الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سكسون

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 8 / 26
الادب والفن


بين الفترة والأخرى أحنّ إلى سماع حديث سياسي يفسّر لي ما يجري في العالم ، ويقنعني بطريقة عملية ، و إن كان في ذهني هو قناعة واحدة أن كل ما نسمعه ، أو نقرأه عربياً لا علاقة له بأي حدث عالمي ، أو محليّ. استيقظت كالعادة بين معركة بيني وبيني ، في الثالثة بعد منتصف الليل ، استغرق الموضوع معي ساعة حتى استحممت وغسلت ثيابي ، حيث أغسلهم كلّ صباح ، كنوع من العادة . فتحت الكمبيوتر ، و كالعادة أبدأ بالصفحة الثقافية لبعض الصحف السويدية ، و بالصدفة رأيت عنواناً على صفحة إكسبرسن السّويدية لصديقة افتراضية من خلفية أفغانية اسمها ماجدة جاد. أردت أن أعرف كيف تفكر ماجدة ، بدأت في قراءة المقال، ورغم أنني كنت أتجاهل بعض السطور كي أصل إلى نهاية المقال الطويل جداً ، لكن ما لفت نظري أنها قالت أن أمريكا انسحبت قبل أن تعلن عن انسحابها ، وتعني الحماية الجوية الأمريكية التي لا يمكن للحكومة الاستمرار بدونها، كما تحدثت عن شركة بن لادن وجورج بوش البترولية .
يستعمل العالم اليوم نفس التعابير الشيوعية التي استعملناها قبل عقود للهجوم على أمريكا دون الإشارة إلى اقتصاد العولمة الذي يحكم العالم ربما من خلال أمريكا ، و المافيات. ثرت على نفسي لأنّني لا زلت أهتمّ بالسياسة دون أن أفهم اللعبة الشخصية ، و أن المافيا ليست في السلاح و الدين فقط ، بل في الأدب و الفن ، فتلك المنابر " الديموقراطية " الأدبية و الفنية السّورية الممولة لن تكون عضواً فيها، أو حتى مجرّد كاتب عمود سطحي مالم تكن ضمن لعبة ما ، وأغلب تلك المنابر احتوت بين أعضائها سجين سابق يطمح إلى التعويض عما جرى له، أو قد يكون مؤمناً بالقومية ، و الباقي هم خريجو الوظائف السورية المرموقة التي أتاحت لهم الشهرة . نحن جزء من تلك الفوضى التي تعم الفكر في الشرق .
لن أستسلم لأفكاري حول بشاعة العالم، وسوف أقوم بمشواري الصباحي ، بعد أن عكّر مزاجي مقال ربما فيه بعض الحقائق لكنه أخذ وقتي ،لم أكن أخطط أن يكون فقط من أجل مقال ، و من أجل إعادة كوابيسي . فتحت الفيس بوك ورأيت أخبار النعوات حيث جميع الأموات أبطالاً و لهم مآثر في البشرية ، لفت نظري رثاء أحدهم لصديقه " الشيوعي " القديم، و تحدث كيف كانوا ينقلون السلاح من سورية للعراق ، و أنا التي كنت حينها أتساءل كيف تمت تلك الصداقة العميقة ، ولم أستطع تكوين مثلها رغم أنني استقبلت الشيوعيين العراقيين في بيتي في الثمانينيات، ونسيت اليوم أسماءهم . إذن الصداقة هي شيء مختلف عما فهمته، لن يكون لي أصدقاء لأنني لست ماهرة بأية لعبة.
أنساني المشوار الصباحي ما قرأت ، فحبات المطر تغسل أفكاري ، تلك النسمات تمدني بشعور لا يوصف . حاولت التعبير عن نشوتي ركضاً ، ثم بدأت أغنية كنت أغنيها في الطفولة ، وشعراً يناسب الأطفال أقوله لحفيداتي الصغيرات جداً كي أدربهن على اللغة العربية ، حيث أقول لهن: هذا شَعر مشيرة إلى شعورهن ، وما سوف أقوله شِعر ، ثم أقول:
أحب المطر
أحبّ الشجر
أحب الطيور
أحب السماء
و القمر
ثم نترجمها معاً إلى السويدية ، حيث أتعلم اللكنة منهن.
.
في الطريق التقيت بامرأة تبدو في عقدها الخامس ، و معها كلب صغير .
أردت أن أتحدث معها ، و أسألها عن كلبها. سلّمت على الكلب ، قلت له: ما أجملك! هل يمكن أن تقول لي الشّعر . قالت: الفكرة جميلة . اسم كلبي سكسون . أوحيت لي بفكرة كبيرة . كنت سعيدة مع المرأة ، ومع سكسون ، جلست معهما في حديقة الكلاب ، بدت كأنها تعلّمه بعض المفردات. قالت لي أنه ذكي جداً فهي تفهم لغته تماماً . راقصته ببضع خطوات ، اعتذرت مني ، وقالت أن لديها عملاً الآن .
ما أجمل أن يكون لديك سكسون ! لكن تربية كلب تتطلب مصاريف لا قدرة لي على تحملها . عدت إلى المنزل ، لم أفتح الكمبيوتر ، و لم أرد حتى على الهاتف . أعطيت لنفسي إجازة من العالم الافتراضي .
بعد أيام رأيت قصة نجاح -غير سورية -في العمل من خلال النت ، كان بطل القصة سكسون . إنه صديقي الكلب . خسرت صاحبته عملها منذ عام ، فأنشأت صفحة له على الأنستغرام ، وهي تربح من الصفحة أضعاف ما كانت تربحه من الوظيفة . فكرت للحظة : حتى لم أستطع أن أبني علاقة مع كلب ناجح. لا بأس يكفي لي شرف معرفته، ففي مرة من المرات سوف أقول: أعرف ذلك النجم. التقينا معاً . هل تعتقدون أن سكسون سوف ينسى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي


.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????




.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ