الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طالبان تعود من جديد ...!! إفغانستان بين الفوضى والإرهاب

صبحي مبارك مال الله

2021 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


عانى الشعب الأفغاني منذُ فترة طويلة من الحروب الأهلية الدموية والإنقسامات والأزمات المستمرة بسبب الصراع الدائر بين المكونات السياسية والدينية والإجتماعية ، ولم يتوقف ذلك وإنما الإستمرار في تدهور مقومات الدولة وشروط بقائها. وفقدت الدولة هيبتها من خلال تراجع الإ ستقرار وفقدان الأمن وإنتشار الفساد الذي نخر مؤسسات الدولة. وعجز السياسيين عن تقديم مشاريع وطنية تعمل على وحدة الشعب وتقلص فجوة الخلافات . والسبب الرئيس هو تحول الدولة إلى حكم أُمراء الحرب . ولموقع إفغانستان الستراتيجي والجغرافي ولأهمية طرق التجارة التي تربطها مع الدول المجاورة ولإنها تعتبر منطقة ستراتيجية لزراعة الأفيون والخشخاش وإنتاج الهيرويين وتوفير الأموال للمنظمات الإرهابية، ولهذه الأسباب سنحت الفرصة لتدخل الدول المجاورة والدول العظمى في شؤون إفغانستان مما زاد ذلك في التعقيد حيث إزداد الصراع بين هذه الدول والتسابق نحو توفير السلاح بين المنظمات المتقاتلة. إن طبيعة مكونات الشعب ولتفشي الأمية وغياب الوعي ولتدهور الأوضاع المعاشية وإرتفاع خط الفقر ظهرت منظمات إرهابية متطرفة مسلحة عملت على إستعباد الشعب والتعامل معه بذهنية وفكر القرون الوسطى تحت شعارات إسلاموية متطرفة بإتجاه تخديره .لقد كان نظام الحكم في إفغانستان ملكي وكان محمد ظاهر شاه هو الملك الذي أطاح به قريبه رئيس الوزراء (محمد داود خان) بمساعدة الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني الذي تأسس عام 1965 وإقامة جمهورية إفغانستان عام 1973 وأصبح محمد داود خان رئيس الجمهورية ولكن سرعان ماحصلت الخلافات التي أدت إلى قمع الحزب الذي قام بخلع محمد داود وإقامة جمهورية إفغانستان الديمقراطية عام 1978 . وكان آخر رئيس للجمهورية هو محمد نجيب الله وكانت فترة حكمه من 30 سبتمبر 1987إلى 16 أبريل 1992 . ونتيجة لدعم السوفيات جمهورية إفغانستان حسب معاهدة الصداقة والتعاون حيث تدخل بقوات مسلحة في 25/ 12/1979 بعد إندلاع الحرب الأهلية الأفغانية بين جماعات المجاهدين والتي دامت عشر سنوات . وفي عام 1994 تأسست حركة طالبان التي أسسها (الملا محمد عمر ) بمساعدة باكستان والتي أصبحت أحدى الفصائل البارزة . لقد حصلت المعارضة الأفغانية المسلحة على دعم مجموعة الدول المعادية للاتحاد السوفياتي وهي الولايات المتحدة ، السعودية ، باكستان ، الصين وتقديم الأسلحة المتطورة لها وبعد مرور عشر سنوات من الحرب الأهلية التي كبدت الأطراق المتقاتلة خسائر كبيرة حيث إتفقت القيادة السياسية لجمهورية إفغانستان الديمقراطية على إنسحاب السوفيت. ونتيجة للصراع المستمر في حزب الشعب، سعى محمد نجيب للمصالحة وإنهاء الحرب الأهلية وإعلان المصالحة مما أحدث إنقسامات جديدة وبالتالي إستمرت طالبان في القتال وإختصاراً سيطرت حركة طالبان على العاصمة كابل في 27أيلول 1996 معلنة قيام الأمارة الأسلامية الأفغانية وفشل محاولة تشكيل حكومة مشتركة من المعارضة و الحكومة ولكن الأحداث كانت تتسارع وقتل الرئيس محمد نجيب.لقد كانت إفغانستان غارقة في الفوضى وحالة عدم الاستقرار نتيجة الصراعات المسلحة منذ 20 عاماً .
حكم طالبان ( 1996- 2001) وأبرز الأحداث 1- نقل العاصمة من كابل إلى قندهار واستمرت إلى عام 2001 ، 2- إرتكبت الحركة مع حلفائها مذابح ضد المدنيين الأفغان، 3-حرمت إمدادات الأمم المتحدة الغذائية ل160ألف مدني جائع 4-طبقت سياسة الأرض المحروقة حيث حرقت مساحات واسعة من الأراضي الخصبة الواسعة .5-دمرت عشرات آلاف المنازل 6-حضر الأنشطة ووسائل الإعلام والرسومات والسينما والتلفزيون والتصوير الفوتوغرافي وحرَّمت الموسيقى والآلات الموسيقية بإستثناء الدف
7- منع النساء من العمل خارج الرعاية الصحية 8- منع الأطباء الذكور من علاج النساء 9- إرتداء البرقع ومنع الفتيات والشابات من الإلتحاق بالمدارس 10- أمر الرجال والشباب إطلاق لحاهم وإرتداء الزي الأفغاني 11-تدمير وإبادة الثقافة وتدمير المعالم الثقاية والأثرية .وبعد تشكيل إمارة إفغانستان إعترفت بها فقط ثلاث دول (باكستان ، السعودية ، الأمارات العربية المتحدة ). بعد هجوم 11سبتمبر 2001 الإرهابي بطائرات مدنية تجارية مختطفة وعليها ركاب من قبل القاعدة على المركز التجاري الدولي مما أسفر عن قتل آلاف الأشخاص. قامت الولايات المتحدة بالهجوم على إفغانستان والإطاحة بإمارة إفغانستان الإسلامية في 17/12/2001 وإسقاط طالبان مما إضطر زعماء طالبان والقاعدة مغادرة البلاد وتم عقد مؤتمر بون في ألمانيا وحضور الزعماء وإنتخاب حامد كرزاي رئيساً للبلاد وقيادة الحكومة المؤقتة في ديسمبر 2001 .وبعد ذلك تمّ تشكيل الإدارة الأفغانية المؤقتة وتنصيب حكومة جديدة برعاية أمريكية ولكن طالبان وحلفائها عاودا نشاطهم المسلح ضد القوات الأمريكية و الحكومية وبقيت الحكومة وطبقتها السياسية في حالة الضعف والفساد وعدم التجاوب مع الشعب والمباشرة في بناء الدولة التي فقدت شروط بقائها، وبعد إعتماد الطبقة السياسية الأفغانية على القوات الأمريكية في مواجهة طالبان وحلفائها ،وجدت الولايات المتحدة بأنها قد تورطت في حرب مكلفة وكل الوعود التي وعدت بها الأفغان بإقامة نظام ديمقراطي وتحقيق الأمن والإستقرار والسلام لم يتحقق بل إزداد الأمر سوءً ولهذا فكرت إدارة الأمريكية منذ عام 2010 بقيادة أوباما بوضع خطط الانسحاب من إفغانستان وبضمانات مشتركة من الهند وحلف شمال الأطلسي ولكن هذه الفكرة لم تنجح لعدم إستعداد الهند في التورط في شمال أفغانستان وكذلك ألمانيا لم توافق على زيادة قواتها. لقد قررت الولايات المتحدة بأن تسحب قواتها ولكن حسب عقد لقاء وحوار بين الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية من جهة وطالبان من جهة أخرى وكتمهيد لذلك العودة إلى أساس الإتفاقيات السابقة وكانت بدايتها حضور وفد من المجاهدين الأفغان في المكتب البيضاوي ولقاء الرئيس رونالد ريغن عام 1983 لغرض تقديم الدعم والعون لحربهم مع السوفييت. وإستمرت اللقاءات إلى حين هجوم القاعدة على المركز التجاري الدولي في 2001 في نيويورك . في عام 2009 أشار باراك أوباما إلى أفغانستان بأنها ستصبح معقلاً للديمقراطية وكما ذكرنا بأن الإدارة الأمريكية بدأت التخطيط منذعام 2010 وفي عام 2012 عُقدت آمال كبيرة بإجراء محادثات سلام قبل ان تعلن طالبان في بيان شديد اللهجة في آذار في نفس العام تعليق مفاوضات السلام التمهيدية مع الولايات المتحدة وقد تمت التهيئة لعقد الحوار في الدوحة منذ عام 2013 وبعد الإعلان عن فتح مكتب لطلبان في قطر في حزيران 2013 ، حيث تغيرت المشاعر في الولايات المتحدة وتغير معها الخطاب الرسمي بعد أن تيقنت إدارة أوباما بأن مشروع ديمقراطية أفغانستان لن يكون ناجحاً ، وكانت آخر محاولة لإنعاش العملية الديمقراطية هي الوساطة الأمريكية في انتخابات 2014 الرئاسية في إفغانستان حيث أعلن كل من أشرف غني وعبدالله عبد الله عن فوزهما في الانتخابات بنفس الوقت وأصبح أشرف غني رئيساً للبلاد بعد الوساطة.
ومن خلال جدول محادثات السلام نرى بأن المحادثات كانت بداية متعثرة والتي بدأت في عهد أوباما والدخول في مفاوضات بين الحكومات الأفغانية وطالبان، فشلت المبادرات أعوام 2011، 2012، 2013 .ولم تتمخض المفاوضات التي جرت عام 2016عن نتائج ملموسة و بتنسيق من باكستان ومشاركة الولايات المتحدة والصين. . بعد إنتخاب ترامب أستؤنفت المفاوضات عام 2017 اعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني الذي أُنتخب لدورة ثانية بأنه مستعد للتفاوض مع طالبان إعتباراً من عام 2018 ولكن طالبان رفضت وتريد التفاوض مع الولايات المتحدة . 2019 التقى ممثلي طالبان والولايات المتحدة لأول مرة في 25/شباط/2019 في العاصمة القطرية الدوحة وبعد الإنتهاء في 12/آب 2019 تم الإعلان عن الجولة الثامنة من المفاوضات وفي مفاوضات شهر ديسمبر -كانون الأول 2019 أسفرت عن وقف إطلاق النار، وفي نهاية السبعة أيام التي بدأت في 22/شباط -فبراير 2020 جرى التوقيع على اتفاقية سلام تبعث الأمل ووضع حد لعقود من الإقتتال في إفغانستان .وفي يوم السبت 29 /شباط /2020 جرت في العاصمة القطرية الدوحة مراسم توقيع اتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان يمهد إلى إحلال السلام .
إفغانستان بين الإرهاب والفوضى :- وكما لاحظنا فأن أمريكا لم تشرك حلفائها من الحكومة في التوقيع ولم تؤمن بقائهم، بل تخلت عنهم وتركت البلاد في فوضى وخوف ورعب، حتى إن الاتفاق لم يثّبت عمليات الإنسحاب وزمنها سوى الجلاء النهائي في 31آب /2021. ولهذا سارعت قوات طالبان بإحتلال 75% من البلاد وبدأت بمحاصرة كابل ، في الوقت الذي ماطلت مع الولايات المتحدة حول تسليم كابل. ولم يقاوم الجيش الأفغاني ، وهرب رئيس البلاد فحدثت الفوضى وتحشدت الجماهير الأفغانية الخائفة في مطار كابل بدون تنظيم وسيطرة . وبعد ماحصل في المطار ونتيجة الانسحاب غير المنظم ، حصلت الفوضى بعد سيطرة طالبان على كابل . وألقى بايدن خطابه حيث ذكر معلومة فاجئت الجميع الأعداء والأصدقاء عندما قال بأن مهمتنا في إفغانستان لم تتضمن أبداً بناء دولة، ولم تكن أبداً تتعلق بإنشاء ديمقراطية مركزية . وقال مصلحتنا الوطنية الحيوية الوحيدة في أفغانستان هي منع هجوم إرهابي على وطننا أمريكا . ولهذا لايعنيه الإرهاب بقدر ما يعنيه حسب خطابه تهديدات الصين وروسيا هذان الخصمان الستراتيجيان الحقيقيان .وهذا يعني بأن أمريكا ساهمت منذ السبعينات والثمانينات بدعم وتأسيس المجاميع الإرهابية. كما صرَّح وزير خارجية إدارة بايدن بأن الولايات المتحدة لم تحاول بناء الديمقراطية .
في حين صرَّح بوش في عام2001 وبوضوح على بناء أإفغانستان ديمقراطية .(مؤتمر بون) وخطاب آخر بمناسبة يوم المحاربين القدامى عام 2003 قال الرئيس بوش (مهمتنا في العراق وإفغانستان واضحة لأفراد جيشنا ولأعدائنا يكافح رجالنا ونساءنا للمساعدة في بناء الديمقراطية والسلام والعدالة في منطقة مضطربة وعنيفة و2004 تحدث بوش عن نواياه لإضفاء الطابع الديمقراطي على الشرق الأوسط وآسيا مستشهداً بإفغانستان .وفي 2009 أشار باراك أوباما إلى أفغانستان بأنها ستصبح معقلاً للديمقراطية .والآن وبعد حصول الإنفجار الإنتحاري من قبل داعش خراسان في مطار كابل يدلُ على ان داعش والقاعدة وطالبان ومنظمات إرهابية أخرى هي من منبع واحد منبع الرجعية والأصولية والتخلف والعمل على لي عنق مسار التأريخ . هذه المنظمات لاتعترف بالديمقراطية والتعددية والتبادل السلمي للسلطة ولاتؤمن بحقوق المرأة وتعتبرها (عورة) ليس لها قيمة ولاتعترف بحقوق الإنسان وحقوق الطفل وتحارب الثقافة والعلم إلا في الإستخدام العدواني المسلح. العراق من خلال تجربته مع داعش والقاعدة وما تسبب في إستشهاد الآلاف من أبناء الشعب العراقي ويتوجس شراً قادماً بعد الانسحاب الأمريكي من العراق في نهاية شهر كانون الأول 2021. وجميع المحللين لايرتجون خيراً للشعب الأفغاني وسوف تكون البلاد حاضنة لجميع المنظمات الإرهابية والتي سترفع رأسها وتنشر الإرهاب والدمار في جميع الدول بما فيها الإسلامية .لقد شبه الجميع إنسحاب أمريكا الفوضوي وترك المعدات العسكرية الثقيلة وطائرات هيلوكبتر ووسائط نقل وغيرها ، شبه ذلك بإنسحاب أمريكا من فيتنام في عهد الرئيس نيكسون في عام 1973 من شهر آب ، ولهذا يتوجب على شعوب العالم والأمم المتحدة بأن تأخذ الحيطة والحذر من القادم ولانعتقد بأن المنظمات الإرهابية ستكون صادقة في عهودها ومواثيقها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر