الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المركزية غير الديمقراطية

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2021 / 9 / 1
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


نهاد أبو غوش
تعلن معظم الأحزاب اليسارية ذات الجذور والخلفيات الماركسية اللينينية أنها تتبنى المركزية الديمقراطية كمبدا ناظم للعلاقات الداخلية في التنظيم، وللعلاقة بين الحزب والجماهيرن وتسرد الأنظمة الداخلية مجموعة المبادىء التي تجسد تطبيق هذا المبدا الناظم في المجالين (الداخلي والعلاقة مع الجماهير) من نوع تشكيل جميع الهيئات الحزبية بالانتخاب، التزام الأقلية براي الاغلبية مع حفظ حقوق الاغلبية، والتزام الهيئات الدنيا براي وتوجيهات الهيئات العليا والنقد والنقد الذاتي وممارسة الرقابة الحزبية من ادنى غلى أعلى ومن أعلى إلى أدنى. اما في مجال العلاقة مع الجماهير فينص المبدا على أن الحزب يتعلم من الجماهير ويعلمها ويابى الانعزال عنها فلا يتذيل حركتها ولا يسبقها باندفاع ارادوي يضعه في عزلة عن الجماهير. وتقول أدبيات الأحزاب الثورية ان هذه المركزية الديمقراطية مستمدة من نمط حياة الطبقة العاملة من حيث انضباطها وتعاونها في نسق جماعي وتغليب مصلحة الجماعة على الفرد الى آخر ما هنالك من اوصاف منسوخة على طريقة القص واللصق من الأدبيات الماركسية التقليدية، وقد كان لكاتب هه السطور اسهام متواضع في وضع كراس تفسيري يشرح مبادىء المركزية الديمقراطية لأعضاء الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بالإضافة للمساهمة في عدد كبير من دورات التثقيف والمحاضرات والشروح حول امسالة عينها.
الحقيقة أن تيارات عديدة تتبنى مبدا المركزية الديمقراطية سواء الأحزاب الشيوعي التقليديةن او القوى اليسارية الديمقراطية الثورية التي انحدرت من جذور قومية، وحتى بعض القوى الوطنية والليبرالية تتبنى علنا نفس هذا الشعار مثلما تفعل حركة فتح، مع أن بعض القوى اليسارية حاولت التخلص من هذا الشعار شكليا من خلال تطعيمه بكلام منمق عن الديمقراطية (الديمقراطية الواسعة في إطار بنية الحزب المركزية) أو الديمقراطية في إطار وحدة الحزب.
في واقع الممارسة العملية، تحولت المركزية الديمقراطية من أداة لتوحيد الحزب مع إطلاق طاقاته الإبداعية في الوقت نفسه، إلى أداة للسيطرة المشددة بيد الهيئات القيادية، والدليل الدامغ على ذلك هو غياب اي تغيير فعلي في بنية وتشكيل الهيئات القيادية لعشرات السنين إلا ما تتطلبه الدوافع الإجرائية لتعويض من يغادرون الحياة الطبيعية أو ينسحبون من الحياة الحزبية، لقد قيدت الهيئات المسيطرة تطبيق المركزية الديمقراطية بجملة من الشروط المفتعلة التي تلغي الجوهر الدمقراطي لهذا المبدأ. من هذه الشروط: خضوع نتائج أي عملية انتخابية ديمقراطية لمصادقة الهيئات الأعلى، مرور العملية الانتخابية الاجباري عبر سلسة طويلة ومعقدة من الانتخابات فالمسافة بين القاعدة الحزبية والمؤتمر العام تمر بما لا يقل عن أربع محطات هي مؤتمر المحلية ومؤتمر المنطقة ومؤتمر الفرع أو المحافظة ثم مؤتمر الإقليم وبعده المؤتمر العام، ينطبق ذلك على الأحزاب الصغيرة والكبيرة على حد سواء، وإذا كان مفهوما أن حزب البلاشفة الممتد في أرجاء روسيا وكان يتهيا للقيام بثورته الكبرى كان مضطرا لاتباع هذه الخطوات لاستيعاب مشاركة عشرات الالاف من أعضائه، ومراعاة ظروف التباعد الجغرافي والسرية، أما في ظروف القوى اليسارية العربية والفلسطينية تحديدا فإن هذه العملية المعقدة تطبق بالقوة على أحزاب لا يتجاوز تعداد أعضائها المئات أو آلاف قليلة، يمكن لهم أن يشاركوا في قاعة واحدة وفي يوم واحد، لكن مؤتمراتهم تستغرق شهورا طويلة لكي تعيد إفراز نفس النتائج المتوقعة والمرغوبة من القيادة المتنفذة.
ومن وسائل الاحتيال على الديمقراطية ما يسمى عملية التوجيه المركزي الذي تتخذ طابعا "ناعما" مفاده مراعاة الجندر والشباب والاقاليم ولكنها في الحقيقة والممارسة تتكشف عن ممارسة مركزية مشددة لاختيار من تريدهم القيادة وفق معايير الولاء والطاعة وليس وفق الجدارة والكفاءة، كما أن وجود ظروف أمنية صعبة في بعض البلدان أتاحت للقيادات المتسلطة التحكم بنتائج العملية الانتخابية، من خلال تحديد آلياتها أولا، وطريقة الانتخاب (اشتراط عدد يطابق عدد الهيئة والغاء كل ورقة تخالف ذلك، التكتم على آلية الفرز والنتائج وإجرائها على ايدي القيادة المتسلطة نفسها بمعزل عن اي رقابة أو مندوبين.
من المؤكد أن أهداف من طوروا مفاهيم المركزية الديمقراطية كانت أهدافا نبيلة ومنسجمة مع أهداف النضال ومكرسة لخدمتها، ولكن في الممارسة العملية تحول هذا المبدا إلى شعار خادع، ظاهره ديمقراطي وجوهره تسلطي ومركزي وغير ديمقراطي ، بل إلى وسيلة مضمونة لهندسة البنى الحزبية والتحكم بها على اعتبار أن الحزب هو مشروع شخصي لأصحابه ومؤسسيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ناقد تعني منشق
ابراهيم الثلجي ( 2021 / 9 / 1 - 19:55 )
وكانك يا استاذ تريد الشكوى على القمع المتاصل في النفوس والماخوذ عن ومن مدرسة الجلاد ليتحول شعار الديمقراطية المركزية الى تهمة انشقاق او قفز مكان الامين العام وكانه مخلد لم يموت او قديس اشرب كاس الحكمة وتوقفت مسيرة التطور السلوكي البشري عنده وعند اقاربه وخاصة وهم يسوحون في البلدان والمتجعات السياحية
مجرد فكرت في النقد تجد جيشا من المنافقين يحمل ضدك لوائح اتهام مترجمة عن لوائح كان مكتب ستالين وجماعته قد اعدوها لمن نقد سياستهم المدمرة التي اودت بديمومة التجربة الاشتراكية
تلك الاحزاب صارت دكاكين للامين العام وشلته او قرايبة من عظام الرقبة بحيث صار يبدو زمن الجاهلية وابو جهل اكثر لطفا وحنية على معارضيه
من تلك النخبة الذين اعتقدوا كما اعتقد القديسون والمعصومون انهم صناعة نخب اول ذات طفرات وتحورات جينية جعلتهم من العرق السامي الذي يموت الناس كي تحيا ذاتهم السامية
في شاننا الفلسطيني تطورت الفكرة انه في ناس مخلوقة كي تحكم شعب مكتوب عليه الموت والجوع لاجلهم ولاجل شبعهم وكي ينشد اشعار ديمقراطية افتراضية ووهمية
لذلك تم تعديل طاولات الحوارات الى مستديرة كي لا تميز اليمين من اليسار

اخر الافلام

.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ




.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب


.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام




.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ