الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإشتباه الإعلامي في مئوية الدولة العراقية, مقاربة في وقائع التأسيس

هيثم الحلي الحسيني

2021 / 8 / 27
السياسة والعلاقات الدولية


دابت بعض وسائل الإعلام العراقية هذه الأيام, نشر ما أطلقت عليه, بمئوية الدولة العراقية, وذلك في إعتماد يوم الثالث والعشرين من تشرين الثاني من العام 1921, كيوم للإحتفاء بهذه المناسبة.
والحال فمن غير المنصف, إعتبارهذا التأريخ, يوما تأسيسيا للدولة العراقية المعاصرة, وإعتماده للإحتفاء بمئويتها, فهو يوم تتويج الملك فيصل الأول, وبداية العهد الملكي في العراق, فالواقع إن الدولة العراقية, قد شرعت بالتأسيس الفعلي قبل هذا التأريخ بكثير, وتحديدا منذ يوم الحادي عشر من تشرين الثاني من العام العشرين وتسعمائة وألف.
فكانت الحكومة العراقية الأولى, قد تشكلت يوم 11 ت2 من العام 1920, إثر إنتصارات الثورة العراقية الكبرى, التي إندلعت في الثلاثين من حزيران من العام نفسه, وكان من مخرجاتها, أن قررت المناداة بالأمير فيصل ملكا دستوريا على العراق, وتشكيل حكومة وطنية, من رجالات الدولة وبناتها.
وقد ضمت الحكومة العراقية الأولى, جميع الحقب الوزارية, التي أسست للدولة ومؤسساتها, وأسندت فيها العديد من المناصب الوزارية, لبعض قادة الثورة وزعماء العشائر المساهمة فيها, ومن ضمن الحقائب السيادية المهمة, في تلك الحكومة, كانت حقيبة وزارة الدفاع, التي تولت مهمة تأسيس الجيش العراقي الوطني, وأستدعاء الضباط العراقيين للإلتحاق فيه, والمباشرة بتشكيل مقراته الإدارية والتعبوية, ووحداته الفعالة.
وكان من بين مهام الحكومة التأسيسية, إقامة المؤتمرات الإنتخابية الشعبية, في كافة ألوية العراق, وقد أتمت إجراء البيعة الرسمية الموثقة خطيا, للملك فيصل الأول, في التشكيلة الحكومية الثانية, من خلال مجلسها التأسيسي, الذي تشكل من رجالات الصفوة, في الحركة الوطنية العراقية, وقادة الفكروأعلام المجتمع, ومن القياديين في الثورة العربية الكبرى, في الحجاز والشام, وكبار المستشارين العاملين مع الملك في تلك الحقبة.
وعليه من بين الدلائل التأريخية الموثقة والرصينة, على هذه المقدمات التأسيسية الفعلية للدولة العراقية, هو تأسيسها للجيش العراقي, يوم السادس من كانون الثاني من العام1921, الذي جرى الإحتفال بمئويته حينها, إذ لا يستقم منطقيا, أن يسبق تآسيس الجيش, لتأسيس الدولة.
ثم تبع ذلك مقررات مؤتمر القاهرة, في آذار من العام 1921, الذي قبل بترشيح الأمير فيصل ملكا على العراق, والذي ضم وفدا حكوميا عراقيا, تألف من وزير الدفاع, جعفر العسكري, ووزير المالية, ساسون حسقيل, وهما أشهر من تولى هاتين الحقيبتين, في تأريخ الدولة العراقية المعاصرة.
ثم أن الملك فيصل نفسه, قد وصل العراق في حزيران من العام نفسه, بعد أن قبل بترشيحه ملكا على العراق, من خلال مؤسسات الدولة العراقية القائمة, وقد مارس مسؤولياته وسلطاته فورا, لكنه أصر على تأجيل تتويجه رسميا, الى يوم الثالث والعشرين من شهر آب, ليكون اليوم منسجما مع مناسبة يوم بيعة الغدير, لما له من آثار إجتماعية وعقائدية في نفوس الشعب العراقي, لا خلاف عليها.
وعليه فتاريخ الثالث والعشرين من آب من العام الحادي والعشرين وتسعمائة وألف, ليست مناسبة لمئوية الدولة العراقية, بل لمئوية إعلان المملكة العراقية رسميا, ولا خلاف إن الملك فيصل الأول, هو الأب المؤسس, والباني لأركان الدولة العراقية, ونهضتها الحديثة.
وكنموذج للمقارنة, فالأردن الشقيق, قد شرع في الإحتفال بمئوية الدولة الأردنية, في نيسان المنصرم, بحشد إعلامي ودبلوماسي ورسمي كبير, من خلال واقعة تشكيل ما أطلق عليها, بحكومة الشرق العربي, في نيسان من العام 1921, والتي سميت حينها بمجلس المستشارين, بعد وصول الأمير عبد الله الى عمان, في هذا التأريخ, وترشيحه للإمارة في مؤتمر القاهرة, في آذار من نفس العام.
واستمرت هذه الحكومة, في العمل بهذا العنوان, كمجلس مستشارين لحكومة الشرق العربي, حتى العام 1929, إذ أعلن رسميا عن تشكيل إمارة شرق الأردن, أما الإستقلال والإعلان عن تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية, والمناداة بالأمير عبد الله ملكا عليها, فقد تم في العام 1947, إثر قبولها عضوا في العصبة الأممية, بينما تم الإحتفال بما أطلق عليه بمؤية الدولة الأردنية, في نيسان المنصرم.
فلا خلاف إن العراق كان الأول بين أشقائه في المشرق العربي, تأسيسا للدولة, وتشكيلا لجيش وطني, فضلا عن الأول إستقلالا, بين سائر أشقائه في عموم الوطن العربي, إذ قبل عضوا في عصبة الأمم, كأول دولة عربية قائمة الى اليوم, تحصل على الإعتراف الأممي, في العام 1932, وقد تبعتها المملكة المصرية الشقيقة, في العام 1936,
كما وإن المملكة العراقية, هي أول مملكة دستورية معلنة في الوطن العربي, وفيها اعلن أول دستور مستفتى عليه, من بين سائر الدول العربية, إذ أعلنت المملكة المصرية, في العام 1922, ونودي بالملك فؤاد الأول ملكا عليها.
وعليه, وإنصافا لتأريخ العراق المعاصر, وجهد الأباء المؤسسين, ولتوثيق أنشطة الدبلوماسية العراقية, ومعها جهود رجال الدولة وبناتها, وتضحيات احرار العراق, التي كانت من ثمارها منح الإستقلال للكثير من أقطار العروبة, سواء في مشرق الوطن أو في مغربه, ولوضع الأمور بنصابها, نتمنى على الإعلام العراقي, والمعنيين في الدولة, تصحيح إشتباهه, ليكون يوم الحادي عشر من تشرين الثاني القادم, مناسبة لذكرى مرور العام الأول, لمئوية الدولة العراقية.
وليعتمد يوم الثالث والعشرين من آب من العام 1921, يوما لإعلان المملكة العراقية رسميا, وتتويج الملك فيصل الأول, الذي يستحق إستذكاره أيضا, من خلال "مئوية الملك فيصل الأول", ومنجزاته التأريخية في الإعمار والتشييد, وفي إرساء النهضة العراقية الحديثة, وبناء دولة محورية, وقائدة في الإقليم والوطن العربي, وقد تم الإنتهاء من إعداد دراسة مفصلة بهذا العنوان, نتمنى أن نوفق بنشرها في عدة حلقات تباعا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة