الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زمن الطاووس – قصة قصيرة، مينا عبدا لله وراي ماثيو، ترجمة: رقية كنعان

رقية كنعان
شاعرة وكاتبة

(Ruqaia Kanaan)

2021 / 9 / 1
الادب والفن


ترجمة رقية كنعان

عندما كنت صغيرة، كان كل شيء رائعاً، العالم كان مزرعتنا وكلّنا ننعم بالمحبّة، رشيدة ولال وأنا وأبي وأمّنا آما : لقد أحببنا بعضنا البعض وكل شيء كان على ما يرام.
أذكر في فصل الخريف كيف أحرقنا سّلالاً كبيرة من أوراق الشجر بجانب نهر الجوايدر وكيف راقبنا النيران تشتعل بينما آما تخبرنا قصصاً عن كريشنا عازف الفلوت وجباله المتحرّكة، كانت النيران تخبو والقصص لا تزال حيّة في رؤوسنا، و كنّا نرمي أكواز الذّرة في النّيران ونشويها، واحد لكل منا – رشيدة ولال وأنا، وأبي وأمّي.
أتذكّر أنّ في الشتاء عندما كان الصقيع لاسعاً والريح تطيّر شعرنا، في الليل بقرب النار، في دفء المنزل، كان إمكاننا أن نسمع كلاب الدينجو تعوي. ثمّ أتى الربيع والسنة الجميلة ولدت ثانية ،أعواد شجيرات الياسمين المتسلّقة غطّت نفسها بالأزهار.

في أحد فصول الربيع أتذكّر أنه كان وقت الطاووس عندما تعلّمت الكلمة "سرّ" وبدأت أكبر. بعد ذلك الربيع كلّ شيء بدا مختلفاً وأكبر، لم أعد صغيرة والطفلة ولدت.
تعلّمت للتو أن أعدّ، اعتقدت أنّ بإمكاني أن أعدّ أيّ شيء؛ قمت بعدّ أصابع اليدين وأصابع القدمين والدرجات والنوافذ وحتى التّلال، ولكن في هذا اليوم من الربيع أخطأت في عدّ التّلال.

كان يفترض أن يكون هناك خمس تلال، كنت أعرف أنّه كان هناك خمساً منها، عددتها مرة بعد أخرى: "واحد اثنان ثلاثة خمسة" ولكن ذلك لم يجدِ، كان هناك واحدة متكرّرة، تلّة غريبة أو زائدة. بدت مألوفة لي وأنا عرفتها ولكنّها زادت عن خمس وأقلقتني. فكرت في كريشنا والجبال التي تحرّكت لتحمي قطعان البقر و تاه المسافرون بسببها، كنت قلقة لأنه بدا لي أن تلالنا تحرّكت هي الأخرى.
ركضت عبر المنزل ثمّ إلى الحديقة لأخبر آما بالشيء الذي فعله كريشنا ولأسألها كيف يمكن أن نرضيه، ولكن عندما رأيتها نسيت كلّ شيء عن ذلك، كنت صغيرة وانشغلت بالقفز إلى الأعلى والأسفل بمرح.

كانت تقف هناك في حديقتها، تلك المحتوية على أزهار هندية، بلدها المسيّج الصغير، كانت يداها مضمومتين إلى بعضهما أمام وجهها وشفتاها تتحركان.

على الأرض، أمام شجيرة الورد الكشميريّ، أمام زهر مسك الروم، أمام شجرة الرمّان، وضعتْ أوعية صغيرة من الحليب اللامع. قفزت لرؤيتها، الآن أعرف لمَ كنت أركض طيلة الوقت وأثب، لمَ أردت أن أغنّي وأن أعدّ كلّ شيء في العالم.
- "إنّه الربيع" صرخت لآما، "ليس ربيعا نوعاً ما أو شبه ربيع! ولكن ربيع حقيقي!"
"هل سيأتي المولود قريباً؟ "، سألتها، "حالاً؟"
- "قريباً..صبراً.. قريباً."
ضحكت وصفقت بيدي فوق رأسي، "أنا كبيرة بما يكفي لأستطيع القيام بأيّ شيء" وحجلت على ساق واحدة حتى آخر الحديقة حيث يعيش الطاووس.
- "شاه-جيهان!"، هذا كان اسمه،" إنّه الربيع والطفل قادم يا شاه جيهان الجميل"، ولكن لم يبد عليه أيّ اهتمام، فقلت: "شاه جيهان السخيف العجوز، ألا تعرف شيئا؟ إنّي أستطيع العدّ حتى العشرة"، واصل التحديق بعينه الذهبيّة تجاهي، كان طيراً سخيفاً، لماذا؟ لأنّه يظلّ في الحديقة طوال اليوم، بعيداً عن الدّيك، لم يكن باستطاعته الركض إلى أيّ مكان كما أفعل أنا، إنّه لا يستطيع أن يفعل أيّ شيء.
أمرته: "إفرد ذيلك، هيا، إفرد ذيلك!"، واستمررنا بالتّحديق واحدنا صوب الآخر إلى أن شعرت بالحزن، رشيدة على حقّ، قلت له: "إنّك لن تفرد ذيلك أبدا مثل الطائر الذي على المروحة اليدويّة، ولكن لم لا تجرّب؟ أرجوك، يا شاه جيهان الجميل" .
ولكنّه استمرّ بالتّحديق كما لو أنّه لن يفرد ذيله أبداً، وبينما كنت أنظر إليه بحزن تذكرت كيف أتى إلينا.

يستطيع أن يستبدّ الآن ويختال في أمان الحديقة، ولكن أستطيع أن أتذكّر كيف أحضره البحار إلى المزرعة في حقيبة كرأس ملفوف ريشه متدلّ وذيله الأبيض قذر. جاء البحّار إلى المزرعة، بحّار على الأرض، وجه غامق في بلد أبيض. كيف ابتسم عندما رآنا- رشيدة وأنا نتأرجح على البوّابة، كيف تبادل الحديث مع آما وجعلها تضحك وتبكي، كيف صرخ ابتهاجاً بالكاري الذي أعطته إياه.
وعندما كان وقت ذهابه، مع وعائين من الكاري مربوطة بالقماش ومحزومة في حقيبته، أعطى الطير لآما، أعطاها إيّاه بينما لم تقل هي شيئاً ولا حتى كلمة شكراً، نظرت إليه وحسب.
- "ما هذا؟"، قلنا بمجرد أن أصبح بعيداً بما يكفي، "أيّ صنف من الطيور؟".
- "إنّه طاووس"، قالت آما برقّة، " لقد جاءنا من الهند".
- "إنه ليس مثل الطاووس الذي على مهفّتك الكشميرية،" وأضفت، "إنّه فقط شيء من البياض"
- "الطاووس على المهفّة كان أخضر وأزرق وذهبيّ الألوان ولديه ذيل مثل مهفّة"، قالت رشيدة، "هذا ليس طاووساً على الإطلاق، أيّ شخص يمكنه رؤية ذلك".
- "رشيدة"، قالت آما، "رشيدة، الأكبر لا يجب أن يكون ذكيا جدّاً! إنه طاووس أبيض وصغير جداً على فتح ذيله، إنّه طاووس من الهند".
قلت لآما:"دعيه يفتح ذيله".
- "لا أعتقد"، قالت: "لا أظنّ أنّه سيفرد ذيله مطلقاً في هذه البلاد"
- "لا"، قال أبي تلك الليلة: "لن يفرد ذيله أبداً في استراليا"
- "لا"، قال عمّي سيد في الصباح التالي: " لن يفتح ذيله أبداً بدون أنثى بالقرب منه"

ولكنّا راقبناه، رشيدة ولال وأنا، راقبناه لأيّام وأيّام إلى أن تعبنا من المراقبة وكبرهو أملساً مشرقاً وأخذ مكانه في الحديقة.
- "ألن تفتح ذيلك أبداً؟" سألته مرّة أخرى: "أليس الآن وهو الربيع ؟"
ولكنه لم يحاول قطّ، ولا حتى ظهر عليه الاهتمام، ولذا تركته وبحثت عن شخص أكلّمه.
الممرضة التي كانت هنا لتساعد آما والتي كانت ورديّة اللون كتفّاحة ومدوّرة مثلهاً تقريباً، كانت مشغولة في المطبخ .
- "الطفل سيولد قريباً"، أخبرتها،"ذلك أنّه الربيع".
- "تابعي طريقك"، ضحكت وكرّرت: "تابعي".
وكذلك فعلتُ، إلى أن وجدت رشيدة تجلس إلى حافة نافذة وأمامها كتاب، كان كتاب الولادة الخاص بالممرضة.
- "ماذا تفعلين؟"
أجابت :"أقرأ"، هذا كتاب رعاية الطفل وأنا أقرأ كيف يمكن الاعتناء به.
- "أنت لا تستطيعين القراءة"،قلت، "أنت تعرفين أنّك لا تعرفين القراءة"
رفضت رشيدة أن تردّ واستمرّت بالتّحديق في الكتاب وهي تقلّب الصفحات.
- "ولكنك لا تعرفين القراءة!"، صرخت عليها، "لا تستطيعين".
أكملت تمرير عينيها إلى آخر الصفحة.
- "أنا لا أقرأ الكلمات ولكن أعرف ماذا يقول الكتاب، إنّي أقرأ الأشياء"
- "ولكنك تعرفين، تعرفين أنّك لا تجيدين القراءة".
خبطت الأرض مبتعدة عنها نزقة كأيّ شيء، خارج المنزل و بجانب النافذة التي كانت رشيدة تجلس إليها بذكاء و باتجاه رقعة الخضروات استطعت أن أرى لال وهو يحفر بواسطة أداة الحفر.
- "ماذا تفعل؟"، سألت بدون لطف.
- "أحفر"، قال، "أصنع حديقة لأخي الوليد ".
- "كيف عرفت؟ كيف عرفتم جميعا؟ كنت سأخبركم"، كنت تقريباً أبكي، "على كلّ قد لا يكون أخاً!".
- "أوه نعم، سيكون"، قال لال، "لدينا بنات"
- "سأحفر أنا الأخرى"، قلت ضاحكة بسعادة مباغتة، "سأساعدك، وسنجعلها حديقة كبيرة".
- "الحفر عمل الرجل"، وأكمل، "أنا رجل وأنت بنت"
- "أنت طفل، عمرك أربع سنوات فقط"، ورميت بعض التراب عليه وتركته.

أبي كان يصنع سلّة من عيدان شجر البرقوق، اعتاد أن يضع عودين متقاطعين على الأرض،يقرفص وسطهما ويجدّل العيدان داخلاً وخارجاً إلى أن تكبر السلة حوله، كل ما استطعت رؤيته كانت كتفاه ومؤخرة عمامته عندما كنت أزحف خلفه لأفاجئه.
ولكنه لم يندهش، "عرفت أنك ستكونين أنت"، عبست في وجهه ولكنه ضحك بالطريقة ذاتها التي يضحك بها دائماً.
"أبي"، بدأت بصوت متسائل جعله يتأوّه وكنت قد سميّت بالبنت الاسترالية، البنت المتحرّية: "أبي، لماذا للطواويس ذيول جميلة؟"
شدّ لحيته وقال:"أرجلها بشعة، والله أعطاها ذيولاً لئلا ينظر أحد إلى أقدامها".
ولكن "شاه جيهان" قلت وأبي يحني رأسه إلى الأسفل فوق جدله،"الجميع ينظرون إلى أقدامه وذيله لا يفرد أبداً".
- "نعم"، قال أبي حاسماً، وكأنّ ذلك شرح كل شيء، وبدأت بالبكاء، كان يوماً من الضحك والدموع، أظنّ أنه اليوم الأول من الربيع.
- "ما الأمر، ماذا هناك؟".
- "كلّ شيء"، أخبرته،"شاه جيهان لن يفتح ذيله، رشيدة تتظاهر أنّها تعرف القراءة، لال لم يسمح لي بالحفر، أنا لا شيء، والفصل ربيع؛ آما تضع الحليب في الخارج للأفاعي وأنا عددت ...." ولكن أبي نظر بجديّة فلم أستطع أن أخبره ما الذي قمت بعدّه.
- "اسمعي، أنت كبيرة الآن يا نيمي وأستطيع أن أخبرك سرّاً"
- "ما معنى السرّ؟"
تنهّد وقال:"انه ما يخصّنا، شيء نعرفه ولكنّا لا نبوح به، أو نشاركه مع شخص واحد في العالم"
- "معي!، توسّلت، "معي!"
- "نعم، معك أنت، ولكن دون بكاء أو أن تظنّي أنّك لا شيء، هذا لجعلك تكبرين"
- "أرجوك"، قلت له، "أرجوك"، وأحببته عندها كثيراً لدرجة أنّي وددت أن أكسر قفص الأغصان وأن أحضنه.
- "نحن مسلمون"، قال، "ولكن أمّك لديها علامة على جبهتها تقول إنّها لم تكن كذلك، كانت برهمية، وآمنت بكل قصص كريشنا وسيفا"
- "أعرف ذلك"، قلت، "والتلال .."
- "اسكتي أيها النسناسة"، قال آمراً ،"وآما مسلمة الآن أيضاً ولكنها تتذكّر طرقها القديمة وتضع الحليب خارجاً في الربيع".
- "للأفاعي"، قلت،"لتحبّنا وتتركنا دون أذى"
- "ولكن لا توجد أفاعي في الحديقة"، قال أبي.
- "ولكنها تشرب الحليب، وآما تقول ..."
- "لو ترك الحليب، ستحضر الأفاعي"، وتابع أبي: "وهي يجب أن لا تـأتِ، لأنه لا يوجد شرف في الأفاعي، ستلدغك أنت أو رشيدة أو لال الصغير أو حتى آما، ولهذا – وهذا هو السرّ الذي لا يجب أن يعرفه أحد إلا أنا وأنتِ – فإنّي أذهب إلى الحديقة ليلاً وأفرغ صحون الحليب، وبهذه الطريقة لا أقلق ولا ينالك أذى، وإيمان آما لا يطاله الضرر، ولكن عليك ألا تقولي ذلك".
وأكّدت له: "لن أقول أبداً".
طيلة ذلك اليوم كنت لطيفة مع لال والذي كان مجرد طفل وليس كبيراً، واحتفظت برأسي عالياً أمام رشيدة التي كانت ذكيّة ولكن ليس لديها سرّ، مشيت طيلة النّهار بزهو ممتلئة بسرّي. شعرت بأنّي حتى أذكى من آما التي تعرف كلّ شيء ولكن عليها ألّا تعرف ذلك أبداً".
كانت تعمل ذلك المساء على لحافها، نظرت إلى صور الكروشيه في المربعات الصغيرة فيه
وقلت "هذا نبات بوينستيا"
- "نعم وهذا .."
- "إنه شاه جيهان وذيله منشور"
- "نعم، هو كذلك، وهذه وردة للطفل"
- "متى سيجيء الطفل؟، ليس فوراً ولكن متى؟"
- "الليلة، ليلة الغد أو الليلة التالية".
- "هل يولد المواليد دوماً في الليل؟"
- "أطفالي، دائماً، هناك الظلام والانتظار ثم تشرق الشمس على وجوهنا وعطر الياسمين هنا" ثم نظرت إلى حديقتها.
- "ولكن آما..."
- "كفى أسئلة يا نيمي، رأسي يطنّ، لا أسئلة اليوم".

تلك الليلة سمعت ضجة غريبة، صرخة قاسية، صرخت:"إنّه شاه جيهان"، وقفزت من السرير راكضة إلى النافذة، وقفت على كرسيّ ونظرت إلى الحديقة. كانت ليلة مقمرة، القمر كان كبيراً وقريباً لدرجة أنّي ظننت أنّ بإمكاني الانحناء إلى الخارج ولمسه، وهناك كان يقف شاه جيهان ويبدو حزيناً وأبيض كالثلج.
قلت :"شاه جيهان، أخي الصغير، لا تفكّر كثيراً بقدميك أيّها الجميل، وإنمّا بذيلك الجميل"، وبينما كنت أتكلّم، رفع رأسه وببطء فرد ذيله كمروحة يدويّة من شرائط بيضاء كالقمر. أوه يا شاه جيهان، كما لو أنّك قدمت من القمر.
آلمني حلقي وشعرت بالاختناق يحبس أنفاسي فأغمضت عيوني، وعندما فتحتهما كان كل شيء قد انتهى: القمر هو القمر وشاه جيهان طائر بلون الحليب و بذيل متدلّ ورأس مطأطأ.

في الصباح، أيقظتنا الممرضة وهي تقول: " انهضوا، وخمّنوا ماذا حصل في الليل؟ أخت، المولودة الأغلى والأحلى..والآن هيّا"
- "لا أخ؟!"، قال لال " لا أخ وليد؟!"
ضحكنا عليه، رشيدة وأنا، وركضنا لرؤية الطفلة، آما كانت مستلقية، ساكنة وصغيرة في السرير الكبير و ضفيرتها السوداء اللامعة ممتدة على طول الوسادة. كانت الطفلة في المهد الأبيض، ورنونا إليها، قبضتها الصغيرة تلمّست طريقها في الهواء إلينا، ولكن لال لم ينظر إليها، تسلّق السرير وزحف باتجاه آما قائلاً بحزن:" لا ولد، لا ولد لألعب معه".
قالت آما وهي تحرّك شعرها:" ولدي، آسفة يا ولدي الصغير".
سألها:" هل يمكننا أن نغيّرها إلى ولد؟"
وردّت عليه:" إنها هديّة من الله، ولا يمكننا تغيير الهدايا".
حضر والدي من محل الألبان وعلى وجهه ابتسامة عريضة، ضحك ضحكة خافتة فوق المهد ثم جلس على السرير.
"ربّة البيت"، قالها بانجليزية غريبة تضحك منها الممرضة دائماً، "هذه الرفيقة الصغيرة، إيه؟".
- "بل كبيرة، تسعة باوندات" ، قالت آما بينما أومأت الممرضة بفخر.
- "ما خطب هذا الرفيق؟"، سأل أبي وهو يجرّ لال من ذراعه، "ما بك؟"
- "لا ولد"، أجاب لال، "لا ولد لأتحدّث معه"
- "أي، أي"، ندب والدي وهو يحاول أن يغيّر نبرته: "الكثير من البنات هنا، الأفضل أن نغرق واحدة، أيّ واحدة نغرق يا لال؟ أيّهن، إيه؟"
رشيدة وأنا اندفعنا إليه نصرخ بسرور، "لست أنا!، لست أنا!"، بينما الممرّضة تحاول أن تسكتنا.
- "أنت أسوأ من الأطفال" ، قالت لأبي، "أسوأ بكثير"، ثم ضحكت وكذلك فعلنا أجمعين، وحتى الطفلة أصدرت ضجيجاً.
ولكن ماذا نسمّي الطفلة؟ انشغلنا جميعاً بالاسم وحتى عمّي سيد جاء وانحنى على سارية الباب بينما كانت الأسماء تناقش. أخيرا رفع والدي الطفلة ونظر في عينيها الكبيرتين الغامقتين وسأل عمّي:" ماذا كان اسم أختك؟، الصغيرة التي كانت تتبعنا في كل مكان؟ الصغيرة ذات العينين الجميلتين؟"
- "جميلة"، أجاب عمّي سيد، "إنّها جميلة".
ثم أصبح اسمها الأوّل جميلة على اسم الفتاة التي كانت في الهند عندما كان أبي ولداً وقرّر هو وعمّي سيد أن يصبحا صديقين كالإخوة، واسمها الثاني شهناز، والذي يعني حبيب القلب.
ثم تذكّرت: "شاه جيهان، يستطيع أن يفرد ذيله، رأيته الليلة الماضية والجميع نيام".
- "لا يمكنك الرؤية في الليل، لقد حلمت بذلك أيتها الطفلة"، قالت رشيدة
- "كلا، لم أحلم، كان قمراً مشرقا".
- "لقد حلمت بذلك يا نيمي"، قال أبي وأضاف:" الطاووس لا يفتح ذيله في هذه البلاد".
- "لم أحلم بذلك"، قلت بصوت متشكّك لأنّ أبي على صواب دوماً. ثم قلت: " سأعدّ أصابع جميلة"، قبل أن تقول رشيدة أيّ شيء عن الطاووس، "واحد، اثنان، ثلاثة، خمسة .."
- "لقد تركت الرقم أربعة"، قال أبي.
- "أوه نعم، نسيت، لقد نسيته، واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة، لديها خمس أصابع".
- "كل واحد لديه خمسة"، قالت رشيدة
- "أروني"، قال لال، وبينما كان أبي وآما يرونه أصابع الوليدة ويعلّمانه كيف يعدّها، زحفت إلى الباحة حيث أستطيع رؤية التلال، عددتها بسرعة من واحد إلى خمسة، كان هناك خمسة فقط دون أي زيادة، شعرت بالحماس عندما تحسّست انسداد حلقي ثانية، "لم أحلم بذلك، لا يمكن لي أن أحلم بالألم، لقد رأيته فعلاً، لدي سرّ آخر الآن وخمس تلال فقط، واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة".
ولم تتغيّر مرة أخرى، لقد كبرت.


ملاحظة المترجمة : القصة من أدب المهاجرين في أستراليا و الراوي فيها طفلة من عائلة هندية حافلة بالتنوع بدورها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع