الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تهزم أميركا نفسها بذات نفسها!

نوفل شاكر

2021 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


عميقٌ هو المستنقع الأفغاني، الذي وضعت الولايات الأميركية نفسها فيه؛ هجومٌ انتحاري ل " داعش" في إحدى بوابات مطار كابل، يسقط فيه خمسة عشر جندياً من مشاة البحرية الأميركية ( المارينز) ويجرح فيه عدد مماثل منهم.

تراجيكوميديا أميركا لا تنتهي فصولها على مدارج مطار كابل، بل تمتد خشبة مسرحها لتقطع 9000 كم لتعبر إلى ذلك الجانب من العالم، فهناك في واشنطن تراجيكوميديا أيضاً، قالت فيها متحدثة البيت الأبيض: بأنّ الرئيس جو بايدن، والجيش الأميركي " لديهما التفويض وكل الصلاحيات لشن هجوم على تنظيم داعش - خراسان في أفغانستان".

ماذا تستنتج لو وضعت هذا التصريح، أزاء تصريحٍ سابق لسيد البيت الأبيض، يبرر فيه الانسحاب من أفغانستان بقوله: " إنّ الإنسحاب الأميركي مبرّر، لأنّ القوات الأميركية قد تأكدت من أنّ أفغانستان لن تصبح قاعدةً للجهاديين الأجانب للتآمر على الغرب مرةً أخرى"؟؟!

الكذب هو سلاح المعركة الأميركية، ولعلّ هذا ما حدى بهنري كيسنجر " شيخ الدبلوماسية والسياسة الخارجية الأميركية"، أنْ يكتب مقالاً في مجلة " ذا إيكونوميست" يعربُ فيه عن خيبة أمله، أزاء ما جرى في أفغانستان، واصفاً ذلك ب " النكسة الذاتية التي لا تعوض"! واضحٌ جداً، بأنّ ما يعنيه " ثعلب السياسة الأميركية" بالنكسة الذاتية هو الهزيمة الأخلاقية.

كثيراً ما ثرثر الرؤساء الأميركيون في خطاباتهم - على امتداد تاريخ الهيمنة الأميركية على العالم؛ بعبارات رنّانة، عبارات منتفخة ب " القيم الأميركية"، و " المناداة نشر الديمقراطية في العالم"، هذه الجمل تفقد بلاغتها، وتتفكك جملها، وتصاب بالوهن، والخرس أمام جملة بايدن الدرامية: " لم نذهب إلى أفغانستان؛ لبناء دولةٍ هناك"!

جملة واحدة فقط، أسقطت " ورقة التوت" لتظهر سوأة أميركا أمام العالم، جملة تختصر وتكثّف العقلية الأميركية، بل والغربية أيضاً، جملة جعلت مفكراً مثيراً للجدل، نادى ذات يومٍ بسيادة " القرن الأميركي" بعدما أعلن عن " نهاية التاريخ، مفكر من طراز فرانسيس فوكوياما، يعيد حساباته من جديد، ليقول بأنه لم يكن التاريخ هو الذي انتهى، بل عصر التفوق والهيمنة الأميركية!

عندما احتلّ الأميركيون أفغانستان، قالوا بأنهم يريدون القضاء على " الإرهاب"، و أنهم _ كذلك_ يريدون بناء دولةٍ هناك… وتمضي السنون، وبعد عقدين من الزمان، يتمدد الإرهاب إلى أكثر من عشرين دولةٍ في العالم، و إذا بالأميركان يجلسون مع قادته وجهاً لوجه، ويتفاوضون معهم، بل يطالبونهم ب" الضمانات" لتأمين الانسحاب من أفغانستان! أما على صعيد " بناء الدولة" فتترجمه جملة بايدن السابقة!

يقول الكاتب الأميركي " جوزوف جوف" في كتابه " أسطورة الانهيار الأميركي" بأنّ أميركا هي وحدها القادرة على هزيمة نفسها، عندما تقرّر بنفسها الإنسحاب من العالم، و تسيطر عليها روحٌ انهزامية.


إنّ ما جرى في أفغانستان؛ هو بداية سيطرة ال" الروح الإنهزامية" على القرار الأميركي، و إنّ ما يجري الآن في الداخل الأميركي من استقطابات، و مناكفات، يزيد من تداعي كيان الهيبة الأميركي.
ماذا ستفعل واشنطن في حال قرّرت موسكو احتلال أوكرانيا مثلاً؟ كيف سيواجه " سيد البيت الأبيض" تحدي إيران التي أعلنت اليوم، بأنها ستمضي قُدماً ببرنامجها النووي، غير مكترثة بالمجتمع الدولي؟ كيف يردُّ الرئيس الأميركي، على الحراك الصيني الذي يجري الآن في بحر الصين الجنوبي؟ يبدو بأنه سيكتفي بإرسال نائبته في جولة جنوب شرق آسيوية؛ ل " تطمين" الحلفاء، و تحذيرهم _ في الوقت نفسه _ من أنّ ما تفعله الصين " يقوِّض النظام العالمي".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين