الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أمريكا وميزان الإرهاب الإيراني الأفغاني
سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)
2021 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية
ما الفرق بين إرهاب أفغانستان وإيران، بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية؟ هل أمر هذا الفرق يتوقف عند جزئية أن إرهاب أفغانستان قد طال عمق العرين الأمريكي (في 11 سبتمبر 2001 ) ومس هيبة أعظم دولة في العالم، في حين أن إرهاب إيران لا يطال سوى الأعتاب البعيدة للتمدد الأمريكي ومصالحه القصية في دول المشرق العربي؟
ورغم أن هذا التصور هو أحد أوجه المشكلة فعلاً، إلا إن لهذه المشكلة أسباب وأوجه أخرى، أولها هو أن أمريكا لا تريد زعزعة استقرار إيران السياسي والعرقي، وتريد الإبقاء عليها كدولة موحدة لاستخدامها كعنصر ضغط سياسي وايديولوجي – مذهبي على محيطها العربي السني، المرعوب من تمددها المذهبي، بين أقلياتها الشيعية.
ثاني هذه الأسباب هو توافق إيران مع الرؤية الأيديولوجية الأمريكية، التي تنظر للعرب على إنهم مجموعة من البدو الهمج الذين وهبت الطبيعة أراضيهم ثروات طائلة، لا يستحقونها ولا يجيدون استخدامها، وبالتالي فإن وجودهم، الكياني (كدول) والبشري، هو عامل معيق للاستحواذ على هذه الثروات.
ثالث هذه الأسباب هو العنصر العرقي الذي يربط عرب حوض الخليج الأغنياء، على وجه الخصوص، بعرب فلسطين، وهذا معناه أن العرب ككل لا يمكن أن يتنكروا، ومهما كانت الأحوال والظروف، لرابطة الدم والقومية التي تربطهم بعرب فلسطين المطالبين بأرضهم التي تحتلها إسرائيل، المنحدرة أغلب مكوناتها الفاعلة من عناصر اوربية، تفوق العنصر العربي في التمدن والتحضر والثقافة.
رابع هذه الأسباب هو تيقن أمريكا واوربا وإسرائيل، كمراكز صناعة قرار ومراكز دراسات وبحوث، أن ارتباط إيران بالدين الإسلامي (كمحرض أيديولوجي) على معاداة أمريكا واوربا وإسرائيل والانتقام منها، هو مجرد ارتباط مذهبي وللتغطية فقط، أي إنه لا ينطوي على ذات الشحن الذي يحتويه المذهب السني، وهذا يعني أنه لا يمثل مصدر عداء وخطر أيديولوجي محكم ويدخل ضمن معادلة الصراع الإسلامي مع (كفر) الغرب الذي يجب محاربته إلى حد اجباره على الإيمان أو الخضوع ودفع الجزية.
وهذا يعني، واستناداً إلى السبب الرابع، أن التهديد الإرهابي الذي تمثله أفغانستان جدي ومتوقع في أي وقت، سواء كانت طالبان في سدة الحكم أو خارجها؛ في حين أن إرهاب إيران لا يمكن أن يتعدى حدود الدول الإسلامية (العربية منها تحديداً) المختلفة معها مذهبياً ويتوقف عندها وعند أراضيها ومقدساتها (مزاراتها) حصراً.
فكيف يكون الحال إذا ما كانت منظمات مثل طالبان وأخواتها في الأيديولوجية في سدة الحكم وتمتلك أسلحة متطورة وأحقاد احتلال أراضي بلادها، وأنها خرجت منتصرة وهزمت عدوها المحتل (الأمريكي بالذات) شر هزيمة؟
وبالمقارنة بين الإرهاب الأفغاني والإيراني، نجد أن طالبان أفغانستان كانت قد دكت حصون وهيبة الولايات المتحدة، في عملية 11 سبتمبر 2001 ، في عقر دارها، والتي ذهب ضحيتها ثلاثة آلاف مواطن أمريكي، إضافة إلى برجيّ تجارة نيويورك ورمزيتهما الحضارية. تلك العملية التي فرضت على الولايات المتحدة غزو أفغانستان، ذلك الغزو البليد الذي زاد خسائرها 2500 من جنودها ومليارات الدولارات، على طول عشرين سنة كاملة من تبديد الزمن واللاجدوى، لينتهي الأمر قبل أسبوعين بهزيمة منكرة لأعتى جيش في العالم ولأحدثه تجهيزاً وسلاحاً، والأهم لتعود طالبان بالذات، العدو الذي من أجله صار الغزو، إلى سدة حكم أفغانستان.
مقابل ماذا خسرت الولايات المتحدة كل تلك الأرواح ومليارات الدولارات؟ مقابل رأس أسامة بن لادن!
بالمقابل، أين أصاب الإرهاب الإيراني الولايات المتحدة الأمريكية، سواء في أراضيها أو في مصالحها البعيدة، في منطقة الخليج العربي؟ لا شيء ولا إصابة بالفعل تستحق الذكر أو التوقف عندها. الإرهاب الإيراني مقصور في أثره وقعله على دول (البدو الهمج) العربية، وحتى لو أثمر احتلال أربع دول عربية، فبم يؤثر هذا على الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل؟ لا شيء، أولاً لأن الاحتلال الإيراني لهذه الدول هو أيديولوجي/مذهبي بالدرجة الأولى، وهذا يعني أنه لن يقترب من المصالح الاقتصادية الأمريكية فيها، وثانياً لأن حكام هذه الدول سيبقون يرتعدون من بعبع السطوة الأمريكية، سواء كانوا سنة أو تشيعوا بمذهب إيران الأيديولوجي، بسبب كونهم عرب في النهاية.
وعلينا أن نتذكر هنا، وهذا ما تؤكده خسائر وتكاليف حرب العشرين عاماً الماضية، مضافاً إليها الهزيمة النكراء في أفغانستان، أن صانع القرار الأمريكي قد تعلم درساً جديداً وبليغاً، هذه المرة، في قانون الحروب الخارجية، وعليه فإنه لن يُجر إلى مغامرة حرب خارجية جديدة بسهولة، بل ولو حتى تعرضت مصالحه، في حوض الخليج العربي، لضرر حقيقي وكبير، فما بلك بمجرد تحرشات صبيان، تحركهم إيران عن بعد وخارج أراضيها، أو بعملية من مثل تغيير المذهب الديني لحكام بعض الدول العربية، الذين لن يستطيعوا رفع عصا الطاعة على البعبع الأمريكي، مهما اختلفت ألوان مذاهبهم وأغطية رؤوسهم، بل وحتى جلوهم؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بعد تأكيد مقتل هاشم صفي الدين.. ما تأثير ذلك على حزب الله؟
.. الجيش الإسرائيلي يرصد صاروخين في منطقة حيفا
.. سقوط عدد من الصواريخ أطلقت من جنوب لبنان على منطقة روش بينا
.. استشهاد طفل إثر إطلاق الاحتلال صاروخا على مدرسة لنازحين بدير
.. كولومبيا وإسبانيا تجليان رعاياهما من لبنان