الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاشتراكية مجددًا

فريدة النقاش

2021 / 8 / 25
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



قبل أكثر من ربع قرن كتب المفكر “أنور عبدالملك” كتابا مهما بعنوان “ريح الشرق”, تنبأ فيه بصعود “الصين” وأفول المركزية الأوروبية, وكانت المركزية الأوروبية قد سيطرت بأفكارها وممارستها علي الساحة الفكرية العالمية محتمية بالقوة العسكرية والاقتصادية للاستعمار.

وتشكلت تحت عباءة حركة التحرر الوطني ضد الاستعمار منظومة متكاملة من الأفكار نبعت من ما سمي في ذلك الحين كفاح العالم الثالث للتحرر.

وما لبثت فكرة التحرر أن تجاوزت التخلص من الاستعمار العسكري لتتوالى مفاهيم وأساليب التحرر من الاستغلال الاقتصادي.

وتبارت مدارس الفكر الاشتراكي, متواكبة مع نضال الشعوب المتواصل من أجل الانعتاق من كل أشكال العبودية في انتاج الافكار, وألهمت حركة التحرر الوطني التي انطلقت في كل الدول الخاضعة للاستعمار لتنتج معا منظومات متكاملة وبالغة الثراء من الافكار النظرية والممارسات العملية التي استهدفت جميعا وضع شعار تغيير العالم إلى الأفضل موضع التنفيذ.

وربما كان اهم ما ارتبط بشعار تغيير العالم هو الفكرة القائلة إن الممارسة هي معيار الحقيقة وليس مجرد الأفكار النظرية.

ولطالما توافق المناضلون الاشتراكيون بشكل خاص- علي أن ممارسة الافكار ومدى الاتساق والتوافق بين الأفكار والممارسة أي السلوك بشكل عام هما معياران أساسيان لا فحسب لمدى اقتناع المناضل الاشتراكي بما يدافع عنه, وإنما ايضا لمدى صدق الرسالة التي يبثها هذا الفكر في أوساط الجمهور الواسع الباحث عن تغيير حياته الى الأفضل, فالجماهير تتعلم أيضا من القدوة.

وبرعت القوى الرجعية المتشبثة بالوضع القائم دفاعا عن مصالحها في استخدام الديانات كافة كأسلحة لنقد الاشتراكية ونقضها, بل وتقويضها من الجذور باعتبارها معادية للدين, ودار صراع ضار وممتد في هذا السياق, وفي كل المجالات وبخاصة في مجال الفكر.

ولأن الاهتمام العام ينصب عادة وأساسا علي الصراع السياسي فلم يحظ المجال الفكري بما هو جدير به من الاهتمام والنقاش العام, وظل في الغالب الأعم محصورا في أوساط المثقفين, بينما حظيت “الدعاية” ضد الاشتراكية بالاهتمام الواسع نظرا لبراعة القوى الرجعية والمحافظة التي توفرت لها كل سبل الثراء والتقدم والنفوذ, وفوق كل هذا وذاك وسائل الاعلام الجبارة.

وكان سقوط التجربة الاشتراكية الأولى ضربة قاسية لأحلام الاشتراكيين ونضالهم الممتد في كل أرجاء المعمورة من أجل عالم أفضل.

واشتد عود المفكرين المعادين للاشتراكية حتي أن أحدهم أسس نظريته على أن الرأسمالية هي نهاية التاريخ بعد الانهيار السريع للنظم التي قالت عن نفسها إنها اشتراكية.

ولأن هذا المفكر الرجعي هو أيضا مفكر نزيه, عاد وقال إنه كان مخطئا, وإن التاريخ – على أي حال- هو سيرورة بلا نهاية.

وتوالت علي مدار السنين, وبعد السقوط المأساوي للاشتراكية تجارب الشعوب التي أخذت تربط بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستغلال, وهي ترفض النمذجة اي تقديم شكل واحد معياري لمثل هذا التحرر، لأن الواقع الانساني هو أغني وأعمق من أن يجري حبسه في شكل واحد للتطور.

وهذا تحديدا هو الدرس العميق الذي استوعبته جيدا- بعد عمليات تجريب وتقليد طويلة- كل القوي الاشتراكية على الصعيد العالمي.

ورغم الضربة القاسية التي تلقاها الاشتراكيون في كل مكان بسبب هذا الانهيار الفاجع لدول واحزاب ما كنا قد وصفناه بالمنظومة الاشتراكية, فقد كان التعافي فرض عين, وبدأ هذا التعافي بسلسلة من النقد الذاتي القاسي علي كل الأصعدة, هو التعدد الذي استغرق وقتا وجهدا, ووصل في بعض الاحيان الي ما يمكن ان نسميه بجلد الذات, وهو ما اهدر طاقات وإمكانات هائلة, واعتبره الاشتراكيون- علي أي حال- ثمنا للتعافي.

فماذا بعض التعافي؟

يطرح الاشتراكيون – في كل مكان من العالم- هذا السؤال علي انفسهم وعلي جماهيرهم, وهم ينشطون في جمع الاشلاء وتضميد الجروح, والاهم من كل هذا استعادة الثقة في مشروعهم الذي تلقي أعتي الضربات, وتجديد المشروع ذاته وفقا للمعطيات الجديدة.

ولم يعد مقبولا, ولا مفيدا القول السهل بأن الرأسمالية قد استغرقت قرونا حتي تخرج من براثن العالم القديم, ذلك ان الانسانية التي تتعلم كل يوم من دروس التاريخ لا تقبل الأسر- الي الابد في اغلال العالم القديم حتي لو كان هذا العالم رأسماليا, وثمة نفور انساني وعالمي متزايد مع تقدم العلم والمعرفة – نفور من الاستغلال أيا كان شكله أو مصدره عالميا أو محليا.

كنا نحن الاشتراكيين نردد في زمن الزهو والانتصارات وحين بدا لنا ان التاريخ يواصل الصعود أن الاشتراكية هي مستقبل العالم, فهل يا تري آن الأوان أن نبث الحياة مجددا في شعارناهذا, ونحن نستكشف الطرائق التي تقودنا إليه بعد تضميد الجراح.

دعونا نتمني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النقد القاسي ؟
فؤاد النمري ( 2021 / 8 / 25 - 19:16 )


- وبدأ هذا التعافي بسلسلة من النقد الذاتي القاسي علي كل الأصعدة-

تقول الرفيقة الإشتراكية سابقاً فريدة النقاش أنها بدأت بالتعافي من خلال ممارسة النقد الذاتي القاسي وأضع تحت كلمة قاسي خطين !!
غن أي نقد تتحدث الرفيقة فريدة النقاش !!؟
أنا أتحدى النقاش وسائر الإشتراكيين سابقاً بأن يؤكد أحدهم أسباب انهيار الإتحاد السوفياتي
كل الإشتراكيين سابقاً يحرصون حرصاً شديداً على اجتناب البحث في أسباب انهيار الاتحاد السوفياتي
فعن أي نقد تتحدث الإشتراكية سابقاً مفيدة النقاش خليك عن النفد القاسي !!؟


2 - المركزية الاوربية مصطلح رجعي لرفض الحضارة العالمية
منير كريم ( 2021 / 8 / 25 - 22:39 )
تحية للاستاذة فريدة النقاش
منذ عصر النهضة الاوربية والعالم يتحول من البدائية الى الحضارة واصبحت معايير الحضارة الاوربية معايير للحضارة العالمية
الحركات الرجعية الدينية والقومية والاشتراكية تحاول ان تعطي للحضارة طابعا جغرافيا حتى يتسنى لهم رفض هذه الحضاررة
فالتسمية المركزية الاوربية هي احدى هذه المحاولات الرجعية
لكي ننتمي للعصر الحديث لابد من الانفتاح على الحضارة الاوربية التي غدت حضارة عالمية
شكرا لك


3 - نحن امام مهمة بناء دوله عصرية والاشتراكية هلوسه
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 8 / 26 - 15:49 )
استاذه فريده لقد خسرت مجتمعاتنا 100سنه في القال والقيل وسقط متقفونا اسرى العفونة العثمانية وعجاءها للحضارة العصرية الرائعه التي بناها الانسان الحر في الغرب-وجاء الاستبداد الاسيوي الدامي في شخص دولة السوفيت الرجعية الشوفينية التي ترفع شعار روسيا فوق الجميع بصياغات مضللة عديده-في حين لم يكن بالامكان مطلقا ان تكون روسيا التخلف واحتقار الانسان مثالا -استاذه فريده-لقد تشرفت بالتعرف عليك قبل حوالي ال40سنه في مؤتمر في بنغازي-علينا -نحن المخدوعون بالاستبداد الشرقي الاسيوي ان نرى مشعل التقدم في الحضارة التي كنا نسميها بالراءسمالية واقنعنا خبيث لئيم بتسميتها بالامبريالية-هذا المشعل في الغرب اما عندنا فقد هيمن الفقر والمرض والجهل-التطور العارم لقوى الانتاج وللعلم والثقافة والحرية والدمقراطية هو الذي يؤدي الى الحلول الافضل والاعقل وليس افكار رجل طريد لم يعمل يوما واحدا من اجل عيشه واسرته-ومهما كان مبدعا وحصيفا ولكنه كان قبل اكثر من 170سنه في عهد كان يستنير بيه بالفانوس النفطي-ان القرن العشرين قلب الدنيا كلها ان بضعة ايام فيه كانت اغنى من كل التريخ البشري حتى نهاية القرن19-النقد الذاتي يبداءبالرفض

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا


.. الشرطة الأميركية تواجه المتظاهرين بدراجات هوائية




.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت


.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام




.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف