الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشباب والأحزاب في المغرب : عزوف أم موقف نقدي

أنجار عادل
طالب

(Adel Anejjar)

2021 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


كلما اقتراب موعد الانتخابات باختلاف أنواعها والمستويات المعنية بها (التشريعية، الجهوية والجماعية)، تطفو على السطح من جديد مجموعة من النقاشات حول " ظواهر " وسلوكيات عدة أصبحت ملازمة للعملية الانتخابية، لدرجة دخول بعضها ضمن الاستراتيجيات المعتمدة من قبل الأحزاب في المنافسة والتعبئة والتسويق الانتخابي. فإلى جانب الانتقالات الصيفية والشتوية للمرشحين (أحصنة السباق الانتخابي) بين الأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها (يمينية، وسطية، يسارية حكومية و غير حكومية ...)، والتبادل المعهود بين الأحزاب لتهم استعمال الأساليب الغير المشروعة في المنافسة مثل المال الحرام والقول بإنحياز الإدارة لهذا الطرف أو ذاك، وغير ذلك مما يدخل ضمن أساليب صراع الأحزاب على الأوراق الانتخابية ومقاعد المجالس المنتخبة، و هو الأمر الخادع بدوره لطبيعة السياقات وما تتيحه من فرص وتطرحه من تحديات في تفاعل تام مع رهانات اللعبة الانتخابية وقواعدها.
في هذا السياق، يثير حديت الزعماء السياسيين عن الشباب وعلاقتهم بالسياسة خلال الحملات الانتخابية الكثير من التساؤلات الغير المفهومة إن لم نقل التعجب والاستغراب، كيف لا ويكاد يلاحظ أي متتبع للشأن السياسي العام والحزبي خاصة، أن هناك شبه إجماع بين هؤلاء الزعماء الحزبيين باختلاف انتماءاتهم ومرجعياتهم السياسية والأيديولوجية، على حكم قيمة مفاده أن الشباب عازف عن السياسة وقليل الاهتمام بالشأن العام الوطني والمحلي. في الوقت الذي نجد هذه الفئة حاضرة وفاعلة بقوة في مختلف الأحداث السياسية الكبرى التي عرف المغرب. بداية بمعركة الإستقلال التي شهدت إنخراط كفاحي للشبيبة المغربية في الحركة الوطنية، ثم إنخراط النخبة المتعلمة الشابة في الأحزاب المنبتقة عنها (الإستقلال، الإتحاد الوطني للقوات الشعبية، الإتحاد الإشتراكي..)، خاصة من تحصلوا على تكوينهم الأكاديمي خارج المغرب أو بمدارس الحركة الوطنية، وصولا إلى مختلف الحركات الإجتماعية ذات البنية العمرية الفتية والجمعيات الشبابية النشيطة بمختلف إهتماماتها، مرورا بالحركة الطلابية والتلاميذية إبان توهجهما.

من الواضح أن المعيار أو المقياس المعتمد من طرف الزعماء الحزبيين لقياس مدى مشاركة الشباب سياسيا هو معيار الإنخراط في التنظيمات الحزبية، مما يفسر حكم العزوف السياسي للشباب المستنتج والذي ليزال الى يومنا هذا موضوعا لأنشطة الأحزاب وشبيباتها. إلا أن الذي قد يغيب أو يتجاهله من يصدرون هذا الحكم السلبي والقاسي على فئة تشكل نبض المجتمع ومن يقولون أن هذا الجيل غير مسيس وقليل الإهتمام بالشأن العام قياسا بالأجيال السابقة له وأن ثقافته الفكرية والسياسية ضحلة، هو حجم التغير الذي طرأ على أنساق القيم والمعايير عند هذه الفئة. كما فاتهم أن قياس المشاركة عن طريق الإنتماء إلى الأحزاب والمنظمات السياسية معيار ” قديم “لم يعد يساير البيئة الشبابية الرافضة للجمود ولمنطق الوصاية الأبوية. وهو ما يلاحظ في إبداع الشباب لأساليب جديدة للمشاركة في الشأن العام والرهان عليها على أنقاض الأساليب التعاقدية التقليدية كالمنظمات والأحزاب والنقابات. ولنا في مجموعات الإلتراس ( Ultras ) وما ترفعه من خطاب إحتجاجي وتنامي ظاهرة التنسيقيات المستقلة للدفاع عن الحقوق الفئوية لأعضائها وتزايد عدد الجمعيات الشبابية التي تجعل من المشاركة والديمقراطية والشأن العام موضوعا لها، مقابل تراجع الفصائل الطلابية المرتبطة بلأحزاب السياسية والتي كانت تشكل إمتدادا لها والضعف الحاد لإنخراط الشباب في الأحزاب والشبيبات الحزبية …خير برهان على ذلك.
أليس إذن من المفروض على من يصدرون تلك الأحكام القاسية على جيل بكامله أن يحددوا لنا ماذا يقصدون بالسياسي (le politique) وبالسياسة (la politique) ؟ والمعيار الذي إعتمدوه لقياس حجم المشاركة السياسية للشباب قبل إطلاق حكم العزوف السياسي عليهم ؟
لعل مما يمكن إستخلاصه من الدراسات العديدة التي تناولت الظاهرة الحزبية في المغرب، إما بشكل خاص أو ضمن أبحاث تناولت: المجتمع المغربي، السلطة، النسق السياسي...، كأعمال (عبد الله حمودي، نور الدين الزاهي، محمد شقير، محمد ضريف، عبد الإله بلقزيز...) هو أن أسباب عزوف الشباب عن الإنتماء الحزبي وليس السياسي تقع داخل هياكل وأجهزة الأحزاب أساسا وليس خارجها. إذ تكاد تسود داخل التنظيمات الحزبية بمختلف توجهاتها الفكرية والسياسية علاقات تستمد أصولها خارج المرجعيات المؤسسة " للحزب الأداة " و" الحزب المؤسسة "، أي من منطق الانصياع والوصاية وعلاقة الجد بالأب والأب بالحفيد، لتصبح الأحزاب بذلك أماكن مهجورة تنعدم فيها الحياة وإن تسابق ورثتها لتغطية ما أصابها من خراب في فترات العملية الانتخابية التي تفرض إظهار الحد الأدنى من التماسك.

إن من الصعوبة بمكان فهم هذا العزوف والإمتناع عن الإنتماء الحزبي من طرف شباب مسيس إلا كموقف نقدي تجاه منظومة حزبية مغشوشة وتحت المراقبة وتنظيمات فقدت جاذبيتها وكل مبررات وجودها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من إدارة الطيران الأميركية بسبب -عيب كارثي- في 300 طائ


.. استشهاد 6 فلسطينيين بينهم طفلتان إثر قصف إسرائيلي على منطقة




.. كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي على إعلان القسام أسر جنود في ج


.. قوات الاحتلال تعتقل طفلين من باب الساهرة بالقدس المحتلة




.. شاهد: الأمواج العاتية تُحدث أضراراً بسفن للبحرية الأمريكية ت