الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إرهاصات الانتفاضة الشعبية القادمة في العراق !

سهر العامري

2006 / 8 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في أفق الوضع السياسي والاجتماعي في العراق تلوح تباشير هبة جماهيرية واسعة ستتحول الى انتفاضة شعبية عارمة ، وستلغي الكثير مما هو قائم في العراق الآن ، كما إنها ستزيل القدسية التي حاول نفر ممن تربع على كراسي السلطة في العراق اليوم ، وتحت ظلال المدفع الأمريكي ، أن يحيط نفسه بها ، تلك القدسية التي تمثلت في القومية مرة بالنسبة للكورد في كردستان العراق ، أو في المذهبية الدينية بالنسبة للعرب الشيعة والسنة في الوسط والجنوب ، وذلك بعد أن تكشف للعراقيين أن كلا الطرفين من الحكام في العراق ، سواء من اتشح منهم بوشاح القومية ، أو من اتشح منهم بوشاح المذهبية المزيفة ، غير قادرين على تحقيق طموحات الجماهير العراقية الحالمة بالديمقراطية والرفاه الاجتماعي ، وذلك بعد زوال حكم صدام الجائر في العراق ، وبعد أن تكشف للعراقيين كذلك أن قوات الاحتلال ، وفي المقدمة منها القوات الأمريكية ، لم تقدم للعراقيين والعراق سوى الدمار والخراب ، وجيوش من المليشيات التي فاقت سطوتها ، وفاق قمعها للناس في العراق سطوة صدام وبطشه ، يضاف الى ذلك ضائقة العيش الرهيبة ، وانعدام الخدمات ، وفقدان الأمن ، وتفشي الفساد ، وكثرة السراق الذين زاد عددهم على عدد السراق في زمن السارق صدام ، هذا بالإضافة الى سياسة كم الأفواه التي تمارسها الأحزاب والميليشيات التي حكمت العراق بالمشيئة الأمريكية ، حتى صارت الديمقراطية التي حملتها الدبابة الأمريكية الى الناس في العراق ، والتي بشر بها صناديد مؤتمر لندن العتيد من متدينين وقوميين وعلمانيين عبارة عن سيارة مفخخة تقتل كل يوم المئات من العراقيين ، أو سرداب يسلخ فيه جلود العراقيين على الطريقة الإسلامية الإيرانية ، أو عبوة ناسفة تنتظر عاثري الحظ في طريق ما .
وعلى هذا يمكن اختصار معاناة العراقيين في الجلي من مظاهرها بالظلم الذي يتجسد بفقدان الأمن ، وبالتحكم برقاب المواطنين ، وتكميم أفواههم ، وكذلك بالجوع المتجسد بفقدان رغيف الخبز ، والعيش بالعراء ، وانعدام الخدمات . ولهذا السبب اندلعت المظاهرات الجماهيرية الصاخبة في مدن عديدة من العراق ، ولا فرق في ذلك بين مدن كردستان العراق حيث هبت جماهير السليمانية وجمجمال وغيرهما في الشمال من العراق تماما مثلما هبت جماهير الناصرية في الجنوب ، وكان عنوان هذه المظاهرات واحدا هو المطالبة بتوفير الكهرباء والبنزين الذي وعد وزيره الجديد ، حسين الشهرستاني ، بتوفيره خلال اسبوع من اعتلاء صهوة كرسي الوزارة ، ولكنه بدلا من ان يفتش عن حل لهذه الأزمة المتفاقمة في داخل العراق راح يفتش عن هذا الحل عند أهله في ايران ، مع أنه يعلم علم اليقين من أن ايران لا تريد لمشاكل العراق حالا أبدا ، وادراكا لهذه الحقيقة قال نفر من أعضاء البرلمان البائس أنهم يفكرون بإقالة وزير النفط .
لقد تعمدت مظاهرات العراقيين الأخيرة بالدماء ، وتصدت لها شرطة الديمقراطية بالرصاص ، وقد كانت هذه المعارك تمرينا أوليا ستنتفع منه الجماهير التي سئمت العيش الذليل في هباتها القادمة ، وذلك حين تتوسع دوائر الغضب ، وحين يتصدى لقيادتها من يؤمن بتحقيق متطلباتها في احترام المواطنة العراقية ، وتحقيق أهدافها في حياة حرة ، وعيش كريم .
لقد بدأت تلك الجماهير تعي الآن أن هناك أحزابا على رأس السلطة في العراق قد عمدت عن قصد تغيب مفهوم المواطنة العراقية عن عقول الناس ، وراحت تبشر بمفاهيم قومية عنصرية ، او مذهبية متخلفة لفظتها الحياة المعاصرة ، كما عمدت بعض الأحزاب الطائفية الى تغيب هويات الناس في العراق ، واستعاضت عنه بهويات لم يعرفها العراقيون من قبل ، وهذا ما استفز مشاعر الكثير من العراقيين ، خاصة أولئك الذين يقطنون في وسط وجنوب العراق ، وفي المدن العراقية كالنجف وكربلاء والبصرة ، تلك المدن التي تسعى إيران جاهدة الى بسط نفوذها عليها عن طريق أجهزة مخابراتها ، أو عن طريق عملائها في العراق ، ونتيجة لهذا الاستفزاز الفض ظهرت الى الوجود حركات جديدة تدافع عن عراقية العراقي ، وعن هويته العربية ، وترفض التدخل المتعاظم للإيرانيين في شؤون العراق الداخلية ، ومن بين تلك الحركات والأحزاب التي نهضت في الوسط الشيعي متصدية لظلم وبطش الإيرانيين هو حزب الولاء الإسلامي الذي يقود أعضاؤه نضالا مريرا ضد دعاة الصفوية من جهة ، وضد قوات الاحتلال من جهة أخرى .
لقد وصل الظلم الإيراني في مدينة كربلاء مثلا حدا لم يبلغه ظلم من قبل ، فقد حرم جنود ولاية الفقيه من الإيرانيين في تلك المدينة ، والذين طالب بعضهم بترحيل العرب الشيعة منها من قبل ، على مؤازري ومؤيدي حزب الولاء الإسلامي الصلاة في صحن الأمام الحسين عليه السلام ، وذلك عقب المظاهرات الاحتجاجية التي قام بها الحزب المذكور أمام القنصلية الإيرانية في تلك المدينة ، وذلك على إثر التشويه الإعلامي الذي قامت ببثه قناة سحر التلفزيونية الإيرانية ، والذي تعرضت به للمرشد الروحي لهذا الحزب .
ويبدو أن المخابرات الإيرانية العاملة في مدينة كربلاء ، وبعد أن شاهدت تعاظم جماهيرية هذا الحزب ، وذلك حين قامت بتسيير مظاهرات زاد عدد المشاركين في المظاهرة الواحدة عن عشرة آلاف متظاهر عمدت الى اسلوب القمع ، فأمرت شرطة كربلاء التي ينتمي الكثير من أفرادها الى منظمة بدر الإيرانية بالهجوم على مقرات حزب الولاء الإسلامي ، وضد الحسينيات التي يديرها هو ، خاصة حسينية الإمام الصادق عليه السلام في ضاحية الحر من المدينة ، ولهذا السبب فقد نشبت معارك شديدة بين الطرفين أدت الى لجوء الناس الى منازلهم ، وكان أول خبر قد جاء عن تلك المعارك بالصورة التالية : ( قالت مصادر خبرية ان مسلحين موالين لرجل دين مناهض للولايات المتحدة اشتبكوا اليوم الثلاثاء مع جنود عراقيين في مدينة كربلاء بجنوب العراق مما أثار توترات بالمدينة.
وأضافت المصادر أن الاضطرابات بدأت بعدما اقتحمت قوات الشرطة المعهد الديني التابع لرجل الدين محمود الحسني وفتشته بحثا عن أسلحة. وقال مكتبه ان المداهمات وقعت بسبب الموقف الوطني لأية الله العظمى محمود الحسني البغدادي )
وعلى إثر سريان خبر هذه المعارك أنتشر مسلحو الحزب المذكور في مدن أخرى ، وخاصة مدينة الناصرية التي شهدت قبل أيام مظاهرات الجوع والمعاناة التي تبشر بأن الجماهير العراقية قادرة على فرض حل لما نزل بها من ظلم وحيف ومعاناة ، ومن أطراف متعددة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا هجمات الحوثيين دقيقة في خليج عدن؟.. محرر الشؤون اليمني


.. قرشي: أي مواطن يحمل السلاح في وجه قوات الدعم السريع فإنه يعت




.. تجدد الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة


.. مجلس التعاون الخليجي: مقتل وإصابة المئات في النصيرات جريمة ن




.. نشرة 8 غرينتش | مصادر أميركية: خلية بالسفارة ساعدت إسرائيل..