الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسونامي افغانستان و التفكك التدريجي لحلف الناتو ..!

آدم الحسن

2021 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تسونامي افغانستان سيجعل من العالم بعد الهروب الأمريكي من افغانستان ليس كالعالم قبله , هذا التسونامي سيشَكلُ نقطة انقلاب بين مرحلتين زمنيتين مختلفتين , مرحلة ما قبل الهروب الأمريكي من افغانستان حين كان يضن البعض أن هذا القرن هو القرن الأمريكي الذي تسود فيه الغطرسة الأمريكية على سياسة و قرارات دول العالم الأخرى , هذه المرحلة التي بدأت بعد الاعتداءات الإرهابية في 11 سبتمبر على أمريكا التي نفذها تنظيم القاعدة , فقي بداية هذه المرحلة اطلق قادة امريكا تهديدهم الشهير :
من ليس معنا فهو ضدنا ... !!
ليشمل هذا التهديد و التحذير كل دول العالم , فسارت دول عديدة خلف الإرادة الأمريكية و حروبها و منها دول الاتحاد الأوربي .
اليوم و بعد عشرين سنة من الفشل الأمريكي المستمر في افغانستان , تكلل هذا الفشل بالهروب المهين لأمريكا و حلفائها من أفغانستان , هذا الهروب الذي وصفة بعض القادة الأوربيين ب ( العار على الغرب ) قد أدى الى دخول العالم لمرحلة جديدة تختلف نوعيا عن ما قبلها , حيث تمتاز هذه المرحلة بتحرر الكثير من الدول من التبعية للسياسة الأمريكية فقد قررت هذه الدول التخلص من هيمنة القرار الأمريكي على خياراتها الاستراتيجية , و قد اصبح من الصعب على امريكا جر دول خلفها لحروب تقررها هي نيابة عنهم و تنسحب امريكا من هذه الحروب متى ما تقرر هي الانسحاب وفق حساباتها و هذا يشمل معظم حلفاء امريكا في حلف الناتو أي لم يعد حلف الناتو بعد الان أداة أمريكية لتنفيذ مخططاتها و هذه خطوة مهمة على طريق التفكك التدريجي لهذا الحلف ... !

إن اكبر ردود الأفعال على الفشل الأمريكي الهائل في افغانستان عبر عنه المفوض الأعلى للسياسة الخارجية و الأمن للاتحاد الأوربي جوزيف بوريل بتصريحاته الأخيرة :
( ذهبنا , و يقصد دول الاتحاد الأوربي و امريكا , الى افغانستان بقرار جماعي لكن الانسحاب تم بقرار امريكي منفرد , اتخذ في واشنطن ...! ) .
ثم حذر جوزيف بوريل دول الاتحاد الأوربي من الاعتماد مستقبلا على الولايات المتحدة الأمريكية بقوله :
( اعتمادنا الكامل على امريكا في عملية الانسحاب من افغانستان هو جرس انذار لنا ينبهنا , و إن ما حدث في أفغانستان هو ليس ضربة لأمريكا فقط بل هو ضربة شديدة للغرب ) .
هكذا وصف المفوض الأعلى للسياسة الخارجية و الأمن بالاتحاد الأوربي هزيمة الغرب و على رأسهم أمريكا في أفغانستان .
لقد أجمع العديد من قادة دول الاتحاد الأوربي على إن ما جرى من أحداث في افغانستان هو تنبيه لهم و حافز قوي لكي يشرعوا في تطوير قدراتهم الذاتية كإتحاد أوربي على التصرف بشكل استراتيجي و مستقل و بمعزل عن الاستراتيجية الأمريكية , حيث قالوها صراحة (( على دول الاتحاد الأوربي الخروج من تحت المظلة الأمريكية )) .
و لأهمية تداعيات ما جرى في افغانستان تم عقد اجتماع لوزراء خارجية و دفاع الاتحاد الأوربي في سلوفينيا حيث تمحور النقاش في هذا الاجتماع حول هزيمة الغرب في افغانستان و مستقبل اوربا السياسي حيث ندد الاتحاد الأوربي بالقرار الذي اتخذته أمريكا بشكل منفرد للانسحاب من افغانستان و بالطريقة التي تم بها الانسحاب و كأن دول الاتحاد الأوربي هم اتباع لأمريكا و ليسوا حلفاء ...!
لفد بحث وزراء دفاع دول الاتحاد الأوربي المجتمعون السبل الكفيلة لتحقيق استقلال عسكري أكبر لدولهم عن الولايات المتحدة الأمريكية و ايجاد بوصلة استراتيجية خاصة بالاتحاد الأوربي بمعزل و بشكل مستقل عن الإرادة الأمريكية حيث تم مناقشة مشروع تأسيس قوة تدخل سريع تابعة للاتحاد الأوربي لتكون نوات لجيش تابع للاتحاد الأوربي مستقبلا , و إن تتشكل هذه القوة من خلال تقليص مساهمة دول الاتحاد الأوربي في حلف الناتو و توظيفها لصالح الاتحاد الأوربي .
أن فكرة تأسيس حيش تابع للاتحاد الأوربي هي فكرة ليست جديدة لكن ما حدث في افغانستان اعطاها زخما اضافيا .
إن أكثر الدول تحمسا لأنشاء جيش موحد للاتحاد الأوربي يتشكل من خلال دمج جيوش دول الاتحاد هي فرنسا و المانيا و ايطاليا , لقد ساهم فشل امريكا المروع و معها دول حلف الناتو في افغانستان في دفع دول أوربية عديدة لتأييد مشروع تأسيس جيش موحد للاتحاد الأوربي حيث ظهر هذا التأييد بشكل واضح في اجتماع وزراء خارجية و دفاع الاتحاد الأوربي فقد طالبت وزيرة الدفاع الألمانية من دول الاتحاد إظهار قوة اتحادهم لكي تتصرف دول الاتحاد و فق مصالحها في الأمن و الدفاع , لم يفاجئ هذا التأييد و الاندفاع و القناعة لدى دول الاتحاد في تشكيل قوة عسكرية تابعة للاتحاد الإدارة الأمريكية فحسب و انما ازعجها كثيرا , فقد سبق و سخر الرئيس الأمريكي السابق ترامب من الرئيس الفرنسي ماكرون حين طرح الرئيس الفرنسي فكرة تأسيس قوة عسكرية موحدة للاتحاد الأوربي بقوله :
هل تريد أن تصبح نابليون جديد ...؟!

لا شك إن تفكك حلف الناتو سيصب في مصلحة السلم و الاستقرار في العالم و سيضعف الهيمنة الأمريكية و سيجعل من تهديدات امريكا للدول الأخرى بالعقوبات و الحصار و التدخل العسكري و غيرها من اساليب فرض الهيمنة عبارة عن كلام لا صدى مهم له بعد أن يصبح العالم متعدد الأقطاب , امريكا , الصين , روسيا , الاتحاد الأوربي , ...
لذلك كانت و لازالت امريكا تقف بالضد من تماسك الاتحاد الأوربي و تعمل بطرق مختلفة على شق الصف الأوربي فعلى سبيل المثال لا الحصر وقفت ادارة الرئيس السابق ترامب مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي لدرجة إن تلك الإدارة وعدت بريطانيا بعلاقات و منافع استراتيجية اقوى في حالة خروجها من الاتحاد ... لكن بريطانيا خرجت من الاتحاد الأوربي و لم تلقى شيء مهم من امريكا ...!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استئناف مفاوضات -الفرصة الأخيرة- في القاهرة بشأن هدنة في غزة


.. التقرير السنوي لـ-مراسلون بلا حدود-: الإعلام يئن تحت وطأة ال




.. مصدر إسرائيلي: إسرائيل لا ترى أي مؤشر على تحقيق تقدم في مسار


.. الرئيس الصيني يلتقي نظيره الصربي في بلغراد ضمن جولة أوروبية




.. جدل بشأن هدف إنشاء اتحاد -القبائل العربية- في سيناء | #رادار