الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزعيم والقطيع

اسماعيل شاكر الرفاعي

2021 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


القطيع والزعيم ؟
دوختني قضية العلاقة بين الزعيم والقطيع .
فكثيراً ما تساءلت : من صنع من ؟
الزعيم السياسي صنع القطيع ام ان القطيع صنع الزعيم ؟

أمثلة :

هل رأى عبد الكريم قاسم قطيعاً من البشر لا راع له ، يضرب على غير هدى في متاهة العراق ، فشكل تنظيم الضباط الأحرار وقام بانقلابه العسكري ، أم ان القطيع البشري الذي خرج صبيحة الانقلاب تأييداً : للانقلاب الذي تحول الى ثورة بخروجه ، هو الذي صنع الزعيم عبر هتاف ردده القطيع لما يقرب من الخمس سنوات ، هتاف : ماكو زعيم الا كريم ؟ ...

بعد ذلك بسنوات لم يتوقف الهتاف عند حدود تأييد الزعامة ، بل تجاوزها الى الاعلان الصريح ، لكن القاسي جداً ، كونه يطعن بقوة ضميرهم الديني كموحدين ، اذ تضمن الهتاف الموجه من القطيع الى صدام حسين : اقتراح التضحية بحياتهم من اجله ...

يجسد مقتدى الصدر المثال الثالث من الزعامة بامتياز ، وهو الآن فقيه شيعي وزعيم سياسي . فذهنه خليط من افكار سياسية ومعتقدات دينية شيعية : يقع معتقد الامام المعصوم في المقدمة منها ، والفقيه في نظرية الشيعة عن الإمامة هو وكيل الامام الغائب . فسلطة فقهاء الشيعية على اتباعهم تفوق سلطة الفقيه السني على اتباعه .
يتعايش داخل وعي مقتدى طموحان يتحكمان كثيراً بمواقفه السياسية : ان يكون المرجع الشيعي الأعلى بعد وفاة المرجع علي السيستاني ، وان يدخل منصب المرشد الروحي على هرم الدولة في العراق ، على غرار ايران ويجلس عليه . وهذا ما يتطلب تغييراً أساسياً في دستور 2005 .
يمثل مقتدى الصدر من جانب آخر ، مأساة المواطن العراقي الذي يتعرض للموت اذا لم تتطابق معتقداته مع معتقدات نظام البعث وصدام حسين . فتم قتل عمه ، محمد باقر الصدر ، المفكر الشيعي الكبير ، وبعد سنوات تم قتل والد مقتدى مع اخوته في مجزرة مروعة عام 1999 . ومن هنا تداخلت الوراثة والمأساة في صناعة زعامة من طراز خاص . اذ التف حول مقتدى - بعد مقتل والده -اتباع ومشايعو والده وهم الأكثرية بين شباب الشيعة . فاخذت علاقة مقتدى باتباع والده شكلاً ومضموناً دينياً ، والعلاقة الدينية داخل الطائفة الشيعية تتميز عن سواها بشيئين هما : مبدأ التقليد ، الذي يكون العضو في الطائفة الشيعية مملوك من قبل الفقيه الذي يقلده : يتلقى منه التعاليم الدينية فيما يخص السلوك والأخلاق ، وما يدخل في باب الحرام والحلال : ويظل تابعاً له في الموقف السياسي ، ويتقع ان يتخذ الفقيه الذي يقلده موقفاً ، في أوقات الحروب : تجسدها فتوى الجهاد ،فيسرع الى سحب سلاحه والالتحاق بالمجاهدين . فالزعامة في حالة مقتدى روحية وسياسية ، تضمن الاولى لعضو جماعة التيار الصدري دخول الجنة ، وتمنح الثانية له وظيفة معتبرة في الدولة : كحصة من نظام توافق فيه مقتدى الصدر مع زعماء آخرين على ان تكون وظائف الدولة بجميع مؤسساتها : العليا منها والصغرى قائمة على اساس توزيعها حصصاً ببن احزابهم ...

وفي جميع الحالات يتوقف هتاف : بالروح بالدم نفديك يازعيم ، على قناعة الجمهور بأن الزعماء يملكون كل شئ : القوة والثروة والوظيفة وقرار عقوبة السجن والقتل . وهذه القناعة تمثل خطوة الجمهور الاولى صوب التحول الى : قطيع .
ويتحول هذا الجمهور الى قطيع فعلي ، حين يترسخ في اعتقاده بعدم قدرته على تسلق هذا الجدار من الوعي الزائف ، وعجزه عن إمكانية الاطاحة له ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا