لا أعرف بها سوى شارع بيتنا ، وشارع المدرسة . كنت أعرف البريّة جيداً، كنت أرعى غنمات أمّي عندما كنت في السابعة . كنّ ثلاث غنمات ، إحداهن تحبّها أمي كثيراً لأنها تدّر الكثير من الحليب . أسميتها سارة على اسم الجنية ، لم أكن أعرف أن اسم سارة يمكن أن يكون للبشر، عرفت فيما بعد أن هناك فتيات بهذا الاسم . سارة الغنمة كانت صديقتي المفضلة، كانت تسمح لي بالركوب على ظهرها لثوان ، منحتني الكثير من قيمي الحالية ، فكلما وقعت في فخ نصبه لي أحدهم أعتقد أنّه بسبب سارة لدرجة أنني سميت كلّ ما أحمله من فكر ب" قيم سارة" . . .
في مرّة تعاطف معي قريب لنا ، كان وضيعاً في نظري ، لكنّني أكبرت فيه أنّه قدّر قيمتي ، بدأت في التّخلي عن قيم سارة بعدها . اعتقدت أن العالم مختلف، مشيت وراء تعاطف ذلك الشخص ، تعرّفنا أكثر عن قرب ، فإذ به لا يزال وضيعاً. اعتذرت من سارة -غنمة أمّي- لأنّني تخليت عن قيمها.
تقولون أن الأغنام لا تفهم ! في الحقيقة أنني عاشرتهم ، اكتشفت ذكاءهم، أما أنهم يقودونهم إلى الذبح، فهذا شيء آخر . هم يذبحونهم لأنّهم أقوى . أليس هذا ما يجري مع البشر؟
عندما كنت أعيش مع قطيع أمي الصغير ، كنا نتسلى معاً في الرعى ، نمارس الحريّة ، وحتى أحياناً نطبّق الاشتراكية، ففي مرّة لكثرة ما أعجبني طريقة أكل قطيع أمي للعشب نزلت ، مشيت على أربع ، تذوّقت العشب الذي كان سوف يصبح قمحاً من بستان قريب للمرعى. كان طعمه رائعاً ، فيه بعض الحلاوة الطبيعية ، أصبحت أمرّر القطيع في البستان مروراً عابراً ، وعندما نتجاوز البستان يرتاحون، ويجترون ، عملية الاجترار ألذ من عمليّة العلك بالنسبة للمجتر. بعض البشر أصبح لديهم ميول اجترارية .
هي ذكريات الطفولة الجميلة، وعندما أسمع بمصطلح الحرية اليوم أتذكّر سارة، وقيمها ، فلولاها لما عرفت طعم " الجبس" في أيلول، حيث كنت أمر على بستان أبو علي في طريق ذهابي إلى المرعى، أختار جبسة أو اثنتين، ثم أطبشها بالأرض فتنفلق ، ويظهر قلبها الأحمر ، أمد يدي في قلبها، آكل حتى أشبع، ثم أمسح يدي بثيابي ، في مرة لم أجد البطيخ. طبشت بصلة . طعمها لذيذ. أليست كل تلك الأشياء حرية؟ أزعم أنّني أرغب بالعودة إلى المرعى كي أتمتّع بالحريّة ، وبقيم سارة. . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي


.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????




.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ