الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طالبان: عودة الابن الضال

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2021 / 9 / 2
الارهاب, الحرب والسلام


طالبان: عودة الابن الضال
الكاتب: نضال نعيسة
الحوار المتمدن: 02/09/2021
Lattakia City 14:28 GMT
من يستطع العودة بذاكرته، إلى الوراء، إلى منتصف ثمانينات القرن الماضي، حين كانت جرت تلك اللقاءات الحميمية والودية المغلقة بين ممثلي وشيوخ حركة طالبان الإفغانية، (وقتها كانت تسميتهم الرسمية بالإعلام الأمريكي، ويا سبحان الله، "مقاتلون من أجل الحرية Freedom Fighters وبين الرئيس الجمهوري الأمريكي، الممثل الهوليوودي السابق، رونالد ريغان، والتنسيق عالي المستوى العسكري والاستخباراتي بين الجانبين، فيما يخص "الجهاد" ضد "الملاحدة" السوفييت الكفار، حسب الخطاب، إياه، بغية استنزافهم وإلحاق الهزيمة بهم عبر نمط "الحرب بالوكالة"، War by Proxy، حيث لم يكن بإمكان الولايات المتحدة المخاطرة بفتح مواجهة مباشرة مع السوفييت بكل ما في ذلك من احتمالات نوووية كارثية مدمرة، فوضعت هؤلاء في "بوز" المدفع، و"دفشتهم" للميدان لمواجهة "إمبراطورية الشر الحمراء"، والتعبير لريغان، نقول من يستطع استجماع تلك الصور، سيتمكن من حل وتفكيك كل تلك الألغاز التي تظهر اليوم، أمامه، وستلقي الضوء على ظروف وأسباب نشوء هذه الحركة، وتبدل مواقعها من حليف، لعدو شرير، لصديق، لمفاوض وشريك استراتيجي أخيراً، كبقية أدوار ووظائف شقيقاتها من جماعات التصلعم السياسي، التي كانت على الدوام، بيادق، وأدوات، بيد الأجهزة والدوائر الغربية، لشن وإشعال الحروب، ولضرب استقرار البلدان المستهدفة، وتقويض استقلالها، وكانت على الدوان، شوكة في خواصر الأوطان تسببت لها بالآلام والأوجاع المزمنة والدائمة.
كانت مكافأة الولايات المتحدة للطالبان، حينها، بتمكينهم وتسليمهم حكم أفغانستان، إثر نجاح هؤلاء بهزيمة السوفييت، وإذلال الجيش الأحمر، بعد ما تم تزويدهم بصواريخ ستينغر المضادة للطائرات، والتي مكـّنت الحركة من تحييد سلاح الجو السوفييتي وشل فاعليته، وبالتالي كسب المعركة الميدانية، في بيئة جبلية قاسية ومعقدة، أصبحت كابوساً ومقبرة للجيش الأحمر السوفييتي "الكافر".
وككل الحركات الشمولية الظلامية الفاشية الاستبدادية، حكمت حركة طالبان أفغانستان حكماً مطلقاً، وقامت بتطبيق "الشريعة" الشهيرة، حيث "الحاكمية لله"، وهي نمط من الحكم المافوق-استبدادي، والمابعد ديكتاتوري، حيث "الأمر يومئذ لله" والكلمة له، بكل ما في ذلك من استهتار واستخفاف بالقانون الدولي والأعراف والقيم السائدة ومواثيق الأمم المتحدة، ما جعل طالبان دولة مارقة حقيقية وخارجة عن القانون الدولي، وصارت موئلاً لكل شذاذ الآفاق والتكفيريين، والإرهابيين و"الجهايين" السابقين، المطلوبين للعدالة الدولية، وعلى رأسهم الثنائي الشهير بن لادن- الظواهري ما أفضى لاحقاً لأحداث أيلول/سبتمبر، وبقية القصة معروفة.
والسؤال، ما الذي تغير، اليوم، من وضع الحركة، وإيديويولوجيتها، واستراتيجياتها، وأهدافها، المعلنة، التي ما زالت كما هي على ما يبدو، وظهرت على لسان ممثلي الحركة من العداء لقيم العصر ومكافحة الحداثة، واحتقار المرأة، وممارسة العنصرية والتمييز على غير صعيد وحقل حياة، والصدام مع دول العالم، قاطبة، واحتكار الجنة واعتبار نفسها، الفئة الناجية، وما عداها كفار ومشركون، يستحقون منها تصفيتهم وتأديبهم ومحاسبتهم، وشن الحروب العقابية وتصفية "الكفار" والمشركين، لا بل التسلط عليهم واستعبادهم وسبي نسائهم، وقتل ذراريهم، تيمناً بالسلف واهتداء بسنته المطهّرة، إذا لا تستطيع الحركة، وبالمطلق الخروج من جلدها، ومن ثوبها العقائدي والإيديولوجي الذي تكتسب منه شرعية وجودها وبقائها.
عادت الحركة، إذن، كعودة ذاك الابن الضال، لممارسة، ذات الضلال والشذوذ الفكري والانحراف العقائدي والتهريج السياسي والمبالغة الخطابية والقفشات السينمائية التي تميـّز الجماعات الصلعمجية، كادعاء العصمة والطهرانية والعفة الظاهرية، والخروج عن قيم العصر وتحدي المجتمع الدولي، وإعلان الحرب على بقية المكونات الأفغانية، ما سيدخل أفغانستان في نفق جديد ومظلم، ويضعها في دوامة من الصراعات العبثية التي لا تنتهي، والتي مارستها، وكانت تمارسها قبل الاحتلال الأمريكي في العام 2001، أي العودة للمربع الأول، وإعادة عقارب الساعة عشرين عاماً إلى الوراء، وكأن شيئاً لم يحدث، و"كأنك يا بو زيد ما غزيت"، وأما اللغو المعتاد، والرطانة الببغائية الأمريكية عن الحرب على الإرهاب ونشر الديمقراطية، فهو ليس أكثر من مجرد ثرثرة، للاستهلاك الإعلامي، وواجترار الذرائع التبريرية لشن الحروب، ومجرد كلام فارغ وهراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مزرعة نائية و بعيدة
Mahmoud saed ( 2021 / 9 / 3 - 01:03 )
يا اخي من كثر الاخبار اللّي تسم البدن..صار الواحد بدو يشرد بجلدو قابل ما ينجن
والله يا اخي لو كانت فرنسا لها حدود مع افغانستان لاستطاعت طالبان ان تحتلها باسرع من احتلالها لافغانستان ..لا تستغرب اذا كانت امريكا و روسيا عجزت عن هزيمتها …انا خوفي علي الصين


2 - حدث العاقل بما لا يليق فان صدق فلا عقل له
سهيل منصور السائح ( 2021 / 9 / 3 - 05:35 )
تعليق على تعليق:
هل طالبان هزمت امريكا ولو كانت فرنسا لها حدود مع افغانستان لهزمتها وانت تتخوف على الصين من احتلال طالبان؟؟. اخي الكريم وقفة تامل وتحليل صادق افضل من التهور. ما هي مشكلة المسلمين؟؟. المسلمون يرون الهزيمة نصر والتعامل بالحسنى معهم خوف والقتال مع بعضهم البعض جهاد في سبيل الله والذل والمهانة قضاء الله وقدره والفقر اختبار الله لهم على الصبر وجزآؤه جنة الخلد. اخي الكريم الدول الامبرالية ليست بتلك الغباء وكل عمل يقومون به ناتج عن دراسة وليس تهور او قضاء وقدر ولكن:
ستبدو لك الايام ما كنت جاهلا ** وتاتيك بالاخبار ما لم تزود
نحن واياكم من المنتظرين.


3 - نعم لقد انهزمت امريكا 1
Mahmoud saed ( 2021 / 9 / 4 - 03:16 )
اولاً تحية للاخ الكريم سهيل و للسيد الكاتب ..تعقيباً لتعليق الاخ سهيل اقول انم لم يكن الانسحاب الامريكي بهذه الطريقة المُذِلة و المهينة او بالاحرى هروبه التي اثارت استغراب العالم اجمع تاركاً خلفه الالف من المعدات العسكرية المتطورة يفوق ثمنها المليارات من الدولارات ..ساذكر لك بعض هذه المعدات التي اعلنتها احدي القنوات الامريكية ،،اثنان واربعين الف عربة پيك أثنان و عشرين الف عربة هامڤ-;-ز ثلاثة وثلاثين طائرة بلاك هوك وثلاثة و لاثين طائرة ام 17 وثلاث و ثلاثين طائرة ام دي 540 وثمانية آلاف ترَكًّ وثلاث مئة الف بندقية وصدقني هذا غيض من فيض ولا مجال لذكرها جميعاً هذا بالنسبة الي الخسائر العسكرية والمادية ناتي الي الخسائر البشرية آلف الجنود الامريكيين اضافة الي الجنود من الجنسيات الاخري الذين قتلوا في هذه الحرب التي هي الاطول في تاريخ امريكا باعتراف جو بايدن النعسان نفسه
والان ناتي الي السؤال الاهم وهو ماهي الاهداف التي حققتها امريكا في هذه ..يتبع


4 - نعم لقد انهزمت امريكا 2
Mahmoud saed ( 2021 / 9 / 4 - 03:35 )
الاهداف المعلنة كانت هي القضاء علي حركة طالبان التي رفضت تسليم بن لادن بعد احداث 11 سبتمبر وكذلك تخليص الشعب الافغاني من هذه الحركة الارهابية التي جعلت ارض افغانستان مركز لتدريب الارهابيين وتصديرهم للعالم وعلينا ان نسال الان اي من هذه الاهداف تحققت…لقد اذّلت امريكا جنودها و ضباطها كما لم يفعل اي جيش في العالم ..بماذا سوف تجيب اهالي الجنود الذين قضو نحبهم بهذه الحرب
اما بالنسبة الي قولك بان الدول الامبريالية لا تقوم باي عمل الاّبعد دراسة طويل
فهذه النظرية سقطت منذ مدة طويلة و خصوصاً بعد احتلال العراق وكما قال السيد العميد الركن السابق وباحث اقدم في مركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن منقذ داغر اننا جميعاً كنا نظن ان امريكا لا تخطئ ابداً في خططها الاستراتيجية و كانت لدينا هذه الهالة الكبيرة حول كل ما تقوم بهي امريكا هو مدروس و مخطط له بشكل محكم …واستشهد بمثال احتلال العراق وقال ما هو المنطق و الفائدة التي جنتها امريكا من احتلالها للعراق فبعد الاف الضحايا ومليارات الدولارات من الخسائر


5 - نعم لقد انهزمت امريكا 3
Mahmoud saed ( 2021 / 9 / 4 - 03:53 )
بعد كل خسائرها في العراق جائت ايران واستلمت العراق علي طبق من الذهب
حتي وزير الخاجية البريطاني اعتقد قال اليوم ان امريكا لم تعد الدولة العظمى بعد الان …هذا يذكرني بالانسان المؤمن فان كل الاهوال و المصائب والمجاعات التي تحدث في العالم التي لا يجد لها اي تفسير او منطق فانه يوعزها الي الله وان الله له حكمة في كل هذه الكوارث والبلاوي السودة التي تحدث في كل زاوية من هذا العالم المشؤوم
هناك من يراهن علي ان حركة طالبان بعد ان تستولي علي الحكم سوف يسحرها حلم السلطة و تتماها مع المجتمع الدولي ..ان حدث هذا فانه اعجوبة تضاف الي العجائب السبعة . ..انا اعتقد ان الحركات الاسلامية المتشددة و الارهابية لا يمكن تدجينها لانها مؤدلجة علي الشرّ المطلق المستند الي كلام الله و احكامه و اوامره وهي تسعى الي التمدد اكثر فاكثر وانا اعتقد وارجو ان اكون مخطئ سوف يظهر لنا في القريب ..طالبان في مناطق اخري ..شكراً و آسف علي الاطالة


6 - جميل جدا وما ه تعريف الهزيمة؟
نضال نعيسة ( 2021 / 9 / 4 - 07:27 )
وهل كان هناك مواجهة عسكرية أصلا؟ جميل جدا وما ه تعريف الهزيمة؟
هل تغيير الاستراتيجيات وإعادة تقييم الاوضاع عمل عسكري؟


7 - استاذ نضال
Mahmoud saed ( 2021 / 9 / 4 - 08:43 )
الاستاذ الكبير نضال لقد دامت المواجهة العسكرية عشرون عامًا
اما بالنسبة الي تغيير الاستراتيجيات اذا كانت تاتي بنتائج عكسية علي الشعب الافغاني وبهذه الطريقة العشوائية وغير المدروسة فاكيد هناك خلل كبير… اعتقد ان الديمقراطيين وكل الاحزاب اليسارية في اوربا …سوف يكونون السبب في انهيار العالم الغربي الذي نعرفه الان …..شكراً علي الرد وتقبل تحياتي


8 - أخي استاذ محمود
نضال نعيسة ( 2021 / 9 / 4 - 13:36 )
تحية طيبة رأيك وأتقبله وأحترمه وأتفهمه لاشك فيه من المعطيات الصحيحة..كتبت انا اكثر من
مقال و-بوست- توضيحي للانسحاب، بالطبع لن تكون مرجعية وتفسيرا مطلقاً ونهائيا لما حدث، غير ان القادم من الايام سيكشف صحة هذا الرأي أو ذاك..وصوابية الرؤى الملقاة في ميدان التحليلات
مودتي وسررت جدا بتفاعلك المثمر البناء

اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا